علم وتعلّم أم وهم وتوهم
علم وتعلّم أم وهم وتوهم
ساند السلحوت
جامعة القدس
قال تعالى" قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون".
القارئ والمتمعن في تاريخ أمتنا الأدبي والفكري والمقارِن لهذا التاريخ مع الحاضر والمستقبل المنشود، لا يخفى عليه الوضع المتردي لحال الفكر والأدب والجهل الذي وصلنا إليه. هذا لو تجاهلنا تلك الأرقام والإحصائيات حول نسبة التعليم في فلسطين، وخاصة في المرحلة الجامعية والتي تكاد تكون نسباًَ مبشرة إن تم أخذها من باب الإحصائيات والأرقام المجردة.
ولكن من قاده حظه وقدّر له العمل في إحدى الجامعات ( عملاً أكاديمياً أو إدارياً)، ينظٌر إلى هذه النسب من باب النوع وليس الكم، كما ويقدر له التعامل مع هذه الفئة المفترض بها أن تكون طامحة للثقافة والعلم، فإنه سيصدم بهذا الواقع الأليم حيث تتنافر توقعاته مع حقائق وواقع الأمور. فيسأل سائل هل نعلّم أم نتوهم أننا نعلمّ، وهل الطالب يتعلّم أم يتوهم انه يتعلّم؟؟
فالمدرس المراقب لحال هذا الجيل المتقن ( في غالبيته) لفنون تحميل الأغاني، والدردشة على الانترنت، وما إلى غيرها من هذه الفنون المستوردة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، يحاول أن يطلب منهم إعداد بحث ذي فائدة علمية، أو حل وظيفية أكاديمية لتثري معرفتهم، أو حل سؤال يوسع مداركهم، تنهال عليه الحجج والشكاوى متذرعين بضيق الوقت و قهر الزمان. هذا إن لم يقوموا بنسخها حرفياً عن الانترنت.
أما إن عظم طموح هذا المدرس، وطلب من احد الطلبة عمل بحث مشترطاً الاستعانة بكتب من المكتبة، فستجده يسارع لنفض غبار ذاكرته بحثاً عن ذريعة لتأخير طلبه أو استبداله بآخر قبيل المسارعة لنفض غبار كتب تكدست وغاب عنها متصفحوها.
كل هذا ولا يخفى على احد المستوى الأخلاقي الذي وصلت إليه هذه الفئة، من محاولات التهديد والوعيد والمساومات للمدرسين على العلامات.
إن الإسهاب في هذا الموضوع يكشف حقائق ذات طابع مؤلم للغيورين على العملية التعليمية وما يحيط بها من فضائل مفترضة حيناً ومطبقةً حيناً آخر.
والسؤال هنا: على من تقع المسؤولية في كل هذا، أهي على مرحلة التعليم ما قبل الجامعي
( الأهل والمدرسة)، أم على الجامعات التي يفترض أن تعقد ورشات ودورات لتعريف الطلبة بالبيئة الجامعية وأخلاقيات العلم والتعامل؟
أترك هذا السؤال لصناع القرار في الجامعات ووزارة التربية والتعليم العالي ليكونوا دليلاً للحائرين ومنارة للسائلين، حتى لا نضيع بين ضلعي العلم والتعلم والوهم والتوهم والفارق بينهما ما زال يقترب.