من قتل البوطي؟
في أواسط السبعينيات من القرن الماضي، كان اتصالٌ عابر بيني وبين الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي: هو عميد لكلية الشريعة بجامعة دمشق، وأنا أشغل وظيفة مدير الشؤون الثقافية بالإدارة المركزية في الجامعة.
كان ما دعاني إلى زيارته في مكتبه (الذي شغله منذ البداية أعظم زعيم إسلامي في البلاد الدكتور مصطفى السباعي)، أني أردت أن أتحدث إليه عن نصّ أدبي قرأته في إحدى المجلات العربية، بدا لي فيه الكاتب وهو يسخر من خليفةٍ عباسي افتراضي وجعله أضحوكة لمن يقرأ. ومما أذكره أنّ الشيخ البوطي عبّر عن إعجابه بأن يلمس في "كاتب معاصر شاب" مثل هذه الغيرة، والواقع أنّ ما كان ساءني في النص هو تزويرٌ للتاريخ أراد به الكاتب السخرية والإزراء.
وأذكر أنّا تحدثنا، في اللقاء، عن مشكلة أدبية صادفت الدكتور البوطي يومذاك. كان قد نقل عن اللغة الكردية كتابا من عيون الأدب الكردي، هو قصة "ممو زين"، فأعجِب كاتبٌ سوري مقيم ببيروت بالرواية وجعل منها مسلسلا إذاعيا ناجحا بدؤوا ببثّه في الإذاعة الأردنية. فكتب البوطي في ذلك، فأضافت الإذاعة اسم الكتاب واسم مترجمه إلى مقدمةِ ما تلا من حلقات، وسُوّيت المسألة على ما يرضي الرجل.
أسأل اليوم: لقد كان الدكتور البوطي، في علومه الإسلامية الواسعة مع أمشاج من الأدب، وفي لطفه ودماثته، غنيّا عن أن يرفع الصوت في مواجهة المطالبين بالإصلاح ولا يرى فيهم إلا خارجين على السلطان! وليس من شكّ عندي في أنها مواقف كانت تصدر منه عن "قناعة"، بدليل استمراره فيها وعدم الكفّ عنها.
وأرى أنّ نُزوعه نحو السلطان قديم عنده. سمعت أنه، في يوم من مطالع الثمانينيات، انصرف ونفرٌ من أصحابه من اجتماع. في الطريق أخذوا يتحدثون متأثرين مما كان وقع في حينه في مدينة حماه. الذي كان من الرجل أنه نأى بنفسه مبتعدًا عن صحبه مسافةً، فلا الأذن تسمع ولا العين ترى، فلا يكون شاهدا على ما قد تُُفضي إليه الأيام!
وفي الإجابة عمن قتل البوطي، نقول - مازجين الجِدّ بالمزاح - إنّ "العراق" هو من قتل كمال جنبلاط! وإنّ "إسرائيل" هي التي اغتالت الحريري! وربما يكون من قتل أنبل ضابطِ مخابرات عربي، وسام الحسن صيّاد الجواسيس، هو "دولة جنوب إفريقيا" مثلا! وأنّ "شيخ الضاحية" لا يسعى إلى تخليص ميشيل سماحة مما نُسب إليه زورا وبهتانا!
إنهم، دائما، الأعداء والأشرار الذين يقترفون.
دمشق الشام: الجمعة 23-3-2013
- - - - - - - - - -
(معاد) دمشق الشام: ليل 23-3-2016
- - - - - - - - - -
تسمحون لي، أيها الأصدقاء، أن أنشر رأيا من واحد وثلاثين تعليقا ذيّلت الخاطرة يوم نشرها قبل ثلاث سنوات.
Asmaa Eid:
في زحمة الضجيج، وهيبة الموت، وأقدار مكتوبة، وثائرين، ومتشمتين، ونار لم تنطفئ، وغليل، وقصف، وتشريد، وهيجان مشاعر، وقتل، وتبادل اتهام...
تأتي كلمات هادئة عابرة كل الحدود لتوقظ بقيةً من ضمير.
23 مارس، 2013، الساعة 08:25 ص • أعجبني • ساعة 08:25 ص •
وسوم: العدد 664