الخلط بين البشري والمقدس
زغلول عبد الحليم
عرفت قلمه من جريدة (المصريون). تابعته شعرت أنه قلم مشحون بالصدق فأرغمني صدقه على متابعة مستمرة لما يكتب! نعم فكل كلمة قالها عن الأستاذ هيكل كانت صادقة إلى أبعد حد يمكن أن يتصوره متابع لمأساة (ثقافتنا) خاصة خلال العقود المظلمة التى طل علينا ظلامها بإنقلاب يوليو، لقد تسبب الحكم (الناصرى/الهيكلى) فى القضاء على ما تبقى من منظومة القيم العليا التى استطاعت الغزوة الفرنسية لمصر أن تنهي على معظمها وأصبحت (ثقافتنا) على الحال الذي نراه الآن! ثقافة (خليدة التومي مسعودي) و(نوال السعداوي) و(سيد القمنى) ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكمتابع للحالة الثقافية الراهنة أضع الأستاذ "فراج إسماعيل" ضمن كوكبه من الأقلام همها الحقيقي أن تقوم البلد من رقدتها وأن تخطو خطوات واسعة نحو التقدم. هي كوكبه قليلة العدد عظيمة التأثير. شديدة الالتزام بقضايا أمتها. أنه يكتب بأمانه شديدة تؤثر كلماته فى القارئ لصدقها وقربها الشديد من واقع حياة الناس، الواقع الحقيقى لا الواقع المزور!
والحقيقة أن الأستاذ "فراج إسماعيل" أجاب فى عنوان مقالة فى (المصريون) بتاريخ 23/4/2012 (أوضاع خاطئة فى القضاء) نعم أصاب بخلاف غيره من الكتاب ما بين مهاجم للقضاء ومؤيد له! نعم. أنه قلم ذكى. مجاملاته قليله جدا... لا يكتب على الطريقة إياها.. أراه قريباً من أستاذنا الكبير محمد جلال كشك الذي كان مناضلاً مجاهداً قوياً فى عقيدته.
أخطاؤنا وليدة بشريتنا.
لا قداسة لأحد مطلقاً.
لا قداسة لفكر على الإطلاق والكلام عن قداسة الأحكام القضائية خلط لا يجوز بين البشري والمقدس خاصة إذا خالفت الأحكام القضائية أحكام الشريعة.
وكلنا يعلم أن القوانين الوضعية تغلب على تشريعاتنا فى كل المجالات.
أعود إلى فن الكتابة عند الأستاذ فراج إسماعيل.
أنه يختار كلماته بعناية شديدة ولا يغرقك فى التفاصيل. ومع أنه لا يوجد حتى الآن قانون للسلطة القضائية يناقشه أو سيناقشه مجلس الشورى المنتخب والمحصن دستورياً – فلا مانع من تخطي أن الأستاذ فراج قد تحدث عن تعديلات قانون السلطة القضائية أنما هو مشروع فقط مقدم من حزب الوسط الذي يتزعمه المهندس الشريف أبو العلا ماضي الذي هو علامة بارزة فى تاريخ مصر الوطني ومعه الدكتور محسوب والأستاذ عصام سلطان.
أخطاؤنا وليدة بشريتنا ولا خلاف فى هذا الأمر مطلقاً.
نحن بشر أيها السادة. لا قداسة لأحد ولا قداسة لرأي والفكر مهما كان صاحبه.
يقول اللواء/ أ.ج.د/ فوزي طايل رحمه الله فى كتابه: "كيف نفكر استراتيجياً" لا يوجد للفكر والأحكام مصادر نقليه بخلاف كتاب الله وسنة رسول الله. لذا جاء فى أواخر التنزيل قول الله تعالى: « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا » المائدة: الآية 3، وكان آواخر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء فى خطبة الوداع: "تركت فيكم ما أن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتى) أن الكلام عن قداسة الأحكام القضائية خلط بين البشري والمقدس. خلط ترفضه الأمة أما حديث الأستاذ الكبير/ فراج إسماعيل عن أستعلاء نادي القضاة على المؤسسة التشريعية فهو فى موضعة عاما من الحق والإنصاف والذي صدر من نادي القضاة يتجاوز بكثير جداً اختصاصاته ونحن فى دولة يقال أنها دولة قانون! وللمرة الثانية وكلنا يذكر إنذار الـ 36 ساعة المشهور الذي انتهي!
أن مشروع تعديل قانون السلطة القانونية يقدم من عشرات السنين وهو المشروع الذي حل من أجله مجلس الشعب (الأمة) كي لا يناقشه!! هذا بكل وضوح وبلا مواربه وقد يكون هناك أسباب أخرى مثل مناقشة قانون الأحتكار..!! نعم هناك جملة من الأخطاء فى القضاء ولابد للمجلس التشريعي أو من يقوم بدورة حالياً أن يعدل هذه الأخطاء ويصوبها هذا لا يعني مطلقاً التقليل من شأن رجال القضاء بل يعيد الأمر إلى صوابه ويجعل الأمة أمه واحدة لا فضل فيها لأحد على أحد ولا يتقدم فيها بالمحسوبيه والوساطة شخص على أخر فكلنا على قدم المساواة وما قامت ثورتنا المجيدة إلا لتحقيق المساواة بين الناس.
أعود إلى مقال الأستاذ/ فراج إسماعيل وأسأل معه عن سر الحمله على قانون (إقتراح) أو تعديل الأوضاع الخاطئة فى القضاء. لا يكفي ما ذكره الأستاذ/فراج أن الأمر أكبر بكثير خاصة بعد إستدعاء (ممثل الحرية) فى العالم "أوباما" لينظر فى أمر بلادنا والإنتهاكات التى يتعرض (القضاء) و(الإعلام) فى المحروسة!.
حيرة شديدة تلف حياتنا. وخطورة بالغة تتعرض لها ثورة الشعب
المصري في يناير 2011. هل نسينا هتافنا (الشعب يريد إسقاط النظام) والهتافات الأخرى
التي كان من ضمنها أقالة النائب العام!! وأيضاً الشعب يريد تطهير القضاء ولكننا
نقول مع الأستاذ الكبير/ فراج إسماعيل الشعب يريد تصحيح الأوضاع الخاطئة
فى القضاء.
وما ذكره المستشار الدكتور/ أحمد يحي – رئيس محكمة جنايات جنوب القاهرة على قناة مصر 25 الفضائية أمر يدعو إلى الفخر به واحترامه، حيث أكد على ضرورة إصلاح منظومة القضاء وأن إقرار تعيين النائب العام صائب 100% والمجلس التشريعي يلزم تنفيذ تشريعاته ولا يمكن أن تكون فوق السلطة التشريعية أي سلطة أخرى... وهو كلام يشكل إلى جانب ما كتبه الأستاذ الكبير/ محمد يوسف عدس فى 22/4/2013 وما كتبه فراج إسماعيل من قبل ردا واضحاً على كل الحملة المعلنة على إصلاح منظومة القضاء. وأذكر أن قاضيا أشتكي من محاولة لرشوته أيام العهد الملكي فأحيل القاضي للتقاعد! أنه قمة الصواب. ولكن لماذا هو قمة الصواب!؟؟ سؤال مطروح.