ليس بالخطأ قصف البنتاغون الأمريكي الجنود السوريين

ما يقرب من مائة جندي سوري قتلتهم غارات البنتاغون الأمريكي ، في جبل الثردة قرب مدينة دير الزور مساء السبت / 17 / 9 / 2016.

وقالـوا أتبكـي كل قبر رأيتـه ... لقبر ثوى بين اللوى فالدكادك

فقلت لهم إن الشجا يبعث الشجا ... دعونـي فهـذا كله قبر مالك

مائة جندي سوري مع أضعافهم من الجرحى ، عندما قتلوا ، كان المجرم أوباما يعبث مع عزيزته ميتشيل ، وكان المجرم بشار الأسد يمارس لعبته المفضلة على المواقع الالكترونية التي تعرفه جيدا . لا واحد من هذين ولا ثالثهم المجرم بوتين ولا رابعهم علي خمنئي ؛ يهتم للبشر الذين تُسفك دماؤهم في دعم مشروع العدوان والانتهاك على الأرض السورية . ولكن أمهات وزوجات وبنات وأخوات سوريات احترقت قلوبهم تلك الليلة بعملية القتل الأثيم تلك ..

الأكثر إثارة للريبة والألم هنا ، أنك تجد شامتا هنا وشامتا هناك ، وكل يحاول أن يوظف مشروع الجريمة و (القتل) هذا في مشروعه وخدمة ما يظنها أهدافه، دون التوقف عند همجية القاتل ، وعبثيته ، ولامبالاته ، واستخفافه بحياة البشر . ولأقطع الطريق سبقا على من يريد أن يعترض علي بالدين والثورة ، أقول إن الإسلام ، إنما شرع القتل لنفي الفتنة عن حياة الناس أو إقرار العدل بينهم . ولهذين المقصدين شرع الإسلام الجهاد والقصاص . حين يجاهد المجاهدون فيَقتلون ويُقتلون فإنما يفعلون ذلك لنفي الفتنة ودرء الظلم والدفاع عن الحق . في كل جرائم الحروب هذه يحمل عتاة المجرمين إثم ( الإريسين ) . دون أن يعني ذلك تبرئة المجرم الفرد من مسئوليته . على ألا ننسى أنه دائما : المجرم والضحية في وقت معا .

وأعود لأؤكد ثانيا لم يقصف البنتاغون الأمريكي الجنود السوريين خطأ ، وإنما قصفتهم عدوانا وظلما وتحديا لشريكه وخصمه الروسي ، وتأديبا لتابعه الأسدي . ولذلك رأينا الأسد ( يلوي على حيزومه الذنبا ) ويضوي. لم تستفز بشار الأسد دماءُ مائة إنسان سوري ، ليحاول أن يرد على القوات الأمريكية وهو أعلم بمواقعها ، كما رد على أطفال درعا ، ومظاهرات داريا ، وشامخات العمران في الشهباء. ضوى الخسيس كما العقرب إذا تستشعر أن النعل فوقها تهوي . وترك لبوتين شريكه الآخر في العدوان أن يتولى عنه حديث اللجاجة الذي لا يغني ولا يسمن من جوع . لم يجرؤ على الرد بشار ، ولم يجرؤ وليُّه الفقيه علي خمنئي، صاحب شعار ( الموت لأمريكا ) ؛ أن يرد على أمريكا ، والجنود الأمريكيون على مرمى الحجر من كل فصائل الشر والإثم على تعدد أسمائها وجنسياتها من ( الحزبللاويين – والفاطميين – والزينبيين – والحشديين ..) . ولم يجرؤ بوتين أن يدفع عمن يزعمهم أولياءه فيدليهم بغرور ، لينجو الأمريكي بفعلته بكلمة أسف تعفّي على دماء مائة إنسان أقل ما نقوله فيهم إنهم ( سوريون ) ..

وأعود لأؤكد ثالثا لم يقصف البنتاغون الأمريكي الجنود السوريين في دير الزور خطأ !! فبعد ( 5000) عملية قصف ، بل قتل ، خلال عامين من العدوان الأمريكي على أهلنا وديارنا بتواطئ مع فرقاء الجريمة الآخرين ( الروسي – والإيراني – والأسدي ) ، تأسف الولايات المتحدة لما تدعيه خطأها بقتل الجنود السوريين الأسديين . تذكروا أن الولايات المتحدة لم تأسف يوم قتلت أطفال المدارس الأبرياء ، ولم تأسف عندما قتلت قذائفها أكثر من 500 إنسان من المدنيين السوريين الأبرياء الأحراروليبقى السؤال في هذا المقام مشروعا ومطروحا : لماذا لم تخطئ القاذفات الأمريكية ولا مرة واحدة فقصفت عصابات الولي الفقيه ، و قاسم سليماني وحسن نصر الله وهم بعديدهم وأفرادهم على الأرض السورية كثير ...

وأؤكد رابعا وخامسا وسادسا أن القاذفات الأمريكية لم تقصف الجنود السوريين ، وإن كانوا أسديين خطأ ، والمجرمون بوتين والولي الفقيه وبشار الأسد يعلمون هذا أكثر من كاتب هذه السطور ..

الموقف في الولايات المتحدة ، في ظل رئيس أمريكي دُوْن ،أباديدُ ، الخارجية الأمريكية في واد ، والوكالة الأمريكية ( السي . آي . إيه ) في واد ثالث ، والبنتاغون ( وزارة الدفاع الأمريكية ) في واد ثالث ، والموقف الأمريكي مشتت في هذه الوديان . ويكاد الأمريكيون يقصف بعضهم بعضا حين يتكلمون ...

والقصف هذه المرة جاء بقرار من البنتاغون ، وبأدواته ، رسالة متعددة الاتجاه : 

القصف - أولا - كان لوزير الخارجية الخارجية كيري شخصه ودوره وإنجازه وفريقه . 

والقصف - ثانيا – كان للاتفاق المزري الذي طالما ضحك منه الجادون والصادقون والعقلاء ، من ظاهره ومن ملفاته السرية التي يتحدى لافروف كيري أن يكشف عنها . في أحجية طفولية في لعبة عسكر وحرامية .

القصف – ثالثا – رسالة لبوتين وللافروف ، تومئ لهما أنه ما يزال لدى الولايات المتحدة نزع من إرادة ومن قدرة ومن فعل ، وإن كبل كل هذا المكبلون ..

 والقصف – رابعا – رسالة إلى البائس الخسيس بشار الأسد ، ألا يغتر كثيرا بعصب أوليائه الجدد ، فهو سيظل تحت قبضة مالكه الأصلي يفعل به ما يشاء عندما يشاء بالطريقة التي يشاء ، ويتحداه في الوضح أن يلثغ بجواب ...

قصف البنتاغون الأمريكي للجنود الأسديين لم يكن خطأ ..

وكانت الجريمة الأكبر في رسالة البنتاغون الأمريكي هذه أن حامل هذه الرسالة كانت دماء السوريين . وكما يدفع السوريون من دمائهم ضريبة إحجام الولايات المتحدة فإنهم يدفعون من الدماء نفسها ضريبة إقدامها .

 لن نقبل أن نقول إن الدماء التي سفكها الطيران الأمريكي هي دماء مقاتلين شرفاء أو سوريين أبرياء ، ولكننا سنجمع على أنها دماء ضحايا ، هانت على أصحابها ، وهانت على أوليائها ، فاستخف بها المستخفون ، واستهتر بسفكها المستهترون ...

أولئك هم الضحايا المجرمون ، أو المجرمون الضحايا ، وما أكثر الضحايا تحت الرايات العميّة. ولا عمى ، اليوم ، مثل عمى أولئك الذين حشروا أنفسهم في حظائر الخنازير .. 

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 686