ما موقع الإخوان في لعبة الشرق الأوسط الجديد؟!!
(العالم لا يحترم إلا الأقوياء) هذه المقولة من أهم القواعد السياسية الأساسية في لعبة الأمم في القديم والحديث ... والأمثلة على ذلك كثيرة فها هو حزب الله الشيعي اللبناني المدعوم من إيران يفرض نفسه طرفا قويا وفاعلا في المعادلة اللبنانية والسورية وربما الشرق أوسطية برمتها ... وها هي إيران تجبر أمريكا والغرب على الاعتراف بقوتها النووية الصاعدة، والإقرار بأنها قوة إقليمية عظمى يُعتمد عليها في المنطقة ... !!
وتجري حاليا ترتيبات الشرق الأوسط الجديد على قدم وساق ... والأوضاع في سوريا واليمن والعراق والبحرين تشي بأن الزمن القادم ربما هو زمن إيران والشيعة بدعم ومساندة الغرب ...!!
ولا وقت للندم لدى دول الخليج التي أجهضت الربيع العربي خوفا من تأثيراته، فدعمت العسكر وساندت الانقلاب على الشرعية والديمقراطية الوليدة في مصر بحجة الخوف من الإخوان، وما يمثله الإسلام السياسي من خطر استراتيجي مزعوم على أمن واستقرار هذه الدول...!!
إيران الآن تتضخم بموافقة ورضا أمريكا والقوى الغربية الأخرى ... فهم يعدونها لتكون شرطي المنطقة القادم ... وبعد انتهاء العداء الإعلامي بين الفرس والروم الذي كان معلنا طوال عدة عقود ها هم الفرس يستعدون للانقضاض على إمارات ودويلات الخليج الصغيرة برضا ودعم من الروم ... وفي غضون عشر سنوات فقط قد لا تصبح بعض البلدان الصغيرة موجودة على خارطة الشرق الأوسط الجديد ... وقد يحدث تقسيم لبعض الدول ذات المساحات الكبيرة لتيسير الاستيلاء على النفط وإيجاد كنتونات قبلية لضم أهل السنة فيها في المناطق المُجدِبة قليلة الموارد...!!
هناك طبعا دول أخرى في الشرق الأوسط مثل مصر وتركيا لكنها دول كبيرة لا يمكن تجاهلها، والأفضل بالنسبة للغرب هو احتواؤها في الشرق الأوسط الجديد بشكل أو بآخر بعد نزع قوتها ومكمن تأثيرها على النظام الإقليمي الشرق أوسطي الجديد المزمع تشكيله ...!!
في لعبة الشرق الأوسط الجديد هذه ربما تم إيهام العسكر بأن الغرب سيحفظ لهم وحدة الأراضي المصرية والنجاة بها من حال التشظي التي ستلحق بالآخرين، وفي مقابل ذلك لابد من تعاون العسكر في سحق الإخوان وكل جماعات الإسلام السياسي، ولا مشكلة لدى السيسي والعسكر في ذلك، كما أنه لا مشكلة لدى السيسي والعسكر في مد جسور التواصل مع إيران الشيعية في مقابل الحصول على بعض فتات المائدة!!
وفي مقابل (الأرز الخليجي) لا مشكلة لديهم كذلك في المتاجرة بمشاعر القومية العربية ورفع شعارات الأمن القومي العربي، والدفاع المشترك ... إلخ، وفي نفس الوقت اللعب مع الحوثيين وغيرهم، كما أنه لا مشكلة لدى السيسي والعسكر ـ بحساباتهم الاستراتيجية الخاصة ـ في حماية الكيان الصهيوني من الاعتداءات الشعبية وغيرها من المخاوف والهواجس التي لا يتوقف الصهاينة أبدا عن الشعور بها لأنهم جسم غريب مزروع في جسد الأمة العربية الإسلامية!!
الآن حصحص الحق وأدركت دول الخليج أن عمقها السني الذي سيدافع عنها بإخلاص ينطلق من عقيدة إيمانية راسخة هو الشعوب العربية وفي المقدمة بالطبع الشعب المصري، وفي القلب من هذه الشعوب (الإخوان المسلمون) الذين انقلبت عليهم دول الخليج بالأمس القريب وصورتهم دولة الإمارات بأنهم (الغول) الذي سيبتلعها ويهدد أنظمة الحكم فيها ...!!
ولكن ما القوة الحقيقية التي يمتلكها الإخوان المسلمون ليكونوا فاعلين في المرحلة القادمة؟! ما حجم هذه القوة بالضبط؟! وما قدرتها على التأثير في أرض الواقع؟! هل قوة الإخوان في سلميتهم التي هي أقوى من الرصاص كما يقولون؟! أم قوتهم تنبع من التأثير الروحي والمعنوي على قطاع لا بأس به من سكان المنطقة العربية؟! أم أنهم يمتلكون فعليا قوة حقيقية يمكن أن تظهر لها مخالب في اللحظة المناسبة فتنقض على أعدائها لفرض واقع مختلف تماما في الشرق الأوسط الجديد الذي تحاول القوى والأطراف المختلفة رسم ملامحه على هواها وكما يروق لها؟!
وسوم: العدد 627