سوريا: الانتخابات أعلى مراحل الجريمة؟
رأي القدس
انطلقت أمس حملة الرئيس السوري بشار الأسد الانتخابية التي يتنافس فيها مع مرشحين ديكوريين لن يتذكر أحد اسميهما بعد اعلان نتيجة ‘الانتخابات’ المعروفة سلفا والتي ستكرس ‘انتصاراً’ جديداً للأسد على ناخبيه من الشعب السوري، بحيث يضاف فوزه هذا الى قائمة الكارثة السورية المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
فتحت شعار ‘سوا’ الذي اطلقته حملة الأسد الانتخابية سيفكر السوريون بمئات آلاف القتلى والمعاقين وملايين النازحين ومئات المدن والبلدات والقرى التي طحنها ‘المرشّح’ للرئاسة بالأسلحة الكيميائية وصواريخ سكود والبراميل المتفجرة (الأقل كلفة والأوسع تدميراً للبشر والحجر) وقذائف المدافع والدبابات وصولاً الى سواطير الذبح وأدوات التعذيب لقطع الألسن والأعضاء والرقاب.
صندوق التمديد لبشار الأسد سيذكّر السوريين بمئات الأطفال النائمين كالملائكة بعد أن قتلتهم غازات النظام السامة، وشكله سيذكرهم بالبرميل المتفجر الذي يقع على رؤوسهم ويمسح أقاربهم وأحبابهم عن وجه البسيطة، كما سيذكرهم بخطف واعتقال وتعذيب واغتصاب فتياتهم وفتيانهم، وبالذلّ والمهانة اللذين يعاني منهما السوريون حيثما حلّوا ورحلوا في بلاد العرب والأجانب.
ما يميّز هذه الانتخابات هو أن أكثر من نصف الشعب السوري مخصومون منها ولن يسعدوا بالمشاركة فيها، لأنهم، على حدّ ما فسّرت إحدى الناطقات باسم السلطات السورية مرّة، ‘ذهبوا’ ليزوروا أقاربهم في تركيّا… والأردن، ولبنان، والعراق، وصولاً الى أقصى (وأقسى) بقاع الأرض والسماء والبحار. زوّار أقاربهم أولئك يتحمّلون إذن وزر حرمانهم من التصويت للرئيس لأنهم، على حد قوله، ‘حاضنة شعبية’ للمعارضة.
أما النصف الآخر، وهم الرهائن، سواء كانوا ساكتين على قتل وطنهم او مشاركين فيه، فقد بدأ تحشيدهم، على حد تعبير تقارير النظام، في مختلف المناطق ‘دعماً للجيش وتأييداً للثوابت الوطنية والاستحقاق الدستوري لانتخابات الرئاسة’، بحيث جاء التأكيد، المرة تلو المرة في هذه التصريحات، على أولوية الجيش، وهو الذي تحوّل إلى أداة للقتل المعمم، وعلى صراعه مع ‘التكفيريين الارهابيين’، للتأكيد أن هذه الانتخابات ليست غير الخضوع التام لرغبة الغلبة والهيمنة وكسر الارادة السورية التي عبّرت عن نفسها بالثورة الشعبية ضد النظام عام 2011.
وسائل الاعلام تحدثت أن الحشود التي عبرت عن دعمها للجيش والرئيس كانت في ‘مختلف المناطق’، لكن التقارير لم تذكر غير ثلاثة منها هي: بانياس، وطرطوس، واللاذقية، وهي المناطق المنكوبة بولائها للنظام الذي يعتبرها ‘حاضنته الشعبية’ والتي لم يوفّر من مقتلته العمومية للشعب السوري، عائلة من عائلاتها، فهي كانت وسيلته الأساس للحفاظ على كرسيه، ووقوده لقتال المعارضة السورية تحت أسماء جيش الدفاع الشعبي والجيش العربي السوري وغيرها، مؤسساً بذلك لكراهيات هائلة على أسس اثنية ومناطقية وطائفية، في استهداف لعمق نسيج الشعب السوري، ولثوابته الوطنية التي يتغنى بها، بشكل غير مسبوق في التاريخ.
مقابل الحشود الروبوتية التي يبرمجها النظام رد النشطاء السوريون على حملة الأسد بحملة مقابلة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان ‘انتخابات الدم’، وهو وصف بليغ لا مزيد عليه!