هل سيخطط الأمريكان والفاسدون لحرق بغداد من جديد ؟

حسناً فعل القائد الشجاع السيّد مقتدى الصدر بالإشارة إلى تحريم "الفرهود" في خطابه الأخير في التظاهرات الشعبية الناقمة يوم الجمعة 4/3/2016.

منذ أكثر من سنة وأنا أحدّث عائلتي والمقربين من اصدقائي وزملائي عن هواجسي ومخاوفي من أن يقوم عملاء الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومن يساندهم من الفاسدين عن احتمال حرق بغداد المظلومة ونهبها من جديد بمخطط ماكر محكم يحاول حرف مسار التظاهرات الشعبية الهائلة مستغلا النقمة الشعبية التي تغلي في صدور أبناء الشعب المقهورين الذين يرون بأمّ أعينهم كيف يتجاسر الفاسدون على كل المحرمات ويأكلون لحم العراق الحي بلا تردد وبأخلاق أحط الكائنات الحيوانية .

أنا من المؤمنين بنظرية المؤامرة بصورة مطلقة عبر متابعة – باللغتين العربية والإنكليزية – لمئات الكتب والدراسات والوثائق السرّية التي بتم تتسريبها من مصادر المخابرات التآمرية الغربية ، والتي أطرحها تفصليا عبر الموسوعة التي أعدّها حالياً وهي : موسوعة جرائم الولايات المتحدة الأمريكية اليت نشرت هذا الأسبوع الحلقة (66) منها. وألاحظ أنه منذ سنتين تقريباً يجري ما يلي :

العمل اليومي المستمر على القيام بكل ما يثير غضب المواطن العراقي ويضاعف إحباطه ويهينه ويحط من كرامته من جانب، مع العمل المقصود على إعلاء شأن السلوك الفاسد المنحط ورفع قيمة الفاسدين الأراذل بكل الطرق من ناحية ثانية، بشكل أوصلنا إلى النتائج التالية :

أولا : شرعنة الفساد في الحياة العراقية كطريق للقيادة والعمل والحياة.

ثانياً : النظر إلى العراق كذبيحة معلقة على الشطار والماهرين أن يقتطعوا منها هبرتهم بأسرع وقت قبل فوات الأوان. شعار "إلحق على لقمة من القدر" كما قال رجل دين فاسد لزميلي الشاعر ، والقدر الذي يغلي هو جسد العراق الكريم ولحم بغداد المقدّس.

ثالثاً : إجبار المواطن الأعزل على سلوك طريق الفساد إذا أراد العيش .. العيش فقط هو وعائلته .. وليس الإثراء والرفاه.

رابعاً : مسخ القيم الدينية والوطنية ونزعها من قلوب المواطنين ، وعمل جهات دينية (بعيدة عن الدين الحقيقي) وسياسية على توفير المبررات لشرعنة الفساد بحيث تصبح موضوعة الحرام والحلال الراسخة في الوجدان العراقي طريقة "تجارية" للتعامل "المبدئي" على طريقة حياة الكاوبوي الأمريكية التي يكون فيها شريف البلدة مجرم سابق لكنه أسرع من المجرمين في سحب المسدس وإطلاقه !!

خامساً : العَرْض اليومي والمقصود لحال الفاسدين المرفّه وما يمتلكونه من ثروات وفيلل وشقق ومعامل في أكثر الدول رفاهاً في الوقت الذي يتقلب فيه ملايين المواطنين الشرقاء على نار العوز والفاقة كضريبة للتمسك بالشرف.

سادساً : أتذكر عبارة رهيبة للمجرمة "كونداليزا رايس" وهي : "تغيير العقل العراقي هو مفتاح تغيير المنطقة" .. وما يجري هو مخطط ليس لسلب النفط والثروات الوطنية كما يحصل فعليا منذ الغزو الأمريكي القذر ، ولكن العمل الحثيث المخطط والعلمي على تغيير ثوابت العقل العراقي عبر هجمة عارمة هائلة ساحقة مسلحة للفساد على كل الثوابت القيمية لدى المواطن العراقي .

 من ذلك كلّه – وغيره الكثير وأنا أتحدث الآن بإيجاز سريع بسبب الظرف الراهن الخطير – وصل المواطن العراقي وعاش وضعا نفسيا غريبا هو : الإحتقان النفسي الهائل الذي يتراكم بلا متنفس كما يحصل في كل مكان من العالم كي لا يصل الإنسان للإنتحار أو الجنون .

ونلاحظ ظاهرة خطيرة هي :

هناك جهات تعمل بصورة يومية على القيام بكل ما يكون مناقضا لرغبات المواطن العراقي . ففي كل يوم نلاحظ أفعالا وتصرفات وقرارات رسمية تقف بالضد من مطاالبات المواطن وتظلماته وشكواه . مثلا :

-         يشتكي المواطن من الفساد .. يستشري الفساد..

-         يطالب المواطن بتغيير الوزراء الفاسدين يأتون بوزراء افسد

-         يطالب المواطن بتحسين وضعه المعاشي يقطعون من راتبه ويرفعون اسعار الخدمات حتى الصحية التي تهم حياته وبقاءه.

-         يشتكي المواطن من تردي الوضع الأمني يعود قطع الرؤوس وقتل الصيارفة والمهندسين والصحفيين وغيرهم .

-         يريد المواطن مسؤولين كفوئين لقيادة الدولة يأتون بالحثالات ومزوري الشهادات وحتى المرضى النفسيين لقيادة البلاد..

-         يطالب المواطن بالمحافظة على ممتلكات الدولة تُشن حملة لبيع هذه الممتلكات بأبخس الأثمان ..

-         يطالب المواطن بنزول النواب والوزراء للشارع لمعرفة نبض الناس ومحنتهم يشترون لهم السيارات المصفحة ..

-         يلح المواطن على أن يتابع المسؤولون مشكلاته باستمرار يسافرون إلى الخارج للتمتع بعطلاتهم الربيعية والصيفية ..

-         يريد المواطن كهرباء تتدهور الكهرباء .. يريد ماء يشح الماء .. يريد إغناء البطاقة التموينية تتدهور البطاقة التموينية ..

-         ينشلع قلب المواطن أربعين سنة ليحصل على تقاعد ضئيل يمنحون تقاعدا مدى الحياة بعد خدمة أربع سنوات ..

-         يطالب المواطن بالحفاظ على كرامته .. تتم إهانة المواطن علنا وعبر أجهزة الإعلام الرسمية ..

-         يطالب المواطن بقضاء عادل مستقل يتم الإصرار على تثبيت أفسد القضاة وأرذلهم ..

-         بلد الغاز يستورد غاز .. بلد النفط يستورد بنزين .. بلد تكتسحه البطالة يأتون له بممرضات وأطباء وعمال ومنظفين من الدول الأجنبية ..

-         أثرى بلد فيالعالم فيه أكبر عدد من الشحاذين والمكادية .. 

ماذا كانت النتيجة ؟

النتيجة هي : الإحتقان النفسي الرهيب بحيث أن المواطن لو أمسك مسؤولا فاسداً سيقطعه بأسنانه وأطافره .. ولأن المسؤولين الفاسدين محصنين – بالتخطيط الأمريكي المقصود طبعا – في المنطقة الخضراء - والآن سيتبعون تكتيكا جديدا وهو السفر من المنطقة الخضراء يوم الخميس إلى كردستان أو الخارج والعودة إليها يوم السبت .. فإلى أين يوجّه الإنسان العراقي المحتقن عدوانه المخزون والمتأجج ؟

وفق مبادىء علم النفس سوف يبحث هذا المواطن المظلوم المحترق المُذل عن "كبش فداء – scapegoate" .. ما هو كبش الفداء ؟ هو هدف أو مؤسسة أو حتى شخص محايد وبرىء لا ذنب له لكنه "يقع في طريق" المواطن الهائج  الذي لا يستطيع الوصول إلى هدفه وهو المسؤول الفاسد أو الفساد كحالة لإلغائها .. بدأت الثورة الفرنسية بحملة غريبة لقتل الفئران قام بها المواطنون الفرنسيون الذين قطعوا بعدها رأس الملك والملكة التي بالمناسبة طلبت منهم أن يأكلوا الكيك إذا لم يتوفر الخبز !! وتخطط دوائر خبيثة مجرمة لجعل بغداد الحبيبة المظلومة كبش الفداء بحرقها من جديد وسلببها وفرهدتها ..

ولاحظ الهدف المضاف الخطير :

بحرق وفرهود المؤسسات والوزارات والدوائر ستختفي كل وثائق الفساد ويستريح الفاسدون في ملاذاتهم الآمنة ..

حسنا فعل السيّد مقتدى الصدر بالإعلان أن "الفرهود" حرام  ..

إحموا بغداد ..

وحافظوا على ملابسها .. وعلى ممتلكاتكم ..

ولا تتيحوا للفاسدين الفرصة لحرق كل آثار الفساد .. 

ويمكرون ويمكر الله ...

وسوم: العدد 658