لماذا لم يذكروا مصر في بيان الخارجية القطرية؟
هل مصر دولة محورية في المنطقة؟
الإجابة وبعيداً عن القوالب الإعلامية العسكرية الشائعة, هي نعم مصر دولة محورية.
الخلايا التي يهاجمها المرض تصبح الخلايا المحورية في الجسد حتى يتمكن منها المرض, فتصبح بعد ذلك مركزاً لتصدير الفيروسات إلى باقي الجسد ضمن باقي المراكز الأخرى التي احتلتها الفيروسات.
نعم .. مصر دولة محورية ولكنها محورية لارتباط موقعها بموقع فلسطين المحتلة ولاحتوائها على أكبر كتلة بشرية ولأنها وبحسب تجارب تاريخية سابقة كانت القاعدة التي انطلقت منها جهود تحرير بيت المقدس على يد السلطان صلاح الدين رحمه الله.
ولكن دعك الآن من الجيوبوليتيكا كما يحب أن يسميها الأخوة المتفزلكون ولنعد إجابة السؤال من جديد.
هل مصر دولة محورية في المنطقة؟
وما أقصده هنا هو لمصر (الآن) ثقل يجعل مقاطعتها لدولة ما أمراً مقلقاً؟
أو حتى محزناً ؟
الحقيقة أن مصر الآن بعد الانقلاب هي أقرب لشخصية الممثل الشهير في إحدى مسرحيات الممثل محمد صبحي القديمة. في مسرحية الهمجي, كان المدرس (محمد صبحي) يسير في أحد الشوارع حين اصطدم بممثل قصير استفزه وظل يكرر نفس الرد على تهديدات (محمد صبحي),
ما تقدرش!!
الجملة الشهيرة التي ظلت عالقة بألسنة المصريين سنوات طويلة يقولونها تندراً على من يرعد ويزبد وهو غير قادر على تنفيذ تهديداته. واللطيف أن مصر بعد الانقلاب هي أقرب لتلك الشخصية في المسرحية الشهيرة.
فعملية الانقلاب نفسها أهدرت أي قيمة لموقعها الجغرافي ولثقلها الجيوبوليتيكي ولوزنها السكاني. الانقلاب جاء ليطمس مواطن القوة المصرية وليسكتها تماماً ويدفنها خلف مشاهد مهينة مثل كليب (مصر قريبة).
فقدت مصر حتى وزنها النفسي بتآمر الانقلاب على أهلنا في ليبيا وقصفهم بلا رحمة لفتح الطريق للفاشل حفتر, وبتآمرها على أهلنا في السودان وإرسال مدرعات إلى المتمردين في دارفور والتي استولى عليها أهلنا السودانيون فيما بعض لتصير فضيحة من جملة عدد من الفضائح التي تنفجر في وجه الانقلاب من حين لآخر.
حتى الأزهر الذي كان أحد أوجه قوة مصر الناعمة في بلاد المسلمين صار مرتعاً للحملات المتصهينة التي لا تتوقف ضد الاسلام, وصبية التجديد الديني كما يطلقون على باطلهم. فصار الأزهر في أعين المسلمين مصرييهم وغير مصريييهم, منبراً انقلابياً متصهيناً ففقد قدرته على التأثير.
دولة كهذه يسميها منفذ الانقلاب نفسه, (اشلاء دولة) تلجأ عادة للانتصارات التليفزيونية أو لشراء الأسلحة وتكديسها في المخازن لاستجداء زيارة أو استقبال رسمي أو ما شابه.
هذا النوع من الدول عادة ما يلجأ للوهم والأكاذيب (أو الفشر باللهجة العامية المصرية), فترى حكايات عن قائد الأسطول السادس الأمريكي وانتصارات وهمية ومفاعلات ذرية .. الخ
حتى إن ذهبت تقارن عزة الرئيس مرسي وهو يحذر الكيان الصهيوني وقت العدوان على غزة من غضبة الشعب المصري, ومذلة منفذ الانقلاب وجيشه يهجر رفح ويخليها من أهلها من أجل عيون الكيان الصهيوني, أو قارنت كيف كان ينظر الرئيس مرسي في ساعته مع ميركل بمشهد منفذ الانقلاب وهو يفتح الباب للرئيس الفرنسي السابق أو يقف منتظراً في الصف ليصافحه أوباما وليتأفف منه الواقفون أمامه, لكانت المقارنة ظالمة.
مصر سقطت في هوة انقلابية وغطتها الأتربة ولن يلتفت إليها أحد حتى تزيل تلك الأتربة عن نفسها.
الحقيقة أن عدم ذكر الخارجية القطرية في بيانها لمصر هو أمر طبيعي للغاية ولا تحتاج لبذل مجهود كبير لتفسيره بل وربما بدوت مبالغاً بعض الشيء أن ذهبت للقول إن في هذا بعض المكايدة.
الحقيقة أن أي دولة أخرى كانت ستفعل الشيء نفسه, كانت ستنسى اسم الدولة التي انضمت لحملة مقاطعة بلده بناءً على أوامر من الامارات.
الحقيقة أن المغتاظين من عدم ذكر بيان الخارجية القطرية لاسم مصر في بيان الرد على قطع العلاقات معها عليهم أولاً أن يحاولوا تذكر إنجاز واحد بعد الانقلاب بخلاف نكتة أسر قائد الأسطول السادس.
وسوم: العدد 724