أوضاع وأحوال تستوجب السؤال
أ.د/
جابر قميحةفي مصر المطحونة ما أكثر الأوضاع والأحوال ، والسلوكيات والأقوال التى ارتكبها ويرتكبها حكامنا وقادتنا ، ومن سار في دربهم ، وداوم قراءة وِرد النفاق والحرص على إرضاء الأسياد . وأقدم في السطور الآتية بعضا من ذلك ، مع طرح رؤيتنا التى نتمنى أن تكون صادقة .
**********
فتح والحزب الوطني الديمقراطي ( !!!!! )
نقلت وكالات الأنباء أن الحزب الوطني الذي يتحكم في أعناق المصرين ومقدراتهم أرسل وفدا للاشتراك في مؤتمر فتح بقيادة الرئيس اللاشرعي محمود عباس . وهذه غريبة من الغرائب .
ومن حقنا أن نسأل ما قيمة هذا العمل الشاذ من قادة الحزب الحاكم الذي يكتم أنفاسنا ، ويتصرف في مصر كأنها تكية موروثة عن أجدادهم ؟.
وأقول مرة ثانية إن هذا العمل ينسف الادعاء المصري بمحاولة التوفيق الوطني بين فتح وحماس ، لأن هذا السلوك الشاذ يدل على انحياز مصر لجانب فتح . فيلغي الأكذوبة المصرية بادعاء الحياد بين الفصيلين .
**********
تعالوا إلى الحل السحري .
في برنامج تلفازي يعرض في إحدى القنوات المشهورة يوميا فوجئنا بمقدم البرنامج (م) يعلن عن بشرى للمشاهدين ، وتتلخص في أنه إذا حدث توتر ـ بأي نوع من أنواعه ـ بين الزوجين ، فمن السهل إزالة التوتر بينهما ، وعودة المياه إلى مجاريها كأسعد ما يتمنى زوجان ، بدون تدخل من الآخرين . والعلاج ذاتي بسيط لا يكلف شيئا ، وهذا ما سنراه الليلة في البرنامج " .
وشدنا السيد (م) مقدم البرنامج وكلنا شوق أن نعرف الطريق إلى هذا العلاج السحري ، فإذا به يستضيف الزوج ويسأله : كيف استطاع أن يحقق الصفاء في أرقى صوره مع الزوجة ؟
ــ وسيلة سهلة وبسيطة جدا ، فقد علقتُ لافتة على شرفة المسكن كتبت فيها: إنني أعتذر لكِ إن كنت قد أخطأتُ في حقك ، واعلمي أنني لا أحمل لك إلا الحب العميق .
ـــ وما طول هذه اللافتة السحرية ؟
ـــ 16 مترا فقط . فلما رأتها الزوجة قابلتني بنفسية مستريحة . وهي تستشعر السعادة الكاملة .
ودار حديث مع الزوجة ، فأقرت بالأثر الذي أنتجته هذه اللافتة الخلاقة . وأثناء حواره معها يظهر في الخلفية الزوج والزوجة ، وهما يكرران الأحضان مرات متعددة . مما يقطع بإن هذه الحلقة تم إخراجها فنيا مسبقا . ويظهر أن الزوج خطاط أو رسام .
ولكن الذي يبقى من هذه " التفاهة الساقطة " استهانة المحترم مقدم البرنامج بعقلية هذا الشعب المخدوع .
**********
جرائم جديدة في عصر الاستبدادد
من يفتح صفحة الحوادث في الصحف الحكومية " المسماة خطأ القومية " يفاجأ بجرائم وأحداث تقطع بأن مصر لم تعد بلد الأمان والسلام . فهي جرائم جديدة على المجتمع المصري ومنها :
1- ارتكاب جرائم قتل في أهم شوارع القاهرة . واكثرها ازدحاما .
2- آباء يقتلون أبناءهم وزوجاتهم ، وينتحرون .
3- خطف البنات ، واخفاؤهن وارتكاب الفاحشة معهن ، ثم القتل هو مصير الضحية بعد ذلك .
4- السرقات العلنية بالإكراه ، كواقعة ذلك المجرم الذي نهب كل نقود الذين يركبون ميكروباص .
5- اختطاف الأطفال ، وقتلهم ، وبيع قلوبهم ، وكلاهم .
6- التزييف والتزوير في الأوراق الرسمية كما فعل أحد المأذونين مع 400 شاب وفتاة .
7- انتشار المخدرات ، ورواج تجارتها بالأطنان .
8- فقد الأمن تماما في المدن المتطرفة مثل مدينة السادس من أكتوبر .
9- الاستهانة بقواعد المرور ، وكلنا قرأنا عن حادث المقطورة التى انفصلت عن قاطرتها ، في الطريق الدائري ، مما ترتب عليه استشهاد أستاذ جامعي وزوجته وأولاده جميعا .
10- خطف المواليد من المستشفيات وبيعهم لمن يحتاج من النساء .
11- انتحار آباء وأمهات لضيق ذات اليد والعجز المطبق عن الإنفاق .
وهناك ما أستحي من إيراده . ولكن تبقى دلالات هذا السقوط الأمني وأهمها :
ــ تفرغ قوات الأمن لحماية النظام ، ومجابهة أصحاب المبادئ ، وكل من يعارض
الحكومة ، وأشهرهم ما يطلق عليه " الجماعة المحظورة " . فالمهم المحافظة
على العرش وصاحب العرش .
ــ سوء الحالة الاقتصادية ، واحتراق أعصاب الناس في طلب لقمة العيش حتى لو
كانت مغموسة في الهوان .
ــ اختلال النظام الحاكم في سياسته ، واستهانته بالشعب ، حتى إن أحمد نظيف
صرح ذات مرة بأن شعبنا غير جدير بالديمقراطية . وكذلك تحكم الهبارين
الهباشين في تسيير دفة الحكم ، وهذا الاختلال ينعكس بصورة طبيعية على
طبيعة الجماهير ، ودفعها إلى التصرف المجانب للعقلانية .
ومن عجب أن نقرأ في الأهرام " السبت 15 / 8 / 2009 " العنوان التالي :
هل تؤدي وزارة الداخلية دورها الحقيقي ؟
كيف نقل العادلي عمل وزارته من الفكر الأمني للعمل في كافة الاتجاهات .
ونسي هؤلاء أن وزارة الداخلية أصبحت هي كل شيء في مصر ، وأن الأحكام القضائية لا قيمة لها أمام قرارات الوزير الهمام .
ونقرأ للصحفي الأمني المعروف أحمد موسى كلمات لا تحمل ذرة من الصدق فيقول " ... فالمواطن المصري بدأ يستوعب مصالح وطنه ، ومن هم أصحاب الإثارة والتهييج ، والذين انكشفوا أمام الراي العام ، وذكاء وفطنة المواطن أسقطت الأقنعة الزائفة ، فأصبح هناك وعي كامل ، وهذا أحد نجاحات الدولة في إيجاد وتوفير مناخ الحرية والتعبير دون كبت وقهر كما كان يحدث من قبل ... "
ثم يعرج على " الجماعة المحظورة " ويلصق بأعضائها كل نقيصة ونقرأ له العنوان التالي " خدعوا عبد الناصر وخانوا السادات ، ويروجون للشائعات الآن... يستحلون كيل الاتهامات للدولة ... ويتباكون عندما توجه لهم جهات التحقيق اتهامات رسمية ... "
وأقول : يا أحمد موسى اتق الله ، " إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ " البروج (12) .
واذكر قوله تعالى " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) " الفرقان من 27 الى 29 .
**********
مؤتمر دول عدم الانحياز
كنت أتمنى أن أرى واحدا من الذين يعيشون في تكية الصحف الحكومية يكتب كلمة حق عن هذا المؤتمر الذي كلف مصر عشرات الملايين : فهو مؤتمر لملوك ورؤساء ، ومؤتمر أخر ترأسته السيدة زوجة رئيس الجمهورية من السيدات الأوليات في العالم ، أي زوجات الملوك والرؤساء . زيادة على ألف صحفي ومندوب لوكالات الأنباء .
ونقول كيف خفي عن المسئولين أن طبيعة الزمن لم تعد تحتمل مثل هذا الاتجاه ، ونحن نعيش ــ وكذلك أغلب من حضروا من الملوك والرؤساء ــ عصر الأمركة ، أي التحكم الأمريكي ، وتحكم توابعه من الصهاينة . وأغلب هؤلاء يسعون وراء " الرضاء الأمريكي " .
والخلاصة أن اتجاه عدم الانحياز لم يعد له مجال في الوقت الحاضر ، أمام مواضعات سياسية عالمية لا ينكرها أحد . ورحم الله الملايين التى أنفقت من مال شعبنا المطحون .
**********
نحن وأبو العلا ماضي
أوردت جريده الشروق في عددها الصادر يوم الثلاثاء 482009 كلاما صدر علي لسان المهندس أبو العلا ماضي عندما سألته لجنة شؤون الأحزاب . (وهي غير شرعيه أصلا ، وتضم صفوت الشريف ومفيد شهاب وحبيب العادلي) ... عندما سئل عن علاقته بالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح قال إن علاقته بـ أبو الفتوح علاقة إنسانيه وتاريخيه ولكنني اختلف معه جذريا علي المستوي السياسي ، ومنبع هذا الخلاف هو انتماء أبو الفتوح لجماعه الإخوان المسلمين وهي تعوق التطور الديمقراطي في مصر وتعمل خارج الإطار القانوني .
**********
وأقول للأخ أبو العلا : للأسف أرى وصفك الجامع المانع هو أنك " رجل يدري ، ويدري أنه يدري " . أي أنك تعرف الحقيقة ، وأنت على وعي ها فما في الساحة من يتبنون الديمقراطية الحقيقية قولا وعملا وسلوكاونظاماإلا الإخوان . ورحم الله الشاعر الذي قال :
تعالي الله ياسلم بن عمرو = أذل الحرص أعناق الرجال
ووأدعو الله ـ ياأبا العلا ـ أن ينير بصرك وبصيرتك .
وكتب محرر موقع "أمل الأمة" :
أنا بدوري اسأل المهندس أبو العلا ماضي بعض الأسئلة
هل النظام المصري هو الذي يعمل علي التطور الديمقراطي ؟
هل الثلاثون عاما التي قضيتها في الإخوان قياديا لم تعلمك أن الإخوان يعملون خارج القانون ؟
هل جماعة بحجم الإخوان لها إسهاماتها في كل مجالات الحياة السياسيه و الاقتصادية و الاجتماعية هي فعلا جماعه خارجة عن القانون ؟
أم أن المصلحة الشخصية أهم من القيم والمبادئ ؟
**********
وأقول : إن الكذب على الله ، وعلى الناس وعلى النفس مذمة خبـيثة ، وكان يتورع عنها كرام الجاهليين أنفسهم ، ومن هؤلاء أبو سفيان الذي يروي ما حدث بينه وبين هرقل الروم " .... كان أول ما سألني عنه أن قال : كيف نسب محمد فيكم ؟ قلت : هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله ؟ قلت: لا . قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا. قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ قلت: بل ضعفاؤهم . قال: أيزيدون أم ينقصون ؟ قلت: بل يزيدون . قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ قلت: لا . قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت لا . قال: فهل يغدر ؟ قلت: لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها قال .... " .
وهذا المثل التاريخي ، وما يحمله من دلالات لا يحتاج إلى شرح يا أخ " أبو العلا ماضي ". ومرة أخرى أدعو الله أن ينير بصرك وبصيرتك.