القوى الخبيثة
بيد أن العالم المتقدم علميا واقتصاديا وتكنولوجيا وعسكريا بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية؛ ومن يسبح في فلكها الرأسمالي المشؤوم بصداقة أو ندية، لا زال يسعى بإصرار إلى الاسمرار في الإمساك بزمام النظام الوحيد بقبضة من حلوى وحديد، النظام المؤسس على أنقاض الحرب الباردة التي دارت رحاها لعقود طويلة بين المعسكرين الشرقي والغربي.
إن القوى الخبيثة " العظمى" لا تزال تدفع في اتجاه تكريس الرأسمالية المتوحشة والهيمنة المطلقة على كل مناحي الحياة الاقتصادية بالعالم. فهذا الأمر ولـّــد عندها ما يمكن تسميته بـ" جنون المصالح"، فراحت ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية تتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الضعيفة؛ والتي عانت المرارة من الاستعمار الغاشم؛ وما رافقه من جرائم وحشية لم يسلم منها لا البشر ولا الشجر ولا الحجر، بل ازداد تدخلها في كل تفاصيل الحياة شناعة مباشرة بعد انهيار المعسكر الشرقي و قيام النظام الوحيد مع مطلع التسعينيات من القرن العشرين، والذي تحاول من خلاله قواه الخبيثة عولمة كل مجالات الحياة لدى الشعوب وتنميطها وتحنيطها.
هذا ويزداد تدخل هذه القوى شراسة ووقاحة وصراحة لدى البلدان التي حباها الله تعالى بكثير من نعمه وخيراته ، فهي تسعى سعيا حثيثا إلى استغلال وسرقة ثروات الضعفاء بكل الطرق والخطط المحاكة بدهاء، أقصاها وأقساها التدخل العسكري الوحشي بشكل فظيع؛ وبتكالب من الجميع، الأخ والقريب والصديق والجار والعدو، وبفعل ضغوطات سياسية واقتصادية تمارسها هذه القوى على الضعفاء اللطفاء؛ والعملاء والعلماء؛ والشرفاء والأمراء والوجهاء .. إذ تختلق الذرائع وتلفق التهم؛ تعربد وتهدد؛ وإعلامها الموالي السرطاني يردد ذلك صباح مساء؛ فتـُـقمع الألسنة ؛ ويغدو الأمر مسرحية مأساوية تـُـلعب على ركح الضعفاء المصمتين، تتفرج عليها الشعوب المشبعة أمية وجهلا وقهرا، وتخرجها وتتلذذ بحبكها بضع قوى خبيثة، وتحرسها أنظمة قسرية همها البقاء؛ تهاب الفناء، أنظمة قامعة مقموعة تدوسها أحذية الكبار باليل والنهار؛ وكل حولٍ تزين عنقها بوسام متقدم من درجة حمار .. فعلا إنها ديموقراطية الكبار، إذا تعلق الأمر بشعوبهم تتأسس على التنمية والوقار والابتكار، وإذا تعلق الأمر بغيرها يعلوها الغبار، وتتأسس على التعمية والنهب والاحتقار.
حقا إنه لنظام عالمي معولم مستبد خبيث، قد أضحت الشعوب معه رازحة تحت أطنان من الفقر و أخرى من القهر، وهويتها تموت؛ تختفي بسرعة ؛ أهو خبث للنظام أم صولة للدهر؟ فإلى متى ستظل الشعوب تـئـن ؟ و أنظمتها طائعة .. لا تحنّ !!؟ .
وسوم: العدد 672