رسَالةٌ إلى دونالد ترامب!
السّيد دونالد ترامب، تحيّة وبعد:
هذه ليستْ رسَالة تهنئة، يكفيكَ من رسائل التّهنئة ما جاءكَ! وليستْ رسالة بيعة، فنحن قومٌ يُبايعُ حكّامنا عنّا، إنها فضفضة ليس إلا، فنحن قومٌ مولعون بالكلام، ولعلكَ لا تعلم، وأنتَ لا تعلمُ كثيراً بالمناسبة، أننا الأمة الوحيدة في التّاريخ التي أنشأتْ سوقاً للكلام، فقد كان أجدادنا يبيعون الكلام في سوق عكاظ قبل أن تُكتشف أمريكا، ومن شابه أباه فما ظلم!
سيادة الرّئيس:
بدايةً، لي عتبٌ عليك لأنكم لم تُشركونا في انتخاباتكم، تقولون لنا أنّ من حقّ الشّعوب أن تختار حكّامها، ثمّ لا تنادوا علينا لندلي بأصواتنا! بالمناسبة كنتُ سأصوّتُ لكَ! ويشهدُ الله أني كنتُ أدعو أن تفوز، حتى أن زوجتي بشّرتني بفوزك قائلة لي: لقد فاز صاحبك! وطبعاً كنتُ سأصوتُ لكَ ليس محبةً فيك، فقلبي ليس أعمى إلى هذه الدّرجة، ولكن لأنّكَ خبيث مكشوف على البركة ما بقلبكَ على لسانك، فلستَ دبلوماسياً كالحيّة الرقطاء هيلاري! أردتُ لكَ أن تفوز ليظهر لقومي وجه أمريكا القبيح على يديك.
لا شيء أسرع في خراب الدّول من تسليم زمام أمرها لأحمق، وإني أسأل الله أن يكون عهدكَ فاتحة الخراب، وأن تكون سنوات حكمك على أمريكا كالسّبع العجاف
فأنا من قومٍ إذا قالت لهم هيلاري: اذهبوا إلى الجحيم أيها اللطيفون! لقالوا: تغزّلتْ بنا الشقراء! معكَ الأمرُ مختلف، أنتَ صريحٌ جداً وتلعبُ على المكشوف، أنتَ تقول صراحةً: نريدُ نفط السعودية، ولا تقول السعودية صديقتنا ثم تذهب لتدقّ في أسفلها اتفاقاً نووياً مع إيران، وتُطلق قطيع الحشد في العراق، وكلاب الحوثيّ في اليمن! أنتَ تقول صراحةً: المسلمون غير مرحّبٍ بهم في أمريكا، ولا تقول أهلاً بكم، ثم تهمس لمجلس الشيوخ: أعطوهم قانون جاستا! أنتَ تقول صراحةً: ما شأننا وشأن سوريا اذبحوا أهلها ولا تجعلوننا نرى دماءهم، ولا تقول أن قيم أمريكا لا تسمح بمجازر حلب ثم تهمس لبوتن: اجمعهم عدداً واقتلهم بدداً! أنتَ تقول صراحةً: أنا مع إسرائيل في كلّ ما تفعل، ولا تقول أنا ضدّ الاستيطان وتدفع لهم ثمن الإسمنت، ولا تُطالب إسرائيل بضبط النّفس تجاه غزّة وتعطيهم الصواريخ ليقصفوها!
سيادة الرّئيس:
أتعرفُ لماذا اختارتكَ أمريكا؟ سأخبركَ، لقد اختارتكَ لأنّكَ نسخة عنها، فمواصفاتك في أي دولة محترمة ليست إلا مواصفات رئيس عصابة! ولا تغضب، فالبيّنة على من ادّعى! أولاً أنتَ عديم الثقافة، وتفهم في السياسة مقدار ما تفهم شاكيرا في النظرية النسبية، فقد مرّغتك هيلاري في مناظرتين، وعرّتْ جهلكَ، ورغم هذا انتخبوك! سرّبوا لكَ مقاطع فيديو بالصوت والصورة تفتخرُ فيها بالتّحرش بالنساء، ورغم هذا انتخبوك! أثبتوا تهربك من دفع الضرائب التي ستطالب الناس بدفعها، ورغم هذا انتخبوك! حياتك الأُسرية مثيرة للغثيان ورغم هذا انتخبوك! صدّقني أنتَ نسخة مصغّرة عن أمريكا، نسخة قبيحة عن دولة قبيحة ما زالت حتى اليوم تحتفل بذكرى إلقائها قنابل نووية على هيروشيما وناكازاكي دون أدنى وازعٍ من ضمير!
سيادة الرّئيس:
سئمنا من الأقنعة فأرنا وجه أمريكا الحقيقيّ، وسئمنا من الكلام المعسول فأسمعنا كلام أمريكا الحقيقي، سئمنا من شعوركم بالقلق والغثيان لما يحدثُ لنا، فهذه أعراض حمل ووحام لا أعراض سياسة، فأظهر لنا مشاعر أمريكا الحقيقية نحونا، ولا تخف علينا من خيبة عاطفية، فنحن نعرف ولكن نريد أن يعرف حكامنا أنها علاقة حُبّ من طرف واحد! سئمنا من محاولة إظهار إمساككم بالعصا من المنتصف، فامسكها من طرفها، وهُشّ بها على رؤوسنا علّنا نستيقظ!
سيادة الرّئيس:
لا شيء أسرع في خراب الدّول من تسليم زمام أمرها لأحمق، وإني أسأل الله أن يكون عهدكَ فاتحة الخراب، وأن تكون سنوات حكمك على أمريكا كالسّبع العجاف على أهل مصر زمن يوسف عليه السّلام، فكُنْ أنتَ، ولا تسمح لهم أن يلجموك، أرجوك، كُنْ أمريكياً من دون مساحيق تجميل!
سيادة الرئيس:
هذا ما كان منّي: أي انتهيتُ!
وما أردتُ إلا أن أُفضفض: أي أتكلم!
والسّلام: أي اقلبْ وجهك!
وسوم: العدد 694