خطوط حمراء
خطوط حمراء
د. كمال أحمد غنيم
لا أعلم من أين جاءت وساوس التفرقة بين الإداريين والأكاديميين في الجامعات الفلسطينية، واستدعى ذلك الأمر سؤالا مني في العدد الرابع من مجلة تواصل على سبيل الاستنكار والنفي، والتأكيد على الوعي النقابي والجامعي والإسلامي بالتساوي أمام الحقوق مع التفاوت أمام طبيعة العمل ومستلزماتها، ذلك التفاوت الطبيعي البعيد عن التمييز السلبي.
لكن تلك الوساوس ظلت ترافق بعض الأشخاص، حتى تمّ طرح كادر التعليم الموحد الجديد، وعلى الرغم من المرونة العالية التي أبداها اتحاد نقابات العاملين في التعامل مع بنود الكادر وواقع الجامعات والواقع الفلسطيني بشكل عام؛ إلا أنه كان واضحا بإجماع بين رؤساء النقابات جميعا أن التفريق في النسبة المقترحة لتعديل سلم الرواتب لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بالتمييز فيها بين الإداري والأكاديمي، معتمدين على الحقيقة الثابتة، بالإضافة إلى الحقيقة العملية القائلة ببقاء التفاوت الحافز بين العاملين في المستويين الإداري والأكاديمي...
نسبة تعديل الراتب واحدة، لكن الأستاذ يختلف راتبه عن راتب الأستاذ المشارك، وكذلك يختلف راتب الأستاذ المساعد عن راتب الماجستير...، والنسبة الطارئة تحافظ على تلك الفروق بالمعدل نفسه، وفي ذلك ما فيه من عوامل تحفيز لتغيير المستوى العلمي إلى الأفضل، مما يحفظ جودة الأداء ويضمن ارتقاء جودة الجامعة بتطور أداء عامليها ومعرفتهم. ويسير الأمر ذاته باتجاه واقع الإداريين. وذلك يعني باختصار أن رواتب العاملين مع النسبة الطارئة عليها ستزيد الجميع وتحافظ على الفروق الحافزة على التطوير.
ونحن مطالبون جميعا -اتحاد النقابات ومجلس التعليم العالي- بالمحافظة على التوازن الإيجابي بين فئات العمل المختلفة، وعدم تأجيج التنازع وذهاب الريح والفشل داخل الجامعات، فحل المشكلة المؤقت بالاتجاه لتقليل نسبة الاستحقاق المطلوب لتعديل الكادر لا ينبغي أن يؤسس لتكريس الفرقة والنزاع بين العاملين مما سينعكس بشكل سلبي على الجامعات ذاتها.
هل نريد أن يأتينا غدٌ محمّل بهموم متفرقة وفعاليات متضاربة وانقسامات لا تُعرف نتائجها؟ لقد جاءت فكرة الكادر الموحّد في الأساس من أجل صناعة مجتمع جامعي متوازن بين الجامعات من أقصى الوطن إلى أقصاه؛ مجتمع لا تفاوت سلبي في ثناياه، فكيف بنا اليوم ونحن نؤسس لعدم الاستقرار في كل جامعة على حدة، ونؤسس ذلك بأيدينا لا بأيدي الآخرين.
إن الروح التي يحملها اتحاد النقابات هي ما قام به بالفعل وبإجماع النقابات من إعلان موقف الرفض المطلق للتمييز بين نسبة تعديل سلم الرواتب للإداريين والأكاديميين، وتقديم مرونة أكبر من أجل منع حدوث ذلك، وكلنا أمل أن تتجه الأمور هذا الاتجاه لدى مجلس التعليم العالي.