الدعوة والكتابة
الدعوة والكتابة
بقلم : هيثم الأشقر .
لكل عصر فنه وأداته وإذا كانت الخطابة والشعر من فنون التأثير الاتصالية أيام المصطفى صلى الله عليه وسلم فإن الكتابة الصحفية بفنونها المختلفة هي المادة الرئيسة لباقي الألوان الإعلامية المختلفة في هذه الأيام من ( سينما وتلفزيون ومسرح وإذاعة ..... إلخ ).
وقياساً على ما أولاه رسولنا القائد لفنون التأثير المعروفة بعصره من دور في إستراتيجيته القيادية الفذة التي ما فتئ المحللون السياسيون والعسكريون يستنبطون منها العبر والدروس فإن أملي بالله أن يعينني أو يعين غيري على استخلاص النظرية النبوية الإعلامية من سيرته العطرة عليه أفضل الصلاة والسلام.
وهنا في هذا المقال أردت أن أشد انتباه السادة الدعاة والعلماء إلى أهمية الكتابة الإعلامية المهنية القادرة على الوصول إلى عامة الناس، تلك الكتابة الضرورية لإغناء الدراما التلفزيونية والأفلام السينمائية والنصوص المسرحية، إذ إن مخاطبة النخبة في وقت توجه به الأعداء للنخبة والعامة عبر أجهزة المفسدين المغرية لأمر فيه تقصير يتحمل كل منا شيء من مسؤوليته، وأعود وأقول فلنستغل المتاح ، لقد أثبت العمود الصحفي القصير الذي لا يتجاوز الثلاثمائة كلمة أثره البالغ في صناعة الرأي العام وتقويمه وتعديله ولكن من هم الذين يجيدون كتابته واستغلاله وكم عدد العلماء والدعاة الذين وصلوا به إلى مستوى الحرفية؟ كثير من الدعاة يجيدون الخطابة والكتابة الأكاديمية ولكنهم لا يستطيعون التعبير بشكل مؤثر عن فكرة بعمود صحفي مقروء، كما إن كثيراً من هؤلاء لا يضع في ذهنه وهو يؤلف أو يكتب إمكانية توظيف ما يكتبه للمسرح أو الفنون الإعلامية الأخرى السهلة الوصول لجميع الناس.
لقد روى الصحابة عن نبينا صلى الله عليه وسلم أحاديثه النبوية وكانت سهلة ومفهومة ولم نسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد خص النخبة بخطاب دون العامة بل كان سهلاً ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ في كلامه وأفعاله.
لقد كان من سنته صلى الله عليه وسلم أن يدرب نفرًا من المسلمين لتعلم ما أشكل على فهم الأمة من لغة أو صناعة، بل أنكر على من استخدم نبلاً فارسياً وحضه على استخدام نبلاً من صناعة محلية، إلا أني أرى أن على من أراد أن يكون داعية جماهيرياً أو على هدى المصطفى أن يدرب نفسه على ما يقدر عليه من الفنون الإعلامية ، حتى نسمع أن المسلسل الفلاني كتبه العلامة الفاضل زيد وأن الفيلم الفلاني كتب أحداثه العلامة عمر.
وأن المخرج أو كاتب السيناريو هو العلامة فلان وهكذا نستطيع أن نؤثر على الشارع وفق لغة يفهمها الناس ، لغة تحفظ لنا ذوقنا الأخلاقي والسلوكي والقيمي والأدبي واللغوي بعيداً عما نشاهده ونتأثر به هذه الأيام.
والبداية كما قلت بداية من الكتابة الرشيقة السهلة الممكن تحويلها لمادة إعلامية جماهيرية وأفضل المتاح وأفضل بداية لكل من أراد التدرب هو الكتابة بالإعلام المقروء بمختلف فنونه وألوانه ، والتجاوب مع الإعلام المقروء بالمشاركة بتحقيقاته وملفاته وقضاياه المختلفة ذلك أن الكتابة أصل الفنون الاتصالية.
وهنا أقترح أن نخصص مبلغاً من المال أو وقفاً استثمارياً لتمويل معهدٍ لتدريب الدعاة على الفنون الإعلامية وتأهيل الإعلاميين دعوياً وفكرياً حتى نختصر الطريق ولا نفرط بالإعلاميين التائهين من أبناء جلدتنا المتأثرين بالمستأثرين بالصناعة الإعلامية وعلومها من اليهود والنصارى وطابورهم الخامس من العلمانيين.
لقد آن الأوان لتوعية رأس المال على ضرورة المشاركة بالصناعة الإعلامية ، كما آن الأوان لمراكز الفتوى والفقه أن تقول كلمتها في الكثير من القضايا الإعلامية ومنها شرعية دفع الزكاة والصدقات للمؤسسات الإعلامية الإسلامية والقائمين عليها، كون الإعلام في هذه الأيام من أكثر دعائم الجهاد ودفع الضرر عن الأمة.