تراجع الدولة وتقدم المنظمات من خلال أحداث العراق
تراجع الدولة وتقدم المنظمات
من خلال أحداث العراق
معمر حبار
مقدمة جزائري حول عراقنا الحبيب : الأحداث السريعة التي تجري على أرض عراقنا الحبيب، جعلني أعتكف على مشاهدة الفضائيات العراقية، الموالية للحكومة والمعارضة لها. وفي نفس الوقت الوقوف على بعض القنوات الأجنبية عن العراق، بمختلف مواقفها المؤيدة والمعارضة، وكذا الاتصال ببعض الزملاء من العراق، عبر البريد الخاص ، للوقوف على أحوالهم والطمأنينة على أهلهم وأنفسهم، وكذا مطالعة مواقف بعض الكتاب العراقيين، الذين تربطني بهم صداقة علم وكتابة وتبادل للأفكار، وكذا بعض العناوين العراقية، التي تباين موقفها بشكل واضح جلي، حول مايجري في العراق.
لفهم مايجري في عراقنا الحبيب، لابد للمتتبع أن يرجع إلى الوراء قليلا، وليكن ماقبل الاحتلال الأمريكي البريطاني الأطلسي للعراق، نقطة انطلاق. ويطرح السؤال التالي على نفسه، كيف كان الجيش العراقي في تلك الفترة؟.
حين أنهزم الجيش العراقي، أمام دول العالم بما تملك من قوة نارية، وسيطرة على السماء، وعون من الجيران. وصف يومها الجيش العراقي، بالضعف والخيانة والجبن. واليوم أتابع عبر قناة روسيا اليوم، على لسان أحد الأساتذة العراقيين قوله ..فرار 85 ألف جندي عراقي، أمام 1500 مسلح. ومنذ دقيقة واحدة، قال أستاذ عراقي للقناة BBC البريطانية، الناطقة باللغة العربية .. لايعقل فرار لواء، وجنرال، ولايعقل استسلام مقر القيادة، دون إطلاق رصاصة واحدة. وكل الذين تحدّثوا معهم، أكدوا حقيقة واحدة .. فرار الجنود العراقيين، ونزع لباسهم العسكري، واستبداله باللباس المدني، وتغلغلهم بين المدنيين.
وبغض النظر عن الأسباب، فإن مايجب التأكيد عليه، الجماعات بمختلف أسماءها وشعاراتها، أضحت تحل محل الدول الكبرى، وللتدليل على ذلك ..
الجيش السوري، لو تدخل جماعة من لبنان، لانهار أكبر جيش في المنطقة. وها هو الجيش العراقي، ينهار ودون أن يطلق رصاصة واحدة، أمام مجموعة صغيرة، لاتملك عشر مايملكه من عدة وعتاد وجند وتدريب ودعم.
إن الذي أصاب الجيش العراقي، جاء بعد حصوله على الدعم العسكري، وشراءه للطائرات المقاتلة، والأسلحة الفتاكة، بأموال باهظة.
إن الذي حدث للجيش العراقي من إهانة على يد الجماعات الجديدة التي دخلت الموصل، وهي في طريقها لبغدادا، وتعرّضت للإهانة على يد الأراضي التي احتمت بها، كما يقول الأستاذ العراقي ، عزيز جبر. والبارحة أظهرت إحدى القنوات العربية، فيالق بأكملها من الجنود العراقيين، ينسحبون بطلب من الجماعات الجديدة، حتّى لايتعرّضون للإبادة، ففضلوا السلامة والانسحاب وترك السلاح، والهروب خارج الديار. وقد انتقد أحد القادة العسكريين، بثّ مثل هده الصور، ولم ينكر صحتها، بل أكد أنها صحيحة وغير مزوة.
إن جيوش الدول العربية، وضعت لتحمي قصور القادة، وآبار النفط للغير، و"حدود !!" الصهاينة بإتقان. وانظر إلى الجيش الروسي، كيف تعامل مع مسألة القرم، بعقلية محترفة، وفصل في الأمر في دقائق معدودات. وكذلك الجيش الجزائري، كيف تعامل مع حادثة تقنتورين، فقد كان حازما ومحترف ، ولم يترك لحظة استراحة للجماعات المسلحة، ونجح في إظهار احترافية عالية دقيقة، دون أن يصاب جندي واحد من جنوده.