المصارعان
اعزائي القراء..
لأبدأ بطرح بعض الأسئلة :
هل هذان المصارعان واقصد بهما رئيس كوريا الشمالية ورئيس امريكا جادان بالوصول الى نقطة اللا عودة وان السلاح هو الحل ؟
هل ستسكت امريكا على تلقيها تهديدات استفزازية لم تسمعها حتى من السوفييت في فترة الحرب الباردة .
؟وهل سيغض ترمب الطرف عن هذه التهديدات ويبلعها؟
هل سيتبع ترمب اسلوبه التقليدي الذي اتبعه في سوريا فأطلق ٥٩ صاروخاً تسعه منها فقط أسقطوها في مطار الصخيرات بالاتفاق مع الروس
وتعمدوا ان يسقطوا الخمسين الباقية في ارض مهجورة فكانت لعبة مكشوفة؟
تعالوا نتابع الحدث اولا بلحظة كتابة هذا المقال لأني لا اضمن تصرفات هذين المصارعين بعد خمسة دقائق من انهاء المقالة ، فتصرفات المصارعين يصعب تحليلها والتكهن بها .
فقد حذرت كوريا الشمالية الولايات المتحدة الأمريكية من هجمات "بلا رحمة" إذا ما انتهكت مجموعة حاملة طائرات أمريكية تقودها السفينة الحربية كارل فينسن التى تشارك فى مناورات عسكرية مع قوات كوريا الجنوبية سيادتها أو كرامتها.
وقالت: إن وصول المجموعة الأمريكية الضاربة جزء من "مخطط متهور" لمهاجمتها.
كوريا الشمالية حاولت وخلال السنين الماضية تقوية جيشها عبر سياسة التسليح التدرجي وذلك لاستقبال ردود الأفعال الامريكية عبر جس النبض ، حيث استنتجت من ردود الفعل الامريكية الباردة خلال السنوات الماضية عدم بلوغها حد التهديد المباشر لها ،فاستمرأت التمادي في سياسة بناء القوة حتى وصل بها الامر الى وضع استفزازي وخطير لم يعد بمقدور امريكا السكوت عنه ،
هذا بدا واضحا ً ، ولكن ماهو غير واضح كيفية تعامل ترمب مع هذا الخطر الكوري الشمالي .
اهم استفزاز ضد امريكا ورد على لسان وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية: "إذا خدشوا ولو جزء من سيادة وكرامة جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية فإن جيشها سيشن ضربات بلا رحمة وفائقة الدقة من البر والجو والبحر ومن تحت الماء."
اذن مازال الامر محصورا باستعراض القوة عن طريق اللسان .
ولكن الانزلاق الى عمليات عسكرية قد يكون ذلك ممكنا ومرغوباً من قبل كوريا الشمالية لتمتعها بحلفاء صادقين هم الصين والروس ودوّل اخرى مازالت صامته هذه الدول تدفع بكوريا الشمالية الى سياسة حافة الحرب على اعتبار انها فرصة لاتعوض في عهد المقاول ترمب لتحويل امريكا الى لاعب رئيسي فقط وليس لاعباً اوحداً .
اعزائي القراء ..
لاشك ان ميزان القوى العسكري يميل لصالح امريكا بفارق كبير جداً ، ولكن
هذا لايكفي .. فحرب بدون خطط سياسية ذكية وحلفاء اقوياء لا تجني ارباحاً هامه، فامريكا وبسياسة ترمب الخرقاء ستحارب لوحدها بينما يسعى ترمب لتفكيك حلفائه التقليديين في أوروبا، كما يحاول جاهدا تفكيك حلف الأطلسي ... وأكثر من ذلك يحارب تركيا الحليف الأطلسي القوي ومن اجل نصف مليون شخص منضوين في حزب كردي لإعطائهم كياناً مستقلاً في شمال سوريا إرضاءا لمشروع صهيوني لن يكتب له النجاح . فخسارته لتركيا والتي كان لها اليد الطولى في تحجيم الشيوعية في خمسينات القرن الماضي بتضحياتها من اجل الناتو بلواء تركي كامل قبورهم مازالت على ارض كوريا ، كل هذا نسفه ترمب وسلفه دون الأخذ بعين الاعتبار مصلحة امريكا اولاً ، تركيا تلك الأيام لم تعد موجودة اليوم كداعم لامريكا او ستطلب ثمناً مرتفعاً للوقوف بجانب امريكا .
اذن ضمن هذه المعادلة السياسية الغير متوازنة والتي تميل لصالح أعداء ترمب ، اختم هذه المقاله بالتوقعات التالية:
سيتم اجراء مباحثات سرية بين امريكا من جهة والروس والصينيين من جهة اخرى الهدف تبريد الاستفزازات والاستفزازات المضادة مع إعطاء الامريكان مكاسب ظاهرية لحفظ ماء الوجه
وذلك عن طريق مناورات عسكرية ضخمة لاترقى لمستوى الحرب وقد تصل لمستوى تمثيلية صواريخ الصخيرات
على ان تؤجل كوريا الشمالية برنامجها النووي الصاروخي لفترة زمنية سيتم الاتفاق عليها .
وأخيرا اعود للتاريخ لاقول : لقد كان مجرد تهديد على لسان الرئيس جون كنيدي في أزمة خليج الخنازير المعروفة يسمع صداه في كل دول العالم ، بينما تقف اليوم أوروبا الحليف التقليدي لامريكا موقف المتفرج من استعراضات ترمب .
هذه هي مشكلة امريكا اليوم التي يحسبها ترمب شركة مقاولات يحكمها الربح المادي فقط دون اعتبار لمبدأ السياسة الحكيمة والمدعومة بحلفاء اقوياء قبل التراشق باللسان واتقان فن المصارعة .
وسوم: العدد 733