قانون محاسبة سوريا

قانون محاسبة سوريا

بين

 ضغوط أمريكية مستمرة ومناورات سورية حفاظا على

تماسك النظام السوري

حسين علي محمد حسنين

كاتب وباحث/ عضو إتحاد كتاب مصر

[email protected]

 · قانون محاسبة سوريا الذى صدر فى مايو 2003 ليس الأول من نوعه ، فقد استخدم ضد سوريا فى عهد الرئيس بوش الأب عام 1992.

 · إن التعاطي السوري مع التصعيد الامريكى يثير العديد من علامات الاستفهام ؟؟ فالنظام السوري يتفاعل ببطء وبرود شديدين يثيران قلق واشنطن .

 · النظام السوري فى موقف حرج تماما وليس هناك شفاعة أمريكية حتى لو قدمت سوريا أضعاف ما قدمته فسيظل الأمر على ما هو عليه لان الهدف الامريكى هو إعادة التوازن فى المنطقة.

القاهرة: حسين حسنين/ كاتب وباحث

قد يعتقد البعض أن قانون محاسبة سوريا الذى صدر فى مايو 2003 هو الأول من نوعه ضد النظام السوري ، ولكن فى الحقيقة أن هذا القانون قد استخدمته واشنطن فى عهد الرئيس الامريكى بوش الأب فى عام 1992 عندما أصدر الكونجرس الامريكى قانونا يشدد على معاقبة النظام السوري الحاكم الذى كان يرأسه فى ذلك الوقت الرئيس حافظ الأسد حيث أقرت الادارة الامريكية بتخفيض الصادرات الأمريكية الى دمشق الا أن بوش الأب كان اقل تطرفا فى معاقبته للنظام السوري من بوش الابن .

ولكن مع بداية ولاية بوش الابن أخذت الإدارة الأمريكية نهجا أكثر تشددا تجاه النظام السوري، وقد اتضح ذلك عندما أعلن أحد صقور الادارة الامريكية ريتشارد ارميتاج قبل احتلال العراق مباشرة انه فى حال تشدد النظام السوري وعدم تعاونه معنا فليس من المستبعد قيام الادارة الامريكية بعمل عسكري ضد نظام الحكم السوري ، وتبعه بعد ذلك وكيل وزارة الخارجية الامريكية جون بولتون عندما صرح بأن سوريا تدخل ضمن دول محور الشر وألمح الى الخيار العسكري ضد سوريا ، ثم تبعه تصريحات لوزير الدفاع رامسفيلد وبعد ذلك مساعده بول ولفوفيتز ، اضافة الى تصريحات ريتشارد بيرل رئيس مجلس السياسة الدفاعية الامريكى الذى أكد بوضوح أن سوريا ستصبح هدفا عسكريا محتملا إذا تبين حيازتها لأسلحة دمار شامل عراقية ، وقد كان من نتيجة ذلك وقف كافة تأشيرات دخول الرعايا السوريين الى الولايات المتحدة الامريكية .

مما سبق يتبين أن قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان قد ادخل نظام دمشق فى مرحلة بالغة التعقيد والتوتر بشكل غير مسبوق خاصة بعد احتلال أمريكا للعراق ثم انسحاب الجيش السوري الكامل (ما عدا الاستخبارات المدنية السرية ) من لبنان ،اضافة الى تصعيد العمليات الإرهابية داخل الأراضي العراقية نتيجة تسلل بعض العناصر الإرهابية عبر الأراضي السورية وتورط بعض أجهزة الاستخبارات السورية فى تدريب تلك العناصر قبل دخولها الى الأراضي العراقية وهو ما أدى مجددا الى توتر أمريكي حاد ضد النظام السوري وقد ظهر ذلك واضحا مؤخرا فى التمديد للعقوبات الامريكية على النظام السوري .

تشديد العقوبات الامريكية على سوريا :

فى 14 أكتوبر 2004 طالب أعضاء الكونجرس من الرئيس الامريكى بوش بالتحرك وبسرعة ضد الحكومة السورية لتجميد جميع الأصول الخاصة بالمسؤولين السوريين في الولايات المتحدة . وقال هؤلاء الأعضاء أن الوقت حان لمعاقبة النظام السوري الحاكم مستغلين فى ذلك ورقة حقوق الانسان وعمليات القمع ضد الأغلبية السنية والاقليات العرقية الأخرى خاصة الأكراد فضلا عن تهديد المصالح الامريكية بالمنطقة والسيطرة على السيادة اللبنانية .

وفى 19 أكتوبر 2004 عكفت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش على دراسة تشديد العقوبات الاقتصادية على سوريا من أجل سحب قواتها العسكرية والاستخباراتية من لبنان بالإضافة الى الضغط على النظام السوري بشكل أكبر لمكافحة ما تسميها واشنطن بالجماعات الإسلامية الإرهابية القادمة عبر الأراضي السورية الى داخل العراق . وفى هذا الصدد أكدت الادارة الامريكية أن تطبيق عقوبات إضافية بموجب "قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان " هو أحد خيارات الضغط على سورية لوقف دعمه للجماعات الإرهابية داخل العراق . وكان بوش قد فرض في 11 مايو 2004 سلسلة عقوبات على سوريا من بينها الحظر على جميع الصادرات الأميركية باستثناء المواد الغذائية والأدوية ، كما اتهم دمشق بدعم الإرهاب والسعي لامتلاك أسلحة دمار شامل وعدم منع عمليات تسلل الجماعات المتطرفة المعادية لقوات التحالف والمدنيين العراقيين من دخول العراق وتقويض الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار فى العراق .

وفيما يتعلق باستخدام ورقة مجلس الأمن ضد سوريا فقد تابعت الولايات المتحدة عملها بكثافة داخل الأمم المتحدة وقدمت بالتعاون مع فرنسا مسودة قرار إلى مجلس الأمن يهدف إلى ممارسة ضغوط جديدة على سوريا لسحب قواتها من لبنان فى محاولة لعزلها إقليميا ودوليا ، وقد ساندها فى ذلك المعارضة السورية بالخارج والأمريكيون من أصل سورى ، اضافة الى المبعدين اللبنانيين بالخارج الذين طردتهم أجهزة الاستخبارات السورية من بلدهم لبنان . وقد طالب مشروع القرار الامريكى-الفرنسي من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بأن يقدم تقريرا في هذه المسألة كل ثلاثة أشهر لمتابعة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1559 الذي طالب برحيل كل القوات الأجنبية عن لبنان.

وفى هذا الصدد أعلن مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد أن تخلف سوريا عن تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1559 يعتبر مشكلة خطيرة للنظام السوري . فى نفس الوقت نفى ساترفيلد في تصريحات لوسائل الإعلام اللبنانية عن شائعات تشير الى وجود اتفاق بين واشنطن ودمشق تبدي بموجبه الولايات المتحدة مرونة بشأن الملف اللبناني مقابل تعاون سوريا لمراقبة الحدود السورية العراقية بشكل أفضل.

واشنطن تبحث معاقبة دمشق

فى صباح 16 فبراير 2005 أعلنت الادارة الامريكية أنها تدرس اتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية ضد سوريا ، وذلك عقب قيام واشنطن بسحب السفيرة الأميركية مارجريت سكوبي من دمشق في أول رد فعل على اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري (الذى ينتمي الى الطائفة السنية بلبنان) . بعد ذلك مباشرة أعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية ريتشارد باوتشر أن بلاده تشعر بالقلق بشأن أوجه عديدة في سلوك النظام السوري، مشيرا إلى أن قانون محاسبة سوريا يتيح فرض المزيد من الإجراءات العقابية على دمشق . وقال باوتشر: إن السفيرة سكوبي اجتمعت قبل استدعائها إلى واشنطن للتشاور مع مسؤولين سوريين للتعبير عن قلق واشنطن العميق وغضبها الشديد تجاه اغتيال رئيس الوزراء السني رفيق الحريري الذي وصفه بالعمل الإرهابي البشع . كما طالب باوتشر من حكومة دمشق مجددا بتنفيذ قرار مجلس الأمن 1559 بسحب قواتها من لبنان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. ودعا أيضا النظام السوري لوقف دعمهم لحزب الله الشيعي اللبناني والفصائل الفلسطينية المناهضة للسلام مع إسرائيل.

وفى ظهر يوم 16 فبراير 2005 أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الذى كان يزور واشنطن أن الخلافات تتزايد مع الحكومة السورية. وقالت رايس : إن العلاقات مع دمشق لا تسير في اتجاه إيجابي، مشيرة إلى تصاعد الخلافات بشأن ما أسمته دعم الإرهاب والوضع في العراق. وطلبت رايس من دمشق ضرورة معالجة تلك الأوضاع "وإلا فإن واشنطن لديها الكثير من البدائل".

وذكرت مصادر مطلعة في واشنطن أن الإجراءات المقترحة تشمل مزيدا من العقوبات الاقتصادية، قد تصل إلى تفويض الجيش الأميركي بالعراق بالقيام بعمليات ملاحقة للمسلحين عبر الحدود السورية ( وهو ما حدث بعد ذلك فى شهر مايو 2005 ) .

وفى مساء 16 فبراير 2005 أعلن السفير الفرنسي بالأمم المتحدة جان مارك دو لا سابليير أن قرار مجلس الأمن يعد خطوة مهمة في سبيل إعطاء بعد دولي لجهود معرفة حقيقة ما حدث.

وفى 4 مارس 2005 أعلنت الادارة الامريكية أنها تبحث مع حلفائها الأوروبيين اتخاذ إجراءات مشتركة لمعاقبة سوريا في حال تقاعسها عن سحب قواتها من لبنان. وقد أوضح بيان للإدارة الامريكية أن واشنطن وحلفاءها يدرسون ما أطلق عليه بالخطوات الإضافية التي يستطيع المجتمع الدولي اتخاذها لإجبار سوريا على تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 1559 والذي يدعو لخروج القوات الأجنبية واستخباراتها من لبنان . وفي هذا السياق صرح الرئيس بوش بأن رسالة الولايات المتحدة وفرنسا ودولا كثيرة أخرى إلى النظام السوري واضحة ومسموعة وتقضي بأن تسحب سوريا الآن ليس فقط قواتها ولكن أيضا أجهزتها الاستخباراتية من لبنان .

وفى الوقت الذى تشدد فيه واشنطن على سرعة التضامن مع الاتحاد الاوربى من اجل فرض عقوبات مشتركة على سوريا والعمل على إصدار قرار جديد من الأمم المتحدة أشد صرامة على النظام السوري طالب الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان فى 3 مارس 2005 في مؤتمر صحفي بحدوث تقدم بحلول شهر أبريل 2005 بشأن انسحاب القوات السورية من لبنان، مشيرا إلى أنه سيوفد مبعوثه الخاص تيري رود لارسون إلى المنطقة لمناقشة مسألة الانسحاب مع الحكومتين المعنيتين ( سوريا ولبنان ) .

تمديد العقوبات الاقتصادية على سوريا

وبتطور الأحداث ضد سوريا أعلن الرئيس الامريكى جورج بوش فى 6 مايو 2005 عن تمديد العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الادارة الامريكية على سورية فى عام 2004 والتى أن بدأت فى 11 مايو 2005 . وقد جاءت الخطوة الأميركية هذه بعد أيام من تصريحات قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جون أبي زيد الذي قال : إن دمشق لا تستجيب بشكل كاف ، كما أنها لا تزال تسمح للإرهابيين بالتسلل إلى العراق عبر الأراضي السورية بمعاونة الاستخبارات السورية .وقد استند بوش فى تمديد العقوبات الى الاتهامات الموجهة لدمشق والمتمثلة بالآتي:

 - دعم الإرهاب وتقويض الجهود الرامية الى تحقيق الاستقرار فى العراق وذلك بالسماح للإرهابيين بالتسلل الى داخل العراق عبر الحدود السورية .

 - المماطلة فى خروج أجهزة الاستخبارات السرية السورية من للأراضي اللبنانية ، واتهام المخابرات السورية بتفجير السيارات المفخخة فى بيروت والتى بلغت نحو أربع عمليات حتى 7 مايو 2005 .

 - تطوير أسلحة الدمار الشامل .

أما العقوبات الاقتصادية على دمشق فهي تلك التى فرضتها واشنطن على دمشق في الحادي عشر من مايو2004 وهى التى عرفت بـ" قانون محاسبة سوريا " والمتمثلة فى الآتي.

 - قطع العلاقات الامريكية مع المصرف التجاري السوري .

 - تجميد أصول وأموال السوريين المشتبه فى تورطهم بالإرهاب وكل من يساهم من النظام السوري فى تطوير أسلحة دمار شامل.

 - تجميد الرحلات الجوية السورية من والى الولايات المتحدة الامريكية.

 - استمرار حظر الصادرات الامريكية الى سوريا من الذخائر والسلع باستثناء المواد الغذائية والأدوية.

ولكن كيف وضع مشروع قانون محاسبة سوريا

الصادر فى مايو 2003؟

تعد لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب الامريكى هي أول من وضعت مشروع معاقبة سوريا تحت عنوان ( قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان ) . فلقد تقدم بمشروع قانون محاسبة سوريا زعيم الأغلبية الجمهورية بالكونجرس (ريتشارد أرمي) ثم تبنته عضو مجلس الشيوخ (بابرا بوكسر) . كما دعم المشروع أعضاء الكونجرس ومنهم (بنجامين جيلمان)، (جوزيف كرولي)، (بيتر دويتش)، (واريد كنتور)، (هوارد بيرمان)، (روبرت ويستلر)، (جوزيف هوفل)، (مايك ما كنتلي) . ولقد نجح مروجو المشروع في الحصول على تأييد 157 عضواً من أعضاء الكونجرس ، بالإضافة الى تأييد ثلث أعضاء مجلس الشيوخ .

وفيما يتعلق بإدراج قضية لبنان فى قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان : يؤكد العماد ميشيل عون أنه سعى ورفاقه من اللبنانيين المقيمين بالولايات المتحدة منذ شهر يونيو عام 2001 الى إقناع الادارة الامريكية بمشروع سيادة لبنان وجلاء القوات السورية عن أراضى لبنان التى احتلتها سوريا عام 1976 ، وقد استجاب الكونجرس لذلك وقرر دمجه بعقوبات أخرى على سوريا ، ( يذكر أن الكونجرس الامريكى استضاف العماد ميشيل عون ورفاقه من اللبنانيين لعدة شهور بقاعة صغيرة ملحقة بمبنى الكونجرس مع مجموعة صغيرة من أعضاء الكونجرس ونواب الشعب الامريكى حيث أطلق عليها لجنة استماع وذلك للتأكد من تجاوزات النظام سوريا فى حق سيادة لبنان واستقلاله، وقد قدم ميشيل عون ملفا كاملا حول التجاوزات السورية فى لبنان ). لذلك فان قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان هو قانون تلتزم به واشنطن ضمن سياسة أميركية في المنطقة . ويعلل العماد ميشيل عون استعانته بالإدارة الامريكية ضد الاحتلال السوري لأراضيه بما فعلته الكويت بالاستعانة بالولايات المتحدة لاستعادة أراضيها التى احتلها العراق والى عجز العالم العربى والجامعة العربية عن حل مسألة السيادة اللبنانية وجلاء الاحتلال السوري عن لبنان خاصة بعد أن صرح الرئيس بشار الأسد لصحيفة "الشرق الأوسط" فى شهر فبراير سنة 2001 بأن مسألة خروج سوريا من لبنان تتعدى قصة الصلح وقصة حل قضية الشرق الأوسط، وهو ما يعني أن الرئيس السوري لم يكن ينوى الخروج من لبنان .

وبالعودة الى كولن باول وزير الخارجية الامريكى الذى حذر النظام السوري أثناء زيارته لسوريا ولقائه بالرئيس بشار الأسد فى مايو 2003، حيث قال له : أن مشروع القانون الجديد لمحاسبة سوريا سوف يستهدف عددا من النقاط تأتى فى مقدمتها فرض سلسلة من العقوبات الامريكية الاقتصادية والدبلوماسية على سوريا ما لم تقم حكومة دمشق بعدد من الخطوات المحددة ، الا أن النظام السوري الحاكم لم يكترث لتحذيرات كولن باول .

يذكر أن المطالب الامريكية التى وجهها كولن باول بالتفصيل الى وزير خارجية سوريا فاورق الشرع فى مايو 2003 قد تضمنت الآتى :

· وقف برامج تطوير الصواريخ الباليستية وأسلحة الدمار الشامل .

 · وقف دعم الإرهاب وإغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية فى سوريا البالغ عددها 11 مكتبا حيث تؤوى أجهزة المخابرات السورية وما تزال الإرهابيين والمنظمات الإرهابية بما فى ذلك حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين ، ومطالبة النظام السوري بضرورة طرد جميع الأفراد المرتبطين بعمليات إرهابية من دمشق . أيضا وقف دعم حزب الله الشيعي من الجنوب اللبناني وتفكيك أنظمة صواريخه التى ينشرها على الحدود الإسرائيلية .

 · وقف عمليات التسلل الحدودي للجماعات المتطرفة من العرب والأجانب وتنظيم القاعدة الذين يدخلون العراق عبر الأراضي السورية (بمعاونة الاستخبارات السورية) ويفجرون المدنيين من الشعب العراقي وقوات التحالف وعلى رأسها القوات الامريكية .

 · سحب القوات السورية من الأراضي اللبنانية دون قيد أو شرط واحترام سيادة واستقلال لبنان ، وإنهاء استخدام المجال الجوى السوري واراضى سوريا فى نقل الأسلحة الى حزب الله فى لبنان.

 · ضرورة طرد وحدات حرس الثورة الإيرانية الإسلامية من سهل البقاع اللبناني الذي تسيطر أجهزة الاستخبارات السورية عليه وتقوم بتأمين وحدات الحرس الإيرانى، ووضع حد لتعاون أجهزة الاستخبارات السورية مع نظيرتها الإيرانية فى هذا الخصوص . والسماح بنشر الجيش اللبناني على طول الحدود الإسرائيلية الشمالية.

 · على النظام السوري مساعدة الادارة الامريكية فى كشف الأموال التى حصل عليها قادة النظام العراقي السابق ، والعمل على التوصل الى السجلات المالية السرية الموجودة ببعض البنوك السورية ( تعتقد الادارة الامريكية أن 12 مليار دولار أودعها النظام العراقي السابق فى خزائن سوريا ) .

 · ضرورة قيام النظام السوري بإجراء إصلاحات سياسية جذرية يأتى فى مقدمتها تعديل الدستور والإصلاح الاقتصادي والسياسي واطلاق حرية الأحزاب وحرية الإعلام وتداول المعلومات وقيام حكومة ديمقراطية منتخبة طبقا للنظام الديموجرافى للطوائف السورية ، مع فتح ملفات جميع المسئولين الذين تسببوا فى الإضرار التى لحقت بالشعب السوري والبلاد من عمليات قتل وقمع خاصة وان مثل تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم .

 · عدم عرقلة النظام السوري لأي جهود للسلام فى الشرق الأوسط والعمل على تحقيق تقدم جوهري فى مفاوضات السلام وتوقيع اتفاق مع اسرائيل .

وفى حال عدم قيام سوريا بتنفيذ المطالب السابقة فسوف تقدم واشنطن على فرض سلسلة من العقوبات تتمثل فى الآتي :

· خفض التمثيل الدبلوماسي المتبادل بين دمشق وواشنطن .

 · فرض المزيد من العقوبات التجارية والاقتصادية ضد سوريا ومنع تصدير أي مواد ذات استخدام مزدوج سواء مدني أو عسكري وعدم تقديم تسهيلات للاستثمار فى سوريا .

· ملاحقة سوريا فى المنتديات الدولية بهدف عزلتها سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي.

كيفية التعاطي السوري مع التصعيد

الامريكى؟

إن التعاطي السوري مع التصعيد الامريكى يثير العديد من علامات الاستفهام ؟؟ فالنظام السوري لا يتفاعل بنفس سخونة الموقف الامريكى ، بل انه يتفاعل ببطء شديد يثير قلق الأمريكيين . فالنظام السوري يرى أن قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان هو قانون لا شرعية دولية له ، ومن ثم فهو يفسح المجال للإدارة الامريكية بأن تكون قادرة على المساومة بالضغط السياسي عليها ليس إلا . وعلى الرغم من أن النظام السوري يرى أن القانون يحمل في طياته قرارا يسهل الطريق لإسرائيل الى استباحة المنطقة وفرض شروط السلام على دول المنطقة ، الا انه يتحرك ببرود وبطء شديدين !!! . ففي هذا الخصوص صرح فاروق الشرع وزير خارجية سوريا فى 17 سبتمبر 2002 أثناء وجوده بالأمم المتحدة بأنه على كافة دول منطقة الشرق الأوسط تنفيذ جميع قرارات الامم المتحدة بشأن المنطقة(يقصد بذلك اسرائيل) وذلك فى الوقت الذى ترفض سوريا تنفيذ قرار الامم المتحدة رقم 520 الخاص بجلاء القوات السورية وأجهزة استخباراتها عن الأراضي اللبنانية . وقد بنى فاروق الشرع تصريحه ذلك بعد أن صرح الرئيس السوري لصحيفة "الشرق الأوسط" فى شهر فبراير سنة 2001 بأن سوريا لن تخرج من لبنان الا بعد حل قضية الشرق الأوسط . ويأتى ذلك فى الوقت الذى يشدد فيه النظام السوري على أن بعض العناصر اللبنانية الهاربة الى أمريكا وأصابع صهيونية أخرى هما اللتان حرضتا الكونجرس الامريكى على تبني مشروع قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان ، ولكن النظام السوري تناسى احتلاله للأراضي اللبنانية . (المعروف أن سوريا قامت باحتلال لبنان عام 1976 بموجب قرار صادر عن الجامعة العربية الذى فرض على لبنان قوات الردع العربية لمدة 3 أشهر تبعتها 3 أشهر أخرى ، الى أن بلغت ست سنوات عندما صدر قرار الامم المتحدة رقم 520 القاضي بجلاء القوات السورية عن الأراضي اللبنانية).

يذكر أنه عندما صدر قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان فى مايو 2003 لم يتحرك النظام السوري أو يبدى الاهتمام المتوقع إزاء القانون الامريكى الخاص بمعاقبة سوريا ، بل على العكس خرج الإعلام السوري ليقلل من حجم وتأثير القانون مشيرا الى أن انه لا يوجد اى صور للتعاون العسكري بين واشنطن ودمشق ، وان حجم التبادل التجاري بين البلدين ضعيف للغاية ، كما أن سوريا لا تحصل على اى دعم أو مساعدات اقتصادية أمريكية . ولعل ذلك هو ما دفع وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الى إعطاء تصريحات نارية لوسائل الإعلام فى سبتمبر 2003 قال فيها : أن المسئولين الأمريكيين يعتقدون أن اى قانون يصدر من الكونجرس هو قانون منزل من السماء ، الا أن الشرع عاد وتراجع كلية عما بدر منه وقال: أن الضغوط الكبيرة التى تتعرض لها سوريا هي الأقسى منذ القرن الـ 16 ( وهى تصريحات تبدو خارج سياق القرن الـ 21) . فى نفس الوقت صرحت المتحدثة باسم الخارجية السورية بثينة شعبان فور صدور فانون محاسبة سوريا فى مايو 2003 بأن فرض عقوبات اقتصادية على سوريا سوف يضر بالمصالح الامريكية لـ 250 شركة أمريكية تعمل فى سوريا ، وهو ما يعنى أن سوريا لا تعبأ بما يحدث لها أو حولها من قبل الادارة الامريكية .

على الرغم من تلك اللامبالاة السورية الا أن بعض التقارير الامريكية كشفت انه بعد صدور قانون معاقبة سوريا فى شهر مايو 2003 واثناء زيارة كولن باول لدمشق فان الحكومة السورية وفى خطوة غير متوقعة على الإطلاق قد وافقت على التوقيع لشركتين أمريكيتين تعملان فى مجال البحث والتنقيب عن البترول وهما ( أوشن انرجى ) و( جلف ساندز) للتنقيب عن النفط فى منطقة( الحسكة ) الواقعة فى أقصى شمال شرق سوريا على الحدود مع تركيا (وهى منطقة ذات أغلبية كردية سورية وتتزايد فيها انتهاكات حقوق الانسان ضد الأكراد من قبل النظام العلوى الحاكم) وتبلغ مدة التعاقد 25 عاما قابلة للتجديد لعشر سنوات أخرى ، كما وقعت شركة ( فيريتاس ) الامريكية عقدا قيمته 18 مليون دولار لإجراء دراسات مسحية فى المياه الإقليمية السورية بالبحر المتوسط ، اضافة الى شركة ( بى آر آى ) الامريكية التى تجرى مفاوضات للتنقيب عن النفط فى وسط سوريا وغيرها من الشركات الامريكية . ولقد أثارت تلك العقود الكثير من الجدل وعلامات الاستفهام حول طبيعة النظام الحاكم حيث اعتبر ذلك بمثابة رشوة من فبل النظام السوري للإدارة الامريكية كى تتوقف عن مهاجمة النظام السوري وعدم البطش به فى المحافل الدولية سواء عن طريق فرض عقوبات اقتصادية أمريكية أو عن طريق أصدقاء واشنطن فى شتى أنحاء العالم .

ومع تمديد العقوبات على سوريا مرة ثانية فى مايو 2004 عاد النظام السوري مرة أخرى ليعلن عدم تضرره من قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان وذلك عندما صرحت الخارجية السورية أن هذا القانون لن يؤثر على الاقتصاد السورى خاصة وان حجم التجارة بين سوريا والولايات المتحدة الامريكية لا يقترب من 150 مليون دولار وهو مبلغ بسيط . كما أن سوريا لا تتلقى معونات أمريكية حيث أنها تكتفي ذاتيا فى اغلب الاحتياجات الاستراتيجية للمواطن السورى .

ومما يدل على التعامل ببطء مع الشأن الامريكى الساخن ما حدث فى 17 فبراير 2005 عندما أعلنت الخارجية الامريكية عن استدعاء السفيرة الامريكية بدمشق الى واشنطن للتشاور بعد اغتيال رئيس الوزراء السني اللبناني رفيق الحريري . فى هذا الشأن خرجت جريدة تشرين الناطقة بلسان النظام السورى لتقول فى مقالة لرئيس تحريرها خلف الجراد أن استدعاء السفيرة الامريكية للتشاور بواشنطن هو أمر طبيعي ومتعارف عليه دبلوماسيا ، وهو ما يعنى أن اغتيال رئيس الوزراء الحريري حدث عارض سوف ينتهي الى لا شىء كما حدث فى الاغتيالات السابقة لرؤساء بارزين بلبنان . الا أن نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام خرج ليعلن اتهام إسرائيل بالوقوف وراء اغتيال الحريري فى محاولة لابعاد التهمة عن النظام السورى وان رفيق الحريري زعيم سني بارز بلبنان .

لكن عندما تزايدت الاتهامات ضد سوريا بأنه غير مكترث بحادث اغتيال رفيق الحريري ووصلت تلك الاتهامات الى حد تورط النظام السوري باغتيال رئيس الوزراء السني اللبناني.. هنا فقط خرج الرئيس بشار الأسد ليعلن فى 28 فبراير 2005 في تصريحات لصحفية ( لا ريبابليكا ) الإيطالية أن الضغوط الأميركية على بلاده تشبه الى حد كبير ما حدث مع حكومة بغداد قبيل غزو العراق فى مارس عام 2003، وأكد أنه يتوقع حربا أميركية على بلاده . الا أن الرئيس السوري تراجع وقال : أن الولايات المتحدة بحاجة لسوريا لدورها المحوري في عملية السلام بالشرق الأوسط والاستقرار في العراق. ومع ذلك فقد شدد الرئيس السوري على أن إمكانيات بلاده لا تسمح بالسيطرة التامة على 500 كيلومتر من الحدود الصحراوية مع العراق ، مشيرا فى ذلك الى سهولة اختراقها من فبل الجماعات المتطرفة ، وقال: لقد طلبنا من واشنطن أجهزة للرؤية الليلية وأنظمة رادار تماثل تلك التي يستخدمونها عند الحدود مع المكسيك. وقال بشار الأسد إنه اقترح أيضا في أكتوبر2004 تشكيل دوريات مشتركة سورية وأميركية على الحدود السورية العراقية ولا يزال ينتظر الرد الأميركي. ولقد بدا واضحا أن الرئيس بشار الأسد كان يسعى من وراء التعاون مع واشنطن بشأن العراق الى انتزاع فتيل ازمة اغتيال رفيق الحريري.

ومع قيام الكونجرس الامريكى بمناقشة تمديد العقوبات الامريكية على دمشق فى أوائل مايو 2005 جاء رد الفعل السوري محتقنا على غير المتوقع لأول مرة وذلك عندما أعرب وزير الإعلام السوري مهدي دخل الله فى 7 مايو 2005 عن أسف بلاده لتجديد العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا منذ مايو 2004 ، وأضاف الوزير السوري: إن القرار الامريكى كان متوقعا . وانتقد دخل الله سياسة واشنطن في الشرق الأوسط، وقال : إن الولايات المتحدة تنظر إلى سوريا بمنظور ومصالح إسرائيلية . وأكد الوزير السوري أن موقف بلاده ملتزم بالشرعية الدولية ، وذلك في إشارة إلى تنفيذ دمشق لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 الذي ينص على سحب قوات الجيش السوري من الأراضي اللبنانية . فى نفس الوقت شدد دخل الله على رفض سوريا للمساواة بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال في فلسطين ، واكد أن هذا الموقف السوري هو الذي يبدو أنه لا يعجب المحافظين الجدد في واشنطن . وفيما يتعلق بالمسألة العراقية شدد الوزير السوري على حرص دمشق على أهمية استقرار العراق باعتباره جزءا أساسيا من استقرار المنطقة .

أخطاء النظام السوري الحاكم

هكذا يتبين لنا أن النظام السوري قد اخطأ مرارا فى حساباته وهو يتعامل مع الادارة الامريكية. فالتعامل ببرود ولامبالاة مع واشنطن تحت بند أن دمشق قدمت وستقدم كل الدعم لواشنطن مقابل حماية النظام السوري لم يعد يكفى الادارة الامريكية حتى لو كان ذلك الدعم السورى متمثلا فى إنقاذ أرواح أمريكيين كثيرين من عمليات إرهابية كان تنظيم القاعدة يخطط لتنفيذها ، اضافة الى تقديم العديد من الوثائق الهامة، وكم كبير من المعلومات الاستخباراتية حول الإرهاب ، وفوق ذلك الانصياع الى الضغط الامريكى وتنفيذ قانون مجلس الأمن رقم 1559 الخاص بالانسحاب الكامل الغير مشروط للجيش السوري وأجهزة استخباراته من الأراضي اللبنانية .

ولقد بدا واضحا أن النظام السوري فى موقف حرج تماما وليس هناك شفاعة أمريكية حتى لو قدمت سوريا أضعاف ما قدمته فسيظل الأمر على ما هو عليه لان الهدف الامريكى هو إعادة التوازن فى المنطقة خاصة وان بغداد أصبحت رمانة ذلك التوازن بالمنطقة . وعليه فان النظام السوري لن يؤدى الى ذلك التوازن ، ومن ثم تؤكد واشنطن على ضرورة ظهور نظام سورى جديد اكثر قربا من الولايات المتحدة ويكون على وفاق تام مع النظام العراقي الجديد والإسرائيلي والتركي أيضا حيث أن ذلك هو الضمانة الوحيدة للحفاظ على المصالح الامريكية فى المنطقة.

المراجع

· إيلي فرزلي: نائب رئيس مجلس النواب اللبناني، رفض قانون محاسبة سوريا وسيادة

 لبنان ، 17 سبتمبر 2002 .

· بشار الأسد : تصريح لصحيقة لاريبابليكا الإيطالية يشير الى رفض خروج القوات

 السورية من الأراضي اللبنانية ، فبراير 2001 .

· بى.بى.سى والد سرفيس : بوش يفرض سلسلة عقوبات على سوريا ، 11 مايو 2004.

· ريتشارد باوتشر : الادارة الامريكية تدرس اتخاذ مزيد من الإجراءات العقابية ضد

 سوريا، 16 فبراير 2005 .

 · جان مارك دو لا سابليير: تصريح للسفير الفرنسي بالأمم المتحدة حول القانون 1559 الخاص بالانسحاب السوري الفوري من لبنان ، 16 فبراير 2005 . الوكالات والفضائيات .

· جورج بوش: تصريح الرئيس الامريكى عن تمديد العقوبات الاقتصادية على سوريا ، 6

 مايو 2005 . الوكالات والفضائيات .

· خلف الجراد : رئيس تحرير جريدة تشرين السورية الحكومية وتعليق حول استدعاء

 واشنطن لسفيرتها بدمشق ، 17 فبراير 2005 .

 · فاروق الشرع: تصريح لوزير خارجية سوريا بالأمم المتحدة بمطالبة اسرائيل بالانسحاب من الأراضي التى تحتلها مع رفض الإشارة الى احتلال سوريا للأراضي اللبنانية،17 سبتمبر 2002 ، الوكالات والفضائيات .

· كوفى أنان : تصريح للامين العام للامم المتحدة حول انسحاب الجيش السوري من

 الأراضي اللبنانية ، 3 مارس 2005 ، الوكالات والفضائيات .

· ميشيل عون: رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق ، تأييد قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان

 17 سبتمبر 2002 .

· هارولد تريبيون : الكونجرس وتشديد العقوبات على سوريا ، 15 أكتوبر 2004 .