أُمَّان... الأسرة أولاً
سأل الابن أمه: هل تريدين أن تعرفي ماذا يكتب أبي من كلام في ردوده على المعجبات به؟
أجابته: وهل تستطيع معرفتها؟
أجاب: بكل سهولة يا أمي.
قالت: اقرأ عليّ ما يكتبه إذن.
...
إن موافقة هذه الأم ولدها في ما عرضه عليها خطأ كبير؛ فهذا الذي يقوم به تجسس محرّم، ويزيده حُرمةً أنه نوع من عقوق الولد لأبيه، ثم هو نميمة إذ ينقل ما يكتبه أبوه إلى أمه.
دعونا نَعُد إلى الجلسة نفسها، لنُعيد صياغة ذاك الحوار القصير بين الابن وأمه بما ينبغي أن يكون عليه رد الأم:
الابن: أمي؛ هل تريدين أن تعرفي ما يكتبه أبي من كلام في ردوده على المعجبات به؟
الأم: ماذا تقول يابني؟! تتجسس على والدك؟! ثم تريد أن تُتبع التجسس بالنميمة فتنقل ما يكتبه إليّ؟! لا يا حبيبي ليس على هذا ربيناك، اتق الله ولا تتجسس فتُغضب الله ثم تُغضب والدك إن علم بتجسسك عليه.
أجل، لقد أصابت الأم الثانية في ما أخطأتْ فيه الأم الأولى التي استجابت لفضولها في معرفة ما يكتبه زوجها، ولم تنتبه لخطأ ابنها.
الأم الأولى ارتكبت مُحرّماً، ووافقت ولدها عليه، وشاركَتْه فيه، بينما الأم الثانية أحسَنَتْ حين أوضحت لولدها قبح ما يفعل، وحُرمة ما اقترحه، فكانت أتقى لربها، وأعظم تربية لولدها.
إن كثيراً من التهاون الذي يقع فيه آباء وأمهات، يخالفون به ما أَمَرَ الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويُسيئون به تربية أبنائهم وبناتهم.
نحتاج كثيراً إلى وعي الأم الثانية، وفِقْهِها في دينها، وحسن تربيتها لأولادها، وحَزْمها في عدم موافقتها على تجاوزاتهم وأخطائهم.
ونحتاج أيضاً إلى توعية الأمهات اللواتي يرتكبن أخطاء مثل خطأ الأم الأولى التي شجعت ولدها على التجسس، وعدم البرّ، والنميمة.
إنهما أُمّان، لكنهما مختلفتان، فالأولى متساهلة، لم تفقه دينها، ولم تحزِم في تربية ولدها، والثانية حكيمة حازمة، تقيّة وَرِعة، أحسنت تربية ولدها.
وسوم: العدد 731