الإضراب الخائن

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

دعا الخونة من نصارى الداخل والخارج إلى إضراب النصارى في أنحاء مصر المختلفة يوم الحادي عشر من سبتمبر 2009م ، بوصفه رأس السنة أو عيد النيروز في الحضارة المصرية القديمة التي يحتكرون الانتماء إليها ، ويعدونه أيضا يوم الشهداء الذين قتلهم الرومان عندما غزوا مصر قبل الفتح الإسلامي ؛ حتى جاء عمرو بن العاص وخلصهم من الحكم الروماني وأعاد كاهنهم الأكبر إلى ديره ليتعبد حرا طليقا بعد أن كان هاربا خائفا ، ثم وهو الأهم فإن الحادي عشر من سبتمبر هو الذكرى التي تم فيها تدمير برجي التجارة في نيويورك عام 2001م ، وارتبط التفجير بالمسلمين الإرهابيين (؟) الذين قاموا بالهجوم الإرهابي على البلد المتحضر ، وهو ما مهد لشن حرب صليبية شاملة على الإسلام والمسلمين راح ضحيتها مليوني مسلم على الأقل في أفغانستان والعراق والصومال ، وإعدام رئيس مسلم لدولة مسلمة يوم العيد الأكبر للمسلمين ، وتغيير مناهج التعليم في العالم الإسلامي ، وحذف مادة الدين الإسلامي عمليا من هذه المناهج !

تعددت الأهداف من الإضراب بتعدد أصحاب الهوى النصراني ، فالخائن الخسيس الذي يقبع في واشنطن ويتمرغ في أموال المخابرات الأميركية يطالب بإلغاء المادة الثانية من الدستور ، وتعيين خمسة وعشرين بالمائة من النصارى في وظائف أمن الدولة والجيش والشرطة والمخابرات العامة والوزارة والمناصب العليا في الجهاز الإداري للدولة ، ومحاكمة المسئولين عن اختفاء بعض الفتيات النصرانيات ( هربن مع شباب مسلم للزواج ).

خونة آخرون يطالبون بالإفراج عن كاهن مزور ، زور في عقد قران مسلمة بنصراني وحكمت عليه المحكمة بالسجن نتيجة التزوير..

من يسمون أنفسن بالعلمانيين احتفوا بدعوة ألف وخمسمائة شاب  نصراني على الفيس بوك   للإضراب العام، في 11 سبتمبر 2009م ، على أساس أن ما ينوون عمله خطوة في طريق الألف ميل للقضاء على ما أسموه "التمييز الديني ضد الأقباط" في مصر.

 فضلا عن دعوة المسيحيين في مصر إلى ارتداء السواد والبقاء في بيوتهم، مع دعوة من أسموها بالأقلام الحرة الجريئة لمساندتهم في مطالبهم. وهي إقرار قانون موحد لدور العبادة، وإلغاء الجلسات العرفية على خلفية الصدامات بين المسلمين والأقباط ، مع تقديم الجناة الحقيقيين للعدالة.   

 وقامت مجلة الكتيبة الطيبية الكنسية بتوزيع الدعوة إلى الإضراب على النصارى  وهي عبارة عن  ورقة مرسوم فيها صور المختطفات القصر. ويقول  نص الدعوة : الكتيبة الطيبية تدعو للاحتفالية بعيد النيروز، نظرا لتجاهل مواطنة الأقباط في مصر ونحتفل بعيد الشهداء يوم الجمعة 11 سبتمبر، وهذا العام بروح الصلاة وتكريس الصوم وبقلب واحد يشارك الأقباط فى المنطقة من أجل ما يلي: أولا، الإفراج عن القس المقبوض عليه متاوس وهبة. ثانيا، ضحايا الاعتداءات على الكنائس وسبب تعطيل سن قانون العبادة الموحد، ثالثا اختطاف القصر(اليوم السابع 5-9-2009) .

وقد حاول بعضهم التعتيم على الجهة الداعية إلى الإضراب ، ونفي التخطيط له من جانب الكنيسة ، أو من جانب الخائن الخسيس الذي يعيش في وكره في واشنطن ، وإن كانت بعض المواقع والرسائل الالكترونية قد أفادت أن الداعين إلى الإضراب هم :

 حركة "شباب ضد التمييز" و"اتحاد المنظمات القبطية بأوربا" وبعض رجال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية منهم القمص "مرقص عزيز" كاهن الكنيسة المعلقة بمصر القديمة الذي فر إلى أميركا بعد اكتشاف أنه الأب يوتا الذي ألف الكتاب البذيء "تيس عزازيل" ،  والقمص "متياس نصر منقريوس" رئيس تحرير جريدة الكتيبة الطيبية التابعة للكنيسة ، وقد أعلنوا انضمامهم للإضراب النصراني العام .

وأيا كان الأمر فإن الإضراب يمثل حالة من استعراض القوة ، وإذلال السلطة البوليسية الحاكمة التي انبطحت أمام مطالبهم غير المشروعة ، وتجاوزاتهم القانونية والدستورية ، وتطاولهم على الأغلبية الساحقة من المسلمين .

لا يغير من الموضوع ما يقال عن أن الإضراب يسعى لإخراج الناس من الحالة السلبية ، وقيادة المسلمين والنصارى إلى المطالبة بحقوقهم ، فالإضراب طائفي صارخ ، وهو ضد المسلمين ، وليس متعاطفا معهم ، واختيار اليوم الذي ينفذ فيه الإضراب يمثل دلالة على الدعوة الانفصالية الهادفة إلى تمزيق الوطن ، وإعلان هيمنة الأقلية المستقوية بالمؤسسة الاستعمارية الصليبية العالمية بقيادة الولايات المتحدة ، وهو ما يجعل رد الفعل الشعبي أمرا طبيعيا ، ويجعل من مضاعفاته مسألة لا تحتاج إلى تبرير أو تسويغ ، فالاستفزاز الخائن يجب أن يتوقع رد فعل عنيفا يفوق كل ما يصوره الخيال ، لأنه سيكون دفاعا عن النفس ، ووجود وطن ، ولن يسمح المصريون فيما أظن لقيام إسرائيل نصرانية أخرى داخل وادي النيل بعد قيام إسرائيل في  جنوب السودان أي جنوب مصر ، فضلا عن إسرائيل الأولى في شرق مصر على أرض فلسطين . 

لقد تساهل النظام مع التمرد الطائفي إلى حد غير معقول ، وقابل مظاهر هذا التمرد بعدم مبالاة غريب ، وكأنه يوافق على ما يجري !

إن التنصير يجري في البلاد على قدم وساق ، ويكشف عن بجاحة غير مسبوقة ، ويعلن المتمردون عن جمعية " حررني يسوع " لتنصير المسلمين فلا يتحرك أحد من المسئولين ، وكأن ما يحدث يجري في دولة زامبيا أو الإكوادور، ويقوم القمر الصناعي المصري ( نايل سات ) ببث قناة المجرم الصليبي زكريا بطرس ، فلا يتحرك أحد إلا بعد إعلان الغضب الشعبي ، ومع ذلك يسمح النظام ببث ثلاث قنوات تنصيرية رسميا في الأيام الأخيرة وهي قناة أغابى وقناة سي تي في ، وقناة الملكوت..

المفارقة أن السلطة البوليسية استدعت صاحب قناة أزهري الإسلامية ، واشترطت عليه أن يجعل القناة خالية من أي برنامج سياسي ، في الوقت الذي تعلن فيه القنوات التنصيرية الثلاث مهمتها بصراحة ووضوح وهي إخراج الناس من الإسلام علنا وعلى رءوس الأشهاد .

ووصل التبجح قمته إلى مطالبة المتنصرين ، أي المسلمين الذي ارتدوا عن الإسلام ، بحقوق الإعلان عن نصرانيتهم والدعوة إلى النصرانية ، وكان من المفترض محاكمتهم وكشف المخطط الإجرامي الذي يقف من ورائهم ويستغل ضعف الدولة ، وحاجة المتنصرين إلى المال ، أو ظروفهم النفسية والاجتماعية !

إن الإضراب الخائن يمثل حلقة من حلقات التمرد الطائفي ، ويعيد إلى الذاكرة ما قام به الخائن يعقوب حين انضم لجيوش الحملة الفرنسية ، وكون فيلقا من النصارى وحارب به المسلمين ، وجاء مجرمون خونة بعد عقود من الزمان ليعلنوا أنه بطل استقلال مصر من الاحتلال العثماني!

لا أعتقد أن هناك أملا في اتخاذ موقف حازم من هذا التمرد الإجرامي من جانب السلطة البوليسية الفاشية التي جعلت غايتها العظمي التسلي باعتقال الإخوان المسلمين عندما يجتمعون حول عقيقة أو يلتقون على إفطار جماعي ، وإعادة اعتقالهم كلما أفرج القضاء عنهم ،والتضييق على الدعوة الإسلامية ، والإسلاميين ، وفي الوقت نفسه تترك المتمردين الطائفيين يشعلون النار في أرجاء البلاد بحجة البحث عن قانون موحد لدور العبادة ، و المتمردون أول من يعلم أنهم لا يريدونه ، لأنه سيقوم على أساس التعداد العام ، وهو ما يعني أن يتوقف بناء الكنائس إلى قرن قادم من الزمان لأن النسبة ليست في صالحهم . دعك من الكلام الرخيص عن الاضطهاد والتمييز والوظائف وغبر ذلك مما صار اسطوانة مشروخة لا علاقة لها بالواقع ، فهذا من أصول الحصول على الدولار ، ودعم الملياردير الطائفي المتعصب الذي يتاجر بالهواء ويهيمن على معظم القنوات الفضائية والصحف الخاصة وأقلام مثقفي الحظيرة !

إن الإضراب الخائن الذي تباركه الكنيسة وآباؤها المتمردون يمثل حلقة من حلقات تمزيق الوطن ، ويجب أن يتصدى له عقلاء الأمة من المسلمين وغيرهم ، ويحذروا من عواقبه ، لأن دخول العامة على الخط ينذر ببلاء عظيم !