رفع العقوبات عن إيران... دراسة في الأسباب والنتائج
مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
بعد مقاطعة اقتصادية وسياسية من قبل امريكا والمنظومة الغربية استمرت منذ نجاح الثورة في ايران، واعلان النظام الجمهوري عام 1979، وكان الهدف منها الضغط على النظام السياسي في ايران من اجل تغييره، او في اقل تقدير ان يكون ضمن المنظومة الغربية واهدافها في المنطقة، ثم بعد ذلك ازداد التشدد في العقوبات الاقتصادية والسياسية وفرضت عدة قرارات ضد ايران صادرة من مجلس الامن، بعد اكتشاف البرنامج النووي الإيراني السري عام 2002، ومع استمرار فرض العقوبات، استمرت المفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأمريكا والدول الغربية من جهة، وايران من جهة أخرى.
ثم ظهرت إلى النور خطة العمل المشتركة الشاملة بين إيران والسداسية، وتم عقد الاتفاق النووي الشامل في يوم الثلاثاء 14 تموز 2015، الذي تلتزم طهران بموجبها بوضع قيود على برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.
ومع دخول الاتفاق النووي الموقع بين طهران والدول الكبرى (الخمسة + 1) حيز التنفيذ السبت الماضي، بدأ بالتبعية رفع العقوبات الاقتصادية التي كانت قد فرضت على طهران منذ العام 1979، وهو ما يثير العديد من الأسئلة حول الدور المرتقب لإيران في المنطقة، بعد رفع العقوبات عنها وهل ستستثمر حريتها في الحركة وما سيعود عليها من نفع اقتصادي وسياسي بعد رفع العقوبات، في اتجاه مزيد من الاستقرار في المنطقة أم ستكون له عواقب ونتائج ليس في صالح ايران.
ان رفع العقوبات عن إيران تم لأسباب عديدة، منها ما هو داخلي يخص الأوضاع السياسية والاقتصادية فيها، ومنها ما هو خارجي يخص أوضاع المنطقة، خاصة بعد احداث الربيع العربي عام 2011، واضطراب الاوضاع في سوريا واليمن والعراق بشكل متسارع جعل من الدول الاقليمية والدولية تخشى من خروجها عن السيطرة، ومن هذه الاسباب هي:
اولا: الاسباب الداخلية
1- اقتصاديا، على الرغم من ان ايران تعد دولة متطورة اقتصاديا قياسا لبعض دول المنطقة، ولديها صناعات متطورة، في المجالين العسكري والمدني، وقطاع زراعي له دور في الصادرات الايرانية، مثل الفستق والفواكه، والثروة الحيوانية مثل السمك والكافيار، وتعد الزراعة الايرانية الممول الرئيسي لعدد من دول المنطقة كالعراق ودول الخليج العربية، وان اعتمادها على سلعة النفط لا يتعدى 50% في احسن الاحوال، الا ان مقاطعة الشركات الغربية لإيران، وعدم وجود استثمارات، وانخفاض تصدير النفط الذي وصل الى مستويات متدنية جدا، وانخفاض قيمة العملة الايرانية مقابل العملات الاجنبية، وانخفاض المستوى المعاشي للفرد الايراني، وارتفاع البطالة، كل ذلك اوجد نوع من التذمر داخل المجتمع الايراني، وخلق نوع من الحراك غير المعلن بدأت بوادره في مظاهرات عام 2009، التي كانت شرارتها الاولى ضد فوز الرئيس ( احمدي نجاد) بفترة رئاسية ثانية، الا انه كان لتدهور الأوضاع الاقتصادية، والدعوة لإنهاء العقوبات الغربية، دور في تحريك الشارع الايراني.
ان استمرار الأزمة الداخلية التي تمر بها إيران نتيجة ارتفاع في معدلات البطالة والتضخم وقلة الاستثمارات في قطاع النفط والغاز وأزمة الوقود، حتى إن الانتقادات الموجهة إلى التدهور الاقتصادي جاءت من بعض أفراد التيار المحافظ المحسوب على السلطة السياسية، والذين عدّواَ اعتماد الحكومة على عائدات النفط في استيراد المواد الأساسية من الخارج مع استمرار العقوبات الاقتصادية على إيران وتخصيص القسم الأكبر من الموارد لدعم المواد الاساسية لمنع حدوث تدهور وتذمر شعبي سيكون على حساب الأهداف الأساسية للدولة الإيرانية، كما طالب بعض الإيرانيين بحكومة ذات حنكة سياسية وقادرة على مواجهة المسألة النووية الإيرانية، فمثلا جاءت استقالة بعض المسئولين ومنهم (علي لاريجاني) من رئاسة الملف النووي الإيراني بسبب الخلاف مع الرئيس (محمود أحمدي نجاد) حول كيفية إدارة الملف النووي.
2- استمرار مطالب الإصلاحيين امثال ( مير حسين موسوي، ومهدي كروبي، ومحمد خاتمي، وهاشمي رفسنجاني) والمعارضة الإيرانية الاخرى بالاهتمام بالداخل الإيراني، وتقديم احتياجات الشعب الإيراني على القضايا الخارجية، إذ إن نجاح النظام السياسي مرتبط ببناء الاقتصاد الإيراني ومعالجة المشاكل اليومية، وتقديم سياسة انفتاحية على الداخل والخارج، هو الأمر الذي أدى إلى خروج قطاعات مهمة من الشباب والنساء في مظاهرات بعد انتخابات الرئاسة عام 2009، كذلك ولد بعض الانقسامات في كلا التيارين المحافظ والإصلاحي، وأصبح لكل تيار سياسته وأجندته الخاصة به.
3- واحتماء النظام السياسي الايراني بالدعم من بعض دول العالم، والتعامل في بعض القضايا وفق منطق مثالي، لا يمكن أن يوفر له حماية كافية وضمانة أكيدة للاستمرار، فالصين مثلاً رغم معارضتها للهيمنة الأمريكية، ورفضها استهداف ايران عسكريا، ولكن هناك مصالح بين الصين والولايات المتحدة، وخاصة بالمجال الاقتصادي وهي غير مستعدة لتعريض مصالحها الاقتصادية للخطر، لذلك تسعى الى الموازنة بين مصالحها الاقتصادية في الدولتين والدعوة لحلول وسط، فضلا عن دول الاتحاد الاوروبي، والتي لها مصالح تجارية في ايران، غير انه يجب ادراك حقيقة وهي وجود اتفاق والتقاء حول القضايا الإستراتيجية والاقتصادية المشتركة بين أوربا والولايات المتحدة، ولا تزال أوربا راغبة في الشراكة الأمريكية حول العديد من القضايا، كما ان الوضع الدولي الراهن لا يسمح لإيران أو لا يعطيها فرص مهمة للتحرك بحرية في نطاق اقليمها، وهذا كله سيؤثر على علاقاتها وحتى على نظامها السياسي.
4- احتمال حدوث تغيير في المواقف الداخلية لبعض القوى من النظام السياسي، وهذا ممكنا في ظرف اتهام المعارضة الداخلية بالولاء إلى الخارج في محاولة لإسكاتها، وأن استمرار هذه العملية قد يؤدي في النهاية إلى حدوث تقارب بين المعارضة الداخلية والخارجية في محاولة لتغيير النظام السياسي جزئيا او كليا، كما إن الاستمرار في استخدام الجيش والحرس الثوري في حماية النظام السياسي ليس دائما في مصلحة النظام السياسي، وأن استمرار تدخل الحرس الثوري في العديد من المؤسسات السياسية والاقتصادية قد يزيد من التذمر الشعبي ومن احتمال حدوث تمرد واسع.
ثانيا: الأسباب الخارجية
1- ان الاوضاع المضطربة في الشرق الاوسط، وانتشار الارهاب، وتوسعه في دول الغرب الى مديات غير متوقعة، قاد أمريكا وبعض الدول الأوربية إلى إتباع سياسة مرنة مع إيران، من اجل الحصول على دعمها لإنهاء هذه الصراعات في سوريا والعراق واليمن، خاصة وان لإيران دور فعال في هذه الدول، لهذا اتجهت السياسة الامريكية الجديدة الى كسب ايران، وعقد الاتفاقات معها في مجال الطاقة النووية، ورفع العقوبات الاقتصادية، كذلك ان ايران تحاول استغلال حاجة امريكا لها في المنطقة والمضي في طريق التسويات.
2- بعد انسحاب الرئيس الأمريكي (باراك اوباما) من العراق عام 2011، وإعلان انسحابها من أفغانستان نهاية عام 2016، في محاولاته لسحب يد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، ومتابعتها الأمور عبر حلفائها الإقليميين، يبدو اتفاق إيران ورفع العقوبات عنها سيسهل على الولايات المتحدة عدَّة ملفات، في العراق وسوريا أولًا، بعض التأثيرات في لبنان وفلسطين كذلك، اليمن بشكلٍ أساسي، ما يبدو هو أنّ الولايات المتحدة لم تعد ترى في السعودية حليفها الأهمّ، فقد تصرفت بما يخالف أمانيها، ويبدو أنها ستترك لإيران العنان للتحرك في المنطقة كيفما تشاء طالما تحافظ على مصالح أمريكا، الجدير بالذكر أن طهران وواشنطن اشتركتا في التَّحالف الدولي على تنظيم "داعش" ما يعني أن تعاونا بينهما –عندما تجمعها المصلحة– سيكون مقدَّما على دولة كالسعودية، تورطت في عدة ملفات ولم تستطع حلَّها كملف سوريا واليمن، والذي اثبت أن إيران تبلي فيه بلاءً حسنًا.
3- وفقًا للكثير من التحليلات والتوقعات، إن إيران ستبدأ في لعب دورها كلاعب أساس في امن المنطقة، كما كان الشَّاه سابقًا لأمريكا، فعلى الرغم من إن النظام الحالي لإيران ليس تابعا لأحد كما كان الشَّاه، فالعلاقات الإيرانية – الأمريكية لن تكون متوطدة وقويّة كما يتوقّع البعض، وإنما ستكون أقرب فقط لعلاقات منافع متبادلة في إطار ضيّق، فمن ناحية لا يريد النِّظام الإيراني أبدًا أن تدخل علاقاته بأمريكا مرحلة التطبيع بينما هو يصدرها منذ قيام الثورة باعتبارها شيطانا أكبر، هنا ستبدو هناك مشكلة في بنية النِّظام نفسه، ومن ناحية أخرى لن تستطيع أمريكا أن تطَبّع علاقاتها مع إيران بسبب غضب حلفائها الرئيسيين في المنطقة (إسرائيل والسعودية).
4- حسب توقعات السياسيين فان العديد من الدول الأوروبية تطمح من خلال رفع العقوبات عن إيران بالحصول على منافع اقتصادية في المقام الأول، فسوق السيارات مثلًا بين فرنسا وإيران سيشهد نقلة كبرى بعد رفع العقوبات، خصوصا أنَ ثمة علاقات اقتصادية بين البلدين منذُ سنوات تقيِدها فقط العقوبات التي كانت مفروضة، كذلك فان الشركات الأوربية هي الأخرى محتاجة للأسواق الإيرانية لمواجهة الأزمة الاقتصادية في أوربا، بالمجمل تظل الاستفادة الكُبرى التي ستستفيد منها أوروبا من وراء الاتفاق النووي، هو النِّفط والغاز الإيراني. والغاز على التحديد، على مرور السنوات السابقة كان الغاز الروسي الورقة الرَّابحة لروسيا التي تلوح بها دوما، وتدخل بها في منافسة واسعة مع أوروبا، الآن ستجد أوروبا في إيران بديلًا قويا ويمتلك ثاني أكبر احتياطي في العالم من الغاز الطبيعي (تمتلك روسيا الاحتياطي الأول)، وبهذا فأن عدم احتكار روسيا تصدير الغاز لأوروبا سيمنحها مساحات أخرى في مواقفها مع روسيا، وهنا ستصبح طهران فائزًا أكبر هي الأخرى باعتبار أن كلا الطرفين سيخطب ودها، أو سيتعامل معها على الأقلّ من موقف النّد.
5- حسب رأي المتخصص في الشؤون الإيرانية، فإن روسيا هي الأخرى تحاول الاستفادة من رفع العقوبات عن إيران، إذ تتمثل مصلحتها في الحفاظ على إيران في صلح مع الولايات المتحدة والغرب، ولكن عبرها، ومن خلالها، وستحاول روسيا كبح جماح إيران في عدة ملفَّات ولعدة أسباب، إذ تتجنب روسيا وقوع أية حروب مع إيران، وكذلك تتجنّب أن تُطَبع إيران علاقاتها مع الولايات المتحدة بشكل كامل، فتبقى روسيا هي الحصان الأول للرهان في العلاقات الإيرانية الأمريكية، فروسيا هي المورد الأساسي للسلاح إلى إيران، وهي التي تبني مفاعلات إيران النووية كذلك، ناهيك عن كم التبادل التجارب بين البلدين، كما إن روسيا سوف تستفاد من عدم دخول الغرب في مشاريع اقتصادية عملاقة مع إيران، لان ذلك سوف يفتح المجال لروسيا لتدخل السوق الإيراني بشكلٍ واسع وبلا مُنازع تقريبا، خصوصا ما يتعلق بأمور التسليح وتكنولوجيا التطوير العسكري، لقد بدأت ملامح هذه الشراكة بقرار روسيا تسليم إيران المنظومة الدفاعية (أس 300) التي كانت تمنعها العقوبات من تسليمها لإيران، ولكن في نفس الوقت فان روسيا تسعى لتحجيم دور إيران خصوصا فيما يتعلق بتوريدها الغاز لأوروبا كما أسلفنا. وكذلك ما يتعلَّق بتحركاتها الإقليميَّة والدولية.
6- إن أصل العقوبات على ايران كان من اجل وقف البرنامج النووي الايراني واقتصاره على الاطار السلمي وفي اضيق الحدود، لان الولايات المتحدة لم تكن ترغب بالدخول في مواجهة مباشرة مع ايران حول البرنامج النووي، لذلك بعد ان وصل للغرب وامريكا الى غايتهم بوضع البرنامج النووي الإيراني تحت المراقبة الشديدة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتأكدها من سلمية البرنامج النووي، اتجهت هذه الدول الى رفع العقوبات عن إيران.
7- على الر غم من التصريحات العربية في المؤتمرات ضد إيران إلا إن اغلب الدول العربية كانت ترغب في رفع العقوبات عن إيران وإنهاء التوتر معها بضمانات دولية، فقد رحبت الأردن وقطر ومصر ودولةَّ الإمارات العربية التي كانت من أول المهنئين، ووصل للرئيس الإيراني من ناحية حكام الإمارات ثلاث برقيّات تهنئة، فعلى الر غم من الخلافات الحدودية بين الدولتين، إلا إن علاقاتهما الاقتصادية على أفضل حال، وحسب الإحصائيات الدولية فان هناك 8000 شركة إيرانية تنشط تجاريا في الإمارات حسب الإحصائيات، ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2009 إلى 16%، بما قيمته 7 بلايين دولار، فالإمارات كانت كطوق نجاة لإيران أثناء العقوبات المفروضة عليها، استطاعت الإمارات خلال عشرين عامًا فقط اجتذاب ما مقداره 300 بليون دولار من رؤوس الأموال الإيرانية، ويشكّل الإيرانيون ما نسبته 17.4% من سكّان دبي، وما نسبته 15% من العقارات في دبي يملكها إيرانيون بنحو 300 مليار دولار، الاتفاق النووي سيعطي للإمارات فرصا أكبر في التّعاون الاقتصادي.
بعد جهد وعمل متواصل لمدة أكثر من 12 عاما، صمدت إيران وقاومت كل الضغوط الدولية عليها، والعقوبات الدولية سواء كانت سياسية أو اقتصادية، واستطاعت تحقيق عدة مكاسب من وراء رفع العقوبات عنها:
1- إن رفع العقوبات يمثل خطوة تاريخية للدبلوماسية الإيرانية، ويتيح لها استعادة وضعها الطبيعي داخل المنظومة الدولية بعد أكثر من عقد من العقوبات والعزلة، فقد استطاعت إيران من خلال صمودها وسياستها المرنة واستغلال الفرص التي توفرت لها في الشرق الأوسط، من احتلال أمريكي للعراق وأفغانستان، ثم أحداث سوريا واليمن وتمدد الإرهاب التكفيري في المنطقة، كل هذه سهلت لإيران الصمود والضغط على الغرب للحصول ما كانت تصبو إليه.
2- حصول ايران على اعتراف دولي بالبرنامج النووي للأغراض السلمية، وبان إيران إحدى الدول النووية في العالم، فلأول مرة في العالم تسمح أمريكا والغرب لدولة من دول العالم النامي بامتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية من خلال المفاوضات وبموافقة دولية.
3- يسهم رفع العقوبات في استعادة إيران عافيتها الاقتصادية ورفع العقوبات عن صادراتها البترولية بعد إلغاء العقوبات الاقتصادية والمالية والنفطية المفروضة على البلاد، كما أنه يتيح لها تسويات اقتصادية بتدفق الاستثمارات الغربية خاصة الأوروبية إلى السوق الإيرانية، فمع بداية توقيع الاتفاق بدأت عدة وفود أوربية رسمية وغير رسمية من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بزيارة طهران من اجل الحصول على فرص استثمارية وعقود عمل في السوق الإيرانية الواسعة بعد طول غياب، والاتفاق يسمح لطهران باستعادة أموالها المجمدة في بنوك الخارج والتي تقدر بالمليارات مما يعزز من نموها الاقتصادي، فقد قدرت بعض الإحصائيات إن الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج تقدر بـ(140) مليار دولار، وهو مبلغ ليس بالقليل ويمكن إن يساهم في دعم الاقتصاد الإيراني بقوة، كذلك يقود رفع العقوبات إلى رفع الحظر عن الطيران المدني الإيراني وأيضا عن البنك المركزي والشركات النفطية والعديد من المؤسسات والشخصيات، التعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا.
4- حصول طهران على اعتراف غربي بأهمية دورها ونفوذها وتأثيرها كمفتاح لحل الكثير من الأزمات المنطقة ومواجهة الإرهاب، فقد أثبتت الوقائع إن لإيران دور في المنطقة وأنها استطاعت إن تدخل بقوة في أزمات المنطقة جعل عملية إبعادها عن حل هذه الأزمات في غاية الصعوبة، إلا أن هذا لا يعني أن تطور العلاقات بين إيران وأمريكا سيكون سريعا بل يأخذ بعض الوقت، وتشير التقارير ان رفع العقوبات سوف يمنح إيران دورا إقليميا أوسع، إذ سوف تستخدم الأموال لتغطية جميع تكاليف دعم الدور الإيراني في سوريا، إذ أن من شأن هذا الأمر أن يمنح إيران قدرةً كافية لدعم نظام الأسد، وفي العراق من خلال دعم العمليات العسكرية ضد الإرهاب، ودعم حزب الله، وحركة حماس في فلسطين.
5- إن رفع العقوبات عن إيران سوف يعطي دعما شعبيا واسعا للنظام السياسي في إيران، بكل تياراته المحافظة والإصلاحية، إذ إن كل أقطاب النظام الإيراني تطمح إن ترفع العقوبات عن إيران، وان تكون لها علاقات مع كل دول العالم، لان رفع العقوبات وتحسن الاقتصاد الإيراني، الذي يقود بالضرورة إلى تحسين معيشة الإيرانيين والاستقرار الاجتماعي، والذي سيصب أولا وأخيرا في صالح النظام السياسي واستقراره.
ختاما، على الرغم من التهليل والمباركة الدولية لهذا الاتفاق، إلا إن بعض المحللين والمتابعين لهذا الاتفاق يرون إن فيه الكثير من نقاط المعوقات والفخاخ، والتي قد تكون نقاط معرقلة بدلا من إن تكون حلا، لذا على إيران إن تكون أكثر حذرا، خاصة وان لإيران تاريخ حافل بالمشاكل معهم، وما البرنامج النووي إلا جزء بسيط من هذه المشاكل، ومسوغ لاستمرار الضغط على إيران، فحتى لو إن إيران كسبت جولة ما في المفاوضات من خلال رفع العقوبات الدولية أو الاعتراف ببرنامجها النووي السلمي، إلا إن شروط التفتيش على المفاعل النووية والمواقع العسكرية وبرنامج الصواريخ، وحقوق الانسان ودعم المنظمات المسلحة في المنطقة، تعد سلاح بيد الغرب يمكن من استغلاله إلى ابعد حد من اجل الوصول لأغراضهم وغاياتهم، فمن جهة يريد الغرب إن يبرئ ساحته أمام العالم وانه فعل ما بوسعه لأجل الاتفاق مع إيران، ومن جهة أخرى قد تستغل فرق التفتيش الدولية لأغراض استخباراتية للتجسس على إيران، ونؤكد مرة أخرى إن تجربة العراق مع المفتشين والغرب واضحة أمام الإيرانيين، وهذا ما دفع المرشد الأعلى إلى دعوة الإيرانيين إلى الحذر من مخططات الغرب، والى التأكيد على عدم استغلال الاتفاق النووي من قبل الغرب أو محاولة الالتفاف عليه.
وسوم: العدد 656