في تربية الأطفال
المنتسوري قام وتطور على فكرة الملاحظة.
إحداهن (ماريا مونتسوري) أرادت أن تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال، وجدَّتْ في ذلك، وبالملاحظة تطور الأمر لمنهج متطور وفعال في تعليم الأطفال عمومًا وليس فقط ذوي الاحتياجات الخاصة.
ومنتسوري جاءت بعد تخبط .. تجارب متعددة اعتمدت في جملتها على البيئة بدأها "جان جاك روسو" في نصائح استقاها من بيئته ودونها في هيئة رسالة لطفل أسماه"إيميل". ثم توالت التجارب تتكئ على الملاحظة والحاجة ولازالت تجاربهم تتطور في إطار المصلحة والواقع المشاهد، تتطور دون ثابت يربطها ويحجم حركتها.
وفي المشهد الصحوي وشبه الصحوي حالة من اليقظة والرغبة الجادة -بين أبناء الطبقة المتوسطة وتحت المتوسطة- تتجه لتحسين إمكانات الجيل الصاعد من الأطفال والشباب، وتتعدد مستويات الفعل بين من يقتصر على تحفيظ نص القرآن الكريم بأدوات قمعية تذكر بحال الكتاتيب في القرون الوسطى، وبين من يلقن الأطفال كتلًا من المتون "العقدية" و"الفقهية"... الثقيلة التي لا يقوى عليها الكبار على أمل أن تتفكك مستقبلًا ويفهم الطفل ما قد تحزن في رأسه في الصغر، هذا إن لم تغسله الأيام بأدوات الفسق والمجنون والملاهي المنتشرة في كل مكان؛ وبين من يلحق بالمناهج الغربية بعض المظاهر الإسلامية مثل الأذكار؛ وبين من يحاول "أسلمة" الافكار الغربية، بنقلها كما هي .. وغالبًا ما ينقل أدوات يستعملها في انتاج فرد بذات القيم الغربية، وأقصى ما يمكن أن يحصل عليه هؤلاء هو تجريد عملية التربية من بعض المظاهر السيئة، مثل الاختلاط بين الطلاب أو مع المعلمات المتبرجات، ولكن يبقى الجوهر كما هو، ويبقى المطلوب منا شيء آخر، هو توطين قيمنا. هو البناء على قواعدنا نحن.
هذه الجموع الجادة التي تتحرك بقوة بحثًا عن سبيل للرقي بأبنائها وأطفالها... هذا المد الهادر الذي أحدثته ثقافة "التنمية البشرية" تحتاج لشيء زائد على هذا الجهد.. تحتاج –من وجهة نظري- إلى تأطير. إلى أن تحفر في محيط ثقافتنا. إلى أن لا تتجاوز أدوات المخالف لا مناهجهة. فكما قد تطور الغرب بمعزل عن الحضارة الغالبة يومها (حضارة الإسلام) ولم يقتبس منها غير أدوات سلح بها أبناءه وأحقاد أشعل بها صدور الفجرة من أبتاعه وجاءنا بلا قيم ولا أخلاق يهلك الحرث والنسل ويحدد الهدف من تعامله معنا في أن نكون له سوقًا استهلاكية ومصدر للموارد الطبيعية ليحى هو حياة "طيبة" ونبقى نحن في حالة من التبعية والمهانة. ونحن ننقل عنه مذ اتصلنا به ولم ننهض والسبب أننا ضمن أطره .. على قيمه وثوابته.. ولابد من الرحيل. لابد من العمل ضمن أطرنا وثوابتنا. لابد من الدخول في أطر إسلامية بحته، تتكئ على التراث ولا تتجاوزه، وتسترد منهجية الملاحظة، وتسير إلى التمكين لحضارتنا.
وسوم: العدد 646