هل تضع يدك في يدي ليكون هدفنا الوطن
أفكار الشتات والتشرزم والعداء
في الوطن العربي الفكري والسياسي إلى التوفيق بين الأطراف
هل تضع يدك في يدي ليكون هدفنا الوطن ....؟
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
الكل في الوطن العربي غير راض عن الواقع المزري بوصول الأمة فيها إلى ذيول الأمم . وتكمن أسبابه في أمور معقدة ومتشابكة , منها ماهو داخلي ومنها ماهو خارجي التأثير . وليس من السهل الإحاطة به من جميع النواحي, ولكن يمكن طرح مثل هذه الأفكار , ليشترك ويصب برأيه مثقفي هذه الأمة من جميع المنابع الفكرية لتناقش في المنتديات البعيدة عن سيطرة الحكام والقادة والسياسيين .
فلم تخلو مرحلة في زمننا الحديث وقبله من الإصلاحيين , وكل أدلى بدلوه ومن خلال فكره ,والمصيبة في وطننا العربي , أن البناء الفكري والإجتماعي لايتراكم طبقة فوق طبقة , ومرحلة بعد أخرى ليعلو ويتكامل . ولكن كل جيل يصاب بالخيبة في قناعات الجيل الذي سبقه .
وكان لإسرائيل الدور الأكبر في زيادة التشتت الفكري عند العرب ,فهي بكيانها الغريب القائم على الأسطورة الدينية لشعب الله المختار , واستخدام أعقد وسائل العلم الحديث . أدت إلى : ردود فعل متضاربة في العقل العربي العام في إتجاهاته المبني على الإستفادة من النصر الإسرائيلي الكبير :
1- فريق يرى العودة إلى الماضي , وأن تسلل الأفكار الجديدة كان السبب في الهزائم.
2- فريق آخر يرى الأخذ بالليبرالية الأوربية
3- فريق يرى أن الإرتباط العضوي لإسرائيل بالدول الإستعمارية سبب نجاحها . قرروا أن الحل هو الثورة الإجتماعية الشامله , بل والثورة العالميه. وللدلالةعلى الإتجاهات الثلاثة يطالعنا لكل فريق اصلاحيون منهم من استمر على نهجه ومنهم من غير قناعته ليصبح عدوه بالأمس صديقه اليوم .
فقد تمثل في الإسلام السياسي ليبرز بشكل كبير عند الإخوان المسلمين على يد الإمام حسن البنا . في أنه لن تقوم قائمة لهذه الأمة إلا بالعودة إلى منبع الفكر الإسلامي . وأن الإسلام ليس دوله دينيه , ولا هو دين للدوله ,إنما الإسلام دين وهو في نفس الوقت دوله .وان قوة الأمة العربية في وحدتها والتعاون مع الدول الإسلاميه.
بينما نرى المفكران العربيان , ساطع الحصري وطه حسين (إلى التقليل من دور الإسلام في رؤيتهما للحقيقة القومية , إلى حد المناداة بالعلمانية الكاملة والصريحة .ولا يمنع من التحول المطلق للثقافة الغربية والفكر الغربي , من منطلق أن الفكر العربي والإسلامي لايصلح لأن يكون المرتكز الثقافي والحضاري للأمة العربيه.
بينما اتجه المفكران القوميان المسيحيان ميشيل عفلق وقسطنتين زريق , على ارتباط الإسلام بالعروبه .
ليقول عفلق حول ذلك (لابد أن يفهم المسيحيوون في الوطن العربي أن يكونوا مسلمين في أي معنى من المعاني) .
ليؤكدالمفكران عفلق وزريق على ارتباط الإسلام بالعروبة ماضيا وحاضرا وبالنسة لعفلق مستقبلا .
والمفارقة هنا تكمن في فكر الحكيم والحصري مقارنة مع زريق وعفلق , ولا يفسرها من الناحية المنطقية إلا اختلاف مزاج العصر . من عصر متأثر جذريا بأوربا وخاضع له معنويا وماديا , إلى عصر مرتد عليها شاهد على تأزماتها .
كما عبر عن ذلك ميخائيل نعيمه بخطبته لأبناء بلده منتقدا فيه الغرب وحضارته بقوله(ياأبناء بلدي لايحزنونكم أن لاعلم لكم يخفق في مقدمة أعلام الأمم,فإنني لست أرى بين تلك الأعلام ولا علما لاأثر فيه للدم والإغتصاب والتهويل والإرهاب .
وأمام هذا التشرزم الفكري كان لابد من ظهور حركة أكثر نضجا رأت في البحث عن التوفيقية في الثقافة العربية ليكون من روادها .:
الدكتور محمد حسين هيكل ,بين الإسلام والمدنيه,المركب الإشتراكي الديمقراطي.
لويس عوض إلى توفيقية عفلق بين القومية والإسلام .
إلى توفيقية الحكيم بين الروح العربية الإسلامية والروح الوطنية القديمه .
وبعد فشل المملكة العربية في الثورة العربية الكبرى إلى فشل الدول الوطنية والنظم الإشتراكية والثورية وزيادة عمق الفرقة بين العرب وبين المثقفين والمفكرين العرب في اتجاهاتهم المختلفة والحرب شغالة بينهم على قدم وساق , بحيث فسحوا المجال لسيطرة الأنظمة المستبدة في الوطن العربي والتي عملت وتعمل على فصل الدويلات الوطنية عن الأمة العربية , ليكون عددها متضاعفا في عدة عقود .
الكل يؤكد على صحة مبدأه والكل لايعترف بالآخر ,والعدو الحقيقي من يخالفه في الرأي ,ليملأصفحات الكتب والمجلات والجرائد وفي الشبكات المرئية والعنكبوتيه . ويبق الوطن هو الخاسر الوحيد وأبناؤه المقهورين تحت نير ظلم والإستبدا ,. وظلم إسرائيل والغرب والقادم الحديث من الشرق .
كيقية الخروج من الوهن والضعف وانعدام الحلول , كوننا قد وصلنا إلى نقطة مفادها لاينجح عندنا إلا تطبيق القتل الرحيم لهذه الأمة العظيمة.
ندائي هنا من منطلق مواطن عادي ليس له باع طويلة أو قصيرة مقارنة مع مفكرينا ومثقفينا الكبار , لماذا لايتم تشكيل هيئة بحثية عليا بعيدة عن الحكام والساسة والسياسيين في الحكومات العربية؟ .لأن معشر هؤلاء تعودوا على التجارة وحركة رأس المال باستخدام السلطة , والتي تمكنهم من ذلك الكسب الحرام . مهمة هذه الهيئة البحث عن الإتجاهات الفكرية والثقافية في الوطن العربي وجعلها تراكمية يستخلص منها الأصلح ,لأبناء الأمة جميعا والمتمثلة في جميع الإتجاهات العقدية والإثنية للوصول إلى ثقافة جديدة منبثقة من التراكم الثقافي للأمة , وبمختلف شرائحها .ليكون كل شخص على أرض الوطن هو تابع لهذه الأرض , ونزع الخوف من النفوس التي ترى في ذلك إلغاء لعقيدتها أو اثنيتها .
ليكون شعارنا :
هل تضع يدك في يدي ليكون هدفنا الوطن؟