كذبة أبريل !
يتعمد بعض الناس في إبريل الكذب ، على سبيل المزاح أحياناً ، أو على سبيل المداعبة ، ونشر المقالب فيما بين الناس ، إما تندراً أو تغفيلاً ، أو مزج ذلك بنواح أخرى من أساليب الحياة ، وقد يكون من بين تلك الحالات ماله حدان ، فالظاهر المزاح ، كما يحصل بين الناس اقتراناً بهذا الشهر ، فإن كشفت الحالة أصبحت من الأكاذيب التي يجد لها مقترفها تفسيراً ، بأنه في شهر أبريل ، وهذه من أكاذيبه التي لا شيء فيها ، وما هدف القائل من وراء ذلك إلا توثيق الصلة الأخوية بإزالة الحواجز ، وإن لم تكشف عن ذلك الأمر ، واعتبره مكسباً ، حيث يصبح الأمر حقيقة راسخة .
والباطن منبعث من القناعة التي تهدف لأمور من وراء الكذب ، فكم سمعنا عن سرقات حصلت لدى بعض الناس ، ومن بعض من يعدونهم أصدقاء ، وكم قيل لنا أو قرأنا عن آثار سيئة تركها هذا التقليد ، سلوكياً وخلقياً واجتماعياً .
وكذبة أبريل ،عادة نشأت في بلاد الغرب ، من منطلق يرتبط تاريخياً بهذا الشهر ، الذي هو من أشهر الرومان ، وهو الشهر الرابع من سنتهم الشمسية .
وقد تتبع الكتب التي تهتم بالعقائد ، وما طرأ على الديانات من دخائل ، نرى الغربيين خاصة من كتاب ومؤرخين يتحاملون على رجال الكنيسة ، وما يفرضونه على المجتمع من أمور ، فضلاً عن تشكيك بعضهم في صحة الديانة النصرانية ، لمخالفتها ما يمليه العقل ، وما تتطلبه الحياة الحاضرة ، ولذا كثر نقاد كتابهم المقدس ، وصحة روايته وصدقها ، يقابل ذلك جهود قوية لإثبات الأسس التاريخية للديانة النصرانية ، وصراعهم هذا يتسم بالكذب كل من جانبه ليؤصل ما قصد إليه . يقول ديورانت عن هيرود الأكبر : كانت أخلاقه مثالاً من أخلاق عصره الذي أنجب كثيراً من الرجال الذين كانوا أذكياء لا أخلاق لهم ، قادرين لا ضمير لهم ، متحدثين لا صدق عندهم ، شجعاناً مجردين من الشرف ، فلقد كانوا صورة مصغرة من أغسطس في بلاد اليهود .
كما كانت أسس الصراع بين اليهودية والنصرانية ، ورجال الدين فيهما تنطلق من قاعدة راسخة في الكذب ، ولذا حركت الحرب الأهلية في فرنسا هذه الجذور ، فصارت ثورة أوروبية ضد تسلط رجال الكنيسة وسلطتهم ، ورجال محاكم التفتيش .
أما في الإسلام فقد جاء في مصدر التشريع في عقيدة الإسلام ، على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من مقت للكذب ، وأن الله لا يحب الكاذبين ، وأنه من علامات النفاق ، حيث أبانت شريعة الإسلام ـ كما جاء في القرآن الكريم ـ سوء عاقبة المنافقين ، وأنهم في الدرك الأسفل من النار ، ولا نصير لهم ، لأنهم يكذبون ، ويفترون على الله ، ويخادعونه وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون .
وتبرير كذبة أبريل ما هو إلا موسم يريدون منه ، تنشيط هذه العادة ، وترسيخها لدى الناس ، وحماية ما يصدر عنهم من أغاليط وافتراءات ، ولتعويد الآخرين هذا المنهج الذي أنكره مفكروهم .
والمسلم مأمور بعدم التساهل في الصغائر لأنها تجر إلى الكبائر ، ومأمور بالابتعاد عن أعداء دينه ومنهجهم ، لأن ذلك يجر إلى محبتهم وموالاتهم ، ومأمور بأن يعرض كل ما يعترضه على مصدري التشريع في دينه ، كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فما خالفهما يجب نبذه ، وما رآه المؤمنون حسناً فهو حسن ، وما رآه المؤمنون قبيحاً فهو قبيح ، والشاعر يقول :
وسوم: العدد 660