إصلاح أجهزة الأمن ضمن «سلة الإرهاب» في مفاوضات جنيف
غيرت «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة استراتيجيتها التفاوضية باتجاه الموافقة على مناقشة مكافحة الإرهاب لدى إداركها أن إصلاح أجهزة الأمن ضمن «سلة الإرهاب» على جدول أعمال الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف في 23 الشهر الجاري، إضافة إلى التمسك بمناقشة «السلة الأولى» المتعلقة بتشكيل حكم تمثيلي وغير طائفي خلال ستة أشهر، بموجب القرار الدولي 2254.
وظهر في الجولة السابقة من مفاوضات جنيف بين 23 شباط (فبراير) و4 آذار (مارس) خلال تركيز وفد الحكومة السورية على أولوية مكافحة الإرهاب وتركيز وفد «الهيئة التفاوضية العليا» على بحث الانتقال السياسي وتشكيل هيئة الحكم، مقابل تركيز المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا على بنود القرار 2254 المتعلقة بالحكم والدستور والانتخابات.
وبعد تدخل نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف بغياب الجانب الأميركي في الجولة الماضية، أضيفت «سلة مكافحة الإرهاب» إلى «السلال الثلاث» التي جاءت في القرار 2254. وبحسب مذكرة بعثها مكتب دي ميستورا لنص خطابه أمام مجلس الأمن، عبر البريد الإلكتروني، كان واضحاً أن مفاوضات جنيف بين الأطراف السورية تهدف إلى تطبيق 2254 لـ «التوصل إلى اتفاق إطاري يتضمن حزمة أساسية لتنفيذ عملية سياسية انتقالية تفاوضية»، موضحاً أن جدول الأعمال تضمن «ثلاث سلال» تتناول الأولى «جميع القضايا المتعلقة للقيام خلال ستة أشهر بإنشاء هيئة ذات صديقة وشاملة للجميع وغير طائفية». وتتناول «السلة الثانية» جميع القضايا المتصلة بـ «تحديد جدول زمني لصوغ دستور جديد» خلال ستة أشهر، فيما تتناول «السلة الثالثة» جميع القضايا المتصلة بـ «ضمان أن يكون عملاً بدستور جديد، إجراء انتخابات حرة ونزيهة خلال 18 شهراً وأن تدار هذه الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة على نحو ترضى عنه هيئة الحكم ويستوفي أعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة مع أهلية جميع السوريين للمشاركة فيها بمن فيها المغربون».
أما «السلة الرابعة»، بحسب نص خطاب دي ميستورا أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، تقع «في سياق العملية السياسية الانتقالية، وتتناول القضايا المتصلة بمكافحة الإرهاب وهيئات إدارة الأمن وتدابير بناء الثقة». وأضاف أن هذه «السلة» يجب أن تسترشد بمعايير الأمم المتحدة «مثل ركائز استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب وأن تتناول المسائل الاستراتيجية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وهيئات إدارة القطاع الأمنية، أي الأوضاع الداخلية والخارجية المتعلقة بانتشار الإرهاب ومنع انتشاره بل مكافحته وضمان قدرة الدولة على التصدي للإرهاب والتمسك بسيادة القانون وحقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب بما ذلك في مؤسسات الدولة وخصوصاً المؤسسات الأمنية. ويمكن أيضاً على نحو مفيد تناول مسألة وحدة السيطرة على القوات المسلحة وسلطات أجهزة الأمن والرقابة عليها ومسألة إيجاد قوات شرطة ذات صدقية وفعالية ومسألة التعامل مع المقاتلين الأجانب، إضافة إلى إجراءات بناء الثقة».
عليه، سيكون مسار التفاوض في جنيف بالنسبة إلى «السلة الرابعة» مختلفاً عن اجتماعات آستانة التي تناولت قضايا وقف النار والمساعدات الإنسانية وأمور تقنية، بحيث «يجري في آستانة وليس في جنيف، مناقشة أي مسائل تنفيذية عاجلة تتعلق بمكافحة الإرهاب».
وعلم أن «الهيئة التفاوضية» التي بدأت أمس اجتماعاتها في الرياض لإعداد أوراق الجولة المقبلة من المفاوضات، باتت تميل إلى الاستعداد للدخول في «مفاوضات متسلسلة - متوازية بحيث لا يجري الاتفاق على أي بند قبل الاتفاق على جميع البنود» لبحث «السلال الأربع» بما فيها «مكافحة الإرهاب» مع ترتيب أوراق لها علاقة بـ «تقارير الأمم المتحدة تتحدث عن انتهاكات واستخدام البراميل والسلاح الكيماوي»، إضافة إلى «التمسك بحصر النقاش بتنظيمي داعش والنصرة المدرجين على قائمة مجلس الأمن للتنظيمات الإرهابية، وليس أي فصيل آخر».
في المقابل، يتوقع أن يركز الوفد الحكومي على ضرورة الضغط على تركيا لـ «إغلاق الحدود ووقف تدريب وتمويل الإرهابيين»، إضافة إلى «وجوب فصل الفصائل نفسها عن التنظيمات الإرهابية والتعاون مع الجيش السوري في مكافحة الإرهاب ودعم استعادة الدولة سلطتها على جميع الأراضي السورية». ويتوقع، كما حصل في جولات سابقة، أن يطلب وفد الحكومة من جميع المشاركين إدانة الغارات الإسرائيلية الأخيرة.
وبحسب مصادر مطلعة، سيركز وفد «الهيئة» على موضوع «إصلاح أجهزة الأمن وربط هذا بمحاربة الإرهاب»، إضافة إلى ضرورة «تشكيل هيئة حكم ذات صدقية تمنع نمو التطرف». وتعكف «الهيئة» على إعداد ورقة خطية رداً على الوثيقة (لا ورقة) كان سلمها دي ميستورا إلى وفد الحكومة ووفود «الهيئة» ومجموعتي موسكو والقاهرة. وتضمنت ١٢ مبدأ لسورية المستقبل. وهي بدت مختلفة كثيراً عن الوثيقة التي كان قدّمها المبعوث الدولي في نهاية الجولة السابقة في نيسان (أبريل) الماضي. ولدى مقارنة «الحياة» للوثيقتين لوحظ غياب الحديث المباشر عن «الانتقال السياسي» والقرار ٢٢٥٤ في البند السادس من الوثيقة الأخيرة.
وأوضحت المصادر لـ «الحياة» أن ملاحظات «الهيئة» على وثيقة المبعوث الدولي تضمنت «عدم الحديث عن الانتقال السياسي»، إضافة إلى التأكيد على ضرورة «إصلاح أجهزة الأمن أو إعادة الهيكلة حيث الأمر ضروري» والتمسك بـ «تشكيل جيش وطني وفق المعايير الوطنية» في اعتراض على عبارة وردت في الوثيقة عن «قوات مسلحة» لأن هذا، بحسب المعارضة، يفتح المجال لشرعنة الميليشيات الموجودة في البلاد.
وكان مصدر في مجموعة القاهرة أبلغ «الحياة» أن ملاحظاتهم تضمنت رفض عبارة «قوة مسلحة قوية وموحدة» حيث تم اقتراح اعتماد عبارة «الحفاظ على مؤسسة الجيش والقوات المسلحة قوية وموحدة»، إضافة إلى إقتراح عبارة «مبدأ اللامركزية» الأمر الذي تدعمه مجموعة موسكو واقترحت التأكيد على «عدم تدخل الجيش بالسياسة» ورفض «كل أنواع الإرهاب».
وكان ديبلوماسي أوروبي نقل عن مسؤول الحكومة السورية قوله بوجود أربعة شروط لنجاح عملية جنيف هي: «أولاً، أن يؤمن كل المشاركين بالحل السياسي. ثانياً، اللجوء إلى صناديق الاقتراع لإظهار قوة المعارضة والحكومة ورفض أي تغيير من الخارج. ثالثاً، ابتعاد الفصائل المسلحة عن المجموعات الإرهابية المسلحة. رابعاً، يجب أن تؤمن جميع الأطراف المشاركة في الحل بسلطة الدولة على كل الأراضي السورية ويجب أن تشارك المجموعات الجيش السوري في محاربة الإرهابيين».
وسوم: العدد 712