مؤامرات مكشوفة ضد الإسلام السياسي

مؤامرات مكشوفة ضد الإسلام السياسي

عن طريق ترويج مغالطات تمويها على إملاءات الأجندة الغربية

القاضية باستئصاله خدمة لمصالحها

محمد شركي

[email protected]

قيل الكثير عن ثورات الربيع العربي وسال مداد كثير بسبب ما كتب عنها ، وكثر المحللون وأشباه المحللين ، وتضاربت الآراء فتارة يقال إن هذه الثورات إنما هي صناعة غربية أمريكية من أجل تغيير واقع العالم العربي  عن طريق ما يسمى الفوضى الخلاقة ، وهي فكرة مصدرها الوحش الروسي المنافس للوحش الأمريكي في عالم يحكمه قانون الغاب الذي يقتات فيه الأقوياء من دماء الضعفاء ، وطورا يقال إنها ردة فعل مفاجئة  لتمادي الطغيان والاستبداد في الوطن العربي. وتحاول الأحزاب والتيارات السياسية والطوائف المختلفة في الوطن العربي الاستفادة من هذا الربيع بما يخدم وجودها ومصالحها بغض الطرف عن كونه صناعة غربية أم ردة فعل على الفساد. ومما أفرزت ثورات الربيع العربي ما يسميه الغرب الإسلام السياسي المهدد لمصالحه في الوطن العربي  وهي على رأس مصالحه ، وهو تيار سحب البساط من تحت أقدام التشكيلات الحزبية والسياسية على اختلاف توجهاتها ، و التي تناوبت على حكم البلاد العربية وأكثرت فيها الفساد فصب عليها ربها سوط عذاب بثورات الربيع . ولم تستسغ تلك التشكيلات الحزبية والسياسية ظهور الإسلام السياسي الذي يقصد به وصول أحزاب ذات مرجعية إسلامية إلى مراكز صنع القرار . وكانت أكثر التشكيلات الحزبية والسياسية رفضا للإسلام السياسي التشكيلات العلمانية بحكم عداوته التقليدية لكل ما يمت للإسلام بصلة  خصوصا السياسي منه لأنها ترى نفسها وصية عليه دون غيرها خصوصا وأن الغرب يتزعم الوصاية على العلمانية  ويحارب بشدة وضراوة كل من يعارضها  وعلى رأس المعارضين الإسلام . ولتفسير رهان الشعوب العربية في ربيعها على الإسلام السياسي ترى التشكيلات الحزبية والسياسية المندحرة وعلى رأسها التشكيلات العلمانية  أن فوز الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية إنما كان ريعا دينيا  استغل من طرفها مع أنه في نظرها ريع مشترك بين كل التشكيلات الحزبية والسياسية حتى العلمانية منها التي تطرح الدين جانبا، ولا ترى له مكانا في السياسة وفق المنظور الغربي . وعلى افتراض أن الربيع العربي صناعة غربية  كما يقول  البعض، فإن رهان الشعوب العربية على الإسلام السياسي كان مفاجئا للغرب  الذي سارع إلى  صنع ثورات مضادة لنسف مكاسب الإسلام السياسي . ولقد افتضح أمر الغرب في أرض الكنانة حيث تجلى الإسلام السياسي بوضوح من خلال فوز حزب العدالة والحرية أو حزب الإخوان المسلمين  فوزا كاسحا تلاه فوز أحزاب ذات مرجعيات إسلامية في بلدان أخرى كتونس والمغرب ، وبدت بوادر نجاح تيارات إسلامية  أخرى في بلدان  عربية أخرى  كليبيا وسوريا . ولقد كانت مصر كما كانت دائما  قاطرة الوطن العربي سواء تعلق الأمر بغواية  العلمانية أم برشد الإسلام . ولقد ذعر الغرب  بالتجربة الديمقراطية الفريدة من نوعها  في مصر ، والتي كشفت النقاب عن توجه الشعب المصري  والشعوب العربية الأخرى نحو الإسلام السياسي . ونزل الغرب  بزعامة الولايات المتحدة بكل ثقله لاستئصال شأفة الإسلام السياسي فصنع انقلابا عسكريا على الشرعية والديمقراطية في مصر وأضفى عليه الشرعية فصار انقلابا شرعيا تستقبل العواصم الغربية الديمقراطية ـ يا حسرتاه ـ متزعمه  الدموي وتفرش له البسط الحمراء دون وخزة ضمير . وكما تلت التجربة الديمقراطية  الفتية في مصر تجارب أخرى  مماثلة في تونس والمغرب حيث فاز في الأولى حزب النهضة، وفي الثاني حزب العدالة والتنمية  تلا الانقلاب على الديمقراطية والشرعية في مصر أشكال أخرى من الانقلابات في تونس والمغرب  حيث انقلبت نتائج التصويت في تونس فصارت بقدرة قادر لفائدة أحزاب علمانية كانت تنعت بأحزاب "صفر فاصلة " كناية عن ضآلتها ،وتم الانقلاب على حزب النهضة ذي التوجه الإسلامي بطريقة غير عسكرية واضطر لقبول الأمر الواقع لتجنب مصير حزب العدالة والحرية المصري  أو مصير  الحركة الإسلامية في ليبيا وسوريا  والعراق. وواجه حزب العدالة والتنمية المغربي انقلابا من نوع آخر من خلال استهدافه من طرف التشكيلات الحزبية والسياسية التي خسرت رهان الانتخابات، وصار هدفا منذ أول يوم تولى فيه زمام الحكم حيث دخلت معه بعض التشكيلات الحزبية والسياسية في ائتلاف لتفجيره  ،ولما عجزت عن ذلك خرجت من الائتلاف لتعلن عليه الحرب  الشعواء. وقبل مباشرة حزب العدالة والتنمية الحكم أشيعت حوله إشاعات لتخويف  الذين راهنوا عليه من قبيل عزمه منع الاختلاط في الشوارع والشواطىء ، ومنع الخمارات ،  ومنع محال القمار ... وفرض اللحى على الذكور والحجاب على الإناث على الطريقة الإيرانية ... وهلم جرا  وسارع أصحاب الأموال إلى تهريبها إلى الخارج . ومقابل  هذه الإشاعات حرصت جهات معلومة مكلفة بتطبيق إملاءات الأجندة الغربية إلى تحدي حزب العدالة والتنمية على الشواطىء، ومن خلال المهرجانات، وكل الأنشطة  التي راج حولها أنها ستكون موضوع مراجعة من طرف هذا الحزب ذي التوجه الإسلامي . وكانت هذه التحديات عبارة عن شراك نصبت لهذا الحزب فإن هو  مس الشواطىء والمهرجانات ... ألصقت به تهمة التطرف  ، وإن هو غض الطرف عنها اتهم بالنفاق واستغلال  الريع الديني  ،وقيل للناس انظروا ماذا يقع في فترة حكم حزب يدعي الإسلام . وفي خضم هبوب العواصف  الغربية العاتية لاستئصال الإسلام السياسي  لم يجد حزب العدالة والتنمية بدا من الانحناء لها  تجنبا لمصير حزب العدالة والحرية المصري ، وجريا على أسلوب حزب النهضة التونسي  . وتبذل التشكيلات الحزبية والسياسية الخاسرة في الاستحقاقات الانتخابية السابقة قصارى جهودها لتلطيخ سمعة حزب العدالة والتنمية  ،ووصف آدائه بالفاشل  ، ونعت قيادته بأبشع النعوت لزعزعة ثقة  من راهن عليها  ،وهو في الحقيقة رهان على الإسلام السياسي بعدما ضاق الناس من العلمانية السياسية وبمن يدور في فلكها ، وبما نتج عن حكمها من فساد  وانسداد آفاق . وانحط الخطاب الحزبي والسياسي إلى درك أسفل من أجل النيل من هذا الحزب لتحقيق إملاءات الأجندة الغربية المموه عنها . وصار هدف هذا الخطاب الحزبي والسياسي المبتذل هو تلطيخ سمعة هذا الحزب بكل أنواع وأشكال التلطيخ . وما قضايا الرقص الإيروتيكي والفيلم الساقط وظهور المثليين ...وما شابه سوى أساليب  لإحراج حزب العدالة والتنمية أمام الذين صوتوا عليه ، وهم يريدون إسلاما سياسيا لمواجهة العلمانية الغربية . وما يردده خصوم هذا الحزب اليوم  من متاهفت الكلام  من قبيل : ماذا حقق حزب العدالة والتنمية   بالرغم من هبوط أسعار النفط وسقوط الأمطار... ؟  وهل يعقل أن يقبل  حزب إسلامي بالرقص الإيروتيكي ؟ وفي نفس الوقت  لماذا  لا يسمح لهذا الرقص ؟ وصارت حكاية  حزب العدالة والتنمية مع خصومه كحكاية جحا والحمار  وابنه  الذي لم ينج من نقد خصومه في كل أحواله مع الحمار ، ذلك  أنه  إن منع حزب العدالة والتنمية  الرقص الإيروتيكي .... اتهم بالتطرف  والإرهاب ، وإن سمح له اتهم بالنفاق  ، وعليه أن يختار بأخف التهم في محاكم العلمانية الغربية والعلمانية اللقيطة  المنبطحة لها . وما يغيب عن العلمانية الغربية  ومن يسير في فلكها أن الإسلام دين الله عز وجل تعهد رب العزة جل جلاله بأن يظهره على الدين كله ولوكره الكارهون على اختلاف مشاربهم . ولئن  لم تستطع الأحزاب ذات التوجه الإسلامي  اليوم تثبيت الإسلام السياسي  المزعج للعلمانية الغربية فسيوكل الله عز وجل أمره  لمن  يقوم بذلك ، وما ذلك على الله بعزيز، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله كما  فرح أسلافهم من قبل  فيما سجله تاريخ لا يمكن أن يطمس في عصر الرقص الإيروتيكي والمثلية ... وما شابه من الموبقات .