أسباب الاهتمام الروسي بسوريا

برلين /‏‏02‏/03‏/2016نوقشت من خلال ندوة حول تطورات الاوضاع السياسية والامنية بمنطقة الشرق الاوسط واوروبا دعت اليها جامعة اوروبا التي تتخذ من مدينة فرانكفورت / اودر / الشرقية القريبة من العاصمة برلين هذا اليوم الاربعاء 2 آذار//ارس  الاسباب التي تدعو روسيا الاهتمام بسوريا من خلال التدخل العسكري الروسي الى جانب بشار أسد لدعمه بالبقاء بمنصبه وبالتالي وقوف موسكو وراء الازمات الاوروبية ولا سيما تدفق اللاجئين التي ربما تطيح بحكومات اوروبية في مقدمتها حكومة المستشارة انجيلا ميركيل او بقاء هذه الحكومة بدون ميركيل ، فالروس معروفون بالتاريخ الاوروبي والاسلامي ايضا بالهمجية فمغامراتهم الطائشة وحبهم للزعامة أضرت بهم أكثر بالرغم من ابراز عضلاتهم بانهم اقوياء العالم .

فالتدخل العسكري السوفييتي  بافغانستان كان وراء انهيار الاتحاد المذكور وليست سياسة / البيريستوريكا -الاصلاحات السياسية  /التي سعى الرئيس السوفييتي السابق ميشائيل جورباتشوف بوضع اصلاحات على سياسة الاتحاد السوفييتي من خلال تقاربه مع الغرب كما ان انهيار الانظمة الشيوعية في اوروبا الشرقية م انهيار جدار برلين لم تكن وراء انهيار الاتحاد السوفييتي وافول نجمه بل التدخل العسكري في افغانستان فقد استطاع الافغان دحر ثاني أكبر قوة في العالم واذلال كبرياءها وبإمكان الشعب السوري والشعوب المسلمة التي تحيط بسوريا  الذين يرون بان سوريا  تقع تحت الاحتلالين الروسي والايراني إخراج الروس صاغرين من بلادهم وانهيار روسيا الاتحادية لتعود روسيا الى إمارة موسكو التي انطلقت منها في عهد القيصر ايفان المتوحش ( الرابع) / 1530- 1584/ . وعلى حسب رأي استاذ مادة التاريخ الوسيط في جامعة هومبولدت البرلينية اوجوست فينكلر بان العلاقات الروسية الايرانية / الفارسية / قديمة في التاريخ تمتد الى عصر القيصر الروسي بطرس الاكبر / 1672-1725/ حيث اتفق الروس والدولة الصفوية الوقوف بمواجهة دولة الخلافة العثمانية وجراء هذه العلاقات الروسية الايرانية تدخلت موسكو عسكريا وبشكل سافر الى جانب بشار اسد بالحرب التي يشنها ضد الشعب السوري .

الا أن اسباب الاهتمام الروسي بسوريا والشرق الاوسط  لها اسبابه المباشرة والهامة ، فموسكو ، وعلى حسب رأي أستاذ السياسة العسكرية في جامعة مدينة بوتسدام كلاوس فيتمان الذي كان ضابطا برتبة عميد ركن حرب بالجيش الالماني وعضو هيئة رئاسة حلف شمال الاطلسي / الناتو / السياسية ، بان الاهتمام الروسي بسوريا والشرق الاوسط يعود الى مراقبة موسكو الحثيثة لتلاشي تأثير  السياسة الامريكية بالشرق الاوسط وخاصة دول منطقة الخليج العربي فواشنطن فقدات بريقها بمنطقة الخليج وفقدت ثقة حكومات تلك الدول وخاصة السعودية بسياستها تجاه المسألة الفلسطينية وعدم تنفيذها اي سياسة حاسمة ضد النظام السوري الذي يمارس سياسة التهجير واحراق سوريا من اجل بقاءه في السلطة . عدا عن ذلم فان موسكو تسعى من خلال تدخلها العسكري في سوريا الضغط على الاوروبيين الاعتراف بشرعية روسيا على  شبه جزيرة القرم التي تم سلخه عن اوكرانيا وانهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا جراء تدخلها السياسي والعسكري في اوكرانيا  ، فموسكو تستغل اهتمام الاوروبيين بتجاوز ازمة اللاجئين ، هذه الازمة التي سحبت اهتمام الاوروبيين  عن اوكرانيا وسوريا وتعتبر وراء احتمال انهيار  الاتحاد الاوروبي  وقيام تحالفات عسكرية وسياسية جديدة في اوروبا .

قائد الجيش الالماني السابق عضو هيئة رئاسة خطط حلف شمال الاطلسي / الناتو / أبدى هارالد كويات عن قلقه للحشود الروسية في سوريا وبناء قواعد عسكرية وادارية في تلك الدولة وارسال الكرملين مدربين تقنيين لتدريب كوادر عسكرية من النظام السوري على استعمال الاسلحة الحديثة التقنية من الصناعة الروسية وغيرها.

ورأى كويات بالتدابير الروسية في سوريا شبيهة تماما بالتدابير الذي اتخذها السوفييت في افغانستان عندما دعت حكومة تراقي السوفييت لحماية الانظمة الشيوعية بافغانستان مستبعدا ان يكون وراء الحشود العسكرية الروسية في سوريا من اجل زحف بري ضد ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية / لأن روسيا في غير مقدوتها على مواجهة التنظيم المذكور بمفردها معربا عن قلقه ان تكون الحشود ضد تركيا التي تعيش انقرة حاليا في فترة فتور خطير بعلاقتها مع   موسكو مضيفا بان الحشود لاغاظة الولايات المتحدة الامريكية وحلف شمال الاطلسي / الناتو / وبالتالي تكريس تأثيرها السياسي والعسكري على رئيس نظام بشار اسد .

وتؤكد خبيرة السياسة الروسية والشرق الاوسط بالجمعية الالمانية للسياسة الخارجية اورزولا هارتمان الاهتمام الروسي لمراقبتها الاجراءات العسكرية للتحالف الدولي ضد ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية / هذه الاجراءات لم تحقق اي خطوات ايجابية لوقف جماح التنظيم واعادته من حيث انطلق او القضاء عليه بشكل تام فلذلك فان تدخلها العسكري بسوريا هو لمضاهاة الادارة الامريكية ومزاحمتها بالشرق الاوسط .

ويعتقد هؤلاء الخبراء ان الكرملين والادارة الامريكية في طريقهما الى الاضمحلال تدريجيا ، فدماء جديدة تضخ بشرايين السياسة بالشرق الاوسط ، فوزير الخارجية الخارجية عادل الجبير أصبح بنظر الكثير من السياسيين الاوروبيين وفي موسكو وواشنطن رجل الدبلوماسية القوية والقيادات السعودية والتركية وفي قطر ايضا لم تعد تهتم بتهديد الادارة الامريكية والكرملين وطهران اذا ما ارادت الدول المذكورة وقف جماح من يريد اثارة القلاقل فيها فالسعودية تدخلت باليمن بالرغم من معارضة موسكو وواشنطن واجراءات تركيا العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني و / داعش /  ونجاحها بعدم مشاركة  الاتحاد الديموقراطي الكردستاني في محادثات جنيف وغيرها بالرغم من معارضة حلف شمال الاطلسي / الناتو / وواشنطن وموسكو قائمة على قدم وساق .

العالم يعيش في ضوء قيام قوى جديدة وانهيار وتلاشي قوى دولتين لا تزالان تبرزان عضلاتهما على انهما قوتان كبيرتان في العالم فهما فقاعات هوائية ليس إلاَّ .

وسوم: العدد 658