خَطرُ التشيُّعِ في الجزائر
أتذكرُ جيِّدا في عام 1988 عندما حضر المتشيّع عبد الباقي قرنة – وهو ابن مدينتي “المسيلة”، الواقعة في الشرق الجزائري – إلى مسجد أسامة بن زيد في المدينة نفسها، وأراد حينها أن ينشر الفكر الشّيعي في تلك المدينة، كمرحلة أولى ثم ينتقل إلى مدن أخرى كمرحلة ثانية، مع العلم أنّ هذا الأخير كان يُقدِّم دروسًا للأشبال في هذا المسجد، وكان أستاذ يدرِّس في متوسطة أبي علي حسن بن رشيق المسيلي التي كنت أدرسُ بها آنذاك في السنة الدراسية 83/84.
وفي عام 1986 توجه إلى إيران أين تشبَّع بالفكر الشّيعي وأصبح مستبصرا كما يقولون، ثم أضحى فيما بعد من المرجعيات الشيعية بمدينة قم الإيرانية.
ولحسن حظ مدينتنا قام الإخوة القائمون على المسجد آنذاك بالتّصدِّي لهذا الشّخص وطردوه من المسجد ومن المدينة وإلى غير رجعة.
أَرَدْتُ أن أضع هذه المقدمة لأوضِّح على أنّه كانت هناك محاولات لنشر الفكر الشيعي في الجزائر في سنوات القرن الماضي، لكنّها كانت تُواجَهُ دائمًا بالرّفض الشعبي المطلق، ولم يستطع الذين يعملون على هذا الهدف أن يتغلغلوا داخل اللُّحمة الشعبية المتشبّعة بالعقيدة الصحيحة وبمنهج السنة والجماعة، وبالمذهب المالكي على الخصوص.
كما أنّ إيران حاولت مرارا وتكرارًا في سنوات الأزمة الجزائرية أو ما يُعرف بالعشرية الحمراء أو سنوات الجمر أو المأساة الوطنية، أن تنشِئ ميليشيات لها وأذرع مسلحة، فاستطاعت إلى حدٍ ما أن تنشر الفكر الإجرامي والعنف الهمجي داخل تلك التّنظيمات التي اخترقتها، لكنها لم تستطع أن تنشرَ العقيدة الشيعية داخل أوساط هذه الجماعات والتنظيمات، وهذا ما أشارت إليه السلطات الجزائرية في عام 1992 عندما توصَّلت واكتشفت تورط إيران في إشعال نار الفتنة بين الجبهة الإسلامية المُحلَّة والسلطة آنذاك، مما دعا هذه الأخيرة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران ورحيل السفير الإيراني، إذ أنّ العديد من المجازر التي أُقتُرِفت ضد الأبرياء وخاصة في القرى الجزائرية، كانت نتيجة تورط حزب الله اللبناني وإيران، والذي لا يُصدِّق هذا الكلام ينظر إلى ما يحدث في المشهد العراقي منذ 2003 ومسلسل التفجيرات والدم العراقي يسيل دون توقف إلى اليوم.
وبما أنّ المجتمع الجزائري بكل أطيافه رفض كل مظاهر العنف والإجرام الممنهج، وسعى إلى الخروج من هذه المحنة والحمد لله أبطل تلك المشاريع والمخططات التي كانت تسعى لتفكيك الجزائر وتقسيمها مثلما يحدث الآن في العراق ولبنان وسورية واليمن.
والمتتبع لتاريخ منطقة شمال افريقيا بما فيها الجزائر، أول ما يُلاحظه هو وفاء أهل وسكان هذه المنطقة لمنهج السنة والجماعة ممثلا بالمذهب المالكي، فرغم ما فعلته الدولة الفاطمية في محو كل آثار السُّنة، من خلال تحريم الإفتاء بالمذهب المالكي، ومعاقبة كل من يستنَّ به، حيث جعلت هذا الأمر جريمة يُعاقب عليها القانون.
ورغم المدة التي حكمت فيها هذه المنطقة ونشرها للمذهب الإسماعيلي الشيعي وفرضه بالقوة، لم تستطع هذه الدولة أن تقضي على المذهب المالكي الذي عاد بقوة وبقي راسخا في حياة شعوب المنطقة ومنها الجزائر.
ورغم محاولات فرنسا الاستعمارية في القضاء على الدين الإسلامي السُّني، ومحو الهوية الإسلامية واستبدالها بالمسيحية عبر النشاط التنصيري الذي كان سائدًا في تلك الحقبة، إلا أنّ الشعب الجزائري بقي وفيا لسُنَّتِهِ المحمدية.
غير أنّ طمأنتنا هذه لا تعني انتهاء وتوقف مشروع تشييع الجزائر، الذي تعمل عليه إيران منذ أمدٍ بعيدٍ، بل بالعكس إننا نُحذّر من هذا الخطر، وخاصة بعد البروز العلني لشيعة الجزائر عام 2011 من خلال مظاهر الاحتفال بيوم عاشوراء في مدينة عين تيموشنت الواقعة في الغرب الجزائري، وهذا عندما خرج عدد من المتشيِّعين في شوارع المدينة، احتفالا بيوم كربلاء، تقريبا بنفس صورة الاحتفال بهذا اليوم في إيران والعراق وجنوب لبنان.
كما تمَّ في المدينة نفسها ضبط حالات تلطيخ نسخٍ من المصحف الشريف بالقاذورات، وقد وُضعت طلاسم وكتابات غير مفهومة فوق الآيات القرآنية، وتمَّ حذْفُ بعضها وخاصة تلك التي برّأت أمنا عائشة رضي الله عنها.
فعندما وصلت الوضعية الى هذه الحالة لابد من دق ناقوس الخطر.
وإذا كان التشيُّعُ في السابق يتم بتكفيرِ الصحابة وسبِّ أبي بكر وعمر رضي الله عنهما والطعن في شرف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فإنّ التشيُّع المعاصر بالإضافة الى ما سبق، يتِّمُ بتكوين المليشيات الشيعية كالتي توجد في لبنان والعراق وسورية واليمن، فعلى السلطة في الجزائر ووزارة الشؤون الدِّينية والأوقاف بالخصوص أن تنتبه لهذا الخطر الدّاهم.
د.اسماعيل خلف الله
مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية
وسوم: 641