هكذا كنا قبل الأسد
أنا من بلدة إعزاز، وهي مدينة صغيرة تقع شمالي مدينة حلب، على الحدود التركية ، وُلدت وترعرعت فيها، ومنذ فتحت عيني على هذه الدنيا، رأيت جارتنا بالجنب، السيدة أم محمد، وهي امرأة أرمنية، من الأرمن الذين نزحوا إلى سورية، واستقر قسم منهم في بلدتي الصغيرة الجميلة إعزاز، وكانت لهم حارة ما تزال تحمل اسمهم (حارة الأرمن) ولهم سوق وكنيستان، ولهم فريق كرة قدم متقدم، يرأسه الكابتن (سيمون) يضم عدداً من أبناء إعزاز، فكان للأرمن أصدقاء كثر من أهل إعزاز.
وهناك جيران في حارتنا القبلية من الأكراد، والتركمان، والشركس .. فأما الأكراد فلهم سوق باسمهم، ولهم حارة، ومنبثون في أكثر الحارات، وللتركمان بيوت وقصور وقرى وعقارات، منها قرى: تركمان بارح، وكفرغان، وشمارين وسيجراز، ومرعناز، وسواها.
وهناك الأكراد اليزيديون في بلدة (عاشق كبار) وسواها من القرى، يرتادون مدينة إعزاز، يتسوقون ويبيعون ويشترون.
وفي إعزاز جمعية خيرية إسلامية فيها أكثر من مئة يتيم منها ومن القرى المجاورة من العرب، والأكراد، ومن اليزيديين، ومن سواهم، تخرج في مدرسة الأيتام هذه آلاف التلاميذ، وبعضهم تابع دراسته العليا، أو دخل الجيش، أو أي عمل آخر، وصار عضواً نافعاً في المجتمع السوري.
كان كل أولئك على صلات طيبة بعضهم ببعض.. كانوا يتشاركون في الزراعة والتجارة، وكانوا يتزاوجون ويتصاهرون.. عندي عمي الشيخ عمر متزوج من كردية، وله منها بنت فنانة تشكيلية مبدعة في ألمانيا، ولي خال هو الحاج مصطفى متزوج من كردية، ولي بنت عم متزوجة من ضابط كردي سرحه نظام البعث بحجة أن الجيش السوري جيش عربي عقائدي، ولا يجوز أن يكون في صفوفه كردي ..
كان في إعزاز حكيم (طبيب) أرمني اسمه مهران، وكان فيها صيدلي أرمني، وخطاط بالحرف العربي من الأرمن، وعدد من التجار، ومصلحي السيارات وغيرها من الأرمن.
وكان من أعضاء رابطة الوعي الإسلامي (1956- 1957) أديب مسيحي هو الأستاذ إبراهيم إلياس، من قرية (السودة) التابعة لمدينة اللاذقية، لم يمنعه دينه أن يكون عضواً في هذه الرابطة الإسلامية التي أنشأناها ونحن طلاب المرحلة الثانوية، وقد خصصت مجلة (الغدير) التي كانت تصدر في مدينة السلمية، ويرأسها الأستاذ مصطفى غالب، وهو من الطائفة الإسماعيلية ـ خصصت لرابطتنا هذه عدة صفحات ننشر فيها قصائدنا وقصصنا ومقالاتنا، وكلها ذات توجه إسلامي ظاهر، تحت عنوان: (صفحة الوعي الإسلامي).
فتصوروا ..
وكذلك مجلة (الضاد) الحلبية وصاحبها الشاعر الكبير عبدالله يوركي حلاق، وابنه الأديب رياض حلاق، من مسيحي حلب الوطنيين المتشبعين بالقيم العربية والوطنية والإسلامية.
وبعد نكبة فلسطين عام 1948 جاءت عدة باصات تحمل عشرات الأسر الفلسطينية، وخفّ أبناء إعزاز لاستقبالهم، ونزل في دارنا أسرة مؤلفة من زوجين وبنتين وطفل، ونزلت الأسر الأخرى في البيوت، في بيوتنا، وليس في مخيمات.. نزلوا معززين مكرمين، يقدم لهم الناس ما يحتاجون إليه، من سكن، وطعام، وشراب، وكساء، ودواء، ويساعدونهم في تأمين العمل المناسب لطالبي العمل، والقادرين عليه.
هذا في بلدتي إعزاز، وضربتها مثلاً لأني كنت شاهداً عليها.
كنا نتعلم في مدارس واحدة، وكنا أصدقاء، يزور بعضنا بعضاً، وفي معهد العلوم الشرعية التابع للجمعية الغراء بدمشق، كان معنا الكثير من أبناء حوران، ومن سائر المحافظات الأخرى، وكان معنا طلاب أتراك، وأكراد، وفلسطينيون وأردنيون، ولبنانيون .. وكذلك في العديد من المعاهد المنتشرة في المحافظات السورية.
أما في جامعة دمشق التي درست فيها، فكانت تعج بالطلاب العرب وغير العرب، ومن المسلمين وغير المسلمين.
أستطيع في لحظات أن أتذكر العديد من الأصدقاء، من الأكراد، والشركس، والمسيحيين، والعلويين، والدروز، والإسماعيليين، وسواهم وأعتز بصداقات بعضهم .. وعندما سرحوني من عملي في وزارة التعليم، وكنت أدرس مادة اللغة العربية في ثانويات حلب، أيام الرئيس نور الدين الأتاسي، ساعدني في العودة إلى عملي: علوي (الأستاذ ممدوح مدير التعليم الثانوي في وزارة التربية بدمشق)، وإسماعيليان (الرائد نزار الجندي وضابط آخر نسيت اسمه الأول وهو من بيت رسلان)، ولم يجرؤ أي بعثي من بلدياتي وزملائي في الجامعة والجيش، على تقديم أي مساعدة لي، لأنهم ليسوا من العلويين كما صارحوني.
إعزاز صورة مصغرة لسورية التي علمت الدنيا ألف باء الحضارة .. علمتها الأبجدية، وكانت مثالاً للمحاضن الإنسانية.
استقبلت مدنها وقراها كل من ذكرت، إلى جانب شعوب أخرى استوطنوها، وكانوا من فسيفسائها الرائعة.
حتى الميليشيات الوافدة بل الغازية لسورية من الشرق والغرب، ومن الشمال والجنوب، التي تذبح الشعب السوري في هذه الأيام، وتدمر البشر والحجر والحيوان والشجر، بقسوة ما سمعنا بمثلها إلا أيام الغزو المغولي، والحروب الصليبية، حتى هذه الميليشيات الوافدة من العراق، ومن (حزب الله) الذي استقبله أبناء سورية، خير استقبال عندما هرب من وحشية الجيش الإسرائيلي، ولجأ إلى سورية، لم يخطر ببال أي من مستقبليه السوريين الكرام، أنه سيكون في يوم قريب قاتل الشعب الذي آواه ونصره.
سورية احتضنت المسيحيين والأرمن والعلويين والدروز وسواهم، كما احتضنت المسلمين .. ولولا ذلك، لما كان لهم وجود اليوم .. لم يحمهم الغزاة المستعمرون، بل حماهم الشعب السوري بأريحيته، وقيمه العربية والإسلامية الأصيلة، والإنسانية، فهو شعب التمدن والتحضر والأخلاق السامية.
واحتضنت سورية الأكراد والشركس والسريان والآشوريين كما احتضنت العرب ..
ادرسوا تاريخها جيداً، فهو تاريخ حضاري مجيد.. منذ دخلها العرب الفاتحون، وحتى انقلاب البعث في الثامن من آذار 1963م، الذي كان نقطة تحول في تاريخ سورية الإنساني، والأخلاقي، فقد كان التخريب الممنهج للإنسان السوري منذ مراحله الأولى طوال نصف قرن، يفعل فعله فيه، فظهرت الأمراض الخبيثة في المجتمع السوري، وفي طليعتها مرض الطائفية الذي قضى على روح المواطنة أو كاد..
ويجدر بي أن أذكر، أن أول من تنبه إلى طائفية النظام الأسدي، أربعة شبان من البعثيين، من بلدتي إعزاز.
كنت في زيارة لأهلي في إعزاز، فزارني أولئك الرفاق الأربعة، وعلى رأسهم المحامي عادل كيالي، الذي بادرني بالقول:
- ألم ينتبه الإخوان المسلمون، إلى أن انقلاب الثامن من آذار- هكذا والله - هو انقلاب علوي طائفي، ولا علاقة له بحزب البعث؟
فاجأني المحامي عادل بجرأته، وشككت به وبمن معه، وقلت في نفسي، يريدون توريطي.
وأخرج الأستاذ عادل الذي يكبرني ببضع سنين، قصاصات من جيبه، وأعطانيها.
كان مكتوباً عليها:
"أمة علوية واحدة، ذات رسالة فاسدة"
تساءلت: ما هذا؟
قال: سوف نصعد فوق بناية العبارة - بحلب - وننثرها فوق رؤوس الشباب المتجمهرين لدخول سينما حلب، في الحفلة المسائية.
قلت: سوف يعتقلونكم.
قال: بل سوف يعدموننا إذا استطاعوا.
وقال آخر: نريدكم أن تشاركوا معنا ، وتنالوا شرف الشهادة في سبيل سورية والأمة العربية التي جاء هؤلاء ليمزقوها.
اعتذرت، وخرجوا غاضبين، وحدثت أحد الإخوان بما كان، فحذرني منهم.
قلت له:
إنهم أصدقائي، وأبناء بلدي، وزملائي في المدرسة، وكثيراً ما كنا نتحاور حول الإخوان والإسلام، وحول البعث والقومية العربية.
قال: لا تورط نفسك، ولا تورط الإخوان معك.
قلت له: ألم يحتج الأستاذ عصام العطار، وهو المراقب العام للإخوان، لدى الأستاذ ميشيل عفلق، وكان يحذر من عواقب تسريح الضباط المسلمين الأفياء، واستبدال المعلمين بهم، من العلويين ومن الأقليات الأخرى، ومنحهم رتباً عسكرية؟
قال الأخ: إذن دع الأمر للكبار ليتفاهموا، وأنا وأنت وجيلنا ليس من مهمتنا متابعة هذه الأمور والقضايا الكبيرة.
في مساء ذلك اليوم من عام 1965 كانت حلب تتحدث عن تلك القصاصات، وعن إشاعة تقول: إنها من عمل مجموعة من الضباط المسرحين.
وبعد أيام علمنا باعتقال مجموعة من (العملاء والخونة والمرتبطين بالإمبربالية والصهيونية)، كانوا يخططون لعمل انقلاب عسكري على الحكم التقدمي، وعلى ثورة البعث في الثامن من آذار. وكان أولئك (العملاء والخونة) هم أولئك الرفاق الأربعة.
وبعد أيام سلموا جثة الأستاذ المحامي عادل لأهله، وهي ممزقة تحت التعذيب.
هذه شهادة للتاريخ، عن وعي أولئك الشبان البعثيين الأربعة، الذين كانوا طلائع الضحايا لذلك الانقلاب الذي غير وجه سورية، وضحى بتوجهاتها الوطنية والعربية والإسلامية، وقضى على روح المحاسنة والتسامح التي كانت تسود المجتمع السوري بل والعربي والإسلامي.
في سورية بضع قرى شيعية، منها اثنتان تابعتان لقضاء إعزاز، هما قرية نُبّل، وقرية المغاولة ـ قلبوا اسمها إلى الزهراء بعد مجيء حافظ أسدـ كانتا تعيشان بأمان وسلام مع أهالي إعزاز والقرى المجاورة لهما، وقد تناسى هؤلاء المسلمون المسالمون إساءات بعض شباب القريتين (نبل والمغاولة) إلى الشعب السوري، عندما تعاملوا مع الاستعمار الفرنسي، وانضموا إلى جيش الشرق الذي شكله الفرنسيون لإخماد الثورات السورية في حلب، والغوطة، وحماة، وجبل الزاوية، والحفة، وسواها.. وقد سمعت الشيخين المجاهدين: أحمد الإمام الملقب بالشيخ المجهول، والشيخ علي حليمة (كورج) وكلاهما من بلدة عندان البطلة المنكوبة كسائر المدن والأرياف السورية في عهد الأسد - قرب حلب - يتحدثان لوالدي الشيخ محمود عن اتصالهما بوجهاء القريتين (نيل والمغاولة)، لعلهم يكفون شبابهم المتعاونين مع الفرنسيين، عن إيذاء الشعب السوري، وأسر الثوار، فلم يستجيبوا لهما، إلى أن جلا الاستعمار عن سورية، تاركاً أولئك الخونة لمصيرهم.
وكذلك فعلوا في عهد حافظ وبشار أسد، ولم يعتبروا بما كان من أمرهم أو أمر آبائهم وأجدادهم من الفرنسيين، فبشار سوف يرحل مع أهله - في أحسن أحوالهم - وسوف يتركهم لمصيرهم.
في العهد الوطني الديموقراطي بعد جلاء المستعمر، تصالح المواطنون، وتسامحوا، وتحاسنوا، حتى جاء حافظ أسد، فأثار ذوي النفوس القلقة، وعبأهم ضد بعضهم بعضاً، وملأ الجيش - الذي كان لكل السوريين - منهم .. من غير المسلمين ، وكان مصير كل محتج، الطرد من الجيش، أو الاعتقال، أو القتل في ظروف (غامضة) أو (الانتحار) الطوعي، أو المحاكمات الصورية في محاكم ميدانية هزلية.
في العهد الوطني لم يعتد الشعب السوري على عرض أحد ممن أساؤوا إليه، ولا على مال ولا كرامة، وجاء الانقلابيون الآذاريون، فقلبوا الموازين القسط، وجعلوا سورية مزرعة طائفية لهم، ولمرتزقتهم من الميليشيات الطائفية التي جاؤوا بها لتحتل البلاد، وتقتل وتطرد أهلها، حتى صرح (الرئيس) بشار في آخر خطاب له: أن سورية ليست لمن ولد فيها، أو حمل جنسيتها، وجوازات سفرها، بل هي لمن يدافع عنها، يعني عن نظامه القاتل، يعني لأولئك المرتزقة الغزاة القادمين من إيران وأفغانستان والعراق ولبنان واليمن وسواها.
كان من غير المسلمين ومن غير العرب، ضباط كبار، تسلموا مناصب رفيعة في الدولة السورية، وزراء، ورؤساء وزارات، وبرلمانيون، ورؤساء المجلس النيابي، ورؤساء أركان الجيش السوري، وفي طليعة أولئك: الرئيس فارس الخوري الذي كان مندوب سورية الدائم في هيئة الأمم المتحدة، ومندوب سورية في مجلس الأمن، وتسلم رئاسة الوزارة السورية عدة مرات، ورئاسة البرلمان ثلاث مرات، وغيره وغيره كثر، فالمعول على الكفاءة، وليس على الدين أو العرق أو الطائفة
بل إن الرئيس فارس الخوري كان يخطب في المساجد، ويفضح الاستعمار الفرنسي الذي عرض عليه وعلى غيره من زعماء الطوائف المسيحية، عروضاً سخية ليقفوا إلى جانبه، فهم مسيحيون، ويجب أن يكونوا ضد المسلمين.. قال الخوري هذا الكلام على عدد من المنابر، كمنبر المسجد الأموي في دمشق، ومنبر الجامع الكبير (الأموي) في حلب، وسواهما، وأحب أن أحيلكم إلى كتاب (فارس الخوري وأيام لا تنسى)، تأليف الأستاذ محمد الفرحاني، وكتاب (فارس الخوري: الوطنية، العروبة، الإسلام) تأليف المحامي محمد عنجريني، من مطبوعات مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية، ففيهما الكثير الكثير عن هذا الفارس الوطني العلامة: فارس الخوري رحمه الله رحمة واسعة فقد كان مثال المناضل الوطني العروبي الإسلامي العملاق.
***
تربيت في أحضان الإخوان المسلمين، وتشبعت بآرائهم وسلوكهم الوطني العربي الإسلامي، وكانت وما تزال لي صلات وعلاقات وذكريات مع شخصيات أدبية، وسياسية، وفكرية، واجتماعية، مع السوريين غير المسلمين، وكان لمشايخي وأساتذتي : د. مصطفى السباعي، الأستاذ محمد المبارك، الشيخ عبدالفتاح أبو غدة، الأستاذ عدنان سعد الدين، د. حسن الهويدي، والشيخ زهير الشاويش، وسواهم من مفكري الجماعة وشيوخها، كانت لهم صداقات وصلات عميقة مع عدد من الشخصيات الوطنية من غير المسلمين، وفي طليعتهم: الرئيس فارس الخوري، ومنهم استقينا لبان الوطنية، وروح العروبة، وتعاليم الإسلام وقيمه ومبادئه التي تدعو إلى حب الوطن والوطنيين المخلصين.. وأحيلكم - في هذا السياق - إلى كتاب: (الأمة العربية في معركة تحقيق الذات)، وكتاب: (تركيب المجتمع السوري) وهو رؤية إسلامية مبكرة لحل الإشكال العرقي، والطائفي والحزبي، في سورية) وكلا الكتابين للأستاذ محمد المبارك، وكتاب: (المسلمون والنصارى: التعامل مع منظور إسلامي) للدكتور عبدالرحمن عطبة.
***
(الأقليات) كانت الذريعة لسايكس بيكو في تقسيم الوطن العربي الذي وعدوا أن يكون دولة واحدة، مستقلة تحت زعامة ملك العرب الشريف حسين، وقد انتزع الوطن العربي من الدولة العثمانية، تتشكل منه اثنتان وعشرون دولة، وها هي اليوم (الأقليات) تبقى الذريعة لتفتيت جديد.. لتقسيم كل دولة قطرية إلى دول، فدولة للعلويين، وأخرى للدروز، وثالثة للأكراد، ورابعة وخامسة وسادسة وعاشرة للمسلمين، وللمسيحيين، ولسواهم .. الغرب والشرق ومعهما إسرائيل، كلهم يعملون على تشكيل الشرق الأوسط الكبير كما يريده المحافظون الجدد في أمريكا أوالشرق الأوسط الجديد، كما يريده بيريز والصهاينة من اليهود والمسيحيين والعرب المستغربين المتصهينين.
وأخيراً نقول: في سورية (أقليات) دينية، وعرقية.
وبعض الأقليات تحتوي على طوائف متعددة، وليس طائفة واحدة، كما هي عند المسيحيين السوريين مثلاً: (أرثوذكس، كاثوليك، بروتستانت، لاتين، مارون، أرمن، آشور).
وهناك: العلويون، الدروز، الإسماعيليون، الشيعة، المرشديون..
وهناك: الأكراد، والشركس، والتركمان ..
وهؤلاء مع المسلمين يشكلون نسيجاً سورياً وطنياً متعايشاً تعايشاً حضارياً رائعاً، ضمن عقد اجتماعي عفوي شفهي غير مكتوب، ولكنه معمول به منذ قرون، أجل منذ قرون.. وعن وعي لما يحوكه (الأصدقاء) .. الأعداء للشعب السوري وللأرض السورية.. للوطن السوري شعباً وأرضاً وثقافة وقيماً .. على الصورة التي نشهدها ويشهدها العالم الظالم لهذا الشعب الأصيل.. الشعب السوري المنكوب بالعديد من (أبنائه) - زعموا - في الداخل و(أصدقائه) – زعموا - في الخارج، ظلموا الشعب كافة.. بكل فئاته وطوائفه، الكل مظلوم.. لا يتمتعون بالحدود الدنيا من حقوقهم المدنية والدينية والإنسانية ...
وحتى نقطع الطريق على الذين عكروه بأجنداتهم التي لا تريد خيراً بالشعب السوري، ولا بالشعوب العربية والإسلامية، من أجل ذلك، كان هذا الكتاب.
وكانت دعوتنا إلى التفاهم إلى إنشاء عقد اجتماعي مبني على قواعد وطنية أساسها: المساواة في الحقوق والواجبات.
د. عبد الله الطنطاوي (سورية)
وسوم: العدد 739