صحف تأكل من أكتافها
مقالات ساخرة
وأخرى تأكل من طبق السلطان
وليد رباح
ارسل لي احدهم رسالة تقول : يغشنا اصحاب الجرائد التي تصدر في امريكا عندما يعلنون ان جرائدهم حرة ولا تتقاضى مساعدات من بعض الدول واهمها اجهزة المخابرات العربية .. هذا مع العلم بان جرائدكم توزع مجانا .. فمن اين تأكلون ايها الرفاق المحترمون .
***
جواب : اعجبتني كلمة (رفاق) فهي تدل على انك حزبي عتيق .. ومن دلني على ( عتقك) ان هذه الكلمة قد الغيت من قاموس الاحزاب منذ توفي الاتحاد السوفيتي .. كما تدل على بعض الاحزاب العربية التي تختار لنفسها اسماء مجانية .. ومن جاء الى امريكا مهاجرا او حتى زائرا فانه يستبدل كلمة رفيق باخرى ربما كانت افضل وقعا على الاذن من كلمة رفيق .. كأن يقول مثلا ( شهيق ) أو (صفيق) او غير ذلك .
وطالما انك حزبي عتيق فانك بالتأكيد تعرف من اين تؤكل الكتف .. وطالما انك تعرف من اين تؤكل فاني اقول لك ان كتف ( الصحافة) هو اجود انواع اللحوم .. فتعال معي في رحلة قصيرة لاقول لك من اين نأكل يا ( رفيق )
اولا : ساجيبك على سؤالك في مرحلتين .. الاولى هزلية والثانية جد لا هزل .. ولنبدأ بالهزل اولا لكي نروح عنك فتنسى همومك الحزبيه ..
(التمويل) يا رفيق ينبع من كلمة تحويل .. وحتما فانت تعرف معنى التحويل .. فهناك صحف يأتيها رزقها من الغيوم فلا تعرف مصدر المطر . وانما يظهر ذلك من خلال كتابات تلك الصحف .. فان مدحت فذلك يعني انها امطرت .. وان شتمت فذلك يعني ايضا انها امطرت .. ولكن هناك فرق واضح بان تمطر ماء او تمطر ( زفتا) فكلاهما مطر .. ولكن الاول يعني النقود .. والثاني يعني اضطهادا يقع على رأس الكاتب .
وكما اعطيناك وصفا للمطر .. فانا سنعطيك ايضا وصفا للصحافي الذي يطبق الحديث الشريف الذي يقول ( ان الله يحب ان يرى اثر نعمته على عبده ) فهناك صحافي (يمتطي) سيارة ان بنشرت فلا يجد في جيبه ما يمكن ان يصلح بنشرها .. لماذا ؟ لانه ببساطة لا يمتلك مبلغ الدولارات الخمسة لكي يصلح ما اصابها من عطب .. وهناك صحافي آخر ( يبنشر) سيارته عمدا او قصدا لكي يبعزق النقود ..
ومثال آخر يمكن ان تحكم به على الصحيفة .. ان كانت تابعة لجهاز مخابرات ام لم تكن تابعه .. فهناك صحافي يلبس افخر الثياب ويستـاجر عاملا لكي ينفض الغبار عن ملابسه كلما سار خطوتين في الشارع .. وهناك صحافي تجده زبونا دائما لمحلات بيع الملابس القديمة يفتش عن قميص او بدلة عتيقة لكي يلبسها عندما يدعى الى حفل عرس او ندوة ثقافية .
ومثال ثالث : بالقدر الذي ترى فيه تفاهة الصحيفة عند قراءتها بالقدر الذي تحكم فيه على الصحافي صاحبها ان كان ( يقبض) او لا يقبض .. فمن المعروف ان المخابرات العربية او حتى الاجنبية لا تجند الصحافي الذي يمتلك الخبرة الصحافيه .. بل يختارون الصحف التي لا يقرأها الناس لسببين :
الاول : ان الذين يوزعون النقود هم انفسهم لصوص .. انهم يدفعون لصاحب الصحيفة دولارا ويسجلونه عشره .. وهم بذلك يسرقون تسعه ..
والثاني : لان ثقافتهم هابطه .. ولا يستطيعون تمييز الغث من السمين .. فانهم يختارون الصحف التافهة لانهم يفهمونها .. اما الصحف التي تكتب الجد فلا يقتربون منها لانها ببساطه فوق مستواهم العقلي ويظنونها مهترئه ..
ومثال رابع : هنا صحف تصدر خارج امريكا منذ ما ينوف على عشرين سنه .. وليس فيها من الاعلانات سوى واحدا او اقل من ذلك ( اعني صفرا ) ومع كل ذلك فان فيها جيشا من الموظفين يتجاوزون الارقام الفلكية ويقبضون رواتبهم بالكامل .. ومصاريفهم الشهرية تشبع مخيما من مخيمات البؤس في الوطن .. ومع كل ذلك تظل الصحيفة تصدر ولا تتعرض لازمات ماليه .. فماذا تقول في ذلك ؟
ومثال خامس : صحف تهاجم دينا معينا وتمدح دينا آخر .. وقد خرجت الينا في امريكا بعض الصحف تتجه الى هذا المنحى .. ولم يحدث في التاريخ الانساني حتى ايام محاكم التفتيش في اسبانيا ان هوجم دين بكل ما يحتويه .. فانت تستطيع ان تهاجم المسلمين مثلا ولا تهاجم الاسلام .. وان تهاجم المسيحيين ولكنك لا تستطيع مهاجمة المسيحيه .. او تشن هجوما مركزا على اليهود ولكنك لا تقدر مهاجمة اليهودية .. اضف الى ذلك البوذية والكنفوشيوسية والسيخية والبرهمية وما لف لفها .. فان فتشت من وراء الصحيفة فانك تجد الموساد او المخابرات المركزية او اية مخابرات اخرى .. او مؤسسة دينية تعادي الدين الذي يشتم (بضم الياء) او انك تجد صاحبها جاهل لا يفرق بين الاسلام والمسلمين .. ولا بين المسيحية والمسيحيين .. ولا يفرق ايضا بين اليهود واليهودية .
ومن هنا يا رفيق فان الكتف تؤكل من حيث ينتهي اكل الاطراف ، ونعني بالاطراف الايدي والارجل .. هذا ما لزم عرفناكم به والسلام .. واستغفر الله لي ولكم وللقابضين اجمعين .
أما ما هو جاد فاننا نقول لك بان الصحف العربية التي تصدر في امريكا خاصة ليست كلها نظيفه .. فبعض الحق الى جانبك .. ولكن هذا لا يعني ان كل تلك الصحف تبيع اقلامها ..
تستطيع ان تطلع على الصحيفة العربية .. وبقليل من الذكاء تحكم ان كانت تغطي مصاريفها او لا .. فبيع الصحيفة او توزيعها مجانا ليس هو المقياس لكي تعرف من اين يأكل الصحافيون .. فكلنا يعرف ان الصحف العربية في امريكا في مجملها مجانية .. ذلك ان الجالية العربية لا تقرأ .. وان قرأت فانها تقرأ المجاني .. بدليل ان الصحف اليومية الكبيرة التي تأتي الى امريكا لا توزع في امريكا اكثر من توزيع صحيفة بدائية مجانية .. وهذا يدل دلالة واضحة ايضا على ان الصحيفة المجانية لا تقرأ كاملة .. بل تقرأ فيها بعض الموضوعات ثم تلقى في الزبالة ومن يدعي بان صحيفته هي اوسع ( الصحف العربية انتشارا في امريكا ) فانه يكذب على نفسه وعلى القراء .
انتق اي صحيفة عربية من الصحف المجانية في امريكا فستجد على غلافها كلمة ( اوسع الصحف العربية انتشارا ) في وقت يعرف صاحب الصحيفة ان صحيفته لا توزع الا في الشارع الذي يقيم فيه ، وان وزعت فانها لا تقرأ ، واقول الشارع الذي يقيم فيه لان هذه الصحف ليس لها مكاتب .. بل تسرق موضوعاتها عن الانترنت وتطبع وتخرج وتوزع من البيوت .. وهي حالة لتوفير النفقات وكلما كتب الصحافي على غلاف صحيفته انها اجود الصحف واحسنها واكثرها توزيعا فان ذلك يعني انها صحيفة لا توزع الا على مستوى ضيق جدا .. اكثر من ذلك كلما كتب الصحافي (تعريفا في صحيفته ) عمن يعملون بها كمستشارين ومحررين وكتابا وفنانين و .. دجالين فيجب عليك ان تعرف انها من الصحف التي تسرق موادها من صحف اخرى ،، لان الصحف العربية في امريكا ( ون مان شو ) بشخص صاحبها او (رئيس تحريرها ) هذا ان جازت التسميه .. واني لاعرف بعض الصحف لا يفقه اصحابها كتابة اسمائهم .. ومع هذا فانهم يزاحمون الصحف الرزينة حين يتمسحون على ابواب المعلنين لكي يحصلوا على صفحة اعلانية ثمنها مائة وخمسون دولارا بالكاد تغطي مصاريفها .
بكلمة بسيطه يمكن ان تعد الاعلانات المنشورة في الصحيفة وتقدر كم تدر من النقود على صاحب الصحيفة او الناشر ( هذا ان لم يكن رئيس التحرير او الناشر يضع اعلانات غير مدفوعه في صحيفته حتى يصطاد معلنين يدفعون .. كما تفعل بعض الصحف الهزيلة ) فاذا كان الدخل الفين من الدولارات مثلا للعدد الواحد فذلك يعني ان صاحبها يطبع الفان من النسخ .. ولن تصدقه اذا ما قال لك انها تطبع خمسين الفا او مائة الف كما يدعي .. فالمكتوب يقرأ من عنوانه .. وطباعة الالفين يمكن ان تستهلك الفا ويبقى في جيبه الفا آخر يدخرها لعوادي الزمن والفياجرا وفواتير وغيرها .
ايها الرفيق : اذا كنت سألت ذلك السؤال لكي تعرف مصدر اكلنا فقد اجبتك .. اما ان كنت تنوي ان تأخذ معلومات من اجل اصدار جريدة فنحن نهنؤك .. فلتنضم الى قافلة الجوعى والشحاذين .. فان العدد في ازدياد والحمد لله .. والسلام عليكم .