ضد الجريمة والتطهير العرقي
بغضّ النّظر عن طبيعة الصّراع في ميانمار، وهل هو صراع عرقيّ أم دينيّ، فإنّ ما يجري هو جرائم بحقّ الانسانيّة، فأن يتمّ حرق قرى بكاملها على يد الجيش النّظاميّ في تلك الدّولة، وأن يتم قتل البشر وحرقهم أحياء، هي جرائم تتطلب اجتماعا عاجلا لمجلس الأمن الدّولي؛ لاتّخاذ قرار تحت البند السّابع، الذي يتيح استعمال القوّة لإيقاف الجريمة، بغضّ النّظر عن ضحايا، وعن معتقدات ودين هؤلاء الضّحايا، فمن المتعارف عليه عند الدّول والشّعوب أنّ الجيش النّظاميّ، وقوى الأمن مسؤولة عن حماية مواطنيهم ووطنهم. وأنّ من يخالف القانون يقدّم لمحاكمة عادلة، على ما اقترفت يداه.
وبغضّ النّظر عن أهداف القوى الخارجيّة التي تثير القلاقل في هذه الدّولة"ميانمار" من أجل خلق بؤرة صراع على حدود الصّين الدّولة العظمى الصّاعدة اقتصاديّا وعسكريّا، وبغضّ النّظر عن الأنباء التي تفيد استغلال جماعات اسلامية من جهات امبرياليّة في ذلك البلد لأكثر من سبب، إلا أنّ ما تتناقله وكالات الأنباء عن جرائم يتعرّض لها المسلمون يندى لها جبين البشريّة.
ومن المعروف "أنّه يعيش في ميانمار أقليات عديدة مثل الروهينجا المسلطة عليها الأضواء حاليا نظرا لظروفها الصعبة. ويبلغ عدد الأقلية المسلمة فيها نحو مليون نسمة، يعيشون في ولاية راخين الساحلية الغربية .وتحرم هذه الأقلية من الجنسية وملكية الأراضي والتصويت والسّفر"، ويعانون العبودية على يد الجيش وقوى الأمن، وقد هرب مئات الآلاف منهم لتايلاند وبنغلاديش التي يرتبطون بها عرقيا. وهذا يعني أنّ الروهجينا يعانون من عنصريّة بغيضة بسبب انتمائهم العرقيّ، وإذا ما تعرّضت مواقع أمنيّة لهجوم من أفراد من هذه الأقلّيّة، فهذا لا يعني معاقبة المجموع بطرق وحشيّة تصل درجة القتل والحرق أحياء، وتدمير الممتلكات والتهجير القسريّ خارج حدود بلادهم. فالعقوبات الجماعيّة والتّطهير العرقيّ مرفوضة تماما، بغضّ النّظر عن جنس وعرق ومعتقد الضّحايا. ومن المذهل هو سكوت العالم على هكذا جرائم، رغم تقرير الأمم المتحدّة عن جرائم منظّمة يرتكبها الجيش النّظامي ضد مسلمي الهورجينا بشكل جامعيّ. فالتّقارير الاخباريّة المصوّرة تفيد بأنّ مسلمي الهورجينا يتعرّضون للقتل البشع والتّشريد والتّطهير العرقي على أيدي البوذيّين، والجيش النّظاميّ، ويمنع الجيش البنغالي الهاربين منهم من دخول أراضيه بقوّة السّلاح.
فهل تتوقّف حقوق الانسان والمتشدّقين بها عندما يكون الضّحايا من المستضعفين في الأرض؟ وهل استطاع الاعلام الغربيّ الذي عمل ولا يزال على شيطنة الاسلام والمسلمين منذ بداية تسعينات القرن الماضي أن يقنع العالم حكومات وشعوبا بأنّ التيستحقّون القتل والتعذيب دون رحمة؟ وهل تساءل المتأسلمون الجدد من داعش وأخواتها ومن قبلها القاعدة، ومن يموّلهم ويسلّحهم؛ لقتل شعوبهم وتدمير أوطانهم، عن مدى مساهمتهم في تأليب الرّأي العامّ العالميّ على الاسلام والمسلمين؟
وسوم: العدد 737