الدعاء على الكافرين ليس من أركان خطبة الجمعة ، ولا من سننها

أقول الدعاء على الكافرين على منبر الجمعة لا يجب ، ولا يندب ، وكان من عام أمر الرسول الكريم أن يدعو للكافرين والمشركين بالهداية وليس بالهلاك . وعندما قيل له : ادع على دوس ، دعا : اللهم اهد دوسا وائت بهم .

وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حالات يدعو فيها على الكفار ، في مواقف معينة ، كانت تستعر فيها الحرب بينه وبينهم ، أو يشتطون في عدوانهم . وكان اليهود يجاورونه في المدينة ، ولم يكن يدعو عليهم بحصد أرواحهم ، وخرا...ب ديارهم ، وأن يكونوا وأولادهم وأموالهم غنيمة للمسلمين . ولم يخاطبهم بقوله : يا أحفاد القردة إلا بعد خيانتهم وغدرهم يوم الأحزاب .

في السيرة مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يقنت بالدعاء على ( رعل وزكوان ) ، حتى نزل قوله تعالى ((لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ))

وهي آية واضحة الدلالة ، فتوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن مثله وقاف عند حدود ما أنزل الله ..

كان أكثر أمر رسول الله صلى الله وعليه وسلم الدعاء للكفار والمشركين وأهل الكتاب بالهداية ، يتألفهم في ذلك ، ويطرق على قلوبهم وعقولهم بالرفق الذي بعث به ، وبالرحمة التي شكلت جوهر دعوته . وكان رسول الله صلى الله عليه يخطب على منبره في مسجده في مدينته ، حيث يتسامع به المخالفون ولا يسمعونه كما هو الحال والشأن في عالمنا اليوم . حيث كل الخطب معولمة ، ومنقولة على الهواء ...

الأغرب مما سبق أن بعض خطباء الجمعة في الغرب يحملون معهم أوراقا عمرها قرون ، يخطبون على المنابر في ديار القوم الآخرين : اللهم زلزل ديارهم ، ولو استجيب له لخسف به وبالمصلين معه ..

أكتب هذا تعليقا على طريقة الخطيب الطيوب الذي يخطب بنا كل جمعة ويدعو بتلك اللازمة عن ديارهم وراياتهم وأموالهم وأزواجهم ..

على علماء المسلمين في الشرق والغرب أن يكون لهم في هذا الأمر قول فصل وليس بالهزل . أن يحسموا أمرا بلغ حد اللجاجة من أقوام باتوا يعتدون في الدعاء كما يعتدون في كل شيء .

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 713