الحقائق المطموسة أثناء الهيجان العاطفي .. والثوران الشعبي ...
دائماً في خضم الهيجان العاطفي .. والثوران الشعبي ..
تُطمس حقائق كثيرة .. ويغيب العقل والفكر عن المشهد كلياً ..
ويظهر بشكل طاغي مصطلح :
( لا صوت يعلو على صوت العاطفة الهائجة .. الثائرة ) ..
ويصبح التمجيد .. والتعظيم .. والتضخيم .. لصانع الحدث ..أو المتصدي له ..
هو السمة المهيمنة .. والمسيطرة على المشهد ..
مع غياب كلي للموضوعية .. والواقعية ..
الحقيقة الأولى المطموسة :
لا أحد من شعوب الأرض .. يعيش برفاهية وسلام .. وأمان وحرية ..
يؤيد الإنقلاب العسكري ..
ويستبدل الذي هو أدنى .. بالذي هو خير ..
ويستبدل الديكتاتورية .. بالحرية ..
الحقيقة الثانية المطموسة :
ماذا لو لم يتمكن رئيس البلد من الكلام إلى الشعب .. ودعوته لهم للخروج إلى الشارع ..
هل سيخرجون .. ويتحدون أوامر العسكر الذي فرض منع التجول .. وهدد بإطلاق الرصاص على المخالفين ؟؟؟!!!..
الحقيقة الثالثة المطموسة :
ماذا لو أطلق العسكر الرصاص على كل من يقترب من الدبابات .. هل سيتمكن الشعب من الصعود عليها ؟؟؟!!!
الحقيقة الرابعة المطموسة :
ماذا لو تمكن مرسي رئيس مصر السابق .. من التواصل مع الشعب .. ودعاه إلى الخروج إلى الشارع للتنديد بالإنقلاب العسكري .. ألم تكن أعداد الخارجين في الشارع المصري .. أضعاف الخارجين في الشارع التركي ؟؟؟!!!
الحقيقة الخامسة المطموسة :
ماذا لو لم يطلق عسكر الأسد الرصاص على المتظاهرين في سورية .. أما كانت أعداد المتظاهرين أضعافاً مضاعفة .. من المتظاهرين الأتراك .. ولوصل المتظاهرون إلى القصر الجمهوري .. وأخرجوا بشار منه في أيام قليلة ؟؟؟!!!
الحقيقة السادسة المطموسة :
ماذا لو تمكن ناظم القدسي رئيس سورية أثناء الإنقلاب البعثي الأسود في 1963 .. وكان منتخباً من الشعب .. من التواصل مع الشعب .. ودعوته لرفض الإنقلاب .. هل تمكن عسكر البعث ، ومن بعده عسكر الأسد ، من التحكم بالبلد خمسين سنة ؟؟؟!!!
الحقيقة السابعة المطموسة :
لا يظهر معدن الشعب الحقيقي .. إلا حينما يتعرض للموت الزؤام .. والقتل اليومي .. وعلى مدى سنوات .. ويصر على الحياة .. والحرية .. ويقابل الرصاص بكلمة ( الله أكبر ) .. وبسلاح خفيف ..
أما إذا لم يتعرض الشعب لمثل هذا .. وزحف بالمليارات إلى الشارع .. وهو آمن من الموت .. والقتل ..
فهذا لا يدل بالضرورة على أن معدنه ثمين ..
الحقيقة الثامنة المطموسة :
إن نجاح أي حدث .. يمكن أن يكون بسبب قوة صانع الحدث .. أو يمكن أن يكون بسبب ضعف المتصدي للحدث ..
وفشل الحدث .. يمكن أن يكون بسبب ضعف صانع الحدث .. أو خلل في التخطيط .. والتنفيذ .. أو يمكن أن يكون بسبب قوة المتصدي للحدث ...
ومن الخداع .. والتضليل .. التركيز على جانب واحد .. وتمجيده .. وتعظيمه .. وإغفال الجانب الآخر ..
الحقيقة التاسعة المطموسة :
استجابة الشعب للحاكم للخروج إلى الشارع ضد الإنقلاب .. يمكن أن يكون بسبب حبهم له .. ويمكن أن يكون بسبب خوفهم من المستقبل المجهول .. وكرههم لحكم العسكر ...
الحقيقة العاشرة المطموسة :
من المستحيل التخلص من الأعداء .. فالذي يظن أنه سيتخلص منهم بالتقرب إليهم .. واهم .. ويجري وراء سراب ..
وحدث الإنقلاب الفاشل في تركيا .. يظهر الحجم الهائل للأعداء ..
فالكل رقص .. وغنى .. وطرب في بداية الإنقلاب .. وتأمل نجاحه ..
بدءاً من نظام الأسد .. إلى المليشيات الشيعية ، والكردية ، والروسية ، واليهودية ، والأمريكية ، والأوربية .. والأنظمة العرباوية ..
حتى أن أحد المماليك العرباوية صرح :
بأن الشعب التركي خرج بالملايين يلعن أردوغان .. ويؤيد الجيش !!!
ولا تغرنك الرسائل الدبلوماسية المنددة بالإنقلاب .. ما هي إلا ضحك على الذقون .. وكذب ونفاق ..
فلو نجح الإنقلاب – لا سمح الله – لرأيتهم أنفسهم يتراكضون لتأييده ..
وصدق الله العظيم :
( وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ ) ...
تلك عشرة كاملة ، ذلك لمن أراد أن يفهم .. ويدرك حقيقة أي حدث في الدنيا .. بدون غلو ولا مبالغة .. ولا تضخيم ولا تمجيد .. ولا شطط ..
وأن يقرأه بالعدل .. والقسط .. والموضوعية .. والحيادية ..
وهذه وظيفة عقلاء الأمة .. أن يقرأوا الواقع الميداني .. ليس بناء على الهيجان .. والثوران الشعبي العاطفي ..
وإنما بناء على قلب الصورة فيما لو حدثت .. ماذا سيكون ردة الفعل ؟؟؟!!!...
وأما الدهماء .. وغوغاء الناس .. فلن يفهموا من هذه الحقائق العشرة شيئاً ..
وسيبقون في غيهم وجهالتهم سادرون ...
يتبعون الداعي لا عوج له .. أينما يوجههم .. يتوجهون تلقائياً .. وألياً ..
وسوم: العدد 677