شعب منسي ودستور غائب
- قراءة في المسألة الكردية في سورية -
الكرد وكردستان :
ربحان رمضان
كاتب وناشط سياسي
الكرد هم الشعب الذي تواجد منذ آلاف السنين على أرضه كردستان ( أرض الأكراد) والتي تمتد من جبال آرارات شمالا إلى جبال حمرين جنوبا ، ومن لورستان شرقا إلى ملاطية غربا ، وتقدر مساحتها بحوالي 500 ألف كم مربع .
ويصّر العلامة ( مار ) ومجموعة كبيرة من العلماء على أن الكرد هم السكان المحليون للمناطق الجبلية لآسيا الصغرى ، وأن اللغة الكردية تكونت في هذه المناطق ولم تتكون في مناطق أخرى .
ان الديانة الزردشتية التي كان يدين بها الأكراد قاطبة قبل الاسلام حرضت على العمل في الزراعة وتربية المواشي وقد وجدت هياكل ماعز ، كلاب ، وخنازير في أماكن متعددة من كردستان سيما في مناطق تشايونو شمالا وكانج جالا في الشرق من كردستان يرجع تاريخها الى عشرة آلاف عام قبل الميلاد .
ويؤكد بريد وود في عام 1960 أن الزراعة وتطوير المحاصيل قد وجدا في كردستان منذ 12000 سنة ، ثم انتشرت منها الى ميزوبوتاميا السفلى ، ثم الى غرب الأناضول ، الهضبة الايرانية ، حتى وصلت منذ ثمانية آلاف سنة الى شمال أفريقيا ، ثم أوربا والهند .. الخ .
ويؤكد كالدويل عام 1967 م ومن بعده بريد وود مرّة أخرى بأن منطقة تشايونو التي تجعل تجعل تركيا حاليا من أهم مصدري النحاس في العالم ، وثبت بأنها واحدة من أهم منطقتين في العالم كانتا أول من أقامتا صناعة للحديد . وقد ظهرت فيها الأدوات النحاسية في القرن الخامس قبل الميلاد، والأدوات البرونزية في القرن الرابع قبل الميلاد ، أي قبل ألفي عام من ظهورها في أوربا .
وقد عثر العلماء على قطعة قماش تعود الى سبعة آلاف سنة قبل الميلاد في منطقة تشايونو.
وقد أطلق كلمة كردستان لأول مّرة في التاريخ عام 1150 م حيث أقام السلطان سنجار - سلجوقي - ولاية كردية أسماها كردستان وتقع بجوار أكتبان "عاصمة الميديين" وقد انضمت اليها مناطق نجار، شهرزور، كرمنشاه، وجعل عاصمتها (بهار).
تسمية الكرد :
جاءت تسمية الكرد من صلابتهم وقوتهم وشجاعتهم الفريدة، ومعنى كرد هو البطل، ولقد أطلق عليهم عدة تسميات من جانب شعوب المنطقة والشعوب الوافدة.
فالسومريون أسموا الأكراد : "كوتي ، جوتي " والآشوريون والآراميون أسموهم : "كوتي ، كورتي،كارتي، كالدي، كارو، كارداك، خلدي، خالدي" على حين أن الآريين أسموهم: كورتيوى، سيرتي، كورداها" أما اليونانيون والرومان فقد أسموهم " كاردوسوي ، كاردوخي ، كاردوك ، كردوكي ، كردوخي ، والأرمن أسموهم: "كورئين ، كورجيخ ، كورتيخ ، كرخي ، كورخي" ، والعرب كرد ، أكراد، وفي كثير من الأحيان كانوا يطلقون على الشعوب غير العربية اسم أعجمي، أو أعجم. وأسموا كردستان بقردى، بكاردى، والأتراك يطلقون وحتى الآن اسم ديار بقر على مدينة آمد.
جغرافية كردستان :
وتتجاوز مساحة كردستان ( 550 ) ألف كم مربع موزعة على الشكل التالي (حسب رأي د. قاسملو ) :
كردستان الشمالية : 285 ألف كم مربع.
كردستان الشرقية : 125 الف كم مربع.
كردستان الجنوبية : 72 ألف كم مربع.
كردستان الجنوبية الغربية : 18 ألف كم مربع.
إضافة إلى نتوءات في جورجيا وأرمينيا .
إن الدول المقتسمة لكردستان غنية بالنفط ومعادن أخرى، فالبترول ينبع في مناطق باتمان ، سيرت في الشمال، شاه آباد، وكرمنشاه في الشرق،وكركوك، خانقين في الجنوب، كراتشوك ورميلان في الغرب.
كما أن تركيا غنية بالنحاس لغنى كردستان به أيضا.
اللغة :
اللغة الكردية هي احدى لغات العائلة الايرانية ( الفارسية ،البلوشية ، البشتون ، الطاجيك ، والأستينية) والتي لكل منها خصائصها المميزة في اطار آري (هندو - أوربي).
وقد كتب الأكراد بأحرف خاصة ( من اليسار إلى اليمين )، وعندما اجتاح العرب ( المسلمين ) كردستان أصبحت اللغة الكردية تكتب بالأحرف العربية ، وفي الثلاثينات من القرن المنصرم أوجد الأديب والشاعر جلادت بدر خان (المدفون في حي الأكراد بمدينة دمشق) أحرفا لاتينية تناسبها يكتب بها الآن أكثرية أكراد الشمال وكردستان الغربية.
واللغة الكردية تتعدد لهجاتها الى خمس، أكبرها الكرمانجية والسورانية.
الدين :
يدين السواد الأعظم من الشعب الكردي بالدين الاسلامي وبأكثرية سنية - شافعية، مع وجود طوائف أخرى كالعلوية في مناطق ديرسيم، العزيز، وخربوط في كردستان الشمالية، وقرية واحدة في كردستان الغربية (معبطلي ) والشيعة في كرمنشاه، في كردستان الشرقية، اضافة للأكراد الفيليين المهجرين الى جنوب العراق بهدف تذويبهم قسرا بالأمة العربية.
وفي كردستان يوجد أكراد مسيحيون ( البشيرية ) الى جانب أقليات من الآشوريين والأرمن .
أما اليهود الأكراد فقد هرب معظمهم ( اما نتيجة للضغوط من الأكثرية المسلمة ، أو لتحقيق حلم إسرائيل ) والتي يتواجد فيها حوالي مائة ألف كردي .
أما اليزيدية فتنتشر بين أكراد جبل سنجار ، عقرة ، شيخان في كردستان الجنوبية ، وبعض قرى كردستان الغربية قرب مدينة الحسكة ، وفي جبل الأكراد شمال مدينة حلب ، إضافة لجميع أكراد أرمينيا، ويسود التسامح الديني بين الأكراد عموما حيث ورغم تباين الديانتين الاسلامية واليزيدية تجد في كثير من القرى أن المسلمين واليزيديين يتعايشون معا بوئام وسلام، ويتعاطفون في المناسبات.
مركزهم هو مدينة لالش يصدر فيها السيد سكفان مجلة لالش باللغتين الكردية والعربية، وهو عضو في البرلمان الكردستاني.
كردستان الغربية :
أول تقسيم لكردستان جرى عام 1415 للميلاد بين العثمانيين الأتراك -سنّة ) والصفويين الفرس (شيعة)، ثم وفي عام 1920 ألحق الجزء الجنوبي بالدولة العراقية الحديثة على حين ألحق الجزء الجنوبي الغربي عام 1926 م بالدولة السورية ، وبالمناسبة " فان هذا الجزء لم يكن من مطالب العرب في مراسلات حسين - مكماهون ". * 4
شارك الأكراد في جميع الثورات السورية المناهضة للاستعمار الفرنسي مشاركة فعالة ، كما شارك بعض الأكراد في حكم البلاد في فترات مختلفة سيما اثر الاستقلال الوطني. * 5 وفي الثاني والعشرين من تموز تنازل المرحوم شكري القوتلي * 6 رئيس سوريا الأسبق عن منصبه للرئيس جمال عبد الناصر * 7 ليصبح رئيسا للقطرين السوري والمصري ويتحول اسماهما إلى ( الجمهورية العربية المتحدة ) وبذلك أسبغ اسم العروبة كليا على القطرين سوريا ومصر وذلك بشكل قانوني لأول مرّة في تاريخ البلاد.
تبلغ مساحة كردستان الغربية الملحقة بسوريا ثمانية عشر ألف كم مربع ، أي 16% من المساحة الكلية لسوريا ، وتمتد على طول الحدود السورية - التركية من الشمال ، وتحاذي كردستان الجنوبية من جهة الشرق.
قسمها الشرقي سهلي يعتمد أهله على الزراعة البعلية بالرغم من مرور نهر الفرات ( ينبع من كردستان الشمالية) ونهري الخابور وجغجغ ، مع محاذاة نهر دجلة ( ينبع أيضا من كردستان الشمالية) في أقصى الشمال الشرقي عند قرية أرزة.
تتبع المنطقة إداريا لمحافظة الحسكة ( مدينة الحسكة ) والتي يقطنها خليط من الأكراد والعرب والسريان، بينما تحيط بها قرى كردية صرفة. وتعتبر مدينة القامشلي عاصمة الإقليم لدى الأكراد، كما توجد مدن أخرى كمدينة ديريك، درباسية، ته ربه سبي، عامودا، جوادية، سري كاني ..
أما قسمها الغربي فهو جبلي ( كرداغ - جبل الأكراد ) عاصمته مدينة عفرين ذات البناء الحجري ، وهي السوق الأساسي لقرى الجبل ، وفيها قبر النبي هوري ، ويعتقد ان عفرين مدينة هورية قديمة ، يمر فيها نهر عفرين ، وتشتهر بزراعة الزيتون ، وزيت الزيتون الكردي ، والرمان ، اضافة الى الأشجار المثمرة الأخرى.
وتعتبر منطقة رجّو في جبل الأكراد مركز استخراج الحديد الأول في سوريا.
كما توجد جالية كبيرة في العاصمة دمشق تقطن الحي المعروف باسمها ( حي الأكراد ) وفي ناحية النشابية من غوطة دمشق، اضافة للحزام العمالي حول المدينة نتيجة لوفود الباحثين عن العمل ( منطقة زور آفا ) كما يوجد أكراد في مدن حماه، حمص، الساحل، درعا وقلعة الحصن الذي بناه الأكراد قبل احتلاله من الصليبيين اضافة لكون قضاء قرقخان في لواء اسكندرون كردي ، وبالمناسبة فان أكراد اللواء "ونسبتهم 40% من السكان "الى جانب العرب يوم الاستفتاء قبل سلخه عن سوريا عام 1937 م *6 ( وثائق المؤتمر 6 لحزب ا.ش . )
والأكراد هم خلاصة مزيج للشعوب الآرية التي قدمت كردستان عبر فترة طويلة من الزمن كالكاشيين والهوريين والسوباريين والميديين الذين ورد ذكرهم في الكتاب المقدس ..
ويؤكد العلماء والمؤرخون على ظهور حكومات عديدة أسسها أجداد الأكراد منذ عام 2500 ق.م ، مثل الكاشيين، السوباريين، الميديين، وبعد القضاء على آخر دولة ميدية عام 550 قبل الميلاد تحول الأكراد الى اقامة امارات حتى وصل عددها الى العشرين امارة قبيل قدوم العرب المسلمين الى المنطقة.
ففي عام 1996م أكدت البعثة الأثرية الأمريكية برئاسة البروفيسور في علم اللغة والآثار جورجيو بوتشيلاني وزوجته الدكتورة مارلين كيلي أن ( أوركيش ) الواقعة قرب تل موزان التابع لمنطقة عامودا هي نفسها (أوركيش) القديمة عاصمة الهوريين أجداد الأكراد التي بلغت ذروتها وازدهارها في القرن الثالث قبل الميلاد، والبعض يرجعها إلى القرن الرابع قبل الميلاد.
القهر القومي والطبقي للشعب الكردي :
بالرغم من أن الأكراد قاموا ويقومون بواجباتهم تجاه الوطن السوري ( خدمة عسكرية، ضرائب، محاربة النعرات الطائفية، والعنصرية، وحماية الوطن) فان الأنظمة المتوالية على دست الحكم لم تعترف بوجودهم لا تحريريا ولا شفهيا، بل ألغت وجودهم رسميا ولأول مرّة في مسوّدة الدستور التي نشرتها الصحافة السورية في 2161953 م، في عهد الدكتاتور العقيد أديب الشيشكلي حيث ورد ما يلي:
" ... ان الرئيس الذي ينتخبه الشعب بانتخاب سري متكافئ يجب أن يكون سوري المولد ، يساعده وزراء يعينهم يكونون مسؤولين أمامه وليس أمام البرلمان. "وذكرت المادة الأولى " بأن سوريا جمهورية عربية ذات سيادة ، وقد حذف منها ما يتعلق بالبرلمانية من نص الدستور، وصدر في عهده سيل من المراسيم أمرت باسباغ أسماء عربية صرفة على الفنادق والمقاهي ودور السينما، وأن تكون اللغة العربية هي اللغة المسموح بها في الاجتماعات والمهرجانات والاحتفالات. وقد تولى بعد ذلك سيل من المراسيم والقوانين الاستثنائية الظالمة في ظل الحكومات المتعاقبة حتى أصبحت تسمية الطفل الكردي خاضعة لقرارات أجهزة الأمن والمخابرات. * 7
في عهد الانفصال بين الاقليمين الشمالي (سوريا) والجنوبي (مصر) الذي ساد فيه حكم حزب الشعب برئاسة الدكتور ناظم القدسي أصدرت الحكومة بتاريخ 2381963 م قانون الإحصاء الاستثنائي رقم (93) والخاص بأكراد محافظة الحسكة الذي جرد بموجبه (120) ألف مواطن كردي وبجرة قلم من الجنسية السورية، وبإلغاء حق المواطنة حرم ( اللامواطن) من حق العمل، ومن حق الدفاع عن الوطن من خلال حرمانه من أداء الخدمة العسكرية، وحق الانتفاع من الحصول على قطعة أرض من الإصلاح الزراعي، وحتى من حق الزواج حيث لا يسجل زواج الأجانب في دوائر الأحوال المدنية، وقد خلف هذا القرار آلاف الأطفال بدون جنسية أيضا حتى وصل عدد الأجانب الى 200 ألف مواطن كردي كان قد خدم الكثير منهم الخدمة الالزامية، بل أن العميد الركن السابق توفيق نظام الدين والذي شغل منصب قائد أركان الجيش ذهل عندما أبلغ بأنه أجنبي ..
وفي كانون الأول عام 1963 م اجتهد الملازم محمد طلب هلال وقدم دراسة خاصة حول الأكراد وكيفية إذابتهم في البوتقة العربية ، وقدمها للهيئات العليا في الدولة.
كما سبق وتقدم الحزب السوري القومي الاجتماعي كتابا حول تهجير الأكراد من كردستان العراقية نحو الجنوب واسكان عرب أقحاح بدلا عنهم * 9 ، فتبنت الحكومة السورية مثل تلك الاقتراحات.
ففي الخامس من تشرين الثاني عام 1966 م فرضت السلطة حزاما بطول 375 كم وبعرض 10 كم ، زاد فيما بعد حتى تجاوز ال 15 كم وذلك بمحاذاة الحدود السورية - التركية - والعراقية ، وقد رحل حوالي 140 ألف مواطن كردي من 332 قرية وتم اسكان عرب أقحاح بدلا عنهم بهدف تغيير ديموغرافي للمنطقة الكردية في سوريا . وقد تم ذلك بمباركة من أحزاب الجبهة الوطنية التي اعتبرته تطبيقا لنظام مزارع الدولة الاشتراكي ..!!
وظهرت موجة عداء الأكراد حتى أن بعض الأجهزة قالت عنهم ( اسرائيل ثانية) ، وقد تقدم المدعو محمود سمعان عام 1980 م برسالة الى مكتب القصر الجمهوري يطلب فيها من السلطات ازالة والغاء كل ما من شأنه يهم الأكراد أو يتعلق بهم كقبر السلطان صلاح الدين الأيوبي ، وأسماء مناضلين دخلوا التاريخ الوطني لسوريا .
ظهور الحركة الكردية :
بدعوة من الأستاذ عثمان صبري ( مدرس في اعدادية بور سعيد بدمشق ) * 9 اجتمعت ثلة من الشباب المتنور في الرابع عشر من حزيران عام 1957م وقررت تأسيس أول تنظيم حزبي كردي في سوريا أطلقوا عليه اسم البارتي الديمقراطي الكردستاني في سوريا وطرحوا شعارتحرير وتوحيد كردستان ، وقد شارك في التحضير لميلاد الحزب وفد من البارتي الديمقراطي الكردستاني- العراق .
في الثاني عشر من آب 1960م شنت مخابرات أمن الدولة حملة اعتقالات شملت العديد من مناضلي وكوادر البارتي مارست خلاله ضغطا على القيادة بهدف التراجع عن شعار تحرير وتوحيد كردستان وتحويل الحزب الى جمعية ثقافية ، وبتصريح من المعتقلين بادانة البارتي بالتخريب والانسحاب منه .* 11 .
رضخ البعض من القيادة ( صرح الدكتور نور الدين ظاظا أمام محكمة أمن الدولة بأن تحرير كردستان ضرب من الخيال ) ورفض البعض الآخر وعلى رأسهم الأمين العام السابق المرحوم المناضل عثمان صبري .
اشتد الصراع وتعمق بين رفاق الحزب الواحد خارج السجن حتى حسم في الخامس من آب 1965م حيث انتفضت قواعد الحزب اليسارية على قيادتها التي انحرفت عن البرنامج واستبدلت كلمة الشعب الكردي بالأقلية ، ووقفت الى جانب رموز الاقطاع ومستغلي الشعب ضد الطبقة الكادحة في معركتها الطبقية في تلك الفترة ، اضافة الى انحيازها الى جانب التيار الخارج عن قيادة ثورة أيلول 1961 في كردستان العراق ، والذي وقف ضد قيادتها بزعامة الحزب الديمقراطي الكردستاني وعلى رأسه القائد الرمز للشعب الكردي المرحوم المناضل مصطفى البارزاني .
خرج الكونفرانس بجملة قرارات كان أهمها :
- ادانة القيادة السابقة للحزب، والاستمرار في النضال من أجل تحقيق الحقوق القومية لشعب يمتاز بخصائص قومية خاصة ويملك الأسس الخاصة للقومية ( اللغة المشتركة ، التاريخ المشترك ، والهدف المشترك ، والعادات والتقاليد المشتركة ) .
- الوقوف إلى جانب الثورة الكردية في كردستان العراق بقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني.
- الحفاظ على سياسة الحزب.
ومن يومها أطلق على هذا التيار اسم اليسار ، في حين أطلق على التيار الثاني اسم اليمين.
وبعد تاريخ نضالي متجدد ومتطور عقد في منطقة سد البوشرية في بيروت المؤتمر الرابع للحزب مؤكدا على استمراره في النضال حسب برنامجه السابق، وكان من أهم قراراته تغيير اسم الجريدة المركزية من ( دنكي كرد) إلى ( اتحاد الشعب )، ولم يكن للمنشقين ( فيما بعد ) دور يذكر أثناء انعقاد المؤتمر.
بعد المؤتمر الرابع للحزب اليساري مباشرة اجتمع ستة عشر شخصا من الحزب وأعلنوا اجتماعهم مؤتمرا طردوا فيه الأمين العام كما أعلنوا أنفسهم البديل الشرعي للحزب.
في هذا الوقت انشقت مجموعة من الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) بزعامة السيد محمد باقي الشيخ عيسى ليؤسسوا الحزب الديمقراطي الكردي السوري.
في عام 1976م أسس الحزبي السابق صالح كدو ورفيقه رفعت عثمان ( الحزب الاشتراكي الكردي في سوريا ) وأعلن التزامه بالاشتراكية - العلمية ( الماركسية - اللينينية ) وفيما بعد انضم محمد خليل ومحمد نيو وأطلقوا على حزبهم اسم ( الحزب الاشتراكي الكردي الموحد ).
في الخامس من آب 1980م عقد الحزب الديمقراطي الكردي اليساري في سوريا مؤتمره الخامس في مدينة بيروت - لبنان بمساعدة حركة التحرر الوطني الفلسطيني (فتح) والتي فتحت له قاعة من احدى قاعات المؤتمرات ، وخرج المؤتمر بقرارات كان أهمها :
- تغيير اسم الحزب إلى حزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا.
- طرح مشروع الجبهة التقدمية الكردية في سوريا.
- طرح مشروع الجبهة الكردستانية.
- في عام 1981م وعقب الانتخابات التشريعية الثانية انشقت مجموعة من قيادة الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي ) بزعامة السيد شيخ آلي عضو المكتب السياسي المسؤول عن منظمة حلب وجبل الأكراد لحزبه وقد آزره السيد سامي عبد الرحمن أمين عام حزب الشعب الديمقراطي الكردستاني في ذلك الوقت.
في عام 1982م والتزاما بطرح مشروع الجبهة التقدمية الكردية من جانب حزب الاتحاد الشعبي وقع مندوبون من قيادة الحزبين (البارتي ، وحزب الاتحاد الشعبي ) وثيقة التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا * 12.
وكردة فعل على هذه الخطوة الوحدوية الجّادة وقع التياران المنشقان عن البارتي ، والبارتي اليساري (الحزب الديمقراطي الكردي السوري ، والبارتي اليساري) بيان تنسيق وتعاون مع الحزب الديمقراطي التقدمي في سوريا بقيادة السيد عبد الحميد درويش، ونعتوا مشروع الجبهة التقدمية الكردية بأنه مشروع متطرف.
في عام 1983 م عقد الحزب المنشق عن البارتي وبقيادة ( شيخ آلي ) مؤتمره وتغير اسم الحزب الى حزب العمل الديمقراطي الكردي في سوريا، كما قرر المؤتمر التزام الحزب بالنظرية الماركسية اللينينية وقد أصدر بيانا هاجم فيه الانتخابات اللاديمقراطية، وطلب من جماهيره عدم الدخول في معركتها، ولكنه ما لبث وأن أشاد بسياسة الحكومة الرشيدة على الصعيد الخارجي .. !!
في عام 1986م وفي اليوم التالي لمظاهرة نوروز التاريخية وقع قياديو الأحزاب الثلاثة ( البارتي، البارتي اليساري ، وحزب الاتحاد الشعبي ) * 13 وثيقة توسيع التحالف.
والآن وبعد أربعة عشر سنة من توقيع البيان يستمر التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا من أجل تحقيق مطالب الشعب الكردي ، وقد انضم إليه فيما بعد كل من الأحزاب التالية:
- الحزب الديمقراطي الكردي السوري.
- حزب الشغيلة الكردي في سوريا.
- الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا.
- الحزب الاشتراكي الكردي في سوريا.
يصدر التحالف مجلة ناطقة باسمه (التحالف)، وله علاقات جيدة بالحكومة الفيدرالية في الجزء الجنوبي من كردستان ، كما أنه ينسج علاقات مع حزب الوحدة الكردي ( الحزب الوحيد الذي لم ينضم بعد الى صفوفه حتى الآن ).
أسباب الانشقاق ، والتشرذم :
- أسباب ذاتية :
أ - غياب العامل الديمقراطي.
ب - حصر القيادة بأشخاص معدودين وعدم فسح المجال للكوادر الشابة والنشيطة.
- أسباب موضوعية :
أهمها فرض الانشقاقات من جانب السلطات الأمنية مقابل مدّها بالمساعدات من جانب النظام لقاء شروط أهمها ذبح وحدة الحركة الكردية.
السكوت عن الجرائم بحق المواطنين الأكراد :
- مذبحة سينما عامودا :
تضامنا مع ثورة الشعب الجزائري بيعت لأطفال مدينة عامودا في 1311 1960م بطاقات دخول لحضور فيلم عن بطولة الشعب الجزائري ضد مستعمريه على أن يهدى ريع العرض لصالح الثورة الجزائرية، فنشب حريق هائل أودى بحياة 360 طفلا ، وقد انتهى الحريق دون أن تتدخل المطافئ في إطفاء الحريق، بل منعت السلطات سيارات إطفاء تركية قدمت بعد رؤية الأتراك لألسنة النار تتصاعد إلى السماء.
وقد بنت السلطات تمثالا رمزيا للشهداء الأطفال بأموال المساعدات الدولية، ولكن دون الكشف عن ملابسات الجريمة والإعلان عن المجرم الحقيقي.
- حريق سجن الحسكة :
في الرابع والعشرين من آذار عام 1993م نشب حريق هائل ومريع في سجن الحسكة أودى بحياة أكثر من ستين شخصا معظمهم من الأكراد، وقد نشرت إحدى الصحف الكردية السورية : " أن الحريق كان مفتعلا ووقف وراء العملية (مدير) أكبر الأجهزة الأمنية في المحافظة والمكلف بالملف الكردي مما دفع الأجهزة الأمنية إلى لفلفة الموضوع ومنع إحالته إلى المحاكم القضائية حسب الأصول ثم تنفيذ حكم الإعدام دون محاكمة بخمسة شهود نجوا من الحريق وكلهم أكراد ."*
- دخول قوات القمع التركية إلى الأراضي السورية لملاحقة المعارضة الكردية دون رادع، وقتلها في مرة واحدة أحد عشر شخصا في قرية جرنكة قرب مدينة القامشلي، وعدم حتى مراجعة السلطات التركية بالموضوع، في حين أن السلطات التركية هددت سوريا لحمايتها السيد عبد الله أوجلان مما دفع بالسلطات الى الايعاز للسيد أوجلان بمغادرة الأراضي السورية.
استشهاد الشاب سليمان آدي :
في 21 آذار لعام 1986 م خرجت جماهير دمشق من بيوتها قاصدة البساتين القريبة من المدينة،غير أن السلطات الأمنية منعتها من الاحتفال بعيدها القومي نوروز مما أدى الى رفض الجماهير لقانون المنع والتوجه نحو القصر الجمهوري متظاهرة ومطالبة بالسماح لها بالاحتفاء بعيدها القومي ، ولما وصلت قبالة القصر واجهتها أسلحة بعض رجال الأمن مما أدى لاستشهاد الشاب الكردي سليمان محمد آدي ، وجرح آخرين.
واعتقل اثر المظاهرة كل من بدر البرازي ، وربحان وبرهان رمضان دون اتهام ودون محاكمة.
السؤال الذي يطرح نفسه: من هو المسؤول عن تلك الجرائم ؟ ولمصلحة من التستر على المجرم الحقيقي؟؟
النظام مطالب بالكشف عن مفتعلي الجريمة وتقديمهم للمحاكمة.
سوريا في ظل العهد الجديد :
في حزيران المنصرم توفي الرئيس حافظ الأسد تاركا هموم الوطن وآمال مواطنيه في العيش بأمان واطمئنان ( على الأقل ) وبالحرية الشخصية، والديمقراطية وديعة لخلفه الدكتور بشار حافظ الأسد في حل جميع المشاكل الداخلية، وكما هو معروف فان لكل رئيس أسلوبه في قيادة البلاد التي باشر الدكتور الأسد بالتدخل فيها قبيل رحيل والده كتغيير الوزارة وتعيين رئيس الحكومة السيد مصطفى ميرو محافظ الحسكة السابق المساهم والعارف بمشاكلها وبنتائج القوانين الجائرة المطبقة بحق الشعب الكردي الذي تعيش نسبة كبيرة منه في تلك المحافظة ومن هذا المنطلق فان الحركة الوطنية الكردية تأمل في :
- إلغاء كافة تلك القوانين وفتح صفحة جديدة على أساس من المساواة القومية والديمقراطية لكافة المواطنين السوريين.
- مراجعة الدستور ، وتغييره وتطويره مع متطلبات العصر، والاعتراف بوجود الشعب الكردي فيه كقومية ثانية في البلاد ، وتطبيقه .
- إلغاء حالة الطوارئ ، ورفع الأحكام العرفية ، وإجراء تعديلات على قانون الأمن وأجهزته المتوزعة في كل مدن وقرى وقصبات البلاد ليكون حارسا على أمن الوطن وليس أداة قمع ضد المواطن.
- إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين وفتح المجال للحوار الديمقراطي للوصول إلى قناعات مشتركة بين كل القوى الوطنية السورية ومن ضمنها الحركة الوطنية الكردية .
- السماح بحرية الصحافة الوطنية عموما والكردية بشكل خاص .
- فتح المجال لتمثيل الأكراد في مجلس الشعب .
- تحديث مجلس الشعب أو ( البرلمان) وتغيير النسب المعمول بها ضمن قوائم الانتخابات ، مع فتح المجال للأعضاء بالتعبير عن آرائهم بحرية ، والابتعاد عن سياسة فرض المرشحين في قائمة الأحرار ، مع ترك حرية اختيار مرشح الأحزاب المؤتلفة لتلك الأحزاب وليس لأجهزة الأمن كما حدث في انتخابات 1980 وفرض اسم (ابراهيم بكري ) على الحزب الشيوعي السوري .
- مساعدة الأكراد على تطوير لغتهم وثقافتهم وفلكلورهم والسماح للمدارس الابتدائية في مناطقهم بتدريس اللغة الكردية ، مع إمكانية تشكيل جمعيات ثقافية أسوة بالأرمن والشركس في سوريا المتمتعون بهذه الامتيازات منذ فترة طويلة.
- السماح للفلاحين الأكراد في منطقة الجزيرة بتشجير قراهم، حيث أن السلطات لا تزال ومنذ أكثر من عشرين عام تمنعهم من التشجير بحجة أن أرض الجزيرة صالحة لزراعة القطن فقط ..!!
الهوامش
1 - تتغير أسماء بعض الشعوب أو الدول حسب الشعوب التي تطلق عليها هذه الاسماء.
الأسماء وهذا متبع حتى وقتنا الحاضر ، فالصين تسمى بالانكليزية مثلا :
شينا ، وبالالمانية : كينا ، وبالبلغارية : كطاي ....
وبولونيا تسمى ايضا : بالألمانية بولند ، وبالعربية بولونيا ، وبالبلغارية بولشا ، وبالبولونية بولسكا. أما عاصمتها فيطلق عليها العرب اسم وارسو ، والالمان فارسو، والبلغار برشافا .
ومصر يطلق عليها أسماء : ايجيبت ، ايجبشين .. تدمر السورية : بالميرا .._ اليونان : يسميها الألمان غريشن لاند ، والسلاف غيرتسيا
النمسا : أوستريا بالانكليزية ، أفستريا بالسلافية ، وأوسترايخ بالالمانية وبالسويدية أوتريش.
ليس ذلك فحسب وانما يطلق على لفظ الجلالة ( الله ) سبحانه وتعالى عدة أسماء ، حيث يسميه الالمان كوت , ويسميه الانكليز : كوت ، ويسمونه السلاف بوغ ، واليهود : الوهيم ، والفرنسيون: ديو ، والأكراد : خوده ، والايرانيون : خودا ، والعرب: الله سبحانه وتعالى ، اضافة الى تسع وتسعون اسما هي أسماء الله الحسنى.
2 *أعجم : الحيوان الغير قادر على النطق .
3 ** راجع كردستان والأكراد للشهيد الدكتور ع . قاسملو ، وكردستان والأكراد للأستاذ ملا ع . علي .
4**اليزيديون يؤمنون بوجود اله واحد هو الله ( يزدان) الا أنهم يختلفون مع الديانات السماوية حول وجود الشيطان أو ابليس ، حيث لاتعترف اليزيدية بوجوده ، وتعتبر عزازيل ( الذي لم يسجد لآدم ) أنه الملاك الوحيد الذي لم يعصِ أوامر الله حيث يقولون بأنه لايسجد الا لله وحده ، ويقولون بأن الله جعله خليفته على الأرض . ولليزيدية مفاهيم وطقوس خاصة بالعبادات .
5 - حضرت شخصيا مناسبتين في قرية برج عبدالو ( جبل الأكراد ) والتي يتعايش فيها المسلمين واليزيديين معا ، فكان تعاطفهم مشتركا في الأحزان والأفراح .
- ولد المناضل عثمان صبري في عام 1905 ، واعتنق الفكر التحرري الوطني منذ صباه ، وكما أبدع في طرحه السياسي أبدع في الأدب والشعر ، أعتقل مرارا حتى بلغ مجموع ماقضاه في السجون (12) عاما كان آخرها سنتان إبان وقفته البطولية في محكمة أمن الدولة بدمشق.
- اقرأ صحيفة الاتحاد عدد نيسان 1995م .
· نشرت المقالة في العدد الأول من مجلة مقاربات عام 2004 م والعدد 1030 من صفحة الحوار المتمدن الألكترونية .