عارٌ أن نلدغ من جحر واحد مرتين
أحمد الجمال الحموي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين) فهل نكون مؤمنين حقاً إذا لدغنا من جحر مرات وليس مرتين فحسب .
ألا ينبغي أن نسأل أنفسنا لماذا لدغنا من جحر الباطنية وعلى رأسها الروافض المجوس والنصيريون لدغات كثيرة ,وكانت سموم كل لدغة كافية لتسميم جسدنا كله والقضاء علينا لولا أن الله تعالى أراد أن تكون أمتنا أبقى من الكيد ,وأن تكون عصية على الإستئصال .
بدأت أفاعي الباطنيين باللدغات المميتة منذ قرون الخير الأولى ,وقد استطاع هؤلاء الاعداء الخبثاء أن يقيموا دولة في اليمن في وقت مبكر ,ثم أقام الباطنيون دولة في المغرب بلغ من خطرها أنها تمكنت أن تزحف إلى مصر بكل وزن مصر وثقلها ,وانطلاقاً من الخداع الذي برع فيه الباطنيون سموا دولتهم (الدولة الفاطمية) نسبة إلى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها, ومعلوم أن فاطمة بريئة منهم ,وعلى الرغم من الأثر السيء والأفعال التي قاموا بها ,إلا أنهم لم يستطيعوا إخراج الناس عن دينهم ولم يقدروا أن يغرقوهم في مستنقع الردة والكفر .
وسأشير إلى بعض خيانات الباطنيين وتآمرهم من غير توسع ومن غير استقصاء وذلك لأن جرائمهم ومخازيهم لا يكفي للإحاطة بها مجلد واحد بل تحتاج الى مجلدات .
من الأمور المعروفة ما لبيت الله الحرام من قداسة وما للكعبة المشرفة عند المسلمين من مكانة ,بل إن الجاهليين كانوا يعظمون البيت ويعرفون أن من دخله فهو آمن ,إلا أن القرامطة في غفلة من حكامنا هاجموا حجاج بيت الله الحرام سنة 294هـ وقتلوا منهم في الحرم ثلاثين ألفا ورموا كثيراً من الجثث في بئر زمزم مع الإعلان بالكفر والسخرية من القرآن العظيم في ذلك المكان ,دون مراعاة لحرمة البيت أو حرمة الحجيج , ثم سرق القرامطة الحجر الأسود ونقلوه إلى البحرين ,وبقي عندهم عشرين عاماً حتى أرجعه أحد خلفاء بني العباس بمال كثير دفعه إلى هؤلاء الباطنيين الكفرة .
كما حاربت فرقة الحشاشين الدولة الإسلامية وشغلتها ايما إشغال ,واعتدوا على المسلمين مرات ومرات بلا سبب ودونما تحرش من المسلمين بهم .
وحسب الحشاشين خيانة أنهم حاولوا اغتيال البطل المظفر صلاح الدين الأيوبي أكثر من مرة لكن الله تعالى نجاه من غدرهم وخيانتهم .
أما سقوط بغداد فقد كان بتدبير الرافضيان محمد بن العلقمي ونصير الدين الطوسي ,فقد استطاع ابن العلقمي أن يزين للخليفة تسريح الجند مرة بعد مرة حتى إذا لم يبق إلا عدد قليل لا يكفي إلا لحراسة القصر ,اتفق مع صديقه نصير الدين الطوسي على إرسال كتاب إلى هولاكو فيه تشجيع له على مهاجمة بغداد ,لكن هولاكو لم يستجب لهذا الطلب خوفاً من الإقتراب من عاصمة الخلافة ,فاتفقا على إرسال رسالة أخرى إليه فيها شرح وتوضيح لما دبراه ,وتأكيد على أن جيش هولاكو لن يلقى مقاومة إذ لم يبق من جيش الخليفة إلا حراس القصور ,فتشجع هولاكو وجاء بجيشه الهمجي المتوحش وقضى على الخلافة الإسلامية ,وقتل الخليفة وحاشيته وآلافا من علماء المسلمين ,أما الذين قتلهم من أهل بغداد فإن أقل تقدير يقول : أنهم بلغوا المليون كما يذكر ابن كثير في تاريخه البداية والنهاية .
وثمة تقديرات تقول إن القتلى في بغداد وحدها مليونان ,هذا عدا عن تدمير الحضارة وسحقها .
أما كم قتلت جيوش هولاكو في زحفها نحو مصر مارة فيما وراء بغداد من العراق ثم في سورية وفلسطين,فهذا فوق التصور وربما بلغ القتلى الملايين ,فقد كان جنود هولاكو يتلذذون بقتل المسلمين ويعدون هذا متعة مسلية ,ولا داعي للحديث عن الخراب والدمار والسرقات والإغتصاب فهذه أمور تدمى لها القلوب وترق لها الصخوروهي اشهر من ان نتحدث عنها ,واستمر التتار في هذا النهج إلى أن نزلت بهم أول هزيمة في عين جالوت على يد جيش مصر ,ثم توالت هزائمهم ولله الفضل والمنة .
غير أن المصيبة التي لا تقل فداحة عما فعلته جيوش هولاكو هي أن يصف الخميني الباطني في كتابه الحكومة الإسلامية صفحة 118-119 هذا العدوان ,وما نتج عنه بأنه نصر حقيقي للإسلام والمسلمين .
ويقصد بالإسلام الكفر الذي أعمى قلبه ,ويقصد بالمسلمين أمثاله من الروافض الذين لا يدعون فرصة يمكن أن يتآمروا فيها على أمتنا إلا اقتنصوها .
وفي أوائل القرن السادس عشر الميلادي ظهر في إيران شخص يدعى إسماعيل الصفوي، عمل على تحويل إيران من الإسلام إلى الرفض بالقوة والسيف. وتُؤكد كتب التاريخ أنه قتل أكثر من مليون مسلم لتحيق هدفه. وكان من بين الشهداء أكثر من مئة ألف عالم جلّهم على مذهب الإمام الشافعي.وجاء بعده عباس الصفوي فسار على نهج إسماعيل وتتبّع خطاه في قتل المسلمين ومحاربة الإسلام.
وفي عهد هذين المجرمين توثّقت العلاقة بين إيران التي أصبحت صفويّة رافضية وبين الدوقيات االأوروبية. ومن مظاهر هذه العلاقة بين القطبين المعاديين للإسلام الزيارات المتتالية المتبادلة التي لم تنقطع، وكان الموضوع الرئيس في لقاءات الطرفين مواجهة الخطر المشترك ويقصدون به المسلمين. وكانا أول من ابتكرا هذا المصطلح. وقد أثمرت تلك الزيارات واللقاءات لمواجهة الخطر المشترك تنسيقاً وتعاوناً قويين، ومن ذلك مهاجمة الصفويين بغداد عدة مرات واستباحتها استباحة كاملة، وكانوا يفعلون هذا بطلب من أصدقائهم أمراء الدوقيات الأوروبية لاشغال الجيوش العثمانية المتوغلة في أوروبة وخاصة في البلقان تنشر عدالة الإسلام ورحمته وهدايته، فكان الزحف العثماني يتوقّف اثر كل هجوم صفوي على بغداد لاضطرار قسم كبير من الجيوش العثمانية إلى الانسحاب من أوروبة والعودة للدفاع من بغداد وتحريرها من خنازير الصفويين المتآمرين مع الأوروبيين. حتى لقد قال بعض مؤرخي الغرب المُنصفين إنه لولا الصفويون وتآمرهم لكانت أوروبة اليوم قارة مسلمة.
وتذكر كتب التاريخ أيضاً أن الصفويين هم الذين حرّضوا البرتغاليين على احتلال دولة عمان وقدّموا لهم الخبرة والمساعدة ولولا الصفويون لما استطاع البرتقاليون أن يحتلّوا عمان.
وننتقل إلى العقود الأخيرة متابعين مسلسل عداوة الرافضة وتآمرهم على أمتنا. فمن حلقات هذا المسلسل ذلك الأمر الذي أصبح أشهر من نار على علم. كيف لا وقد صرّح به قادة إيران دونما حياء وهو أنه لولاهم لما استطاعت الولايات المتحدة احتلال أفغانستان والقضاء على حكم طالبان (السنّي) الذي يرى الروافض أنه يشكل خطراً عليهم.
ومن حلقات مسلسل التآمر والعداوة ما صرّح به قادة إيران أيضاً بوقاحة مقرفة يمنون بذلك على الولايات المتحدة بأنه لولا مساعدتهم للولايات المتحدة وأعوانها وخيانة بعض روافض العراق لما تمكنت الولايات المتحدة أن تحتل العراق وتقضي على حكم صدّام حسين – رحمه الله تعالى – ذلك الرجل الذي كان يشكّل تهديداً حقيقياً للصهاينة، كما كان سدّاً في طريق دولة المجوس يمنعها من الانسياح في بلادنا العربية ومن تلويثها بالضلال والفتن كما نرى الآن. وعلينا هنا ألا ننسى فتاوى المرجع الكبير السيتاني التي أعلن فيها حرمة مقاومة المحتلّين فخضع لها الشيعة خضوعاً كاملاً. وبالتآمر على طالبان في أفغانستان وعلى العراق تخلّصت إيران من حكم سنّي في أفغانستان يقع على حدودها من جهة، ومن حكم سنّي في العراق يقع على حدودها من جهة أخرى، وبهذا أصبح الطريق أمام إيران سالكاً تنشر الدماء وتزرع الفساد وتحقّق للمجوس إقامة الهلال الرافضي من إيران إلى لبنان.
إن سقوط بغداد عام 2003 هو المرة الثانية التي يساهم فيها الروافض بسقوط هذه الدولة العظيمة منتقمين من أحفاد من حطّموا عرش كسرى وأطفؤوا نار المجوس.
ولا يزال الحقد في صدورهم متأججاً على الإسلام وأهله، فها هي إيران مستميتة في تأييد مندوبها الساميّ بشار عدو سوريا ومدمّرها، حيث يتدفق السلاح والمال والجنود عليه لئلا يقتلع الشعب السوري هذا المحتلّ الذي يتربع على عرش سورية زاعماً أنه رئيسها. وقد أصدرت المرجعيات أوامرها للروافض بالزحف نحو الشام فجاءت جحافلهم من كل حدب وصوب ترتكب جميع الموبقات لتبقى سورية مجالاً لمصالحهم وطريقاً لإمداد حزب الشيطان ورديفاً للحكم الرافضي في العراق.
ومن المفارقات التي تستدعي الانتباه هذا التعاون بين الروافض والنصيريين مع أن كتب الروافض تنصّ صراحة على تكفير النصريين وتقول بأنهم نجسون نجاسة حقيقية لا معنويّة. وعلى كل حال فإن الطائفتين من فرق الشيعة الباطنية على الرغم مما بينهما.
ولم يعد خافياً على أحد ما تفعله إيران في اليمن والمنطقة الشرقيّة من السعودية والبحرين والعراق وسورية ولبنان من فتنن تزلزل هذه الدول وتهزّها هزّاً.
ونأتي للحديث الموجز عن خيانات النصريين وعداوتهم لأمتنا الإسلاميّة، فقد قاموا مرات بالهجوم على بعض المدن الإسلامية وقتلوا ونُهبوا، وكانوا يفعلون هذا كلما سنحت الفرصة. ويذكر ابن كثير في تاريخه أنهم هاجموا مدينة جبلة سنة 717هجريه وقتلوا من أهلها ما لا يحصى وسرقوا واغتصبوا. وهذه واحدة من مخازيهم ليس غير.
ومن المعلوم أن النصريين ساعدوا جيوش الصليبيين لذا استطاع الصليبيون أن يحتلّوا السواحل وعجزوا عن التوغلّ في الداخل لعدم وجود الخونة أمثال النصيريين ولمقاومة أهل الداخل لجحافل الغزاة المعتدين.
ومن خيانات النصيريين وعداوتهم للمسلمين اشغالهم الدولة العثمانية بحروب ومناوشات لم يبلغوا فيها ما يريدون ولما تصدّى لهم العثمانيون ازداد انكفاؤهم إلى جبال الساحل السوري المنيعة هرباً من ملاحقة العثمانيين الذين أرادوا وضع حد لتآمرهم وكيدهم.
وقد تابع النصيريون محاربة الدولة العثمانية حتى بعد اسقاطها على يد عميل الغرب أتاتورك بإعلانهم. حرباُ فكرية على العثمانيين عملوا فيها على تشويه سمعتهم وتزييف تاريخهم ونظراً لشراسة الحملة فقد انخدع بهذا التشويه كثير من أبناء المسلمين وانطلى عليهم. ولم يكن غريباُ أن يهلل العلمانيون لهذه الحرب الظالمة وأن ينخرطوا فيها حتى أصبحت المعركة معركتهم، لكن الحقائق لا بد أن تظهر ويزول الزيف والتزوير ولو بعد حين.
وأشير هنا إلى أن أصل نشأة هذه الفرقة كان في العراق على يد مٌؤسسها محمد بن نصير المتوفى سنة 270 هـ ثم انتشر ضلالها وفسادها من هناك إلى بعض مناطق تركية وسورية. وبدلاً من أن يعيش النصيريون مع أهل البلاد بأدب الغريب الوافد فقد اضافو الى ضلالهم أنهم عاشوا متربّصين بالمسلمين في المناطق التي وفدوا إليها, بل وفي غيرها ينتظرون أية فرصة للغدر والإفساد. وعندما جاء المجرم الكبير حافظ الأسد عمل على توطين النصيرين في كثير من المدن السورية وفق خطة ماكرة ليكونوا أولاً عيوناً له، ورجال حكم في كل مكان يستوطنونه وجنودا لسارق سورية حافظ الأسد إذا ثار الشعب. وقد كان حافظ يوقن أن هذا الشعب العظيم لا بدّ أن يثور -وإن طال المدى- وعلى حكم الخيانة والكفر.
ولم يتوقف حافظ عن التآمر والكيد لأمتنا يوماً واحداً فقد دفع الجيش السوري الى لبنان للقضاء على المقاومة الفلسطينية لانها في نظره قوة سنية مسلحة تعيق تامره وكيده وان لم تكن شديدة التمسك بدينها وليتاح له بعد ذلك ان يجعل لبنان فريسة لحزب الشيطان وأتباعه من الروافض ويعلم العالم كله ماذا فعل الاسد وجيشه في لبنان من نهب وتدمير واغتيالات للقيادات السنية والمسيحية.
ثم سنحت له فرصة تاريخية ظاهرها مساعدة دول الخليج على تحرير الكويت ومن المحزن أن يكونوا قد صدقوا انه كان يعمل في خدمتهم وذلك عندما أرسل قطعات من الجيش السوري إلى حفر الباطن. بحجّة تحرير الكويت، وفي الحقيقة لم يكن للكويت عنده أدنى قيمة وإنما كان هدفه الحقيقي المساهمة في تدمير العراق والقضاء على الحكم السنّي في تلك الدولة وإزاحة صدام حسين رحمه الله تعالى الذي كان عقبة كئوداً في طريق التمدد الايراني وفاصلا بين إيران المجوسية وسورية المسلوبة المسروقة
ولا يجهل احد مافعله الاسد في سورية في الثمانينات وهل من الممكن نسيان تدمير حماة؟ وغيرها من المدن السورية.وهل هذا مما ينسى.
إن الكلام طويل وعندي الكثير لكن ما ذكرته يكفي العقلاء لكن لعله لا يكفي الحمير الذين لا يفهمون ولا يريدون أن يفهموا. والآن أما أن الأوان لأن نصحو ولأن نعلم أنهم أعداء ألدّاء؟!
وبعد هذه الجولة الخاطفة في الحديث عن بعض خيانات الباطنيين وغدرهم . نطرح السؤال الذي يجب أن يطرح وهو لماذا لدغنا الباطنييون أكثر من مرة وهم قلّة ؟ إذا ما قورنوا بالأمة العربية والإسلامية. والأنكى أنهم لا يزالون يصولون ويجولون ويغزوننا في عقر دارنا بوقاحة وسفالة.
إن أبرز الأسباب هي:
1. المنظومة الثقافية المشوّهة المحرّفة. فهي منظومة متكاملة فاسدة في مجالات شتى، من مجال التعليم بمستوياته ومجال الإعلام والتربية وغير ذلك.
2. الجهل بعقائد هذه الفرق وتاريخها ومواقفها من أمتنا.
3. ما نشره العلمانيون وبعض القوميين من أفكار تسعى إلى إزاحة الدين والغاء دوره في العلاقات الوطنية والاجتماعية.
4. كان للحكومات التي فرض المستعمر أكثرها دور كبير في تجهيل الأمة بحقيقة هذه الفرق وطمس مخازيها.
ويمكن ادخال بعض هذه الاسباب بعض ولعل الله تعالى ييسّر لي مقالة مستقلّة في أسباب ما أصابنا من هذه الفرق خاصة في العقود الأخيرة والحمدلله ربّ العالمين.
أحمد الجمال الحموي
نائب رئيس جمعية علماء حماة سابقا.
عضو مُؤسس في رابطة أدباء الشام.
عضو مُؤسس في رابطة العلماء السوريين.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.