الروهينجا.. مأساة مزدوجة!
مسلمو الروهينجا في بورما(ميانمار) يُذبحون ويُقتلون ويُحرقون، ونعال البيادة وعملاء الكنيسة في بلادنا يحاولون إقناع الناس أن ما تنقله الصحف والفضائيات ووسائل التواصل صور مزيفة ومفبركة لهنود وصينيين وسكان التبت والكونغو!
ويردون ما يحدث في ميانمار أو بورما إلى جهات تصنع الفوضى في المحيط الصيني الروسي، ومثلما فعلت أمريكا في أفغانستان، وتمت صناعة (طالبان) و(القاعدة) و(داعش) إلي آخر أدوات الفوضى والفتن والخراب!!..ونسوا أن المحنة بدأت قبل نصف قرن أو يزيد! مسلمو بورما (الروهينجا) أقلية (15%) من السكان يعيشون وسط أغلبية بوذية.. يتعرضون للإبادة والحرق والتهجير القسري وسحب جنسيتهم وأوراقهم الرسمية، وعدم الاعتراف بهم مواطنين في بلادهم التي عاش فيها آباؤهم وأجدادهم، وتزعم سلطات بورما أن أصولهم من بنجلاديش، في الوقت الذي لا تعدهم بنجلاديش تابعين لها.. ولا تسمح لهم الدول المجاورة (تايلاند، ماليزيا، اندونيسيا) بالدخول إلي أراضيها!!..
نعال البيادة في بلادنا يصورون المسألة على النحو التالي:
صناعة الفوضى صدرت إلي العالم عشرات الصور حول إبادة المسلمين في بورما.. واتضح- كما تزعم النعال- أنها جميعا زائفة! لم تحدث في بورما أساسا.. صورة لرجل يشتعل جسمه بالنيران، كتب أسفلها حرق المسلمين في بورما، بينما الصورة لرجل صيني أشعل النار في جسده احتجاجا علي زيارة الرئيس الصيني للهند!!.. وصورة لمجموعة من البوذيين بملابسهم المميزة حول جثث مكدسة، كتب أسفلها إبادة جماعية لمسلمي بورما، بينما الصورة لضحايا زلزال 2010 في هضبة التبت!!.. صورة أخري لحرق جماعي، كتب أسفلها حرق مسلمي بورما، بينما الصورة لانفجار في الكونغو!!.. صورة كتب أسفلها تعذيب الأطفال في بورما، بينما هي طريقة لعقاب الأطفال في الهند!!.. صورة كتب أسفلها أكل لحوم المسلمين، بينما هي عملية تشريح في تايلاند!!.. صورة لمجوعة من الجثث، بينما هي صورة لضحايا تسونامي 2004! آه يا كذبة! آه يا عملاء! آه يا أعداء الإسلام!
كأن ما تنقله وكالات الأنباء والفضائيات حيا ومباشرة من بورما، ومساكن الروهينجا هو فبركة ينبغي ألا نصدقها ليرتاح ضمير من مات شعورهم واستيقظ حقدهم وتعصبهم ضد كل ما هو مسلم وإسلامي مع أنهم يحملون أسماء إسلامية!
يذهب موتى الضمير، المسلمون اسما؛ إلى تفسير آخر لمحنة المسلمين في بورما، فينكرون أنهم لا يعلمون أسباب الأزمة (؟)، ولكنهم يحمّلون وسائل إعلام دولية تعمل لمصلحة جهات بعينها مسئولية ما يحدث(؟) لأنها صنعت كما يدعي احتلال افغانستان في ثمانينيات القرن الماضي، عندما بدأت بذرة تنظيم القاعدة (؟) وفتح أبواب الجهاد ضد الاتحاد السوفياتى وجمع التبرعات لذلك التنظيم، والذى أصبح فيما بعد قنبلة في وجه العالم!
ينسى العملاء أن السوفيات دخلوا أفغانستان المسلمة وأقاموا فيها حكومة شيوعية حاربت الإسلام وذبحت المسلمين، وقصفت الطائرات الشيوعية الشعب الأفغاني المسلم بالغازات السامة التي سمتها الصحف العالمية يومها بالمطر الأصفر. لم تكن هناك بذرة قاعدة ولا غير القاعدة، وذهب المسلمون من كل مكان ليدافعوا عن وطن مسلم مستباح من الشيوعيين الغزاة الأنجاس.
ويواصل العملاء الخونة أكاذيبهم وأحقادهم، وينفون أن الحرب على البوسنة والهرسك كانت إبادة للمسلمين، وأن من كانوا يقومون بالإبادة هناك جماعات إرهابية بدأت في جمع الأموال لاستغلالها في تدريب عناصر إرهابية، مثلما يحدث الآن من دعم لما يسميه العملاء الخونة الإرهاب في سوريا وليبيا(؟)
الأشقياء الذين يمثلون اتجاها وحشيا ضد الإسلام والمسلمين ينفون أن تكون هناك إبادة في الروهينجا، وأفغانستان والبوسنة والهرسك، ويرون أن ما حدث كان العكس! وكأن ما تقوله الدول الكبرى والصغرى، وأمين الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية الحقوقية وصور الضحايا الذين تجاوزوا حتى كتابة هذه السطور أكثر من أربعمائة ألف مهاجر قسري، وثلاثة آلاف شهيد، وإحراق عشرات القرى مجرد اضغاث أحلام!
محنة المسلمين الروهينجا مزدوجة بين الأشرار في ميانمار وبين العملاء الخونة في بلاد الإسلام الذين يتطوعون لنفي الجرائم الإنسانية المقزّزة عن المجرمين!
قالت شريرة متنصّرة:
جلسنا نتابعُ ما يجرى للمُستضعفين في ميانمار من ويل وتقتيل وتهجير قسري، والقلبُ ينزف(!) ثم تضاعف نزيفُ القلب حين صفعتني تعليقاتٌ طائفية لبعض المتصفحين في مواقع التواصل الاجتماعي! وتضيف الشريرة المتنصّرة:
«المسلمون يُقتلون في بورما!».. هكذا يقولُ صغارُ العقول ضيقو الأفئدة. أما نحن فنقول: «بشرٌ يُقتلون في بورما!».
الشريرة المتنصرة تضن على وصف الضحايا بالمسلمين، وتنزعج من التعليقات التي تستنكر الجريمة البورمية أكثر مما تنزعج من قتل المسلمين، وترى أن الإسلام طائفي، والمسلمين طائفيون، ونسيت أن المسلمين في بلاد الإسلام صاروا جالية، يتم التنكيل بها وبدينها، وبتاريخها وحاضرها ومستقبلها. إن الشريرة المتنصرة ذات المشاعر المرهفة تنزعج من أجل متعصب غير مسلم في الصعيد، أو فتاة إيزيدية في العراق، أو صليبي في فرنسا، وتذكر العقيدة والديانة، ولكنها تنزعج حين يقال الروهينجا مسلمون ؟!
ما رأي الشريرة المتنصرة في امرأتين أولاهما مسلمة اسمها حليمة بنت يعقوب صعدت أخيرا إلى رئاسة بلادها سنغافورة، فأعلنت أنها رئيسة لكل الأعراق والطوائف، وأخرى اسمها أونغ سان سوتشي، حاصلة على جائزة نوبل و«مستشارة الدولة» ووزيرة خارجية ميانمار تؤيد قتل المسلمين وتشجع عليه، وتصفهم بالإرهاب؟ أليس عارا على حكومات المسلمين أن تتقدم بريطانيا والسويد بطلب لعقد جلسة لمجلس الأمن لبحث المذابح في بورما، بينما الحكومتان المسلمتان (مصر والسنغال) في المجلس صامتتان؟
الأكثر مأساوية أن تخرج ممثلة وزارة الخارجية الانقلابية المصرية(؟) أمام برلمان العسكر؛ لتدعي أن مسلمي الروهينجا، هم من يقتلون مواطني ميانمار، وأن الحكومة الانقلابية المصرية ليست في عداء مع حكومة ميانمار. وتزعم مساعدة وزير الخارجية الانقلابية للشئون الآسيوية أمام لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، إن بداية أزمة مسلمي الروهينجا تعود إلى هجوم مئات من المسلحين منهم على 30 مركزاً للشرطة في 30 أغسطس 2017، وقتلهم عشرة من حراس الشرطة، علاوة على بعض البوذيين. وهو دفاع ضمني عن جريمة الحكومية البوذية المتوحشة!
محنة المسلمين عامة، ومزدوجة يشارك فيه القتلة المتعصبون من غير المسلمين، والعملاء الخونة الأشرار الذين يعملون لحسابهم ويحملون أسماء إسلامية.
الله مولانا. اللهم فرج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!
وسوم: العدد 739