النظام يتاجر بإعادة إعمار سوريا… «بيلاروسيا» ملاذ اقتصادي جديد للأسد

غازي عنتاب ـ «القدس العربي»: في إطار سعيه الدائم عن بدائل لانتشال اقتصاده من حافة الهاوية، يعتزم النظام السوري تقديم تسهيلات أمام دخول شركات البناء والإنشاء «البيلاروسية» في مرحلة إعادة الإعمار، وذلك مقابل تفعيل الحكومة البيلاروسية لخط ائتماني، مخصص لدعم استيراد منتجات معادن، وآليات صيانة طرق، وآليات نقل عامة يحتاجها النظام.

ونقلت وسائل إعلام موالية للنظام، عن مصادر في حكومة النظام، أن الأخيرة ستضمن للجانب البيلاروسي مقابل التسهيلات هذه، حصولها على استثمارات وتوطينها لصناعاتها في سوريا.

وأضافت المصادر أن «النظام السوري سلم الجانب البيلاروسي، قائمة بالسلع السورية المتاحة للتصدير إلى الأسواق البيلاروسية»، وهو الأمر الذي وضع علامات استفهام حول السلع التي لا زالت موجودة لدى النظام، بعد كل هذه السنوات من الحرب. 

ويرى الصحافي الاقتصادي، فؤاد عبد العزيز، في تصريح لـ«القدس العربي»، أن النظام السوري لم يعد يمتلك أي قطاع إنتاجي، باستثناء «الحمضيات»، التي يعوّل عليها لحل أزمته الاقتصادية، بعد ضرب القطاع الصناعي، وتوقف الانتاج النفطي.

ويدلل لجوء النظام إلى دولة ذات اقتصاد ضعيف مثل بيلاروسيا، على بحث النظام عن أخبار صحيفة يقدمها للسوريين، لكي يقول فيها بأن الحصار الاقتصادي المفروض عليه غير موجود، حسب عبد العزيز، الذي أضاف: «إن الحديث عن تصدير يعني التعامل بالعملات الصعبة، والذي يعني أيضاً دعم العملة المحلية (الليرة) المتدهورة». 

لكن حتى «الحمضيات» السلعة الوحيدة التي لا زالت بيد النظام السوري حسب عبد العزيز، لم يحالفها الحظ في الأسواق الروسية القريبة من البيلاروسية، بسبب عدم تناسبها مع المواصفات المعتادة للسوق الروسية، على ما ذكر الصحافي والكاتب الاقتصادي، إياد الجعفري لـ«القدس العربي». وأوضح الجعفري، وهو مدير تحرير موقع إلكتروني (اقتصاد مال وأعمال السوريين) متخصص بالاقتصاد السوري، أن النظام السوري سعى إلى تصدير الحمضيات إلى الأسواق الروسية، مستفيداً من تعطشها لهذه المادة التي كانت تغطيها من الأسواق التركية، وخصوصاً بعد توتر العلاقات الروسية التركية العام الماضي، إلا أن رهانه فشل، لأن الحمضيات السورية لم تحقق تأثيراً يذكر في الأسواق الروسية، على حد تأكيده.

وتحت عنوان «نشاط إعلامي لا أكثر»، قلل الجعفري من حديث النظام عن اتفاقيات اقتصادية مع بيلاروسيا وأمثالها من الدول «الهامشية»، مشيراً إلى الصعوبات الجمة التي يواجهها النظام السوري في تأمين المواد الأساسية التي يحتاجها، مثل النفط والقمح.

وعن إشارة النظام إلى مرحلة «إعادة الإعمار» سخر الجعفري قائلاً «في حال التقى مسؤول النظام مع مسؤول بالكونغو، فبالتأكيد سوف يتحدث مسؤول النظام بموضوع إعادة الإعمار، لأنها نغمة يحرص على عزفها لكي يُسمع الغرب والخليج، وليقول لهم إنه قادر على إعمار سوريا دون الحاجة لأموالهم».

وتابع «لقد قال بشار الأسد حرفياً، إن إعادة الإعمار ستكون بمثابة الجائزة للدول التي تدعمه»، واستدرك «لكن عملياً هذا الحديث غير دقيق».

واستشهد الجعفري بما تم الحديث عنه مؤخراً، من استعداد شركات لبنانية للعمل في حقل إعادة الإعمار في مدينة حلب، بعد أن استعادها النظام في أواخر العام الماضي، وأضاف «لكن بعد دخول الولايات المتحدة على الخط العسكري، عادت حسابات النظام إلى الوراء»، على حد تعبيره.

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة تشرين منذر خدام، وهو معارض من الداخل، إن «النظام السوري يتاجر بكل شيء، حتى بإعادة الإعمار التي تتطلب مساعدات دولية».

وتعليقاً على الخط الائتماني البيلاروسي للنظام، أوضح لـ«القدس العربي» من اللاذقية، أن الخط الائتماني هو نوع من الإقراض، لكن بدون تسليم القرض، ويضمن تسليم بضائع من الدولة المعنية أو غيرها، وليس مهماً أن تكون الدولة المعنية أي بيلاروسيا قوية اقتصادياً، بل يكفي أن يقبل الطرف الثالث بملاءتها المالية وتوفر السيولة لديها. 

تعتبر زراعة الحمضيات في المناطق الساحلية السورية من الزراعات الرئيسية، وهي مناطق موالية للنظام، وتقدر أرقام شبه رسمية عدد العاملين في زراعة الحمضيات بحوالي 60 ألف أسرة.