عندما تكسرت الأقلام
القلم من أعظم مخلوقات الله جل وعلا ، خلقة وأمره أن يكتب مقادير الخلق ، وهو أساس العلوم وسبب استمرارية الحضارات الإنسانية؛ وهو أس التوثيق والتدوين والمعارف والعلوم؛ فبغير القلم لم تكن البشرية قادرة على مراكمة علومها وتدوين معارفها وآدابها ، وهو أساس القراءة التي هي أساس قيام الخليقة؛ والتي أمر الله بها نبيه بأول كلمة انزلها علية حين قال له:" إقراء".
فبالقلم تكتب العهود والمواثيق وتحفظ الحقوق وتدون الأسرار والأخبار ، القلم أداة الحضارة والتمدن ؛ وهو مرآة العقل ومنطق اللسان، وصورة الجوارح والجنان،،،،، فبالقلم توثق سير الآباء وتكتب سير الأشراف والنبلاء ، وبه يقوم الحق ويقضى القضاء ، وبه اقسم الخالق جل وعلا؛ حيث قال :" ن، والقلم وما يسطرون" فالله العظيم لا يقسم إلا بما هو عظيم ، وقسم الله بالقلم دليل على أهميته .
وللقلم أهمية كبرى على مدار التاريخ وعلى مر العصور والأزمان؛ تغنى به الشعراء؛ وقال عنه الكتاب ، وفي تاريخ العرب كان للقلم والدواة أهمية لا تدانيها أهمية ، وفيما مضى قد قيل: القلم بريد القلب" ، وقيل أيضا :" عقول الرجال تحت أقلامها، ،،،، ؛" والقلم لسان اليد".
وها هو الحكيم يوصي ابنه بالقلم فيقول له: " يا بني إياك أن تتنازل عن قلمك، فبه تكتب كلمات العزة، وبمداده تسطر بيان الكرامة، وبريشته ترفع رايات العلم والفكر عاليا، وبصلابته تحث خطى الثبات والصبر والرفعة...".
وما ساقني للحديث عن القلم هو هذا التنازل الرهيب عن القلم الذي تم من قبل هذا الجيل ؛ مع الأسف تكسرت الأقلام ورميت في سلال القمامة وتنازل عنها الجيل المعاصر ولم تعد تعني له شيئا، ،،،،،،،،، في مدارسنا ،،، في جامعاتنا،،،،، في مكتباتنا،،،، في طرقنا وشوارعنا،،،، في بيوتنا ،، لم تعد تجد للقلم أهمية أو حضورا ،،،، استبدلناه بالكتابة على واجهة الشاشات ،،،، استبدلناه بالكتابة الالكترونية والآلات الطباعة ،،، فأنتجنا جيلا أمياً لا يعرف استخدامه ولا يتقن فن الكتابة والتعبير،،،، تبحث في صف كامل أو شعبة كبيرة فيها تجمع هائل من الطلبة أو في بيت من البيوت أو دائرة من الدوائر فلا تجد حكيما أو فصيحا يحمل قلما... يا للأسف ؟؟؟
في تراثنا القديم كان من مظاهر الرجولة ودلائل ثقافة المرء أن يحمل الرجل في جيبه قلما،،،،، كان القلم مفخرة وعز للرجل ،،،ولكنه أصبح اليوم مسخرة ومعرة للرجل،،،،،
إذا كان طالب العلم لا يحمل قلما فمن ذا الذي سيحمله،،،، وآسفاه على هذا الجيل الذي أصبح لا يتقن الكتابة ولا يعرف حروفها ،،،،،خطوطه معوجه وكتابته كأنها الطلاسم ، بينما تجده يكتب على الهاتف أو على جهاز الكمبيوتر أو أي جهاز الكتروني آخر بسرعة رهيبة لا تستطيع أن تجارية فيها.
لعمري أن هذا نذير خطر؛ ودليل شؤم؛ وبداية عقم، عقم الأفكار ؛ وتيبس الأيادي؛ وعجز الأنامل عن التعبير والكتابة...... عندما تكسرت الأقلام انكسرت معها العلوم وذابت معها الآداب وتلاشت معها الثقافة وامتطى صهوتها غيرنا من الأمم والشعوب،،،،،،، نحن امة الكتابة والقراءة ؛؛؛؛ ولكننا مع الأسف كسرنا الأقلام والقينا بها في سلال القمامة ، جيل كامل لا يعرف الكتابة ولا يتقن فنون الخط ولا يعرف لغته ويعجز عن قراءة تاريخه ويتيه بين حضارات العالم وكأنه لا حضارة له.
عندما تكسرت الأقلام ، تعقمت الأرحام ،،،، وتاهت الأمة في وسط الزحام ؛؛؛ وغطاها الركام ، لأنها كسرت الأقلام ، فأنتجت جيلاً جاهلاً ، وشعباً خاملاً لا يعرف من الحضارة إلا قشورها.... وعندما تكسرت الأقلام عششت برؤوسها الأوهام وضاعت منها الأحلام !!!!.
وسوم: العدد 733