التعليقات الكاملة عن مقابلة الرئيس أوباما ومقالة الأمير تركي الفيصل عنها
الدكتور أحمد التويجري يتألق
التعليقات الكاملة للدكتور أحمد التويجري في إحدى مجموعات الوآتس آب عن مقابلة الرئيس أوباما ومقالة الأمير تركي الفيصل عنها
مع تقديري للأمير تركي الفيصل الذي أعده صديقاً مقرباً على المستوى الشخصي كما أعده من أفضل وأعقل أبناء الأسرة المالكة ، ومع احترامي لآراء الإخوة حول مقالته إلا أنني لم أكن راضياً عنها لما وجدته فيها من الضعف والإستجداء .
في التكوين النفسي العميق للإنسان الغربي انجذاب إلى القوة وإعجاب بها ، يبدأ في مراحل مبكرة بالتعلق بأبطال قصص الأطفال من ميكي ماوس وبباي وسبايدرمان ومن على شاكلتهم ، وانتهاء بتهاويل هوليوود عن جيمس بوند وسيلفيستر ستالون وبطولات الرجل الأبيض وفتكه بالهنود الحمر ، ولذلك فإن الغربيين لا يحترمون إلا الأقوياء.
كان الأولى أن يُذكّٓر أوباما بتاريخ أمريكا الأسود سواد أجداده من أيام سالخي جلود السكان الأصليين وإحراق العبيد إلى هيروشيما وناقازاكي وجرائم الإبادة في بورما وفييتنام وأفغانستان والعراق ، وأن يذكّر بشناعات الرؤساء الأمريكان من أمثاله ومخازي السي آي إيه وتآمرها على إرادات الشعوب في كل مكان وبخاصة في أمريكا اللاتينية ، وانحياز القادة الأمريكيين الأعمى ودعمهم اللا محدود للجرائم والمذابح الإسرائيلية على مدى ما يقرب من سبعين عاماً الذي يجمع العقلاء على أنه من أهم أسباب النزوع إلى العنف والإرهاب لدى بعض أبناء المسلمين .
من أعجب العجب أن يتصور رجل مخابرات مخضرم ودبلوماسي بمنزلة تركي الفيصل أن أمريكا تدعم الإخوان المسلمين وأنها كانت ضد الإنقلاب الدموي في مصر!!! في حين أن كل من لديه حد أدنى من الوعي يعلم أن الإنقلاب في مصر إنما تم بتواطؤ صهيوني أمريكي غربي وأن هدفه الأول والأخير كان حماية الكيان الصهيوني ومنع وجود دولة عربية مسلمة ديموقراطية بجوار إسرائيل ، مثلما أن التدخل الروسي في سوريا إنما كان بتواطؤ صهيوني أمريكي روسي للحيلولة دون انتصار الثورة السورية وقيام دولة ديموقراطية مستقلة تشكل تهديداً حقيقياً للكيان الصهيوني.
من المعلوم عند كل دارس للتاريخ أن الفرس عرفوا بدهائهم السياسي عبر العصور ، ومن تولوا صياغة السياسة الإيرانية تجاه أمريكا تخرجوا من الجامعات الأمريكية ، وقد عرفوا من وقت مبكر أن أمريكا لا تحترم إلا الأقوياء.
سياستنا تجاه أمريكا وللأسف الشديد قامت على المجاملة في غيبة شبه كاملة للمعلومات الدقيقة والعميقة عن أسس السياسة الأمركية ودوائر صناعتها ، وذلك لغياب مراكز البحوث المعنية بهذا الشأن عندنا وقلة وربما عدم وجود المتخصصين في الشؤون الأمريكية.
من أصدقائي الذين توثقت علاقتي بهم السفير الأمريكي في المملكة في عهد الملك فيصل رحمه الله والرئيسين نيكسون وفورد السيد جيمس أيتكنز. كان مستقلاً محباً للمملكة ، دخل في خصومات مع رئيسه وزير الخارجية الأمريكي الصهيوني العالك هنري كسنجر أدت إلى استقالته احتجاجاً على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. سعيت بكل ما أستطيع لتقريبه من القيادة في المملكة ورافقته أكثر من مرة في زيارات للملك عبدالله رحمه الله عندما كان ولياً للعهد، وحثثت على الاستماع لوجهات نظره. كان يطالب دون كلل إلى أن توفي بأن تترك المملكة نهج المجاملة وأن تستخدم القوة والحزم مع الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً.
ليتنا استمعنا لنصائحه الكثيرة في هذا الشأن.
لم تخدم دولة في العالم أمريكا مثلما خدمتها السعودية على جميع المستويات ، وقد فعلنا ذلك دون مقابل وللأسف الشديد ، وقد بدأنا نكتشف أن أمريكا لا تعرف إلا لغة القوة بعد أن باعتنا إلى إيران زعيمة "محور الشر" التي حتى بعد توقيعها مع أمريكا أهم وأثمن اتفاقية تعاون في تاريخها لم تتردد في اعتقال عدد كبير من البحارة الأمريكان وإذلالهم أمام مرأى ومسمع العالم.
لقد سوقت إسرائيل نفسها لدى الغرب على أساس أنها الديموقراطية الوحيدة في المنطقة ، ولا يفزعها شيء مثلما يفزعها قيام ديموقراطيات في عالمنا العربي تمتلك فيها الشعوب زمام أمرها ، ويؤلمني كثيراً أن لا يدرك مثقفونا مثل هذه الحقائق الواضحة ، مثلما يؤلمني أنهم لا يدركون خطر الكيان الصهيوني على الأمة بوجه عام وعلينا في المملكة بوجه خاص .
إنني لا يساورني أدنى شك في أن الحملة الشعواء التي تواجهها المملكة في الإعلام الغربي ، والتحول في السياسات الأمريكية تقف وراءهما القوى الصهيونية والمتصهينة لما تمثله المملكة من معقل للإسلام وللأمة ، وما تشكله الدعوة التي قامت عليها من خطر على المدى البعيد على إسرائيل وأطماعها في المنطقة ، ولكن بعض قومي لا يعلمون
لم يخدم إسرائيل والصهاينة رئيس أمريكي مثلما فعل أوباما ، وما تلقته إسرائيل من دعم وتأييد في ولايته يفوق كل من سبقوه ، وسيسجل التاريخ أن عهده كان عهد عبودية تامة للصهاينة أكثر من أي رئيس أمريكي آخر ، كما سيسجل التاريخ أن أمريكا لم تتلق إهاناتٍ وإذلالاً من إسرائيل مثلما تلقت
في عهده المشؤوم.
لا يخلو حديث أوباما مع مجلة أتلانتس من بعض الحق ، ولكن أكثره باطل وخطير، وأخطر ما فيه أنه يتضمن استهدافاً للمملكة وتحميلاً لها مسؤولية التطرف في العالم الإسلامي والإرهاب في العالم ، وأرى فيه ظِلالاً لبعض ما تم الاتفاق عليه مع إيران لتمكينها في العالمين العربي والإسلامي ، وتمهيداً لاستهداف المملكة ومحاصرتها وربما تدميرها كما دمرت سوريا والعراق واليمن.
المصيبة تتعاظم عندما تتسطح رؤى المثقفين من أبناء المملكة فلا ترتقي إلى آفاق الرؤية الاستراتيجية للصراعات الإقليمية والدولية ، ولا تتجاوز حدود مواقع الأقدام في النظرات المستقبلية ، وقبل ذلك وبعده لا تدرك حقيقة ما يحاك في دوائر صناعة القرار والتخطيط الاستراتيجي في الغرب بوجه عام ، والكيان الصهيوني على وجه الخصوص.
ما أحوجنا إلى إعادة النظر في أمور كثيرة أيها الأحباب
وسوم: العدد 660