بصراحة.. هناك خفايا وحقائق ولعبة تُحاك
اللعبة القديمة الحديثة التي تُحاك منذ زمن في أروقة المجتمع الدولي بشأن وضع حد لمسلسل أنهار الدماء التي تتدفق من أجساد الشعب السوري لنحو خمس سنوات، ما كان منها معلناً أو بالخفاء، تصاعدت وتيرتها في هذه الأيام، بعد سكوت وصمت مريب من المجتمع الدولي على المخلب الروسي المتمثل بعشرات الطائرات الحربية الحديثة التي تجرب موسكو فاعليتها في سماء سورية لأول مرة، لتزرع الموت والدمار في كل الأراضي السورية، وتجبر مئات الألوف على الهجرة إلى خارج سورية أو إلى النزوح الداخلي بحثاً عن مكان يقيهم من صواريخ وقنابل هذه الطائرات الفتاكة، التي لا تفرق بين ثائر ومدني، وطفل وشيخ وامرأة، أو مستشفى أو دار عجزة أو مدرسة أو دور عبادة، وكل ذلك تحت غطاء محاربة الإرهاب، الذي أجمع الكل أنه يتمثل في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وكل وسائل الإعلام العالمية والمحافل الدولية، أقرت أن ما نال هذا التنظيم من الضربات الجوية الروسية لا يزيد على 10% والباقي كان هدفه الجيش الحر والمدنيين، خدمة لبشار وأركان ومرتكزات نظامه والمليشيات الحليفة له، ولكن إخفاق بشار وجيشه المتهالك المدعوم بالحرس الثوري الإيراني وحزب اللات والمليشيات الشيعية الطائفية التي استوردها من العراق وأفغانستان وباكستان وغيرها في تحقيق أي نصر لها على الأرض، في مواجهة الثوار الذين جعلوا من الدبابات الروسية ومجنزراتها وآلياتها وراجماتها ومدافعها أكواماً من الرماد، ولقنوا الحرس الثوري الإيراني وميليشا حزب اللات، وكل المرتزقة الذين استوردوهم النظام الباغي لقتل الشعب السوري درساً في فنون الحرب والشجاعة والثبات والتضحية والفداء، مما فرض على موسكو أن تغير من لعبتها القذرة، وتتوجه إلى لعبة الحل السياسي المتمثل في إبعاد بشار عن مسرحها، والإبقاء على نظامه وأركان حكمه تحت شعار عدم القضاء على المؤسسات الحكومية والأجهزة الأمنية والجيش، وسارعت إلى استدعاء عميلها المهزوم بشار الأسد إلى موسكو، لإبلاغه بقرار عزله وتكليف نائبه فاروق الشرع للتفاوض مع المعارضة المعتدلة، لاستلام إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية، ومنح الأسد مهلة ثلاثة أشهر، تنتهي قبل منتصف الشهر الأول من العام القادم، لإعلان ذلك والتمهيد عبر مراحل تدريجية، مع احتفاظه بأمواله المنهوبة، وخيار البقاء بالإقليم العلوي بحماية روسية، أو الانتقال للعيش بالقرب من الكرملين، وسارع بوتين للاتصال بالرياض وأنقرة لإبلاغهم بقبول الأسد بالتنحية.
وعاد الأسد الى دمشق وحيدا مع مدير مكتبه، وبقي الشرع بموسكو لمقابلة المعارضة السورية المعتدلة والتمهيد للسلطة الانتقالية.
هكذا تخطط موسكو وتفصّل ليلبس السوريون ما يحاك لهم، متناسية أن حقبة (سايكس بيكو) هي غير حقبة الثورة والثوار، فإذا ما كان السوريون مغيبون في الماضي فهم اليوم حاضرون بكل الزخم والإرادة والتصميم، فدون سورية اليوم بوحدة ترابها ونسيج مجتمعها وحرية شعبها وعيشه الكريم وإرادته وقراره، لن تكون هناك حلول مهما تكالبت الأمم وأجمعت، فالقرار بيد السوريين وحدهم وعلى موسكو وواشنطن وكل عواصم الدنيا أن تقر بذلك، وتدع سورية للسوريين للتوافق على الحل بعيداً عن الإملاءات، فالشعب الذي قدم حتى الآن ما يزيد على 300 ألف شهيد وأكثر من نصف مليون جريح ومفقود، وتهجير ونزوح أكثر من 13 مليون سوري لن يبخل بتقديم المزيد حتى يتحقق النصر وينزاح كابوس حكم آل الأسد ونظامه وأركان حكمه عن صدره {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
وسوم: 640