دموع التماسيح!!
«ضربني وبكى وسبقني واشتكى»
«البكاء فعل إنساني منذ بدء الخليقة، الأنبياء بكوا كما بكى أيضا العشاق، بحسب محمد إبراهيم موسى في «مصر العربية»، ولم يُستثن السياسيون من البكاء، فالراحل جمال عبدالناصر، لم يستطع كبح دموعه، ساعة رحيل صديقه صلاح سالم، الأمر الذي مس نفس شاعرنا الرقيق كامل الشناوي، فسجل المشهد: «عندما رأيته يبكي صديقه في المستشفى بدمعه وقلبه، رأيت فيه الإنسان»، لكن بكاء السياسيين تحديدا، هو الأبعد عن الصدق، فالرئيس الأمريكي نيكسون بكى أمام الشاشات، بعد افتضاح «ووتر غيت» لكسب تعاطف الشعب الأمريكي. كما بكى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق أنتوني أيدن، أمام البريطانيين فيما كانت طائراته تشن مع الصهاينة والفرنسيين العدوان الثلاثي على مصر، لكن لا الشعب الأمريكي تعاطف مع الرئيس الفاسد، ولا البريطاني مع رئيس الوزراء المجرم. ايضا المشير المدني المنتخب أيضا كثير البكاء، واللافت أن دموعه «حصرية» على شهدائنا من أبناء الجيش، لكن أحدا لم يرَ دمعة تفرُّ من مقلتيه، على مسكين مات تحت التعذيب في غياهب سجن، أو على شاب نقي مثل أحمد دومة، وهو يستجدي القاضي أن يسمح بعرضه على الطبيب، ولو على نفقته الشخصية، ولا على زوجة أشرف شحاته التي اختفى زوجها منذ نحو ثلاث سنوات، ولا تعرف ما إذا كان حيا أو ميتا، ولا على محمود محمد الذي دخل السجن طفلا، فخرج شابا ويعاني من إصابة بالغة تتطلب جراحة بالغة الدقة في ركبته، لمجرد أنه ارتدى قميصا عليه عبارة «وطن بلا تعذيب»، ولا على ملايين الفقراء الذين يموتون تحت نير المرض بعد رفع أسعار الدواء، ولا الذين جوعتهم قرارته الاقتصادية، من المتعففين الذين أصبحوا يتسولون خبز الكفاف، ولا على الكثير ثم الكثير من نكد الدنيا الذي يكابده المصريون، أو «الماسريين» كما ينطق اللفظة، لقد اختزل المثل الشعبي المشهد بحكمة جامعة مانعة: «ضربني وبكى وسبقني واشتكى».
وسوم: العدد 707