وكيف يقرر الشعب مصير المجرم ؟؟...
على امتداد سنوات الثورة تكاثرت التصريحات الروسية الملغومة عن الموقف من رأس النظام ومصيره، وتناقضت مراراً بين المعلن والمسرّب، وبين التكتيك والتكتيك ..
في البداية أعلنوا تمسكّهم غير القابل للنقاش ببحث مصير رأس النظام كعنوان للإجرام، ومسؤول عن اساس ما يجري.. لكنهم كانوا يسربون، أو ينشرون عبر الوفود التي زارتهم من المجلس الوطني والإئتلاف وبعض المعارضين الصلبين.. أنهم غير متمسكين به.. ولكن ......
ـ ولكن هذه تنوّعت، وتلونت..وتناقلت، وتراوحت بين الاستبطان والخبث.. كالقول الدائم : نحن لسنا ضد إرادة الشعب السوري . أو نحن مع ما يقرره الشعب السوري، ثم : مصير الأسد يقرره الشعب السوري.. مع بعض الغمز المفتوح على شتى أنواع التفسيرات.. كالقول : بأنهم لا يمونون عليه، وليسوا قادرين على ممارسة ضغط قوي يجبره على الانصياع . أو دفع تلك الوفود نحو إيران والقول : بأن إيران هي الوحيدة القادرة على إلزامه، وإجباره.. وإيران وما إدراك ما إيران وموقفها من " بؤبؤ العين"، أو عقدة سبّحتها التي قد تفرط بسقوطه..
ـ كان ذلك قبل الاحتلال الروسي لبلادنا، وحتى الآن.. حيث نستمع اليوم لتعصريح من الخارجية الروسية يعلن أن موقف روسيا من بقاء الأسد ليس مسألة مبدئية...؟؟.... أي لو اردنا فصفصة الكلام وفهم معانيه يمكن أن ندخل في مغارات مفتوحة الأشداق على الاحتمالات.. وماذا تعني كلمة مبدئية في علم السياسة، ومواقف الدول؟.. وكيف تختلف عن المواقف غير المبدئية ؟...
ـ مثلاً هل القصة بأصولها وفصولها مرتبطة بالمصالح الروسية الباحثة عن ضمانات لتأمينها؟...
ـ هل وصلت القيادة الروسية إلى حدود التخلي عن القاتل والبحث عن بديل ؟..
ـ هل تمارس اللعب بهذه الورقة للابتزاز؟.. أم لجذب بعض المعارضين إلى اللقاء في موسكو، وإسالة لعابهم بكلام شبه إيجابي بينما طائراتها تمارس سياسة الأرض المرحوقة، وتستهدف المدنيين بالجملة، ومواقع المعارضة بالأساس ؟؟....
ـ وبالوقت نفسه يجري النفخ الكبير بشقة الخلاف بين الموقف الروسي والإيراني، وصبّ كثير من التحليلات على جوهره، وأن الأمور بين روسيا وإيران لم تكن متطابقة يوماً، وان لكل منهما سياساته واعتباراته خاصة حول مصير الأسد.. وأنه في حين تصرح إيران بأن " أسدها" خط أحمر، وتهدد بالانسحاب من مسلسل فيينا تكلق روسيا تصريحاً مغايراَ يحاول إبلاغ المعارضة السورية بتبدل الموقف الروسي، وأقله : قابلية روسيا لبحث مصير الأسد .. ولكن .....؟؟...
ـ ولكن هنا يرجعونها لإرادة، أو قرار، أو رغبة الشعب السوري.. والسؤال المهم : كيف؟، ومتى، وأين يعبّر الشعب السوري عن إرادته، أو رغبته؟؟...
وهل بعد كل الذي جرى، ووجود أكثر من نصف الشعب السوري في النزوج واللجوء، وانتفاض أغلبية المدن السورية وإعلانها الانضمام إلى مطالب الثورة بالحرية والكرامة والنظام الديمقراطي.. علينا أن نسأل الشعب السوري رأيه بهذا المجرم، ومصيره، ومستقبله ؟...
ـ هل يكون ذلك، مثلاً، باستفتاء عام ؟؟... كيف ومتى ؟...
أم بإجراء انتخابات يكون هو أحد المرشحين فيها؟.. أي " تيتي تيتي"، وبما يعني تكتيك خبيث لتثبيته، ومنحه حرية الترشح، ولمَ لا العودة منتصراً في انتخابات يقبض فيها على أجهزة الأمن، ووسائل التزوير المعهودة ؟؟...
***
لقد حدثت تطورات، أو محاولات متلاحقة لتفسير الموقف من مصير الأسد، قدّمته تركيا والسعودية وفرنسا وقطر، في حين ما يزال الموقف الأمريكي أقرب للمسرَحة، تقضي، ووفقاً لبنود جنيف 1، والقرار الأممي 2118، ومفهوم الجسم الانتقالي وصلاحياته، وتحديد مهام وزمن المرحلة الانتقالية ببقاء رأس النظام لمدة ستة أشهر لكن شرط أن تنتقل صلاحياته الرئيسة لذلك الجسم الانتقالي ضماناً لمنح هذا الجسم قدرة العمل، والشروع في عملية الانتقال وفق البنود المحددة، خاصة ما يتعلق منها بوقف إطلاق النار، وحل الأجهزة الأمنية وتشكيلها من جديد، ومعالجة بناء الجيش السوري من بقاياه ومن الجيش الحر، وصلاحيات الحكومة الانتقالية التي يجب أن تكون متكاملة لا يتدخل في عملها أي طرف آخر، وصولاً إلى تشكيل الجسم التشريعي، واستناداته الدستورية، والبدء بصياغة دستور جديد منبثق من صلب التعددية والنظام الجديد المنشود .
ـ لقد اختلف المجتمعون في فيينا حول مصير الأسد، ودوره، ومدة بقائه.. وألحّ افيرانيون على استمراره، وطرح الروس مدة عام ونصف .. يكون كامل الصلاحيات في الأشهر الست الأولى، ثم بصلاحيات رمزية في العام الذي يليها، ولم يتفق المجتمعون على صيغة موحدة... بينما يحمل البيان بعض التعابير الإشكالية، والاحتيالية حول الجسم الانتقالي وتعريفه وصلاحياته، ووضع كلمة الحوكمة بديله، والتناقض المريع بين محاولة تحديد مدة وصلاحيات رأس النظام، وبين القول بأن مصيره متروك للشعب السوري.. بطريقة غامضة، وملتبسة ...وبما يعني أن وضعه عادي، وان محاكمته على جرائمه لن تكون، وان من حقه الترشّح" كمواطن سوري سوي" للانتخابات القادمة ؟؟.....
واليوم تدعو روسيا من جديد" الفرقاء" للقاء في موسكو.. وتقصد بهم : أهل النظام والمعارضة.. وحين تسأل من هي تلك المعارضة التي ستحاور أهل النظام.. يجيء الجواب المغمغم : الجميع.. في حين يعرفون مسبقاً أن الإئتلاف، وأطياف عديدة لن تقبل الحضور، وان معظم المشاركين من " المعارضة المعتدلة".. في حين نحتاج فعلاً لتعريف دقيق عن مضمون ومفهوم وحدود الاعتدال ....
عقاب يحيى الثالث من تشرين الثاني
وسوم: 640