إسرائيل هي إسرائيل
كشف مسئولون مصريون مقربون من السيسي عن غضبهم الشديد من تعيين أفيجدور ليبرمان زعيم " إسرائيل بيتنا " وزيرا للدفاع في الوقت الذين كانوا يأملون فيه ضم يتسحاق هيرتزوج وحزبه " المعسكر الصهيوني " ( العمل ) إلى الائتلاف الحاكم ليتولى وزارة الخارجية التي يتولاها الآن نتنياهو إضافة إلى وزارة الاقتصاد . وهدفهم من ضم هيرتزوج مواصلة مبادرة السيسي التي كان هيرتزوج على تساوق مع خطوات ولادتها بالتآلف مع كيري وزير الخارجية الأميركية وتوني بلير رئيس الرباعية الدولية السابق . قال مصدر سياسي مصري رفيع ل " يديعوت أحرونوت " : " بدأنا مع هيرتزوج وانتهينا مع ليبرمان " ، ونقلت الصحيفة عن مستشار مصري كبير قوله : " يجب أن نتصرف بحذر وبطء ، ونطالب بضمانات ومراقبة من طرف ثالث لكل خطوة ولكل قرار يتخذ " ، وأردف قائلا إن مصر متعودة على مفاجآت إسرائيل ، ولكنها لم تتوقع هذه المفاجأة بالذات . ونرى أن عدم توقعها يفسره ظنه أن المدى الواسع لتحسن العلاقات بين مصر وإسرائيل خاصة على الصعيد الأمني في عهد السيسي سيغير سلوك إسرائيل نحو مصر ، ويجعلها أكثر مراعاة لمشاعرها وما تريده في المواقف السياسية . وحديثه عن طرف ثالث ضامن لكل خطوة تتم ولكل قرار يتخذ يؤكد عودة الشك في نوايا إسرائيل وتصرفاتها ، ولعله يفكر في شيء يشبه إشراف أميركا على اتفاقية كامب ديفيد في 1979 بين مصر وإسرائيل . وتشير كل الدلائل إلى أن إسرائيل التي بادرت إلى الترحيب بمبادرة السيسي عقب رفضها المبادرة الفرنسية لن تقبل أي إشراف خارجي عليها ولو كان أميركيا ، وتريدها مقصورة عليها وعلى مصر وبقية الدول العربية التي تتحرق للدخول فيها ، وعلى رأسها السعودية التي يقال إنها تتحرك في الخلف دعما للمبادرة المبنية على مبادرة الملك عبدالله التي تبناها مؤتمر القمة العربية في بيروت في 2002بمسمى مبادرة السلام العربية ، ولا نستبعد أن تكون إعادة جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية جزءا من تحرك مبادرة السيسي العربية الأصل ، ومن شواهد تحرق السعودية وغيرها من الدول العربية على إقامة علاقات رسمية علنية مع إسرائيل باتخاذ المبادرة الحالية منصة وثوب لتلك العلاقات ؛ ما ذكرته بعض المصادر من أن السعودية ودول الخليج عرضت على إسرائيل تعديلات سخية في مبادرة السلام العربية تتعلق بمسألة اللاجئين والجولان ( ! ) ، ولن نتوقف عند غرابة السخاء بحقوق وأرض شعبين عربيين ، فليس هذا شأننا الآن ، وهو حقيق بوقفات تالية منا ومن غيرنا . ونتابع حديثنا عن مفاجأة المسئولين المصريين من تعيين المتطرف الإشكالي أفيجدور ليبرمان وزيرا لدفاع إسرائيل ، فنقول : إن ذاكرة العرب قصيرة في كل ما يتعلق بإسرائيل وأفعالها ، ودائما تفاجئهم بتلك الأفعال ، أو يتظاهرون أنهم فوجئوا تغطية على عجز بعضهم عن مواجهتها ، وتعمية عن تواطؤ بعضهم معها في تلك الأفعال . إسرائيل هي إسرائيل ، ولها أهدافها المعدة بعناية كبيرة محكمة ، ودائما تراقب الظروف والتطورات مراقبة متأنية متفحصة للتأكد من ملاءمة ظرف معين أو تطور معين لتحقيق هدف ما من تلك الأهداف المحفوظة في بالها وملفاتها السرية . وهي لا تجامل أحدا أيا كان في ما يتعلق بتلك الأهداف . إذا لاءمتها الفرصة وثبت على هدفها ، وبهذه الآلية السلوكية لم يكن في تعيين ليبرمان أي مفاجأة . كان يوما وزير خارجية ، وهو منصب سيادي كبير ؛ فلم لا يكون وزير دفاع ؟! حتى وإن كان لا فقه له في شئون الدفاع والحرب ، ولم يتجاوز في خدمته العسكرية رتبة عريف في وحدة مدفعية، وتصف صحيفة " تايمز أوف إسرائيل " تلك الخدمة بأنها لا تعطي عن صاحبها أي انطباع مؤثر، وأن كل " أمجاده " في القتال تنحصر في مشاجرتين تبادل فيهما اللكمات مع بعض الطلاب العرب في الجامعة العبرية في القدس ، ولكن ولايته لوزارة الدفاع مع انعدام الأهلية لها أمر يخص منظومة الجيش الإسرائيلي وآليات عملها . ولا يتفاجأ بهذا التعيين إلا من لا يعرف إسرائيل أو يتجاهل أنه يعرفها لغرض سياسي في نفسه. في 7 يونيو / حزيران 1981دمر سلاحها الجوي مفاعل تموز النووي العراقي ، وقبل تدميره بيوم كان بيجن رئيس وزرائها الأسبق في اجتماع في شرم الشيخ مع السادات ، وأذهلت العملية السادات وصدمته صدمة عنيفة تخوفا من أن يتهم في العالم العربي بأن بيجن أطلعه عليها قبل تنفيذها ، وأنه وافق عليها ، وكانت مصر في قطيعة صعبة مع العالم العربي بعد اتفاقية كامب ، ولا تريد بحال صب مزيد من الوقود على نار تلك القطيعة ، ولكن إسرائيل دائما هي إسرائيل . إذن لا مفاجأة في تعيين ليبرمان وزيرا لدفاعها وإن كانت مصر تمقته منذ أن هدد في 2001أمام عدد من سفراء الدول الغربية بقصف السد العالي في حال نشوب حرب مع مصر ، وأعلنته مصر بعد تهديده شخصا لا رغبة لها في التعامل معه ، وحظرت أي صلة بينه وبين سفيرها في تل أبيب . ماذا ستفعل الآن ؟! إنه وزير دفاع إسرائيل ، والعلاقة الأمنية بين الدولتين في أوج ازدهار لم يسبق له شبيه بشهادة إسرائيل نفسها ، وتحديدا في سيناء وغزة . كل ظواهر واقع مصر تقرر أنها ستتعامل معه ، وأن ما كان قبله سيكون بعد مجيئه ، وحتى في حال رفض التواصل المباشر مع شخصه ، هناك آليات كافية لمواصلة التعامل السابق ، والمهم لدى إسرائيل أن يتواصل .
وسوم: العدد 669