أضواء في عيد المرأة
المراة في زمانهم :
حين نعرض الاقتباسات التي تناولت المرأة في العصور الماضية تكاد تتجمد الدماء في العروق لهول ما يعتقده الأسياد في العصر الوسيط عن المرأة المكرمة عندنا ففي رومية اجتمع مجمع كبير وبحث في شؤون المرأة " فقرر أنها كائن لا نفس له، وأنها لن ترث الحياة الأخروية لهذه العلة ، وأنها رجس يجب أن لا تأكل اللحم، وأن لا تضحك بل ولا أن تتكلم، وعليها أن تمضي أوقاتها في الصلاة والعبادة والخدمة. "
أما في بلد يابا نوال و في فرنسا بالتحديد بلد الحريات و التحرر فالأمر أعجب عقد اجتماع عندهم سنة 1586 م ليبحثوا شأن المرأة ، وما إذا كانت تُعدُّ إنساناً أو لاتُعدُّ إنساناً. وبعد النقاش مستفيض و طويل خلص المجتمعون " أن المرأة إنسان ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل." هذه هي الحقيقة بكل خيبة للمفتونين من بني جلدتنا بعجائب أم الدنيا .
أين يحصل هذا :
في إمريكا و أوريا و أسيا خرج النساء ينتفض من الجور و الاستغلال و القهر و الذل و الحرمان يطلبن عتقهن و تحريرهن من الأغلال يطلبن الحياة الكريمة يطلبن تسويتهن بالرجل صاحب الامتياز المطلق في مظاهرات ملأت الأفق يرفعن قطع خبز يابسة و ورود - ا تخصيصا في إمريكا - لتحسين أوضعن الاجتماعية القاسية فكان الرد بصب الغضب و التنكيل على النساء المطالبات بحقوقهن المسلوبة حيث كن سلعة و متاع و متعة زيادة على تحمل مشاق الحياة في أبشع صورها فقد مارسن كل الأعمال الشاقة المنافية لأنوثتهن التي خصها الله بهن . فعلا افتكت المرأة الغربية حريتها بمعايير الحضارة الغربية الحديثة و لكنها فقدت أنوثتها لتلازم الرجل في أدق وظائفه الحيوية فحسرت أعزما تتمناه المرأة السكن و الطمأنينة و الحضن الدافئ خسرت بيتها و أولادها و زوجها لتكون لوحات إشهارية على شاشات التلفزيونات أو لوحات استعراضية في الإعلانات الإشهارية هذه هي حقيقة المرأة الغربية التي تسعى المرأة الشرقية لتقليدها للأسف الشديد .
إنما النساء شقائق الرجال:
هي شراكة مقدسة تؤسس هذه العلاقة على الطهارة و نبل المقصد في تكامل تام لا عنى لأحدهما على الآخر إنه ترابط فطري لا علو لأحدهما على الأخر إلا ما كان لخصوصية التكاليف و الأعباء و تصان هذه العلاقة بالرحمة و الحب و التكافل و قد أبان الأستاذ سيد قطب رحمه الله تجليات هذه الحقيقة في ظلال القرآن " وينبثق نظام الأسرة في الإسلام من معين الفطرة وأصل الخلقة ، وقاعدة التكوين الأولي للأحياء جميعاً وللمخلوقات كافة . . تبدو هذه النظرة واضحة في قوله تعالى : { ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون } ومن قوله سبحانه : { سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون } ثم تتدرج النظرة الإسلامية للإنسان فتذكر النفس الأولى التي كان منها الزوجان ، ثم الذرية ، ثم البشرية جميعاً : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام . إن الله كان عليكم رقيباً } { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا } ثم تكشف عن جاذبية الفطرة بين الجنسين ، لا لتجمع بين مطلق الذكران ومطلق الإناث " .
الحواجزالوهمية :
عمد كثير من أعداء الإسلام إلى صناعة خصومة بين المرأة و المبادئ السامية التي جاء بها الإسلام و القيم الموروثة من العادات و التقاليد البالية نتيجة الجهل و الظلم المسلط على المرأة نتيجة التراكمات. لكن قيم الإسلام و مثله خلاف تلك الحقائق المزعومة. فالمرأة تشارك في الحياة فلا يمنعها دينها أن يكون لها اسهام كما للرجل اسهامه في الحياة كما كان لفضليات الجيل الأول مشاركات في صناعة النهضة و بتميز لا نظير له و لكن كن مدركات لوظائفهن الحيوية فكن الحصن الواقي للزوج و الابن فقدمن أروع سجلات البطولة والفدى فكن قلائد و شمات للرجال و للمثال لا الحصر فقد شاركت المرأة في الإسلام في أدق تخصص في مجال التربية والتعليم والإفتاء. لقد كان نساء النبي صلى الله عليه و سلم يدرّسن غيرهن من النساء و يفتوهن في بعض الاحكام. فقد نقل السيوطي في كتاب تدريب الراوي عن ابي حزم قوله: ان أكثر الصحابة إفتاء – مطلقاً – ستة هم: عمر و علي و ابن مسعود و ابن عمر و ابن عباس و زيد بن ثابت و عائشة رضي الله عنها. و في الاحياء للإمام الغزالي قوله: لم ينصب أحد من الصحابة نفسه للفتوى إلا بضعة عشر رجلا و عد معهم عائشة. راجع إحياء علوم الدين. ج1/ ص 23. و هي خصوصية لم ترقى إليها المرأة في العصر الحديث فكفى المرأة شرفا أن ترقى لهذا المصاف .
وسوم: العدد 658