مشكلات وعقبات أمام العمل النسائي الإسلامي

رضوان سلمان حمدان

مشكلات وعقبات أمام العمل النسائي الإسلامي

رضوان سلمان حمدان

[email protected]

كما تكثر العقبات أمام العمل الإسلامي بصورة عامة، تكثر العقبات أكثر أمام العمل النسائي الإسلامي، وسنذكر هنا بعض هذه العقبات الخاصة بالعمل النسائي وبعض الحلول المقترحة، ولعل مدارسات الأخوات العاملات هي التي تبين أكثر ما يعترضهن من مشكلات، وما هي أفضل الحلول لمعالجتها. ومن المؤسف أنَّ العمل الفكري المنشور حول هذه القضايا ضئيل جداً مما يتطلب الكثير من الجهود لسدّ النقص الحاصل وتعميم الخبرات على الأخوات العاملات:

1 ـ المعوّق الفكري: النظرة السلبية القاصرة لدور المرأة المسلمة:

في البناء الاجتماعي تتعدد أسباب الخلل وتتنوع معوقات التقدم والنمو، ولكن التحليل المنطقي يظهر دوماً أنَّ الخلل الفكري هو الأساس في أي قصور اجتماعي، وهكذا نجد أن كل المعوقات التي تقف أمام نهضة حقيقية للمرأة المسلمة، وقبل ذلك أمام قيام أي عمل نسائي إسلامي فعال، إنما ترجع أساساً إلى النظرة السلبية القاصرة لدور المرأة المسلمة في التغيير ومكانتها المفترضة في البناء الاجتماعي.

ومن الطبيعي انطلاقاً من هذه النظرة القاصرة أن تجد المكتبة الإسلامية مليئة بالكتب والنشرات التي تتحدث عن المرأة ولكن معظمها للأسف لا يتناول قضية المرأة إلا كقضية جزئية أو مجموعة من المشكلات الجزئية التي تحوم حول جسد المرأة وطبيعتها الأنثوية الخاصة فحسب من أمثال قضايا الزي الشرعي، والحجاب، والتبرج، والزينة، والحيض، والنفاس، وما يتعلق بذلك من أحكام... إلخ.

أما قضية المرأة ككائن إنساني عبد لله تعالى، مكلف بالعبودية له وحده والتحرر مما سواه مستخلف مع الرجل في عمارة الأرض.. أما دور المرأة ككائن اجتماعي له الدور الأهم في بناء المجتمع وتنميته وتقدمه، أما هذا فلا تكاد تجد له أثراً إلا ما ندر.

لقد كان من النتائج المباشرة لهذا الخلل الفكري، ولهذا القصور في النظر إلى دور المرأة أن تضاءل الاهتمام العملي بتكوين مؤسسات العمل النسائي الإسلامي، وبرز هذا القصور العملي في نواحي كثيرة لعل من أهمها:

1- الاكتفاء من التزام الأخت المسلمة (زوجة كانت أم بنتاً أم أختاً) بالحد الأدنى غالباً من أداء الفروض والنوافل في العبادات والتزام الحجاب الإسلامي وفق الزي الشائع، دون العمل على تكوين شخصية إسلامية، متكاملة تبرز قيادات نسائية قادرة على العمل والعطاء في الميدان الدعوي، والبناء الاجتماعي وقيادات المؤسسات الضرورية للعمل النسائي الإسلامي.

2- أصبحت النساء المسلمات (زوجات كنّ أم أخوات أم بنات..) ورغم التزامهن المظهري عبئاً على الأغلب على الأخ الداعية ومثبطاً له بدل أن يكن عامل دفع ومساندة لعدم إدراكهن الكافي لطبيعة مهمته وعدم تأهيلهن لذلك.

3- لقد امتد الخطر إلى أبناء وبنات الأخوة أنفسهم إذ لم يربوا التربية الإسلامية المطلوبة من قبل الأمهات اللاتي وإن كن ملتزمات بالفروض والحجاب إلا أنهن لم يهيأن أبداً للقيام بدور المربية الإسلامية المؤهلة والمعدة لذلك.

4- اقتصرت المجالات المفتوحة أمام الأخوات الراغبات في العمل الدعوي على نماذج قليلة محددة من أنواع النشاط كالدروس الفقهية أو تحفيظ القرآن الكريم أو إعطاء الدروس التوجيهية، مما حرم العمل من طاقات كثيرة مبدعة لم تجد في هذه المجالات ما يناسب طموحها أو إمكانياتها فابتعدت عن مجال العمل الدعوي، وهكذا انحسرت أعداد المستجيبات لهذه الدروس نفسها كما لم تبرز نماذج دعوية شابة في معظم الحالات.

5- ومن البديهي مع القصور الفكري أن تبتعد الأخوات الملتزمات أنفسهن عن خوض الميادين الاجتماعية وأماكن التجمعات والتنظيمات النسائية وأن ينكفئن لاجتماعاتهن الخاصة الضيقة دون أثر اجتماعي فعال، كما هو مطلوب منهن.

2- ضعف وقلة القيادات النسائية الإسلامية:

فعدد الأخوات الداعيات بين النساء قليل أساساً، ومعظم هؤلاء الداعيات غير مؤهلات التأهيل الكافي لقيادة العمل النسائي الإسلامي بصورة عامة، كما أنّ الظروف الخاصة لمعظمهن تحول دون مشاركتهن الواسعة في ميادين العمل.

والبعض يعتبر أنّ هذه المشكلة هي المشكلة الأولى في إيجاد عمل نسائي فعال، ولاشك أن وجود نواة قيادية كفء للعمل النسائي سوف تفتح المجال لنمو العمل في مجالات متعددة، وهذا يقتضي التركيز أولاً على إيجاد هذه المجموعة النواة كما يقتضي تعاون الأخوة الرجال ودفعهم لزوجاتهم أو أخواتهم أو بناتهم للتقدم والمشاركة في بناء العمل ومساعدتهم على تكاليفه.

كما أن ضعف وقلة القيادات النسائية الإسلامية يقتضي أيضاً الاستفادة من كل الشخصيات والتجمعات الإسلامية الموجودة حولنا لتدارك شيء من النقص الحاصل، وقد أشار بعض الأخوة الدعاة إلى بعض الحلول الأخرى لتدارك مشكلة قلة الداعيات ومنها:

1- الحرص على مشاركة جميع النساء في جهود الدعوة بحسب إمكانياتهن، خاصة الطالبات مع تعاهدهن بالنصح والتوجيه.

2- الاتجاه نحو الجهود العامة للدعوة كالدروس والمحاضرات في المساجد والمنتديات، إلى جانب الحلقات الخاصة والمحدودة.

3- الاستفادة من النشاطات الرجالية "فالنشاطات الرجالية كالدروس مثلاً، والمحاضرات والندوات.. معظم الكلام الذي يقال فيها يصلح للرجال والنساء أيضاً، والشرع جاء للرجل والمرأة وخاطب الجنسين معاً، وما ثبت للرجل ثبت للمرأة إلا بدليل".

3 ـ مشكلة التوفيق بين أعباء الدعوة وأعباء المنزل:

"وهذه بلا شك معضلة حقيقية، فالمرأة أمامها العمل، وأمامها الدعوة، وأمامها الأمور المنزلية، البيت، الزوج، الأولاد، إلى غير ذلك.. فكم من فتاة تشتعل في قلبها جذوة الحماس إلى الدعوة إلى الله تعالى، وتعيش في مخيلتها الكثير من الأحلام والأمنيات فإذا تزوجت وواجهت الحياة العملية تبخرت تلك الآمال وذابت تلك المشاعر".

"ومن الحلول المقترحة لمواجهة هذه المشكلة:

1- تقوى الله: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً}، وأهم ما يقصد هنا أن تتقي الأخت ربها عز وجل في صرف أوقاتها لمصلحة دعوتها وعدم تضييع الأوقات فيما لا طائل وراءه، والاقتصاد في صرف الأوقات على الضروريات ما أمكن.

2- تنظيم الوقت وترتيب الأولويات، فسوء توزيع الوقت من أسباب الضياع، ولو أنَّ المرأة أفلحت في ضبط وقتها وتوزيعه بطريقة معتدلة لكسبت شيئاً كثيراً.

3- ألا تقتصر الأخت الداعية في دعوتها على المناسبات المخصصة للدعوة فحسب، بل تستفيد من كل مجالات نشاطها في أعمال الدعوة في قيامها بحق زوجها، وفي تربيتها لأبنائها، ثم في ميدان عملها إن كانت تعمل، وفيما حولها من الجيران والأقارب.. الخ".

4ـ مشكلة التصادم مع الزوج أو عدم تعاونه: فبعض الأخوات قد يصطدمن مع أزواجهن عند رغبتهن القيام بأعمال دعوية، فقد لا يكون الزوج ملتزماً أو مقتنعاً بالمشاركة الدعوية، وقد يخاف من نتائجها، أو قد لا يتعاون مع زوجته - على الأقل - في أداء واجبها الدعوي.

ومع ضرورة الانتباه لهذه المشكلة أساساً قبل الزواج، إلا أنه لابد من معالجتها بعد ذلك بالصبر والحكمة، وعلى الأخوة خاصة أن يساعدوا زوجاتهم وبناتهم في أداء واجباتهن لا أن يكونوا عقبة أمامهن.

5ـ أسباب ومعوقات أخرى:

بشكل رئيسي هناك الأسباب العامة لضعف العمل الإسلامي حتى عند الرجال، وهناك أسباب خاصة أحياناً بكل أخت أو مجموعة من الأخوات على حده، وبصورة عامة فإن الممارسة العملية هي التي يمكن أن ترشدنا إلى الحلول المناسبة في وقتها : {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً}.