العلمانية وفصل الدين عن الدولة

العلمانية وفصل الدين عن الدولة

دعوة قديمة جديدة

الحلقة الخامسة

طريف السيد عيسى

[email protected]

من حق المسلمين اقامة نظامهم الاسلامي .

لايستطيع عاقل أن ينكر أن الحضور الاسلامي يفرض وجوده على الساحة ,وهو في حضور دائم وانتشار واسع , ولاننكر وجود أكثر من خطاب اسلامي على الساحة ولكن الذي يعنينا هو الخطاب الوسطي الذي يعبر عن غالبية المسلمين .

وبعد أكثر من أربعة عشر قرنا وخاصة في بلادنا فلاسلام ليس بحاجة الى تعريف لأنه دين الله سبحانه وتعالى الذي ختمت به رسالات السماء الى الأرض ,ورغم ذلك ما زال البعض ممن يعتبرون مثقفين يصرون على أن الاسلام مجهول بالنسبة لهم , وربما يكون ذلك مقبولا من البعض والسبب هو سوء الفهم للاسلام ودوره في الحياة والكون وسوء الفهم جاء بسبب المقارنة بين الاسلام وباقي الديانات السماوية الأخرى والتي قلنا في حلقات سابقة أنها لاتتضمن أي تشريعات كما هو الحال في النظام الاسلامي , وأيضا بسبب التشبع بثقافة الغرب التي تدعوا الى الفصل بين الحياة العامة والدين .

ورغم الحوارات الكثيرة والبرامج التي تطرحها الحركة الاسلامية الوسطية فما زال البعض يفتش عن النوايا ويصدر حكمه المسبق بالفشل , ان هذا الحكم يتعارض مع أبسط قواعد الاعتراف بالآخر وحقه في العمل ثم محاكمته الى برامجه التي طرحها فان كان سلوكه وعمله متطابقا مع ماطرحه فيكون بذلك متوافقا مع برامجه وان انتكس وانقلب عندها من حق الآخرين أن يعترضوا ويعملوا على ازاحة هذا النموذج لاستبداله بنموذج يحقق مصالح البلاد والعباد .

من حق المسلمين أن يعملوا من أجل اقامة نظامهم الاسلامي , ومن حقهم ممارسة العمل السياسي انطلاقا من مرجعيتهم الاسلامية لأن السياسة جزء من الرؤية الاسلامية لعملية الاصلاح ليكون الناس أقرب الى الصلاح وأبعد عن الفساد وبذلك فالسياسة في الرؤية الاسلامية منضبطة بضوابط أخلاقية .

والبعض يروج لمصطلح الاسلام السياسي وهؤلاء يريدون اختزال الاسلام في السياسة , ومعلوم أنه ليس هناك اسلام بدون سياسة ولكن الخطأ والعبث هو اختصار المشروع الحضاري الاسلامي في فرع من فروعه .

ان الخطاب الاسلامي عندما يتحدث في السياسة فانه لايغفل التعددية والتنوع , وان كان هناك خطاب يدعوا الى التعنت والجمود والتشدد لكن هذا الخطاب لايعبر عن الخطاب العام الذي يطرح من قبل معظم العاملين للاسلام .

ان الذين يحرمون على المسلمين اقامة كيانهم الاسلامي يعتمدون على حجج واهية وتخالف أبسط قواعد قبول الآخر وأبسط قواعد الديمقراطية التي يدعون اليها بل أنها تتعارض مع أي قانون انساني , فهل يعقل أن يسمح لأي فئة أن تعمل لتحقيق برنامجها حسب المرجعية التي تعتمدها وأنه من حقهم المطالبة بذلك بينما عندما يصل الأمر الى المسلمين فيتم شهر كل أسلحة الفيتو ضدهم .

هل يعقل أن يقوم المسلم بأداء كل ماهو مطلوب منه من احترام القوانين والاعتراف بالآخر وفي نفس الوقت ممنوع عليه أن يطالب بحقوقه السياسية حسب مرجعيته الاسلامية فأي عدل وانصاف هذا .

ثم نسأل مالذي تقدمه العلمانية لكم ويحرمكم الاسلام منه , تريدون الحرية فنحن معكم من أجل نيلها , تريدون احترام حقوق الانسان فنحن نطالب معكم بذلك , تريدون الاعتراف بالآخر انطلاقا من باب التعايش والتعارف فهذا الذي نريد , تريدون احترام خيارات الناس فنحن نريد ذلك , تريدون دولة المؤسسات والقانون فنحن معكم في ذلك فما الذي تريدونه ويقف الاسلام عقبة في طريق تحقيقه .

عليكم قراءة المشروع الاسلامي قراءة متأنية دون حساسية سابقة ومفرطة ودون أحكام مسبقة فتعالو الى قراءة في ثنايا قواعد وأسس المشروع الاسلامي :

-         ان خصائص المشروع الاسلامي لاتتوفر في أي مشروع وضعي لأنه تشريع رباني يلائم حاجات الفطرة * ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير *.

-         انه رباني المصدر فلا تخالطه أهواء البشر بينما نجد المشاريع الوضعية وبعد فترة طويلة من الزمن لم تحل كثير من المشاكل التي تعيشها البشرية حيث يفقد الانسان السعادة والاستقرار والأمان * ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكة *

-         انه عالمي النظرة ويراعي الخصوصيات لكل قوم ويعترف بالتنوع والتعدد والتمايز بين بني البشر * وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا * .

-         لايعتمد أسلوب القهر والقسر والقوة بل يعتمد اسلوب الحوار بالتي هي أحسن

* لا اكراه في الدين *

* وجادلهم بالتي هي أحسن*

-         انه انساني النزعة يعتبر الانسانية فوق كل الاعتبارات المذهبية أو القومية

* قال عليه الصلاة والسلام : الخلق كلهم عيال الله , أحبهم اليه أنفعهم لعياله .

    - يتسم بالمرونة مما يجعله قادرا على استيعاب المستجدات والتطورات من خلال

      باب الاجتهاد لاستنباط الأحكام التي تحقق مصالح العباد .

-         يتصف بالشمول لانه يسد كل متطلبات الحياة وفق سنن الله * صبغة الله ومن

أحسن من الله من الله صبغة * .

-         يؤمن بسنة التدرج فلا يفرض الأحكام والبرامج دفعة واحدة .

-         ينطلق من مقاصد عامة تتمثل في حفظ الدين والعقل والنفس والمال والنسل .

فهل في ذلك ضير عليكم وعلى غيركم فلماذا يعمل البعض على وضع الفيتوعلى المسلمين , فلماذا طالما وأنكم تدعون الخير للانسان فلا تضعون أيكم بيد كل عامل للاسلام لتحقيق ذلك وان حصلت أخطاء نقيمها ونصححها مع بعض بدل الاقصاء والتهميش الذي يفتح الباب واسعا للتشدد والتعنت الذي سيطالنا جميعا وبالتالي يعيش المجتمع في حالة من عدم الاستقرار , وبالنتيجة يكون الاقصائيين هم السبب في ذلك وهم من يتحمل النتيجة لآنهم كانوا وراء اقصاء الصوت الاسلامي الوسطي .

والى لقاء مع الحلقة السادسة