صحافة الأطفال في الوطن العربي دراسة
صحافة الأطفال في الوطن العربي
دراسة
بقلم: أحمد حسن الخميسي
مقدمة
الأطفال رياحين الحاضر ونضارته، وجيل المستقبل وعدته، مما يحدونا للسعي الدؤوب لتربيتهم وتنشئتهم تنشئة تتفق مع مبادئ وقيم أمتنا الأصيلة، وإذا كان الأطفال يتلقون تربيتهم في الأسرة والمدرسة بوسائل متعددة ، فإن صحافة الأطفال تعد وسيلة مهمة في ذلك، إذ أنها تعد وسيطاً ثقافياً مناسباً ومحبباً للأطفال، لما تتضمنه من فنون جذابة ومشوقة ومفيدة، وهي رسالة من الكبار إلى الصغار، وقد تكون من الصغار إلى الصغار.
ونعني بصحافة الأطفال: المجلات والجرائد التي تخص الأطفال في الوطن العربي، وفي هذه الدراسة نسلط الضوء على هذه المجلات، وندرسها شكلاً ومضموناً ونناقش ما يجب أن تكون عليه، لتواكب العصر وتنهض بأطفالنا إلى المستوى الثقافي المطلوب، في زمن لم يعد فيه مكان لجاهل ولا لمتغافل. كما أننا نستعرض مراحل وتطور هذه الصِّحافة، ونقف عند الصادر منها حتى الآن ونتعرف على مالها من إيجابيات وما عليها من سلبيات، لا لنشهر بها، بل لنتعاون لنصل بها إلى الأفضل الذي يوافق طموحنا.
تاريخ مجلات الأطفال:
في الثلث الأول من القرن التاسع عشر، ظهرت بوادر مجلات الأطفال في العالم حيث صدرت أول صحيفة للأطفال في فرنسا عام /1830/ م، وتبعتها إصدارات أخرى في دول العالم، أما في الوطن العربي، فقد بدأت مجلات الأطفال في الصدور في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، حيث طبعت أول مجلة في مصر عام /1870/م وأصدرت جمعية التعاون الإسلامي مجلة "التلميذ" في العام نفسه.
وفي عام /1897/ صدرت "السمير الصغير" عن جمعية التأليف العلمية.
هذا في مصر، أما في باقي أقطار الوطن العربي، فقد كان لها بداية تمهيدية تمتد من عام /1922-1969/ م وتمثلت بالصحف المدرسية التي أصدرها بعض المربين وبعض الهيئات التربوية وبعض المدارس، لتكون أداة تكمل شيئاً من مناهج التعليم، وبقيت هذه التقليدية سارية في مجلات الأطفال، حتى دبت فيها الحيوية والنشاط، وبدأت تصدر مجلات فيها مميزات وخصائص صحافة الأطفال، التي تعنى بشؤون الثقافة عموماً دون أن تقتصر على جوانب معينة مفيدة في المقرر المدرسي، خرجت على النطاق المدرسي إلى الطابع التجاري بعض المجلات مثل مجلة "الأولاد" المصورة التي أصدرتها دار اللطائف عام1923 ورأس تحريرها "اسكندر مكاريوس" الذي قال في أول عدد لها:
"صدرت خصيصاً وإكراماً لأحبائنا الأعزاء الأولاد ما بين /6-13/سنة وهي أدبية فكاهية مسلية، مفرحة، مضحكة وصدرت المجلة أسبوعية، وكانت قليلة الصفحات ولم تستخدم الألوان(1) ".
وبقي التحسن يسير بطيئاً إلى أن جاءت الستينيات، فصدرت مجلة "سمير" في عام /1956/ م التي لا تزال حتى الآن عن دار الهلال في القاهرة، ثم صدرت "ميكي" عن دار الهلال في مصر العربية عام 1961م وهي باسمها ومعظم موضوعاتها نسخة عربية من سلسة مجلات "ميكي" الأمريكية لمؤسسها (والت ديزني).
وصدرت مجلة "العصافير" في الكويت وقد كتب على الغلاف "قد أخذت عن ميكي الأمريكية" (2)
وأصدرت مجلة "العربي" الشهيرة ملحقاً مجانياً لها سمي "العربي الصغير" عام/1959/م أما في المملكة العربية السعودية فقد أصدر الشاعر الأستاذ "طاهر الزمخشري عام 1379هـ مجلة (الروضة) وهي أول مجلة ثقافية تصدر للأطفال في المملكة صدر منها /27/ عدداً في سبعة أشهر وتوقفت في نفس العام ثم صدر في 20/4/1977م مجلة "حسن" التي تخاطب الأطفال من سن السادسة حتى سن الخامسة عشرة، ثم تتالى صدور غيرها من المجلات التي سيرد ذكرها(3).
أما في العراق: فبعد عام 1922 م بدأت تصدر مجلات مدرسية مثل "التلميذ العراقي" و"مجلة المدرسة " ومجلة "صندوق الدنيا" و "دنيا الأطفال" واستمرت هذه الفترة إلى /1969م/ تاريخ صدور "مجلتي" وبعدها "المزمار"(4) و الأمر في سوريا يشبه الرحلة في العراق إذ أن مجلات أطفال مدرسية حررت هنا وهناك في سوريا، منها قد صدر وتوقف مثل "تعال نقرأ" التي أصدرها نزار نجار وصحيفة "رافع" في دمشق ولكنها توقفت بعد فترة من صدورها. وجاء مطلع 1969 فصدر العدد الأول من "مجلة أسامة" عن وزارة الثقافة السورية، وبصدورها ولد أدب جديد للأطفال في سوريا، ورأسها زكريا تامر ثم عادل أبو شنب وبعدهما دلال حاتم التي لا تزال حتى الآن تشرف على تحريرها(5)
لقد كانت المجلات الطفلية قبل الستينيات لا تناسب سن الأطفال كما أن طباعتها رديئة والصور فيها لم تكن ملونة وقد تكون غير مناسبة للموضوع الذي رسمت إلى جانبه أما بعد هذه الفترة فقد تحسنت صحافة الأطفال تحسناً ملحوظاً وتزايد صدورها حتى غدا في كل قطر من الأقطار العربية بضع مجلات:
ففي سوريا: أسامة، والطليعي.
وفي مصر: سمير، علاء الدين، ميكي، صندوق الدنيا، الفردوس...
وفي السعودية:" حسن، باسم، الشبل، الرواد، سنان، فراس.
وفي الكويت: العربي الصغير، سعد، سدرة، سلام، براعم الإيمان.
وفي الإمارات: ماجد.
وفي العراق: المزمار، مجلتي، علاء الدين، المسيرة.
وفي الأردن: فراس، وسام، براعم عمان.
وفي لبنان: أحمد، سامر، بساط الريح، سندباد.
وفي تونس: عرفان والشيماء .
وفي المغرب: زهور .
وفي ليبيا: الأمل.
وفي الجزائر: جريدتي، امقيدش.
وفي السودان: الصبيان ومريود(6)
ومعظم هذه المجلات تصدرها جهات حكومية، وبالإضافة لما ذكرناه فإن بعض المجلات الشهيرة والصحف اليومية خصصت صفحات للأطفال ففي "المجلة العربية" السعودية الشهيرة "الأذكياء الصغار" وفي مجلة "اليمامة" السعودية خصصت صفحتين للأطفال ابتداءً من عددها رقم /464/ باسم أطفال اليمامة أما الصحف اليومية فقد أصدرت كل من: صحيفة البعث والثورة وتشرين صفحة للطفولة لكنها تتوقف أحياناً.
الشكل والمضمون في مجلات الأطفال:
لم تكن مجلات الأطفال في بدايتها ملونة، كانت الصور فيها قليلة ولكنها في العقود الأخيرة بدأت تهتم بالصور الملونة حتى غدت صحف الأطفال اليوم ملونة ومزينة بالصور الجذابة والمشوّقة مع اختلاف في الإخراج والإعداد، فحيث نجد مجلة "سمير" القديمة نسبياً لا تهتم كثيراً بالألوان والإخراج الفني، نجد "العربي الصغير" و "ماجد" و"فراس" و "الرواد" و "سلام" وغيرها، تصدر جميلة وزاهية.
ولكل مجلة اسم تعرف به يزين غلافها، ولئن كان الاسم قديماً يرتبط بالمدرسة والتلميذ كالأسماء التي ذكرت سابقاً فإنها اليوم شاملة، فقد سميت مجلات الأطفال اليوم بأسماء أعلام أو أطفال أو صفة لهم أو اسم زهرة أو حلم من الأحلام أو لعبة من الألعاب تشد الأطفال وتغريهم بما فيها، وأحياناً يكون الاسم مباشراً مثل: طفولة أو في رحاب الطفولة أو الأذكياء الصغار.
أما حجم المجلات فهو متوسط ومقبول بقياس 27×21 وتتفاوت بين زيادة أو نقصان سنتيمتر واحد عن هذا القياس ماعدا مجلة المزمار فإنها بقياس 32×25 مما جعلها لاتتناسب وأيدي الصغار وعدد صفحات المجلات يتراوح بين 20و75 صفحة (فمجلتي) العراقية 20صفحة ومجلة (العربي الصغير) الحالية حوالي75صفحة.
وفي معظم هذه المجلات زوايا متشابهة، وكل زاوية لها صورها وأشكالها وترتيبها وهذه المجلات تصدر إما عن وزارة الثقافة، أو عن مؤسسة للطباعة، أو عن هيئة أو منظمة، أو عن أفراد، فعلى سبيل المثال وليس الحصر مجلة (أسامة) تصدرها وزارة الثقافة السورية، ومجلة (وسام) تصدرها وزارة الثقافة الأردنية، ومجلة علاء الدين تصدرها مؤسسة الأهرام للطباعة والنشر، ومجلة (سمير) تصدرها دار الهلال المصرية، ومجلة (الفردوس) تصدرها مجلة المنبر الإسلامي المصرية، ومجلة (الطليعي) تصدرها منظمة طلائع البعث في سورية، ومجلة (الأشبال) تصدرها منظمة التحرير الفلسطينية (فتح) ومجلة (المختار للصغار) يصدرها المجلس العربي للطفولة والتنمية، ومجلة (سنان) السعودية يصدرها الدكتور مالك إبراهيم الأحمد، ومجلة (الرواد) تصدرها مدارس الرواد في الرياض، ومجلة (فراس) السعودية تصدرها مؤسسة (آلاء).. وهكذا..
ويلاحظ أن هذه المجلات تصدر وفق مفهومين:
1-صحف ذات مفهوم عام كالصحف العامة الجامعة.
2-صحف خاصة ذات مفهوم خاص تصدر تبعاً لظروف معينة أو اتجاهات خاصة، منها صحف المنظمات وصحف المدارس والصحف الدينية.
كما يلاحظ أن رئاسة التحرر في معظم هذه المجلات، أو كلت إلى مربيات من السيدات المختصات في التربية وأدب الأطفال، لأن المرأة كما يقولون أكثر فهماً وتفهماً للطفل ونفسيته، فمجلة (أسامة) رئيسة تحريرها الكاتبة المعروفة "دلال حاتم" التي كتبت للكبار والصغار وفازت بجائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في أدب الأطفال عام /1985/ م(7) ورئيس تحرير (سمير) السيدة "نتيله راشد" الملقبة بـ(ماما لبنى) وهي أمينة لجنة ثقافة الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة في جمهورية مصر العربية(8) ورئيسة مجلة "سدرة" الكويتية الأستاذة الدكتورة (كافية رمضان) ومعها هيئة استشارية من عشرة دكاترة مختصين(9). وأصبح بعض رئيسات التحرير أحياناً راويات للقصص في مجلاتهن مثل (ماما منال) و (ماما زاهية) في مجلة "سعد" الكويتية(10).
إن الأعمار التي يجب أن تتوجه إليها الصحافة تحدد فيما يلي:
-المرحلة الأولى: ما بين (3-6)سنوات
-المرحلة الثانية: ما بين (6-8)-
المرحلة الثالثة: مابين(8-12) سنة،
إضافة إلى ذلك الصحف الخاصة بالمراهقين مابين (12-18)سنة.
ومن خلال استقراء مجلات الأطفال في الوطن العربي، فإن معظمها يوجه إلى المرحلة المتوسطة، والمرحلة الأخيرة للطفولة، أما المرحلة الأولى المبكرة فلا توجد لها مجلة مستقلة، ولكن بعض المجلات خصصت للصغار جداً بعض صفحاتها مثل "أحمد" أفردت باباً أسمته "عصافير الجنة" فيه رسوم وتلوين وأناشيد قصيرة، وحكايات وشيء من العلوم، وكذلك مجلة "العربي الصغير" خصصت للصغار ثماني صفحات، مكتوبة بخط واضح وكبير ومشكول في أكثر الأحيان وتعوض الكلمة بصورة أو تقص الحكاية بمجموعة من الصور المعبرة.
إن معظم المجلات التي بين أيدي أطفالنا في الوطن العربي، لم يحدد على غلافها السنوات الطفلية الموجهة إليهم، بل تركت عامة، فمجلة "أسامة" كتب على غلافها: مجلة الطفل العربي، ومجلة "وسام" مصورة للأطفال والفتيان و "سعد" مجلة الجيل الجديد. و "سدرة" للأولاد والبنات، ومجلتا " فراس" و "الرواد" للفتيان والفتيات وقد تكون للصغار وللكبار معاً مثل "سمير" المصرية التي كتب على غلافها من سن /8-18/، لذلك نحن بحاجة إلى مجلات للمرحلة الأولى تعتمد على الصور والأشكال أكثر من اعتمادها على الكلمات التي إن وجدت فيجب أن تكون واضحة ومشكولة ومبسطة، حتى يقبل أطفالنا منذ نعومة أظفارهم على القراءة والمطالعة.
ولقد انتبه المشرفون على إصدار هذه المجلات في بعض الأقطار العربية إلى الفارق بين المراحل العمرية للأطفال، ففي سوريا صدرت مجلة "أسامة" للأطفال ما بين /6-8/ سنوات وأكملت دورها مجلة "الطليعي" التي وجهت إلى الأطفال ما بين /8-12/ سنة وكذلك في العراق. إذ وجهت "مجلتي" للمرحلة الثانية /6-8/ سنة ووجهت مجلة "المزمار" إلى المرحلة الثالثة /9-12/ سنة.
وإذا كانت صحافة الأطفال في بعض دول العالم تصدر متخصصة مثل: الصحف الإخبارية وصحف الأطفال الرياضية، وصحف المسلسلات المصورة، وصحف التسالي، وصحف علمية، وصحف للبنات خاصة إلى آخر ما هنالك من تخصصات تهم الطفل، فإن الصحافة الطفلية في الوطن العربي بشكل عام جامعة، تغطي كل هذه التقسيمات في كل عدد من أعدادها الصادرة(11) ولو قلبنا صفحاتها –بشكل عام- لوجدنا الزوايا والصفحات التالية:
افتتاحية –قصص وحكايات مصورة وغير مصورة –علوم مختارة واختراعات –استطلاعات ولقاءات –أناشيد وأشعار –أخبار عالمية ومحلية ورياضية –طرائف ونوادر –تسالي ورسوم –أسئلة وأجوبة –تراث وتاريخ –كمبيوتر... إلخ.
وهذه الزوايا يكتبها الكبار والصغار، وبعض الزوايا يشارك فيها الصغار وسنتحدث عن كل منها:
القصص والحكايات:
تكاد لا تخلو منها صحيفة، وهي تتصدر الصفحات الأولى وقد توزع هنا وهناك وهي قصص مصورة وغير مصورة، المصور منها فيه الصورة تختصر كثيراً من الكلام الوصفي، وتعتمد هذه القصص على الأسلوب الحواري، وكانت في البدايات تعتمد على ترجمة بعض المسلسلات المصورة، كطرزان وغيره من أبطال المغامرة، وقد تسيء أحياناً ولا تفيد، ولكنها في الوقت الحاضر أضحت قصصاً موجهة وهادفة تعمل على تربية الطفل على القيم النبيلة، وهي تجمع بين التسلية والفائدة، إذ يُشد الطفل إلى صورها الجذابة، وإلى الحوار الذي بين أشخاصها.
أما القصص غير المصورة، فهي أطول نفساً وأكبر حجماً، وكلماتها واضحة، وتكون من واقع الحياة، أو من موجودات الطبيعة وما فيها من مخلوقات أو مقتبسة من قصص التراث.
إن معظم الذين يكتبون القصة للأطفال مهتمون بأدب الأطفال، وقد يترجمون بعض القصص المفيدة والمناسبة للصغار.
وكثيراً ما يوفق القاص بقصته المقدمة، ولكن البعض الآخر تأتي قصته ذات موضوع لا يلائم الصغار، أو تأتي اللغة فوق مستوى المعجم اللغوي للأطفال وقد لا يوفق القاص في اختيار شخصياته من الحيوانات، أذكر على سبيل المثال قصة "مدرسة الدب" لـ"يوسف رعد" في مجلة سامر، يقول فيها: إن الدب صادق الببغاء ليفتحا مدرسة، كان فيها الدب "شيخاً للكتاب" يقوم بدور المعلم، وقد نجح في قصته التي تحض على العلم والتعليم، ولكن اختياره للدب ليمثل المعلم "شيخ الكتاب" فيه حط من قيمته وقيمة العلم، لأنه معروف عن الدب البلادة وقلة الحركة(12).
الأناشيد:
الأناشيد والقصائد الشعرية محببة لنفوس الأطفال، لما يجدون فيها من ألحان خفيفة حلوة، تحرك مشاعرهم وما فيها من معاني سامية، تربي أنفسهم كما أن المقطوعات الشعرية تقوي فصاحتهم، وتكسبهم ثروة لغوية جميلة وقوية، وهي من البحور الخفيفة المرقصة، إلا أن الأناشيد تماشت مع شعر التفعيلة، إذ إن العديد من مجلات الأطفال، بدأت تنشر الشعر الحر، الذي يقل عن إيقاع وحرارة وجرس الأناشيد الكلاسيكية العمودية، التي يرددها الصغار وهم يهزجون ويصفقون، وخاصة إذا كانت من البحور الخفيفة، ويحب الأطفال الأناشيد التي تحمل في أبياتها قصة. ومن الأفضل، أن نجمع بين النمطين حتى يطرب أطفالنا، ويعودوا على الشعر الحر الذي لا يخلو من صور جميلة مجنحة وعبارات موسيقية. والجميل في الأناشيد، ضبط كلماتها بالشكل إذ تدور موضوعات الأناشيد حول الأم والأسرة والوطن والطبيعة والواجبات وغيرها من الأمور التي تهم الطفل، وتثقفه وتُزين الأناشيد برسومات تعبر عن المحتوى.
العلوم:
العلوم ضرورية لحياة الإنسان حتى يتعامل مع نواميس الطبيعة وما فيها بوعي وتفهم ويعمل على تطوير أدواته بما يتفق والمفاهيم العلمية الحديثة والعلوم ضرورية للأطفال أيضاً، حتى نؤهلهم ليكونوا علماء مبتكرين، لذا حرصت الزوايا في صحافة الأطفال على تقديم العلوم المفيدة وعرض الطرق الحديثة للابتكار والاختراع، وهي تثقف الطفل عن طريق الأخبار العلمية المباشرة، بأسلوب سردي سهل مناسب كما فعلته مجلة سدرة في زاوية "عالم المعرفة" وزاوية "علوم ومعارف" في مجلة "سامر" أو طريق الموسوعات العلمية الميسرة كما في مجلة فراس، ومجلة الرواد، أو عن طريق دائرات المعارف كما في "العربي الصغير" ومجلة باسم السعودية في زاويتها لكل سؤال جواب.
وتوصل العلوم والمعارف أيضاً إلى الأطفال عن طريق الصور والحوار بين شخصين أو أكثر وهي مشوقة وسهلة.
وشجعت بعض المجلات الابتكار والاختراع بعرض بعض الآلات التي تتحدث عن نفسها كما عرضته "العربي الصغير" مثل السيارة أو التلسكوب أو التلفاز، كما أن بعضها في زاوية اصنع بنفسك إذ تعرض خطوات الاختراع وصنع المطلوب بعد إحضار الأدوات اللازمة، كما في مجلة فراس، في زاويةتعلمْ والعبْ).
وزاوية أخرى: كيف نعمل؟ "المنظار" وغيره. ولا يخفى فائدة هذه الزوايا ودورها في تنمية المواهب عند أبنائنا.
الثقافة الإسلامية في صحافة الأطفال:
يهتم العديد من هذه المجلات، بالثقافة الإسلامية المناسبة للناشئة، التي تربيهم على القيم السامية التي جاء بها الإسلام.
وثمة ملاحق لمجلات إسلامية مخصصة للأطفال فقد أصدرت مجلة "منبر الإسلام" المصرية ملحقاً بعنوان "الفردوس" وأصدرت مجلة الوعي الإسلامي الكويتية "براعم الإيمان" وأصدرت مجلة المختار الإسلامي "المصرية" ملحقاً بعنوان "زمزم" وكذلك فعلت مجلة الإرشاد اليمنية، وهذه الملاحق تتضمن ما يوجه الطفل إسلامياً، وقد صدرت مجلتين إسلاميتين رائدتين هما: "الرواد" عام 1996م ومجلة "سنان" عام 1417هـ التي أنشأها الدكتور مالك إبراهيم الأحمد(13). وسنقف عند كل واحدة منهما في صفحة قادمة.
لقد تباين تقديم الثقافة الإسلامية من مجلة لأخرى، فبعضها كان يكتفي بذكر بعض التراجم لأبطال تاريخنا المجيد، أو الوقوف عند المعارك الخالدة، ويفرد بعضها الآخر أبواباً وزوايا لمواضيع إسلامية مثل "أحباب الله" في مجلة سمير المصرية وماجد الإماراتية، وباب "في رحاب الإيمان" في مجلة سعد، وباب "في رحاب الإسلام" في مجلة "سدرة" وصفحة "إسلاميات" وباب "الإسلام حضارة" في مجلة العربي الصغير، وصفحة "عظماء بلادي" في مجلة الياسمين، وغيرها من الزوايا وتضمنت هذه الزوايا، أركان الإيمان والإسلام والآداب الإسلامية والسيرة والتاريخ الإسلامي وتراجم شخصيات، وتفسير بعض الآيات، وشرح بعض الأحاديث، وخصصت مجلة "ماجد" مؤخراً صفحة لتفسير القرآن للأطفال.
في مجال ترسيخ العقيدة في نفوس الناشئة، خصصت مجلة "باسم" السعودية صفحة "أسماء الله الحسنى"، تشرح في كل عدد اسماً منها، ففي العدد 365 عام 1994م شرحت اسم الله "المنتقم"، ودعت مجلة "علاء الدين" المصرية الأطفال للإيمان بالملائكة تلك المخلوقات النورانية، وهو ركن من أركان الإيمان وذلك في عددها 133 عام 1996م.
ولمجلة "أحمد" التي تصدرها "دار الحدائق" في بيروت جولات موفقة في تثقيف الأطفال على مبادئ الإسلام الحنيف وتحاول أن تصبغ كل ما تنشره بصبغة الإسلام وجوهره ففي بابها الذي يتصدر كل عدد من أعدادها تتناول اسماً من أسماء الله تعالى الحسنى بأسلوب مبسط، يزيد الإيمان في وجدان الأطفال وقلوبهم، وتربط المجلة أحياناً بين العمل في الدنيا وحساب يوم القيامة لتعميق الإيمان باليوم الآخر.
وعن أركان الإسلام والفقه الإسلامي، فقد أفردت مجلة "سمير" في زاويتها "أحباب الله" شيئاً من فقه العبادات وغيرها مما يحتاجه الصغار في هذه السن، وفي زاوية "فاسألوا أهل الذكر" من مجلة "ماجد" أجوبة على أسئلة القراء الصغار تتعلق بأمور إسلامية.
وقد تقدم المجلات الطفلية الإسلام وتعاليمه بشكل شعر وأناشيد، مثل نشيد "الزكاة" في العدد 181 عام 1995م في مجلة "أحمد"، وتحتفي أكثر المجلات بالعبادات التي تمر في السنة، كصيام شهر رمضان والحج في شهر ذي الحجة، فتتحدث عن آدابها ومعانيها، وزمان ومكان تأديتها. حتى يزداد الجيل فهماً وتمسكاً بتعاليم الإسلام، ففي مجلة "علاء الدين" العدد 133 لشهر رمضان 1416هـ ملف خاص عن شهر رمضان والصيام وآدابه.
وفي العدد 17 لعام 1988م لمجلة "العربي الصغير" زاوية "رمضان شهر التوبة والغفران" وفي كل عام تتكرر هذه الأبواب، وتكون بثوب جديد، وإخراج جديد، ولكي تتعمق الثقافة بهذه الأركان أكثر، تقدم بعض المسابقات الشهرية عن صيام شهر رمضان، وفقه الصيام، وقد درجت العربي الصغير على ذلك في أعدادها الأخيرة ففي العدد 64 عام 1998م مسابقة "المفكر الصغير" عن شهر رمضان، كما أنها استغلت هذه المسابقات في مناسبات أخرى مثل حادثة الإسراء والمعراج فقد كانت مسابقة العدد 62 عام 1997م عن تلك الحادثة، وتقدم مجلة "أحمد" مسابقة في ملحق خاص باسم "مسابقة شهر رمضان الكبرى" بأربع صفحات. أما فريضة الحج فجميع المجلات تقريباً تعنى بها وتهتم بتأدية مناسك الحج فتقدمها للأطفال بشكل محبب وجذاب، مرفقة بصور الحجاج وهم يؤدون المناسك، وتهتم المجلات أيضاً بسيرة الرسول محمد عليه الصلاة وسلام وسير الأنبياء وتقدم السيرة بما يتناسب والأطفال، وتعرضها بحيث تجعلهم يحبون أنبياء الله تعالى عليهم السلام، ويقتدون بهم، لاسيما رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين.
لقد نشرت مجلة "علاء الدين" ضمن حلقات مسلسلة كتاب "أنبياء الله" للكاتب أحمد بهجت، واستعرضت مجلات أخرى سيرة الرسول الكريم، مثل مولده في "صور من المولد النبوي" في العدد 22. وفي العدد 20 "فداء في يوم الهجرة" و "أسماء والهجرة" وذلك عند مرور ذكرى الهجرة وذلك في مجلة "العربي الصغير".
وما أظن مجلة أطفال تخلو من ذكر لجانب من جوانب حياة الرسول ومواقفه. أما تراجم الصحابة والتابعين، فقد ذكرت في تضاعيف المجلات ليعتز بها الأطفال فمجلة "باسم" فيها صفحة "أوائل في الإسلام" استعرضت سيرة "المقداد بن الأسود" أول من قاتل على فرس في سبيل الله تعالى وذلك في العدد 365 عام 1994م وقدمت مجلة "وسام" الأردنية مسلسلاً مصوراً عن "طارق بن زياد" وذلك في العدد 990 عام 1997م، ونشرت "أسامة" في العدد 555 عام 1998م حلقات عن (دمشق-عكا) جاء فيها مقاومة (صلاح الدين الأيوبي) للصليبيين كتبها (نزار نجار).
وبما أن الأطفال يحبون المغامرات والمعارك، نشرت أكثر المجلات معارك المسلمين التي خاضوها ضد أعدائهم، ولكي يحب أطفالنا العلم والعلماء قدمت العلماء الذين أثروا الحضارة الإنسانية، فقد حوت "العربي الصغير" في أعدادها التي نشرت قبل عام 1986م، شخصيات تاريخية وتراجم للمشاهير من علمائنا بأسلوب محبب وممتع ومفيد.
وتعرضت مجلات الأطفال للتراث العربي والإسلامي، فوقفت مجلة العربي الصغير على مدن ذات حضارة عريقة، ونقلت كاميرا استطلاعاتها كل ما يهم الطفل من تراث أمته العريق، ففي أعدادها القديمة قبل / 1986/م زاوية (عندما يتحدث المكان) تقدم فيه (مدينة تتحدث عن نفسها) وبعد أن أصبحت المجلة مستقلة –بعد أن كانت ملحقاً- جعلت الزاوية تحت عنوان (مدن لها تاريخ) وبعد حرب الخليج خصصت باباً من بضع صفحات بعنوان (الإسلام حضارة).
ولعل السيرة والتراجم والمعارك كان لها القسم الكبير بالنسبة للأبواب الإسلامية الأخرى، لأن الأطفال يحبون قصص الأطفال، ويحبون سيرتهم ويستمتعون بوقائع المعارك التي ينتصر فيها الحق على الباطل.
ولكي يتعلم الطفل مناجاة ربه بلسان عربي مبين، خصصت مجلة "الياسمين" صفحة فيها دعاء، مما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإلى جانبه آية مفسرة تفسيراً يتلاءم وفهم الأطفال، وما يقدم في هذه المجلة يكون غالباً مضبوطاً بالشكل حتى يسهل على الأطفال قراءته قراءة صحيحة. كما قدمت مجلة "أحمد" في زاوية (روضة الإيمان) أدعية واهتمت بالقرآن أيّما اهتمام فأفردت له باباً أسمته (قرآننا نور) من عناوين بعض أعدادها: (أشياء أقسم الله بها في القرآن)، (قصة سورة)، (هوية سورة) وهكذا وفي مجلة سعد في عددها 839 وفي زاوية (رحاب الإيمان) موضوع حول (أول التنزيل وآخره في القرآن الكريم)، كما أن مجلة العربي الصغير حدّثت الصغار عن مكتبة القرآن في الكمبيوتر، شرح الشيخ متولي شعراوي. وقطعت مجلة ماجد على نفسها عهداً، أن تشجع الأطفال على حفظ القرآن الكريم، فخصصت في مسابقة كل عدد من أعدادها حقلاً لحفظ القرآن جاء فيه: دعوة للجميع لحفظ القرآن الكريم، وبعد هذا العنوان، كتبت نص المعاهدة بين المتقدم للمسابقة والمجلة جاء فيها: "أعدكم –والله شهيد- أن أحفظ الآيات المطلوبة خلال أسبوع، ويمكنكم الاتصال بي للتأكد من ذلك على عنواني أو هاتفي رقم ... وأنسب موعد الاتصال هو الساعة ... واليوم.. أما معاني الكلمات فهي ... يملأ الحقل ويرسله للمجلة وقد يفوز بجوائز قيمة.
وتسأل مجلة (سدرة) في مسابقاتها عن أسماء السور، ومكان الآيات منها ومعانيها وإملاء كلمات الآيات في مربعات مخصصة لذلك، ليتدرب الطفل على فهم القرآن وحسن التعامل معه، وفي هذه المجلة دعوة مباشرة لقراءة القرآن وفهمه، فقد جاء في زاوية (في رحاب الإسلام): "مجلة سدرة تدعوك إلى قراءة القرآن والتعبد به، وتقدم في كل عدد شيئاً يسيراً، تدعوك لفهمه أولاً وحفظه ثانياً، والعمل به ثالثاً) ولقد لخصت المجلة بهذا ما يجب على المسلم أن يفعل تجاه القرآن الكريم.
من خلال عرضنا لمواضيع الثقافة الإسلامية في صحافة الأطفال في الوطن العربي، رأيناها شاملة تقريباً تناسب مواضيعها مراحل الطفولة المتوسطة والأخيرة، أما مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الأولى الابتدائية، فلم يكن لها نصيب فيما قدم من مبادئ الإسلام وتعاليمه حتى أن المجلات التي أفردت زاوية للصغار جداً، مثل العربي الصغير ومجلة (أحمد) التي تضم باب (عصافير الجنة) لم تولِ الاهتمام اللازم لهذ الجانب.
لقد كان الأسلوب –فيما قدم للأطفال أحياناً- سردياً تقريرياً مباشراً، وقد يكون جافاً، ما عدا بعض الإضاءات الإيجابية في العرض والأسلوب، فمجلة (العربي الصغير) أحياناً عرضت قصة من الواقع ربطتها بحديث نبوي شريف، كما في العدد 34 عام 1988 م في قصة (حرمة أملاك الغير)، واتبعت هذه المجلة أسلوباً مشوِّقاً في عرضها للحضارة الإسلامية، فجعلت المكان يتحدث عن نفسه، وقد ينقل التاريخ ويقدم للأطفال عن طريق الحوار المصور كما في (الطريق إلى القدس) وهو مسلسل مصور في العدد 59 عام1977م حيث نقل المسلسل من كتاب (ابن الأثير) التاريخي بعد تبسيطه واتبعت مجلة (أسامة) الأسلوب نفسه في مسلسل (دمشق-عكا) الذي كتبه نزار نجار. ومما يؤخذ على كثير من مجلات الأطفال أن كلماتها تكتب بحجم صغير وغير مشكول!!! تعد مجلة ماجد وسدرة وأحمد إلى جانب العربي الصغير من المجلات التي تحسن تقديم الثقافة الإسلامية للأطفال.
ولكن مجلات الأطفال في الوطن العربي في زواياها الثقافية الأخرى غير الإسلامية نجد أنها في بعض الأحيان تعرض البدع والخرافات الوثنية، وتبرز أفكاراً لا يرضى عنها الدين الإسلامي، وتعرض الانحرافات الشرعية وتشجع الأطفال عليها كالرقص ومصادقة الجنسين والاختلاط، وقد يظهر تناقض أثناء العرض ما بين الصفحة الدينية والأفكار المبثوثة في قصص المجلة ومغامراتها، إلى جانب أخطار القصص المترجمة والتي تخالف مفاهيمها الإسلام إن أطفالنا المسلمين الذين يرضعون عقيدة التوحيد منذ صغرهم، يحبذون المجلات التي تقدم زاداً إسلامياً.
لهذا كله، ولأهمية الإسلام في بناء الإنسان وتربيته منذ الصغر، يجدر بنا أن نهتم أكثر بتقديم الإسلام وحضارته، بصورة أفضل شكلاً ولقد بادر بعض المهتمين بثقافة الأطفال أن يصدروا مجلات تحمل الطابع الإسلامي وروحه شكلاً ومضموناً، ومظهراً وجوهراً ضمن رؤية مستقبلية فصدرت مجلة (الرواد) وهي لسان حال مدارس الرواد في الرياض-المملكة العربية السعودية عام 1996م، ورأس تحريرها الأستاذ عبد الله الطنطاوي.
وصدرت مجلة (سنان) التي أنشأها الدكتور مالك الأحمد في المملكة العربية السعودية عام 1417هـ ورأس تحريرها، وأرادها أن تتمتع بكل خصائص مجلة الأطفال الرائدة التي تستفيد من كل التقنيات الحديثة، وتهدف إلى ترغيب الطفل فيما يحبه الله من الأعمال والفضائل وتبغضه وتحذره من المعاصي والرذائل، بطريقة غير مباشرة أو مباشرة في بعض الأحيان، ولا تنشر المجلة ما يخالف أحكام الإسلام شكلاً مضموناً ويشترط في المادة المعروضة أن تكون صحيحة(14).
وقد حاول الدكتور مالك أن يقترب كثيراً من الجوانب الإيجابية لمجلة الأطفال الرائدة التي تحمل ثقافة إسلامية واعية، والتي وضع لها مميزاتها وخصائصها في كتابه (نحو مشروع مجلة رائدة للأطفال). ولو تتبعنا أعداد مجلة (سنان) وقلبنا صفحاتها وقرأنا فيها للمسنا ذلك، وإليكم زواياها العامة وبعضاً من عناوين مواضيعها: العدد 17محرم 1419هـ ابريل 1998 سنان (مجلة كل الأطفال) مقدمة -أخوكم سنان-همام ونبيه (دروس مفيدة) مصورة -مسابقة وأسماء الفائزين-سفينة النجاة قصة مصورة حول حديث رسول الله (النهي عن الجلوس في الطرقات)-ملتقى الأصدقاء-مغامرات الفتى أحمد (بيت الطين والحجر) مصورة، عن سرحان السرحان (أريد علاجاً) مصورة، عارف وعباس وعنتر (رصاصة تصيب العمدة) مصورة، سعيد ومسعود (محاولة أخيرة) مصورة، هذا خلق الله (حيوان من صخر) –حديقة التسالي- حكايات في (لعبة جميلة) مصورة، في ظلال السيرة (فاصدع بما تؤمر).
لقد قدمت المجلة ثقافة عامة لكنها صبغتها بالصبغة الإسلامية وآدابها في الحوار والمعاملات والعلاقات الاجتماعية، وركزت على تقدير عظمة الخالق من خلال التعريف بمخلوقاته، وربطت الأطفال بالرسول وشمائله الحميدة ليتخذوه أسوة، وكان العرض والحوار مناسباً وبسيطاً والإخراج جيداً، وبعض الزوايا تنمي المواهب، ولكن ما يؤخذ عليها كثرة القصص المصورة كما رأينا وهذا لا يترك للطفل مجالاً للخيال، والأفضل أن تُعرض قصص مصورة وأخرى غير مصورة فلكل منها محاسنها.
أما مجلة (الرواد) فهي أكثر شمولاً لثقافة الطفل إذا ما قيست بمجلة (سنان) وقد قللت القصص المصورة، وحبذا لو توسطت المجلتان في ذلك.
قال الدكتور مالك الأحمد في كتابه (نحو مشروع مجلة رائدة للأطفال) عن مجلة (الرواد) إنها مجلة إسلامية التوجيه تخاطب شريحة واسعة من الأعمار (من 5 إلى 14 سنة) فيها كثافة لبعض المواد العلمية –وتتنوع موادها (كمبيوتر-معارف-قصص-مسابقات-تسالي) وصفحات لتعليم اللغة الإنكليزية، وتعتمد على أسلوب الحوار –لقد غلب على بعض موادها الطابع المدرسي-وهذا لا يضير إن أحسن عرضه.
لقد نجحت المجلتان (سنان) و (الرواد) في الإطار الشرعي وفي الإطار الموضوعي، وفي الإطار التربوي والفني واللغوي، وعليهما أن تستفيدا مستقبلاً من تجارب صحافة الأطفال في الوطن العربي، إذ لدى بعضها تجارب غنية من حيث الإعداد والإخراج.
الطرائف:
الطفل من طبيعته الابتسام، لأنه يميل للعب والمرح، لذا اتجهت المجلات الطفلية لإدخال السرور والتفاؤل والبشر والأمل في نفوس الأطفال، وتوزعت الصفحات في هذا الشأن تحت عناوين متقاربة: (طرائف وابتسامات –طرائف ونوادر-قف وابتسم) تقدم فيها ما يضحك ويفرح كما أنها تقدم أحياناً أقصوصة طريفة بالرسوم بدون تعليق يترجمها الطفل لنفسه ويضحك كما في "العربي الصغير" وفي الحقيقة كل ما تعرضه مجلات الأطفال تقريباً ممتع ومفرح ويدعو إلى الغبطة والحبور شكلاً ومضموناً، حتى يشبّ الصغار والبشاشة تملأ محياهم من هذه الطرائف:
"سأل الأب الابن: لماذا تدرس فوق السطح؟
فأجابه: حتى أحصل على درجات عالية".
وذات مرة قدم المثقف لجاره كتاباً ليقرأه وفيه بضعة دنانير، فأعاده الجار في اليوم التالي بعد أن قرأه شاكراً وهو يقول:
- وهل للكتاب جزء آخر؟!
زوايا الأخبار:
فهي تقسم إلى قسمين: أخبار عالمية وأخبار رياضية.
أما العالمية التي تهم الطفل فقد أفردت لها "العربي الصغير" صفحة تحت عنوان (الجريدة) فيها أخبار عن أطفال الحجارة وأخبار عالمية أخرى تناسب الأطفال وتحولت الزاوية في الأعداد الأخيرة إلى (العالم يتقدم) أما في (أسامة) ففيها زاوية (أخبار من العالم) فيها أخبار الاكتشافات والاختراعات والتجارب وغيرها أما "سدرة" فتحت عنوان (أخبار من العالم) تقدم نتفاً من النشاطات والاكتشافات والأخبار العلمية بشكل مبسط وسهل ومختصر، واهتمت (ماجد) بأخبار الأرض المحتلة تحت عنوان (فلسطين) وحبذا لو حذت المجلات حذوها ليبقى الأطفال يتابعون أخبار أهلنا الذين يقاومون الاحتلال بكل شجاعة واعتنت (سمير) بالسياسة في زاوية (سياسة×سياسة) تعرضت في أحد أعدادها لأخبار أهلنا في الجولان ومقاومتهم للاحتلال الصهيوني.
ولبعض المجلات مندوبون من الأطفال ينقلون إليها ما حدث من الأخبار المفيدة والطريفة وقد خصصت صفحة بعنوان (مندوبو ماجد في كل مكان) وفي سمير (مراسل سمير الصحفي الناشئ) وتمنح بعض المجلات مثل ماجد وأحمد وفراس والرواد بطاقة للمراسلين الصغار، ونتمنى أن تكون الأخبار أكثر غنى، ومتابعة، فالأطفال مغرمون بأخبار الفضاء والبحار والغابات وما فيها من عجائب ومفاجآت، وتنقل لهم أخبار الأطفال في الوطن العربي والعالم، كأخبار المتفوقين والموهوبين وأخبار مآسي الحرب التي يروحون ضحيتها أكثر من غيرهم، فنوسع هذه الدائرة حتى يحس أطفالنا بقضايا أمتهم المصيرية وقضايا العالم الإنسانية.
أما الرياضة وأخبارها: فتكاد لا تخلو مجلة من زاوية خاصة بها تحوي أخباراً رياضية ومقابلة لنجم من النجوم الرياضية وتعريفاً للعبة من الألعاب وتقديم معلومات عن فوائد الألعاب الرياضية.
ولقد وجدت أن زاوية (رياضة) في مجلة (وسام) الأردنية هي من أنسب الأبواب فأخبارها مختصرة ومزينة بصور معبرة عن الحدث الرياضي مع تقديم لشرح مبسط للعبة محبوبة خفيفة ليمارسها الصغار.(15)
هذه الزوايا والصفحات يكتبها غالباً الكبار إلى الأطفال، وهناك أبواب يكون فيها الطفل فاعلاً معبراً عن ذاته وهواياته، فهي أبواب متعددة وهامة في صحافة الأطفال، لأنها تنمي المواهب وتفجر الطاقات وتسلي تسلية ممتعة ومفيدة، وهي أكثر جاذبية من سابقاتها، إذ إنها تدعو الأطفال للكتابة وللرسم ولممارسة الهوايات وتحل لهم مشاكلهم، وتجيب عن استفساراتهم وتشغلهم بما يفيد وذلك بالإجابة على المسابقات وتسعى لوصل حبال التعارف بين أطفال الوطن العربي.
زوايا الكتابة والمراسلة:
إن المجلة الناجحة هي التي تخطط لإقامة علاقات شخصية مع قرائها ففي العربي الصغير كتب المحرر تحت عنوان (دعوة للصغار): "يسعد العربي الصغير دعوة جميع قرائها الأعزاء للمشاركة في صفحاتها، فإن كان لديك قصة أو نكتة أو رسمة أو استطلاع مصور عن بلدك أو صورة فوتوغرافية بكاميراتك: -أرسلها على عنوان المجلة فقد تكون أحد المحظوظين بالفوز بإحدى جوائزنا المالية بالإضافة إلى اشتراكات مجانية للذين تنشر موادهم على صفحات المجلة: لمدة سنة –لمدة ستة أشهر(16).
وهذا ما فعلته أكثر المجلات وينشر ما يرسله الأطفال في زوايا مثل زاوية (بأقلامكم) أو (قراء سعد يكتبون) أو (الأصدقاء يكتبون) أو (بأقلامنا) أو (الصحفي الصغير) أو (أصدقاء أسامة يكتبون) أو (بأقلام الأصدقاء) أو (سين وجيم) وما ينشر فهو مما يقتبسه الصغار من الكتب أو ما يسمعونه أو من إبداعاتهم الشعرية أو القصصية أو الفنية الأخرى كالرسم وغيره، وقد قدمت المجلات أشياء تشجيعية على ذلك ولأهمية هذه الزوايا، فالدعوة قائمة في الأقطار العربية لإصدار مجلة خاصة يحررها الأطفال أنفسهم، على غرار ما حدث في الأردن، إذ صدرت مجلة (الكاتب الصغير) في عمان 1415هـ/1994م وهي أول صحيفة من نوعها في العالم العربي مخصصة للكتاب الصغار من الأطفال والفتيان والفتيات، يرأس تحريرها الشاب محمد غوشة /22/عاماً، ويساعده في التحرير بعض الكتاب الصغار سناً والذين برزوا في صفحات الأطفال الأسبوعية(17).
ولا يخفى أن مثل هذه المجلات تربي جيلاً من المبدعين، سواء عن طريق كتابة الأخبار والمعلومات والاستطلاعات والطرائف، أو عن طريق الكتابات الإبداعية، ويمكن أن تربي جيلاً من المخترعين عن طريق زوايا تعال نخترع، إذا ما ساعدت على ذلك المؤسسات التعليمية، كما أن مجلات الأطفال أخذت بأيدي الفنانين الصغار، إذ أفردت لهم صفحات في زوايا التسالي للتلوين أو لإكمال الرسوم أو للرسم من جديد حيث توضع لوحة صغيرة ملونة ويطلب من الصغار محاكاتها ولكن بقياس أكبر وتلوين مماثل، أو يطلب منه الوصل بين أرقام متسلسلة فيجد الطفل نفسه أمام لوحة فنية يحبها ويفرح بها، لأنه رسم شيئاً جديداً، وترحب صحافة الأطفال بلوحات الأطفال التي يرسلونها فتنشر الجميل منها وهذا يعد حافزاً لهم على المتابعة، كما تفعل مجلة (ماجد) في (نادي الرسامين) و (العربي الصغير) في صفحة (بريشتك) أو (فنانون صغار).
وتعلن مجلة (أسامة) عن مسابقة سنوية للرسم والشعر والقصة والمقالة، يشارك فيها أطفال حتى سن /16/عاماً، يشرف على هذه المسابقة المركز القطري في الجمهورية العربية السورية للاتحاد العام للفنانين العرب وموضوع المسابقة بسنة 1997م عن القدس الشريف، وللفائزين ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية، مع استضافتهم لمدة أسبوع خلال شهر آذار 1998م في القاهرة(18).
وللمسابقات دور هام في الكشف عن ثقافة الأطفال وتفوقهم في مجالات عديدة لغوية وعلمية وأدبية، وهي تنشط الأطفال للبحث والإجابة عن الأسئلة المنوعة، فقد تكون عن كتابة وصف للربيع أو أي فصل من فصول السنة لا تزيد كلمات الموضوع عن /200/ كلمة كما فعلت مجلة (سامر) في عددها /694/ لعام 1993م وقد تكون الأسئلة حول اختيار الجواب الصحيح حيث يوضع لكل سؤال ثلاثة أجوبة يطلب اختيار الصحيح منها كمسابقات (العربي الصغير) في أعداد عام 1997م، وقد تكون كتابة قصة حول رسم أو رسوم متتالية كمسابقة العدد /243/ من مجلة (أحمد) لعام 1997م. أما مسابقات (ماجد) فهي من نوع جديد إذ إنها تفرد لذلك صفحة مقسمة إلى حقول في كل حقل عنوان ففي مسابقة العدد /944/ لعام 1997م حملت الحقول العناوين التالية: دعوة للجميع لحفظ القرآن، مكتوب فيه: -أعدكم والله شهيد- أن أحفظ الآيات المطلوبة خلال أسبوع من الآن يمكنكم الاتصال بي للتأكد من ذلك ويسجل عنوانه ورقم هاتفه ويحدد اليوم والساعة. وعنوان (دول وأعلام) و (كاريكاتير) و (قصة قصيرة جداً) و (أكمل الرسم) و (كلمات متقاطعة) وليس المطلوب أن يملأ جميع الحقول فقد كتب في أعلى الصفحة (اكتب هنا حلول المسابقات التي تريد الاشتراك فيها واترك الباقي بدون حل، إذا أردت، وتعد هذه المجلات بجوائز عينية ومادية ومعنوية، لمن يفوز في المسابقات، وإن مجلة ماجد والعربي الصغير أكثر جدية وجوائزها قيمة.
وكثيراً ما تكون هذه المسابقات تابعة لباب التسالي الذي أطلق عليه أحياناً باب (المفكر الصغير) إذ إن هذه التسالي ليست لإملاء الفراغ فقط بل وضعت لتحقق فوائد فنية ولغوية وحسابية ورياضية وعلمية. ففي هذا الباب توضع بعض الرسوم المتشابهة التي يوجد بينها بعض الفوارق، ويطلب من الأطفال الإشارة إلى ذلك، أو تشغل الطفل بأسئلة عددية أو ترتيب أرقام أو إجراء عمليات حسابية للحصول على عدد معين، وأحياناً يجاب على الأسئلة في نفس الصفحة مكتوبة بالمقلوب، وربما رسمت متاهة يطلب من الطفل أن يصل إلى مكان مطلوب ومحدد دون أن يخطئ الطريق، أو يطلب معرفة المثلثات أو الأشكال الهندسية المتشابكة أما الكلمات المتقاطعة فهي تنشط الذهن، وتقوي التفكير وتكشف عن ثروة الطفل اللغوية وغناها بالمفردات المترادفة والمتضادة، كما أنها تجعله يحصل على كلمات جديدة نتيجة لتقاطع الحروف العمودية والأفقية.
ولعرض الكلمات المتقاطعة طريقتان الأولى توضع كلمات ويطلب من المفكر الصغير أن يملأ الحقول أفقياً وعمودياًُ أما الثانية فتملأ الحقول بالكلمات ويطلب من المفكر الصغير أن يشطب على العديد من الكلمات ليحصل على كلمة السر التي تظهر في النهاية لتدل على اسم علم أو حدث أو اختراع أو ما شابه ذلك وهذا يحفز ويعزز موهبة البحث عن الجديد.
ولأهمية التسالي يجب أن يفرد لها مجلات خاصة، وقد أصدرت (دار النحاس) في بيروت صحيفة (تسالي الصغار) وهي تعني بالألعاب والتحازير والفكاهات والمسابقات. كما أن مجلة (علاء الدين) بالإضافة إلى ما فيها من تسالي تصدر ملحقاً داخل المجلة اسمه (حزر فزر) للأذكياء فقط، فيه فنون من التسالي منوعة. وأصدرت العربي الصغير في عام 1999 ملحقاً مجانياً لها وأسمته صندوق الدنيا فيه تسالي ورسوم وأسئلة للصغار.
وحرصاً من المجلات على التعارف ومد جسور التواصل بين الأطفال العرب أفردت صفحة للتعارف ينشر فيها صور وأسماء ومواهب وعنوان من يرغب في التعارف أو المراسلة، ومجلة (سعد) تقدم باب (المتفوقين) تنشر فيه صورة المتفوق وشهادة تفوقه وعنوانه مما يزيد المتفوق تفوقاً ويحمِّس المقصر للجد والاجتهاد والتفوق إلى جانب التسالي والمسابقات، تُرَغِّب بعض المجلات في اقتناء الطوابع، فتخصص صفحة للإعلان عن الطوابع الجديدة والفريدة والنادرة وتعلن عن سعرها، كما تفعل مجلة باسم، وسمير، وماجد، وهناك صفحة لمعرفة النفس ففي سمير زاوية (اعرف نفسك)(19) وقدمت ماجد في بعض أعدادها ما يشبه ذلك، إذ تطرح أسئلة على القارئ من خلال إجابته عليها يقال له في مقلوب الصفحة أنت قلبك أبيض ومتسامح أو إنك لا تسامح ولا تنسى الإساءة وهكذا.
وللإعلان والدعاية نصيب على الصفحة الثانية للغلاف أو الأخيرة بما يخص الأطفال من ألعاب ولباس وأطعمة وحلوى.
موقف الأطفال من صحافتهم:
وَضَعْتُ بين أيدي أطفال المدرسة عدة أعداد من مجلات الأطفال مثل (أسامة-سامر-باسم-أحمد-سدرة-وسام-ماجد-العربي الصغير..) وطلبت منهم أن يكتبوا إلي بعد المطالعة والقراءة اسم المجلة التي يفضلون وسبب ذلك التفضيل، فجاءت الإحصائية تدل على أن مجلة (العربي الصغير) تأتي في المقام الأول ثم ماجد ثم سدرة ثم أحمد ثم باقي المجلات وسألت بضع مكتبات لبيع المجلات عن إقبال الأطفال على شراء المجلات فكان الإجماع يشير إلى أن (العربي الصغير) و(أحمد) و(ماجد) هي أكثر نفاداً مما يدل على إقبال الأطفال عليها لما فيها من فوائد وأبواب منوعة.
أهداف صحافة الأطفال وتطورها:
لصحافة الأطفال أهداف عديدة أهمها:
1-تحقيق رأي عام موحد لدى أبناء المجتمع، وتوجيههم الوجهة السليمة.
2-هي وسيط ناجح لتوسيع آفاق الصغار وزيادة صلتهم بالحياة.
3-تساعد على التمرس اللغوي والتعليق والتعبير، ومن ثم النقد.
4-تعمل على دغدغة الأحاسيس وإثارة المواهب، وتفجير الطاقات الإبداعية، وتخلق عند الصغار روحاً جديدة في حب المطالعة والبحث.
5-تجعل الطفل يعيش حياة عصره، ويساير أحداثه ويطلع على الأشكال الفنية، والتطورات الثقافية، وتجعله يربط بين الأصالة والمعاصرة.
6-ولها دور لا ينسى في التسلية والترويح عن النفس بطريقة تنسجم مع التربية الحديثة(20).
7-تغرس من خلال ما تقدمه القيم والمبادئ التي تؤمن بها أمتنا العربية.
ولعلنا نتفق على أن ما استعرضناه من زوايا وأبواب في صحافة الأطفال في الوطن العربي يحقق إلى حد كبير هذه الأهداف ولكننا دوماً نطمح إلى الأفضل.
حتى تتطور هذه الصحافة وتواكب العصر يجب مراعاة الأمور التالية:
1-يجب أن يشرف على تحرير صحافة الأطفال أناس أكْفاءٌ يؤمن كل منهم بأهداف المجلة، ويكون إلى جانبه مخرج ناجح، وتقوم بالإصدار مطبعة تتوافر لديها الإمكانات.
2-أن يشارك الأطفال في إعداد المجلات ويؤخذ رأيهم فيما يقدم وقد جرت محاولات إذ وزعت مجلة (الطليعي) السورية عام 1979م استمارة رأي في ثماني صفحات للوقوف على آراء الأطفال، وفعلت ذلك أيضاً مجلة أسامة عام 1972م.
وأصدر المجلس العربي للطفولة والتنمية عدداً تجريبياً لمجلته (المختار للصغار) 1989 مرفقاً به استمارة استبيان موحدة للكبار والصغار على السواء.. وصلت إجابات من /22/ دولة عربية إلى جانب مصر، وتركزت إجابات الصغار على: الثقافة العلمية ثم الإسلاميات ثم القصص والطرائف وأقلام الأصدقاء والثقافة والرياضة والفنون والمكتبة كما رغب 58% من الصغار في الإسهام بإبداعاتهم في المجلة(21)، ونرجو أن تحذو المجلات الأخرى حذو هذه المجلات ليتعاون الكبار والصغار على تطوير صحافة الأطفال.
3-أن تعقد مؤتمرات متواصلة تناقش الوسائل التي تطور ثقافة الطفل وأن تؤخذ القرارات مأخذ الجد وتنفذ توصياتها وقد عقدت مؤتمرات في هذا الشأن نذكر منها المؤتمر الذي عقد في الكويت في شهر شباط 1968 جاء في البند الخامس من توصياته: (إصدار مجلة للأطفال على مستوى الوطن العربي) وقد أقر مجلس الجامعة العربية هذه التوصية وعمل على تنفيذها.
وفي عام 1970 عقدت في بيروت حلقة العناية بالثقافة القومية للطفل العربي تحت رعاية الأمانة العامة للجامعة وأصدرت التوصيات التالية:
أولاً- أن تتبنى الجامعة إصدار سلسلة من ثلاث مجلات للأطفال تصدر شهرياً على الأقل على مستوى الوطن العربي تخاطب أطوار الطفولة المختلفة (من 3-6 ومن 7-10 ومن 11-15) على أن يقوم بتحريرها متخصصون من جميع الدول العربية، وأن تعنى بالجانب القومي والثقافي والعلمي.
ثانياً- وقف إصدار المجلات الأجنبية المترجمة التي لا تتفق مع قيمنا وعاداتنا، والثقافة المطلوب تقديمها للطفل العربي.
ثالثاً- تيسير وصول المجلات المحلية الصالحة إلى مختلف أرجاء الوطن العربي(22). وتتالت الندوات والمؤتمرات وتحقق من التوصيات ما تحقق وبقي الباقي حبراً على ورق، ومما تحقق أن توقفت معظم المجلات المترجمة وقلص دورها كمجلة طرزان وسوبر مان، والوطواط، وميكي الأمريكية- وتان تان. وصدرت مجلة (المختار للصغار) عن المجلس العربي للطفولة والتنمية ولكننا لا نراها في مكتباتنا، كما أن الأطفال لا يجدون إلا بضع مجلات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة من بين العشرات من مجلات الأطفال في الوطن العربي.
لقد تطورت صحافة الأطفال في الوطن العربي وتقدمت إلى الأفضل من وجوه عديدة من حيث الشكل حدث تطور في الألوان وفي الرسوم والصور وجودة الورق والطباعة، كما أن المضمون تحسن تحسناً ملحوظاً من وجوه أهمها:
1-تخلصت من التبعية للمجلات الأجنبية إلى حد ما، وباتت لا تترجم إلا ما هو مفيد ومناسب.
2-تعددت الزوايا إذ كانت المجلات في بدايتها مقتصرة على القصص والتسالي والوصايا.
3-أصبح ما ينشر فيها أكثر مناسبة للأطفال وأعمارهم.
4-بات المشرفون على تحريرها أكثر تخصصاً وفهماً لنظريات التربية وعلم النفس من سابقيهم.
5-استفادت ولا تزال تستفيد من تجارب صحافة الأطفال في العالم.
6-تعاون بعض المجلات مع الجامعة العربية ومنظمة (اليونسف) كما تفعله أسامة (إذ إنها تخصص صفحة لمنظمة اليونسف تذكر فيها أخباراً وآراء ونصائح للأطفال وذويهم).
ونستعرض نموذجاً لتطور الصحافة الطفلية مجلة (العربي الصغير) إذ إنها منذ بداية صدورها وحتى منتصف الثمانينيات من هذا القرن كانت تصدر في بضع صفحات كملحق لمجلة (العربي) الشهرية فيها بضع زوايا وقصة وكلماتها صغيرة الطباعة لا تلائم مستوى الأطفال من حيث الشكل. وفي الثمانينيات 1986م صدرت منفصلة عن المجلة الأم متطورة، شكلاً ومضموناً وتوقفت بعد حرب الخليج ثم استأنفت الصدور في صيف عام 1997 ولوحظ التطور فيها إذ أضيف لها أبواب علمية وزاوية للكمبيوتر وتوسعة في التسالي وجعلتها موجهة إلى (المفكر الصغير) كما أنها نشطت في المسابقات وتوزيع الجوائز، وكما ذكرنا سابقاً أفردت للصغار ثماني صفحات في وسطها فباتت تناسب جميع مراحل الطفولة وما قيل عن هذه المجلة يقال عن مجلات أخرى تقدمت وتطورت وتحسنت.
ونتساءل: لماذا لا تصل هذه المجلات المفيدة والمتطورة إلى أطفالنا بشكل كافٍ؟
هناك أسباب عديدة منها:
1-عدم استقلالية أطفالنا، إذ إن الكثير من أطفالنا لا يستطيعون الذهاب إلى بائعي الصحف، وآباؤهم غير مهتمين بذلك‘ ما خلا بعض المثقفين الموسرين يحرصون على تأمين الصحف لأطفالهم. ومما يدلل على ذلك، عرضت مرة على تلاميذ المدرسة أعداداً لمجلة أسامة وأقبلوا على اقتنائها بحماس وقرأوها بشغف.
2-قلة اهتمام الآباء بمستقبل أولادهم الثقافي، وعدم اكتراثهم بتنمية المواهب.
3-تقصير الإعلام في الإعلان عن مجلات الأطفال، إذ كثيراً ما نجد إعلاناً لسلعة أو إعلاناً أو تعريفاً لصحيفة طفلية، ما عدا ما تفعله أحياناً مجلة الفيصل سابقاً في زاويتها (الحركة الثقافية في شهر) لذلك يجب على وزارات التربية والثقافة أن تضع في المدارس والمراكز الثقافية بين أيدي أطفالنا مجلات تناسبهم، وتسهل وصولها إليهم بأثمان زهيدة حتى ننشئ جيلاً مثقفاً واعياً، وأقترح أن تباع في المدارس ويعين لها وكلاء توزيع، أو أن تقتني كل مدرسة عدداً من المجلات شهرياً لحساب مكتبة المدرسة توزع على التلاميذ كما توزع باقي القصص والكتب.
وبعد أن صارت الصورة واضحة عن صحافة الأطفال تاريخاً وأبواباً وتحريراً وقيمة وأهدافاً وتطوراً، أتمنى أن تتضافر الجهود من أجل الوصول بها إلى الأفضل وأن تصل إلى أيدي أطفالنا الرياحين.
الهوامش
1-د.عزيز سامي "صحافة الأطفال" كلية الآداب جامعة القاهرة 1970.
2-المرجع نفسه.
3-مجلة الفيصل العدد /21/ فبراير 1979.
4-مجلة الأقلام تصدرها وزارة الثقافة والإعلام في بغداد العدد /3/ لعام 1979.
5-قرانيا، محمد، في شعر الأطفال في سوريا، اتحاد الكتاب العرب دمشق ص200 و216. وكتاب صحافة الأطفال- حلقة بحث بإشراف منظمة الطلائع عام 1980 .
6-صحافة الأطفال منشورات منظمة الطلائع سورية 1980 وقائمة منشورات الأطفال لعامي 1983-1984 في الجزائر.
7-حوار مع دلال حاتم أجراه: تميم الحكيم في الثقافة الأسبوعية- دمشق العدد 28/1997.
8-رعاية الطفل حوار مع (نتيله راشد* في إذاعة قطر نشر في كتيب- دار الثقافة- قطر- الدوحة 1987.
9-مجلة سدرة العدد /65/1996.
10-مجلة (سعد) العدد /839/1986- الكويت.
11-عزيز، سامي (صحافة الأطفال).
12-مجلة سامر العدد م694/1993.
13-الدكتور مالك الأحمد. نحو مشروع مجلة رائدة للأطفال. كتاب الأمة- قطر 1418هـ، العدد 059).
14-المرجع نفسه، ص/138/.
15-مجلة (وسام) الأردنية العدد99/100 عام 1997.
16-مجلة العربي الصغير الكويت العدد/60/1997.
17-مجلة الفيصل العدد/213/ عام 1994.
18-مجلة أسامة العدد /555/عام 1997.
19-مجلة (سمير) المصرية العدد 2133 عام 1997.
20-شعر الأطفال في سوريا- محمد قرانيا.
21-سويلم. أحمد (التربية الثقافية) كلية التربية عين شمس- مصر العربية (1993/.
22-د. سامي عزيز (صحافة الأطفال) ص207-208.
23-بالإضافة إلى المجلات السابقة رجعنا إلى مجلات كثيرة منها: (المزمار) العراقية العدد 22/1979- ومجلة (أحمد) العدد/181/ والعدد/243/ وعلاء الدين المصرية العدد/112/ 1995- وباسم السعودية العدد /365/1994 ومجلة (ماجد) العدد /944/1997.