لا ملعقة لكم على مائدة الكبار
بداية سأوجه سؤالاً للأكراد: هل تقرؤون التاريخ ؟ أم أن الكتب حرقت منذ أيام ابن رشد؟
تباً.. بل ألف تباً، ولا بأعلى صوت لاتفاقية سايكس – بيكو جديدة..
استخدم الأكراد عبر التاريخ ضحايا لألاعيب دولية، وكانوا وقوداً لتحقيق مشاريعهم الخاصة، وما تلبث أن تخولهم تلك الدول التي قدمت الوعود، وتتنكر بوعودها لإنشاء “كيان كردي”.
أكراد سورية في عهد حافظ الأسد، كانوا يعانون من التمييز والاضطهاد، وعدم الاعتراف بهم، كانوا “مكتومي القيد” أي لا حقّ لهم في المواطنة، لا هوية شخصية، ولا جنسية، ولم يسمح لهم بافتتاح مدارس كغيرهم، ومنعهم نظام الأسد من التحدث بلغتهم الخاصة، وهذه حقيقة لا ينكرها الأكراد ولا غيرهم.
ورغم ذلك استخدمهم الأسد الأب كورقة ضغط على تركيا عندما نشأت خلافات بين الدولتين السورية والتركية بشأن مياه نهر الفرات، فاحتضن حافظ الأسد عبد الله أوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني عام 1978، والحزب مصنف على قائمة الإرهاب، وعند ملاحقته دخل سوريا عام 1980 وقدمت له الحكومة السورية كافة التسهيلات كورقة ضغط “كردية” على تركيا.
في النهاية… تخلى الأسد عن أوجلان وسلمه لتركيا عام 1998، بعد أن انتهى دوره في سوريا، وليس ثمة استفادة منه في سوريا!!… وصل الأسد الابن للسلطة، وروّج لإصلاحات سياسية، إلا أن وضع الأكراد تدهور، على عكس ما روج له الأسد.
اندلعت ثورة 15 آذار 2011، مطالبة بالحرية والكرامة وصولاً لدولة ديمقراطية، ولكن المفاجأة متزعمي “الأكراد” كانوا مؤيدين لنظام الأسد، وعلى مرور أكثر من خمس سنوات من الثورة، بقيت العلاقة بين النظام السوري، ووحدات حماية الشعب الكردية، فيها تنسيق وتفاهم ضد قوى المعارضة السورية، وهنا لا نعمم، وإنما نشير لمن حابى الأسد وسانده.
هل كان ينعم الأكراد بالرفاه في زمن الأب وابنه، ومع اندلاع الثورة ذهب ذلك النعيم؟ أم أن بشار الأسد وعدهم بدولة كردية؟ بعد عقود على اضطهادهم؟
يبدو أن بشار الأسد على غرار أبيه، استخدم رؤوساً كردية كورقة لصالحه، فعندما اشتعلت الثورة أصدر بشار الأسد مرسوماً في 7 نيسان / أبريل 2011، يقضي بمنح الجنسبة العربية السورية للأكراد المسجلين كأجانب في سجلات محافظة الحسكة، وهو ما فسره محللون بأنه محاولة لتحييد الأتراك من المشاركة في الثورة السورية.
وتلك الشخصيات الكردية قبلت بـ “الرشوة السياسية”، وظنّوا بأن الفرصة سنحت لإنشاء دولة كردية، ولكن نظام الأسد استخدمهم كورقة ضغط ليس أكثر.
أما روسيا، فهل هي صادقة في دعمها لهم؟ أم أن التاريخ سيعيد ذكرى تخلي روسيا القيصرية عن الشريك الكردي، إثر انهيار الدولة العثمانية ووصول أتاتورك للحكم، وتأسيس الجمهورية التركية عام 1923، حيث دخلت روسيا في تحالف وثيق مع أتاتورك ضدهم!!
عادت روسيا في الثورة السورية الحالية، إلى الأكراد لاستخدامهم في البعد الإقليمي للصراع، وتحديداً مع تركيا، لا سيما بعد قيام تركيا بإسقاط المقاتلة الروسية، في 24 نوفمبر 2015.
ولكن.. بعد تحسن العلاقات التركية – الروسية ماذا سيكون دور الأكراد؟، أم أنهما لا يزالوا يعلقون آمالهم بأمريكا، التي طالبت الأسد بوقف قصف “الأسايش” الكردية؟!
دوغلاس أوليفايت المستشار السابق للرئيس أوباما قال “إن أمريكا تدعم وحدات حماية الشعب الكردية المؤيدة لنظام الأسد، لأنها تريد صنع حلفاء آخرين في سوريا.
فيما قالت هيلاري كلينتون في مذكراتها: الأكراد أقوى حلفاء أمريكا في المنطقة (بمعنى أن أمريكا لم تنته بعد من مصلحتها مع الأكراد).
بماذا يفكر الأكراد؟
على الرغم من كل ما جرى لهم عبر التاريخ ، مازالوا يحضرون على مائدة الكبار، أو بمعنى آخر، لماذا يرمون أنفسهم بين أيدي الكبار؟ وهل يعتقدون أنهم يحمون أنفسهم ومشروعهم؟!
ماهي الوعود التي حققوها لهم على مر التاريخ، حتى يصدقوهم اليوم؟
الشعب الكردي جزء لا يتجزأ من النسيج السوري، له حقوقه كما لكل السوريين، كان لهم دور كبير في الحياة السياسية والاجتماعية، قبل حكم الانقلابات “الديكتاتورية”، ولم يتعرضوا لاضطهاد سوى في زمن “الاستبداد”.
فهي دعوة بأن يكون الهدف وحدة سوريا، وصولاً إلى الديمقراطية الحقيقية، ودعوة أيضاً للتنبه من دول تستخدم الأكراد وغيرهم كورقة في تحقيق مصالحها..
وللأكراد أقول ليس لكم ملعقة على مائدة الكبار، ولن يطعموكم ما تشتهون، فهدفكم وطن وحقوق، وفي سورية الموحدة وطنكم وحقوقكم..
لا لـ سايكس بيكو جديد، ولا لتقسيم سوريا بأيادٍ سورية..
وسوم: العدد 683