العرب عام 2050
كاظم فنجان الحمامي
وضعت التنبؤات الاقتصادية في منظورها المستقبلي ترتيب البلدان المرشحة لتبوأ مراكز الصدارة العالمية في الرخاء والثراء للعقود الأربعة القادمة, واتخذت من عام 2050 سقفاً نهائيا لتلك التنبؤات، التي ارتكزت في التوصل إليها على قراءات الإنتاج الإجمالي المحلي المعبر عنه بالأحرف ((GDP، ويعني: Grossdomestic product
وتوقعت التقارير التخمينية ارتفاع المؤشرات الاقتصادية للبلدان الآسيوية الفقيرة في حلول عام 2050، وأن الهند الضعيفة ستحتل مركز الصدارة الاقتصادية لتشغل المربع العالمي الثاني في الثراء، متقدمة على البلدان العربية صاحبة الثروات النفطية الهائلة، بمعنى أن الأقطار الخليجية ستصبح بعد أربعة عقود في ذيل القائمة، ومن المحتمل أن تغرب شمسها، وينضب نفطها، ويتبخر غازها، لتعود من جديد إلى كهوف التصحر والانزواء ما لم تحدث المعجزة وتتصدى للتحديات المستقبلية الخطيرة المتربصة بها.
تتوقع التقارير أيضاً تحول مراكز الثقل من الشرق الأوسط إلى الصين وشبه القارة الهندية، ومن المتوقع تزايد حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي في البلدان الآسيوية النامية، ليقفز من 29% عام 2014 إلى 49% عام 2025، وسوف تتمكن الهند من اللحاق بالصين لتصبح رديفتها في القافلة العالمية الزاحفة نحو النمو المضطرد.
المثير للدهشة أن توقعات عام 2050 تشير إلى احتمال تصدر البلدان التالية قائمة الأقطار العشرة الأولى، فتأتي المكسيك بالمركز العاشر، تسبقها بريطانيا بالمركز التاسع، ثم فرنسا في المرتبة الثامنة، تأتي فوقها ألمانيا في التسلسل السابع، ثم اليابان سادساً، فروسيا خامساً، فالبرازيل بالمركز الرابع، ثم الولايات المتحدة في الترتيب الدولي الثالث، بينما ستحتل الهند المرتبة الدولية الثانية، وستتصدر الصين قائمة البلدان الثرية.
من المؤسف له أن البلدان العربية المنشغلة هذه الأيام بصراعاتها الداخلية العقيمة والغارقة في مهاتراتها الطائفية المقيتة، لا تدري حتى الآن أنها في طريقها نحو الانهيار والتقهقر، ولا تعلم أنها في طريقها نحو الانزلاق إلى هاوية الفاقة والإفلاس بعد زوال نعمة النفط والغاز. وكأنك يا أبو زيد ما غزيت، وتيتي تيتي مثل ما رحتي أجيتي. المثير للغرابة أن البلدان الخليجية استسلمت منذ الآن للهنود والباكستانيين، حتى اختفى الإنسان الخليجي, وصار من المتعذر العثور عليه وسط هذا الزحام الكثيف من العمالة الأجنبية الوافدة إلى المنطقة, إذ بلغت نسبة السكان الأصليين (25%), وانخفضت هذه النسبة في الإمارات فهبطت إلى (15%) في تركيبتها السكانية المُخترقة المُنتهكة, بينما استحوذت العمالة الأجنبية على النسبة العظمى, فكل مواطن إماراتي يقابله عشرة وافدين, ما يعني إن اللغة الأوردية باتت هي اللغة الأولى, وبات من المؤكد أننا سنخسر ثقافتنا, ونفقد عاداتنا ونودع تقاليدنا, ونخشى أن يأتي اليوم الذي يكون فيه مصير إمارة (دبي) مثل مصير جزيرة (فيجي) عندما آلت فيها السلطة إلى الهنود الوافدين إليها, وتحول سكانها الأصليين إلى رعايا لا حول لهم ولا قوة, في ظل الديمقراطية التعسفية, التي فرضتها عليهم القوى الدولية لصالح الأغلبية التي يمثلها الهنود.