دول غربية تنتقد ترامب في قراره منع دخول الحاملين للهوية العربية الإسلامية
دول غربية تنتقد ترامب في قراره منع دخول الحاملين للهوية العربية الإسلامية الولايات المتحدة بينما تسارع أنظمة عربية إلى تنفيذه
من يهن يسهل الهوان عليه حكمة نطق بها الشاعر العربي الذي تشرب عزة النفس ، وهي عزة صارت عزيزة في هذا الزمن الرهيب. ولقد هان الإنسان الحامل للهوية العربية الإسلامية على الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من ذي قبل حيث لم يقنع الرئيس الأمريكي الجديد بما ألحقه سلفه جورج بوش بالعرب من هوان بغزوه العراق ،وجعل أعزة أهله أذلة بذريعة وجود أسلحة دمار شامل به تهدد الأمن القومي الأمريكي والصهيوني ، وهي ذريعة تبين فيما بعد أنها محض كذب . وتبين من خلال غزو العراق أن الولايات المتحدة في سياستها تجاه الوطن العربي تظهر ما لا تبطن، ذلك أنها إذا أرادت تحقيق مصلحة من مصالحها ظلما وعدوانا ،اختلقت لها ذريعة مستخفة بالرأي العام العالمي وموظفة قوتها العسكرية في ذلك . ولن تكون ذريعة ترامب في منع الحاملين للهوية العربية الإسلامية من دخول الأراضي الأمريكية بالرغم من حصولهم على تأشيرات دخولها ـ علما بأن الحصول عليها دونه خرط القتاد كما يقال ـ مختلفة عن ذريعة بوش ، كما أن استخفاف ترامب بالرأي العام العالمي لن يقل عن استخفاف بوش به . والمفارقة الغريبة أن كندا الدولة الجارة للولايات المتحدة انتقدت قرار ترامب ، بينما سارعت دول عربية ـ وعندما نقول دولة عربية لا نقصد شعبها بل نقصد نظامها ـ إلى تنفيذ قرار الرئيس الأمريكي نيابة عن شرطته وجمركه ، ولم تسمح لحاملي الهوية العربية الإسلامية بمغادرة أراضيها صوب الولايات المتحدة ،وكأن هذه أراضيها جزء من التراب الأمريكي. ومعلوم أن الدول التي بادرت بتنفيذ قرار الرئيس الأمريكي الذي يوصف بالقرار العنصري المجحف هي السبب وراء فرار الحاملين للهوية العربية الإسلامية بجلودهم صوب الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية لاعتقادهم أنها مقر أمن وسلام، وعلى رأس هذه الدول دولة مصر التي دبرت فيها الولايات المتحدة مع دول عربية انقلابا عسكريا على الشرعية والديمقراطية فيها ، واستباح متزعم الانقلاب أرواح ودماء المصريين ، وجعلهم يفرون من جحيمه . وعندما نتأمل الدول العربية التي شملها قرار الرئيس الأمريكي نجد أن الولايات المتحدة هي التي زعزعت استقرارها كما هو الشأن في العراق الذي سلمته على طبق من ذهب لدولة إيران الشيعية ولأذنابها الذين استباحوا أرواح ودماء وأعراض المسلمين السنة العزل ، وكما هو الشأن في اليمن أيضا حيث امتد نفوذ دولة إيران التي أشعلت الحرب الأهلية فيه أمام غض الولايات المتحدة الطرف عن ذلك بسبب اتفاق مبرم معها ، وكما هو الشأن في ليبيا حيث تقود فلول القذافي بزعامة حفتر انقلابا عسكريا على انتفاضة الشعب الليبي ، وكما هو الشأن في السودان الذي مزقته الولايات المتحدة، وخلقت في جنوبه كيانا مواليا لها وللكيان الصهيوني . فإذا ما هاجر رعايا هذه البلدان فلأن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن هجرتهم بسبب سياستها الجائرة . وإن قرار الرئيس الأمريكي بمنع رعايا هذه الدول من المستضعفين الحاصلين على تأشيرات دخول إلى الأراضي الأمريكية يعتبر إمعانا في تعذيهم، ذلك أنه بعد إضرام الحروب الطائفية في بلدانهم يمنعون من الهجرة لتشتد معاناتهم . وما كانت كرامة ونخوة الإنسان العربي العراقي أو الشامي لترضى بالهجرة إلى بلاد الغرب لولا أن هذا الغرب قد خرب بلاده بفرض حرب مدمرة عليها. ومن الاستخفاف بالرأي العام العالمي أن يتخذ الرئيس الأمريكي قراره بمنع الرعايا العرب وتحديدا المسلمين منهم بدخول بلاده بذريعة حمايتها من الإرهاب ،وبلاده هي التي صنعت الإرهاب بتجنيد عصابات داعش الإجرامية المحسوبة على الإسلام والإسلام منها براء ،وذلك لخلط الأوراق في منطقة الشرق الأوسط ، وخلق ما يسمى بالفوضى الخلاقة ، وهي عصابات تستعمل كغطاء للتدخل في شؤون المنطقة ولتحقيق أهداف غير معلنة قد دلت عليها مؤشرات لم تعد خافية على الرأي العام العربي والدولي كالإجهاز على ثورة الشعب السوري ، وثورة الشعب العراقي ، تماما كما تم الإجهاز على ثورة الشعب المصري والشعب الليبيى . ومعلوم أن الغرب بزعامة الولايات المتحدة لا يريد ديمقراطية حقيقية في الوطن العربي تحرر الإنسان العربي من الأنظمة الشمولية التي تقايض بقاءها في السلطة بخدمة هذا الغرب وتنفيذ قراراته ، وحماية مصالحه . ولقد أثبت الأحداث أن الولايات المتحدة استخفت بكرامة الإنسان العربي حين نقلته من بلاده إلى سجونها في الولايات المتحدة، وكأنه إنسان سائب لا وطن له يحميه . وكم من معتقل عربي قضى سنوات في معتقل كونتنامو الرهيب دون أن توجه له تهمة، وعذب ثم أخلي سبيله ليعود إلى وطنه لاستكمال ما بقي من إهانة عن طريق تحقيق سلطاته معه من جديد . ومعلوم أن الثقافة العربية القديمة معروفة برعاية الذمة والجوار بحيث ليس من شيم العرب أن يسلموا من بذمتهم وجواهم لغيرهم ، وكم خاض العرب من حروب طاحنة رعاية للعهد وصيانة لذمة وجوار من يلوذ ويستجير بهم. ولقد أتى على العرب زمن هانوا، فسهل عليهم الهوان ، فها هو الرئيس الأمريكي يمعن في إذلالهم بشكل غير مسبوق ، فهلا غضبوا لكرامتهم، ومن استغضب ولم يغضب فهو حمار كما يقال ،وقطعوا على أنفسهم عهدا بألا يفكروا في دخول الأراضي الأمريكية ما دام فيها ترامب ومن على شاكلته من الذين يعانون من الفكر العنصري الذي يدين الناس بسبب أعراقهم ومعتقداتهم . ومقابل قرار منع الرئيس الأمريكي دخول العرب المسلمين أرضه يستبيح الإنسان الأمريكي أراضي الوطن العربي والإسلامي غزوا، وسياحة، واستثمارا ، وحتى انحرافا ، و مع ذلك يستقبل فيها بالأحضان وباقات الورود ، وهو يعامل العرب في عقر دارهم معاملة السيد للعبيد . وأخيرا نقول واأسفا على نخوة العرب في زمن الانبطاح والرضا بالهوان .
وسوم: العدد 705