مداخلة من المحامي عبدالله الخليل

مداخلة من المحامي عبدالله الخليل

لمؤتمر نقابة المحامين بالرقة 12/3/2009

السيد رئيس المؤتمر .

السيد وزير العدل

السيد محافظ الرقة

السادة أعضاء النقابة المركزية .

السادة الضيوف وأعضاء الهيئة العامة .

قبل ان ابدأ مداخلتي , استوقفني احد زملائي المحامين من المنتمين الى حزب البعث ونصحني  ان اجعل مطالبي في التغيير والغاء حالة الطوارئ والاحكام العرفية واطلاق الحريات العامة وتعديل الدستور وإلغاء المادة الثامنه منه ,  وحق المواطن بالمساواة امام القانون , مثل الأغلبية المطلقة من دول العالم , جزءا من وصيتي لأبني , علما ان ابني لايزال في المرحلة الاعدادية . حسب الزميل عليه  ان يدرس الحقوق ويمتهن المحاماة ويتقدم بهذه المطالب الى مثل هذا المؤتمر, الزميل يعتقد ان المطالب المذكورة لن تتحقق لافي جيلنا ولا في الجيل المقبل .  أما قناعتي الثابتة فهي ان ما دون وجه الإله كله متغيير , ونحن كمجمتع لانختلف كثيرا عن بلاد الله الاخرى .

جاء  التقرير السياسي  متعلقاً بالمحرقة الإنسانية في غزة . ان كلمة محرقة قليلة على ما حصل ويحصل , أبناء جلدتها (غزة ) من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر يتفرجون على الذبح , وحسبنا الله ونعم الوكيل  , وتحدث التقرير كذلك عن الوضع في العراق ,  اننا جميعا نعرب عن  تثميننا العالي لهذا الموقف على ان الحديث عن التآمر الامبريالي الصهيوني لا يحول دون ضرورة التطرق الى الوضع الداخلي  المعاشي للمحامين والناس وحال الزراعة واسعار المحروقات والجفاف وتردي الخدمات العامة وانتشار الفقر والفساد ,  وتدهور اهم مرفقين اساسيين لأي دولة ولاستمرارها في الوجود .

المرفق الاول هو القضاء , ولن اضع نفسي في موضع الذي يشرح حال القضاء في سورية فكلكم صاحب  خبرة ودراية ,  وكلكم تعلمون كم تزداد  نسبة النقاط السوداء على  النقاط المضيئة في هذا السلك الذي هو مصدر رزقنا , اما المرفق الثاني فهو التعليم وايضا انتم تعلمون اكثر مني  الحاله التي وصل اليها .

هذان المرفقان يتعلقان تعلقا مباشرا بعملنا كمحامين وبوجودنا وباستمرارية مجتمعنا ودولتنا وتطورهما نحو الامام .

سأتناول القضاء واترك التعليم لأهله :

- منذ سنين ونحن نتحدث عن ضرورة التزام  من دوائر الدولة  بتنفيذ واحترام القرار القضائي .  هذه السنة نتحدث عن  بعض القضاة  الذين لا يحترمون القرارات القضائية ويعملون بطرق علنية وسرية على عدم تنفيذها .  لن اسمي لكم من يفعل ذلك ولكني امتلك وثائق خطية تؤيد كلامي ومستعد لمناقشة من يرغب من أية جهة حول هذا الموضوع .  كما ان المساواة بين الموطنين من حيث تنفيذ القرارات القضائية لم تعد موجودة في بعض المفاصل القضائية  . ((مثال الملفات التنفيذية بمواجهة مؤسسة إكثار البذار)) . لقد استقرت محكمة الاستئناف المدني الأولى على مبدأ إلقاء الحجز على أموال المؤسسة بإعتبارها مؤسسة تجارية وربحية [لطفا ملاحظة موازنات هذه المؤسسة وارباحها السنوية وعلاقتها مع المزارعين والفلاحين من حيث هي علاقة تاجر بزبائن ] . لقد  فوجئنا منذ عدة ايام بتراجع  هذه المحكمة  عن قراراتها ((عشرات القرارات نفذت بهذه الطريقة وتتضمن ملايين الليرات السورية وهي حق لمن قبضها )) , واستنادا الى هذا التراجع تعسف السيد رئيس التنفيذ واخترق القانون وعطل الإجراءات التنفيذية بحجة وجود استئناف على الرغم أن القانون والتعاميم والاجتهاد تقول ان الاستئناف لا يوقف التنفيذ , هذا الأمر أضاع حقوق المتداعين وجعلها في مهب الريح وكأنه يقول  للمنفذ عليه استرد مالك ((وادفع او لا تدفع )) بالطريقة التي تراها مناسبة , تلك الحالة من البلبلة والقرارات المتضادة أحد أسبابها تشكيل الهيئة من أربعة قضاة وهذا الأمر بتقديري  اثبت عدم صحته وفشله لذلك أدعو أصحاب القرار إلى التراجع عنه واعادة تشكيل الهيئات وفقا للقانون أي من ثلاثة قضاة فقط .

- السيد وزير العدل المحترم , ما قيمة القرار القضائي بدون تنفيذ ؟ اذا لم يكن القضاء ملجأنا لرفع عسف الإدارة لمن نلجأ ؟ هل هناك قانون جديد او اجتهاد يسمح لدوائر الدولة أن تعتدي على حقوق المواطنين وتصبح محمية من دفع التعويض ؟ أليس من حق المواطن ان يطلب العدالة والمساواة  مع غيره من المواطنين عندما  تتطابق قضيته مع قضاياهم ؟ , أسئلة نطرحها على سيادتكم , وما أوردناه هو نموذج لحالات تتكرر وليس حالة شاذه .

-  الجرأة غير العادية في اختراق القانون من قبل بعض زملائنا القضاة وبتشجيع من بعض زملائنا المحامين أيضا ً , أدى إلى  تسريح عدد منهم من  قبل وزارة العدل وهو خطوة بالاتجاه الصحيح رغم وجود بعض المآخذ عليها ((عدم حصولهم على محاكمة عادلة وعلنية )) , هذه الخطوة يجب أن ترافقها خطوة  من نقابة المحامين اكثر فاعلية في نفس الاتجاه .

الساده أعضاء المؤتمر  , السادة الضيوف :

*- سأعرض لكم عدة نماذج :

- قضية أغلبكم يعرفها  ,وهي  واقعة تعذيب ثابته داخل المحكمة , نتيجة الدعاوى  نال الشرطة عدم المسؤولية , القاضي حصن نفسه بقرار عدم مسؤولية أيضا , المرأة التي عذبت , تقام عليها الدعاوى  وتحكم  بالتعويض والسجن , بسبب تقديمها الشكوى  .  واقعة التعذيب ثابته بأقوال كاتب المحكمة ورئيس الديوان واقوال الشرطة واقوال القاضي نفسه , السؤال :

هل المطلوب اللجوء إلى القضاء الدولي لرفع الضيم عن هذه الموكلة ومحاسبة من عذبها بعد ان استنفذت كافة مراحل التقاضي داخل الوطن  وأصبحت هي المتهمة  بسبب تقديمها الشكوى الى مراجعها القضائية المختصة ؟ .

- القضية الثانية هناك عدد من الفلاحين يضعون يدهم على اراضٍ  تقع  على ضفاف النهر بشكل قانوني ومنذ عشرات السنين , تقف إلى جانبهم جميع منظماتهم الفلاحية ويقف الى جانبهم فرع الحزب  ,وساندهم محافظ المدينة ,  إلا أن واقع الحال يسير باتجاه طردهم من الأرض وتحويل الأرض الزراعية  إلى مقلع بحص لصالح أصحاب النفوذ .

- النموذج الثالث : اصدر رئيس الجمهورية عددا ً من قوانين العفو شملت عدد من المعتقلين (( الموقوفين ساسيا )) , واستقر الاجتهاد على أن العفو ينزل بمنزلة البراءة .  حاول هؤلاء اللجوء إلى القضاء لكي يحصلوا على  تعويضات عن فترة اعتقالهم  وعلى رواتبهم وعلى حقوقهم أثناء الاعتقال وبعده , وطلبوا إعادتهم إلى العمل ,  حصل قسم من هؤلاء على قرارات قضائية في المرحلة الاولى إلا أن هذه القرارات ألغيت جميعها وردت الدعاوى , أي أن القضاء منحهم شهادة وفاة وهم على قيد الحياة , السؤال هو : كيف يعيش المواطن بدون عمل ودون راتب وإذا كانت الإدارة لم تقبل هؤلاء فهل القطاع الخاص سيكون ارحم من الدولة ؟

تلك النماذج تدفعنا إلى رفع مطالبنا :

1-  استقلال القضاء وفصل السلطات وعدم التدخل بعمل القاضي .

2-  دعوة رئيس الجمهورية لإصدار عفو عاما يشمل جميع الموقفين سياسيا سواء من صدرت بحقهم أحكام أو لم تصدر  واخص بالذكر السيدة الدكتورة  فداء حوراني وزميلنا المحامي أنور البني  والمفكر ميشيل كيلو , والى حين صدور مثل هذا العفو نطالب بالسماح لذوي المعتقلين في كافة السجون بدءا من صيدنايا إلى عدرا إلى الفروع الأمنية إلى السجون العادية بزيارتهم وتفقد أحوالهم وتزويدهم بمتطلبات الحياة لأن تلك الحقوق هي ابسط حقوق الإنسان داخل السجن أو المعتقل واخص بالذكر أبناء محافظتي الرقة القابعين في تلك السجون .

3-  دعوة رئيس الجمهورية لما له من صلاحيات تشريعية لإلغاء القانون 49 لعام 1980 وعقوبة الإعدام أينما وجدت في القانون السوري , وإلغاء المرسوم 64 لعام 2008 المتضمن تحصين عناصر وضباط الشرطة وتعديل المرسوم 49 لعام 2008 واعادة دراسته بما يتناسب وواقع الحال.  إننا جميعنا مع المحافظة على أي ذرة من تراب البلاد ووحدته وان كان هناك من حالات خاصة تستوجب المعالجة فلتتم معالجتها بشكل يضمن حقوق الجميع .  هذا الأمر يجرنا أيضا إلى طلب إنهاء كل المظالم التي تطال جزء ليس بيسير من الأكراد السوريين,  الذين هم جزء أصيل من مجتمعنا وشعبنا السوري , ونذكر خصوصا ضرورة حل مسألة الجنسية وتحقيق الحقوق الثقافية واللغوية لهم , فالمصلحة الوطنية للسوريين جميعا تتطلب ذلك . 

4-  المطالبة ببناء قصر عدل .

5-  من الملاحظ أن قرارات المحاكم العسكرية كافة والمتعلقة بالمواطنين المدنين المتهمون بقضايا سياسية , أصبحت أخف مما يصدر عن القضاء العادي , وكذلك تطبيق الأصول والتعامل مع المحامين . فهل يجب أن تحال كل هذه القضايا إلى القضاء العسكري لكي لا تصدر أحكام قاسية ؟ . رغم اعتقادي أن القضاء العسكري لا يجوز أن يتولى أمور المدنيين في شؤون لا علاقة لها بالجيش . 

6-  أخيراً نسأل نقابتنا المركزية ماذا حل بقانون مهنة المحاماة الجديد والقانون الذي ينظم علاقة العاملين في نقابة المحامين من الموظفين والعمال .

شكرا لحسن إصغائكم , شكرا لسعة صدركم , وشكرا لمنحي كل هذا الوقت  , واتمنى أن نلتقي في العام القادم وقد حمل لوطننا ولمهنتا ولأشخاصنا الكثير من التغيير والتقدم نحو الأفضل .

 الرقة 12/3/2009

عبد الله الخليل

ملاحظات :

- كانت الجلسة هادئة وحوارية إلى حد ما لم يتخللها أي شغب او تجاوز , كما لم تتم اية مقاطعه او محاولة ايقاف عن الحديث سواء من المنصة او الحضور .

- قدمت العديد من المداخلات  , عدد كبير منها تناول الوضع الداخلي وكان أكثرها جرأة مداخلة المحامي علي الفارس .

-  اعتبر وزير العدل ان تعديل الدستور يحتاج إلى استفتاء وان هذه المواد اقرت بإستفتاء.

-  علق محافظ المدينة على بعض المداخلات التي تناولت اعمال المحافظة .

- لم يتحدث امين فرع الحزب كونه قد غادر قاعة المؤتمر بعد تلاوة التقرير السياسي من قبل رئيس المؤتمر , وطلب من رئيس المؤتمر السماح لمن يريد المداخله في الوضع السياسي الا ان أي من الزملاء لم يداخل سوى زميل تحدث عن الوضع في السوادان , في حين جاءت اغلبية المداخلات تتناول الوضع الداخلي .

- تحدث احد اعضاء النقابة المركزية مبديا استغرابه عن المظالم التي يتعرض لها جزء من الشعب السوري (الأكراد) وان جميع المواطنين متساوين وذلك ردا على المداخله وخاصة الجانب المتعلق بالأكراد .