اجتماع فيينا يتبنى رؤية روسيا للوضع في سورية
تقرير خاص
من وكالة سمارت للأنباء
وضعت ١٧ دولة مجتمعة في العاصمة النمساوية فيينا خطة للحل السياسي في سورية مدتها سنتان.
وتشمل الدول المجتمعة كلاً من روسيا والصين وإيران ومصر والعراق ولبنان وألمانيا والأردن وعمان والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وإيطاليا وقطر والسعودية وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة إضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي.
وتشكل الخطة تبنياً للرؤية الروسية للوضع في سورية، وخروجاً واضحاً عن مبادئ إعلان جنيف ١ التي كانت تعتبر المرجع الرئيسي لعملية انتقالية في سورية تؤسس لنظام حر وديمقراطي يحل تدريجياً محل النظام الحالي.
وتنص الخطة على إجراء مفاوضات مباشرة بين النظام السوري والمعارضة السورية بعد 45 يوماً، وتحديداً في الأول من الشهر الأول من السنة المقبلة. وتنتهي 6أشهر من المفاوضات بتشكيل حكومة موسعة، وخلال فترة 18 شهراً تقوم الحكومة بإصلاحات تشمل وضع دستور جديد و تنتهي بإجراء انتخابات رئاسية.
وبشأن الطلب الروسي وضع قوائم للفصائل السورية التي يجب أن تعتبر إرهابية، أوضح وزير الخارجية الروسي سرغي لافروف أن "الأردن سينسق قوائم المنظمات والفصائل الإرهابية، وروسيا ستشارك بقوة في هذا العمل"، فيما أقر جون كيري وزير الخارجية الأمريكي بأن "تنظيم "الدولة الإسلامية" و "جبهة النصرة" يعتبران تنظيمات إرهابية ويجب محاربتهما منذ الآن.
وتعهد المشاركون في المحادثات "باتخاذ كل الخطوات الممكنة" لضمان التزامهم والجماعات التي يدعمونها بوقف اطلاق النار في سورية في أقرب وقت ممكن، إنما من دون أن يشمل وقف إطلاق النار الحرب على تنظيم الدولة وجبهة النصرة وكل التنظيمات والفصائل التي ستعتبر إرهابية.
وبانتظار وضع لائحة المنظمات المعتبرة إرهابية، لم تتم الإشارة بأي شكل إلى اعتبار أي من الميليشيات المؤيدة للنظام إرهابية، من مثل حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية والحرس الثوري الإيراني وميليشيات ما يعرف في سورية بالشبيحة.
وتنص الخطة على تكليف مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية "ستافان دي مستورة" باختيار وفد المعارضة السورية الذي سيفاوض النظام في 1 / 1 / 2016. ويحظى ديمستورة بدعم الحكومة الروسية، وأظهر اختياره لوفود المعارضة في لقاءات تشاورية في جنيف منتصف العام الحالي، أنه يميل إلى اعتبار الكثير من الشخصيات القريبة من النظام السوري، شخصيات معارضة يجب أن تنضم إلى وفد المعارضة في أي عملية تفاوضية محتملة مع النظام.
ويرفض ديمستورة بشدة تكرار ما حصل في مفاوضات جنيف 2 حين مثل المعارضة السورية وفد يقوده الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.
وحققت روسيا أهم أهدافها حين استبدلت العبارة الرئيسية في خطة جنيف وهي تشكيل "هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات" بعبارة فضفاضة هي "حكم جدير بالثقة لا يقصي أحدا وغير طائفي"، وظل وزير خارجيتها يستخدم مصطلح "حكومة وحدة وطنية" وهو المصطلح الذي دأبت روسيا والنظام في سورية على استخدامه تعبيراً عن رفض تخلي رأس النظام بشار الأسد عن صلاحياته في الفترة الإنتقالية.
ولم تبين الخطة من صلاحيات هذه الحكومة سوى القيام بإصلاح دستوري، والاعداد لإنتخابات رئاسية، بينما كان بيان جنيف يمنح هيئة الحكم الإنتقالي كامل الصلاحيات لفكيك النظام والانتقال بسورية إلى نظام ديمقراطي كامل. كما تركت خطة فيينا مجهولة صلاحيات رأس النظام السوري بشار الأسد في فترة ال 18 شهراً التي ستعيشها هذه الحكومة، بينما كان بيان جنيف ينص على تجريده من كل صلاحياته خلال الفترة الإنتقالية.
ونجحت روسيا في اسقاط أي إشارة إلى تنحي بشار الأسد، أو عدم مشاركته في الانتخابات الرئاسية المأمول إجراؤها في 1 / 1 / 2018 وتركت كل هذه المسائل إلى المفاوضات التي ستجري بين النظام ووفد المعارضة الذي سيشكله ديمستورة من بين معارضين وشخصيات قريبة أو موالية للنظام، ما يجعل من المستبعد أن تسفر المفاوضات المخطط لها عن تجريد بشار الأسد من صلاحياته أو إزاحته عن السلطة أو منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وردد وزير الخارجية الأمريكي حرفيا عبارة "مصير الأسد يقرره الشعب السوري" التي ظل المسؤولون الروس والإيرانيون يرددونا منذ سنوات بالتزامن مع قيامهم بتقديم كل أشكال الدعم للنظام السوري ولرئيسه الذي واجه بيد من حديد ثورة شعبية طالبت بتنحيه عن السلطة وبحق الشعب السوري في تقرير مصيره.
وحاول الوزير الأمريكي تبرير موقفه الجديد بالقول "ما زلنا مختلفين بكل وضوح بشأن مسألة ما الذي سيحدث مع بشار الأسد، لكننا نعول على العملية السياسية التي يتفاوض فيها سوريون مع سوريين، في أن تسهم في طي هذه الصفحة المزعجة. يقال لنا الآن أن الأسد جاهز ليكون جاداً، ولإرسال وفد للمفاوضات. إذا لم يحصل ذلك فهذه الحرب ستنفلت من عقالها. هذه الخطة تعطي فرصة لبشار ليتخذ القرار الصحيح".
بالمقابل كان عادل جبير وزير الخارجية السعودي يتحدث بلغة مختلفة تماماً حين قال "دعمنا للمعارضة السورية مستمر، والخيار العسكري مازال وارداً، سندعم المعارضة السورية كأنه لا يوجد مسار سياسي، وسنسير في المسار السياسي وكأنه لا يوجد مسار عسكري. بشار الأسد مجرم حرب ويجب أن يرحل، إذا رحل بحل سياسي فهذا جيد، وإلا فيجب إسقاطه بالعمل العسكري"
وسوم: 642